
مغول الماضي والحاضر
بقلم: خليفة آل محمود
| 31 مارس, 2024

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: خليفة آل محمود
| 31 مارس, 2024
مغول الماضي والحاضر
في إبريل 2003 دخل الجيش الأمريكي إلى قلب العاصمة بغداد.. بعد ذلك صرح برايمر، الحاكم الأمريكي للعراق بعد الاحتلال قائلا: سوف ننشئ سنغافورة جديدة على ضفاف نهري الفرات ودجلة! فماذا حدث بعد ذلك التصريح؟ أعرض ورقة واحدة فقط من تاريخ تلك المرحلة.
في مارس 2004 قامت المقاومة العراقية في الفلوجة بقتل مجموعة من المقاولين الأمريكان رداً على استفزاز قوات الاحتلال الأمريكية، فوجدتها القوة الغازية فرصة ثمينة لاجتثاث المقاومة من المنطقة، فأعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن عن بدء حملة عنيفة، استخدمت فيها القوة المفرطة.
لم تكن الحملة في عزلة عن الإعلام، فقد نُقلت أحداثها عن طريق قناة الجزيرة لوجود مراسلها أحمد منصور داخل الفلوجة، فضلاً عن وجود اثنين من الإعلاميين المستقلين، وكذلك ناشطة لحقوق الإنسان؛ ورغم قلة العدد فإنهم نقلوا بالصوت والصورة ما يحدث داخل الفلوجة من مجازر وانتهاكات، الأمر الذي ساهم بخلق حالة من الاحتجاج وصلت إلى مجلس الحكم المحلي العراقي، فهدد بعض الأعضاء في المجلس بالاستقالة إذا لم تتوقف الحملة، ومن ضمن الذي هددوا بتقديم استقالتهم عدنان الباججي.. برايمر قابل تلك الاحتجاجات بغرور، فقال للباججي – وهو في العقد الثامن من عمره، وقد انحاز إلى أبناء بلده لحمايتهم من الإبادة- إنك تغامر بمستقبلك بسبب عاطفتك (مفارقة مضحكه).
أسهمت تلك الظروف فضلاً عن قرب الانتخابات الأمريكية في توقف الحملة، لكنها بعد ستة أيام من نهاية الانتخابات الأمريكية والتجديد لبوش الابن لفترة رئاسية جديدة، أعيدت مرة أخرى؛ وكان من أهم ما حرص عليه قادة الاحتلال الأمريكي تلافي الأمور التي أفشلت الحملة السابقة، فاتجهوا في البداية نحو “عرقنة” الحملة بالبحث عن قيادة عراقية تقبل بوضع اسمها في قيادة ذلك العمل، رئيس الحكم المحلي إياد العلاوي لم يمانع من ذلك، وبخصوص التغطية الإعلامية أصدر العلاوي قرارًا بسحب الترخيص من قناة الجزيرة وكل الإعلاميين المستقلين من داخل الفلوجة، وبذلك أغلقت أعين العالم عما سوف يحدث في الفلوجة من جرائم، وحتى يُظهروا عدم وجود إشكالية لهم مع الصحافة، جمعوا تسعين صحفيا وجعلوهم في رفقة الجيش الأمريكي من دون أن يكون لهم حق بالاستقلالية والانفراد بالتغطية، جميع التقارير يجب أن تمر عبر الرقيب الأمريكي، حرية الرأي وحقوق الإنسان والصحافة الحرة كلها وضعت على الرف استعدادا لسكين لن ترحم سكان الفلوجة بنسائهم وأطفالهم وشيوخهم، لتصبح أمريكا غير مختلفة عن أي نظام شمولي لا يعترف بحرية الرأي.
بدأت الحرب بحصار خانق وبالسيطرة على المستشفيات، فأهمية تلك الأماكن تكمن في إمكانية نقل الصورة وإظهار ما سوف يحدث، كما أنها وسيلة لخنق المقاومة داخل الفلوجة بقطع الإمداد الطبي عنهم، استخدمت الأسلحة الفتاكة التقليدية وغير التقليدية، الفوسفور الأبيض رُمي من الطائرات بإفراط ليحرق أجساد المدنيين العزل، وقُطع الماء والكهرباء عن المنازل، ٣٩٠٠٠ منزل – وهي نصف المنازل في المدينة- دُمرت تماما، لم تسلم المدارس من تلك القنابل لأنها أصبحت ملاذا للمدنيين، في مدينة المساجد – كما يطلق عليها- لم تسلم دور العبادة من القوة التدميرية المجنونة، عشرات المساجد حُوِّلت إلى ركام، ٨٥٠٠ من الدور الحكومية قُصفت، لم يُسمح بإدخال المساعدات، وحتى الشاحنات القليلة التي دخلت لم يستطع السكان الوصول إليها لاستهدافهم من القناصة والطائرات العمودية، ليتضور سكان الفلوجة جوعًا وعطشًا.
تلك الصور المكتملة لجريمة ارتكبت في مدينة اسمها الفلوجة، لأنها مارست أقل حق يكفله القانون وتُقره المعاهدات الدولية في مقاومة الاحتلال، لترجع المدينة إلى العصر الحجري بأيدي المغول الجدد، الفرق بينهم وبين مغول الماضي هو لون الذهب، مغول الماضي بحثوا عن ذهب يلمع في بريقه ومغول الحاضر لون ذهبهم أسود، ترك الاحتلال الأمريكي بغداد تحت النهب والسلب، كل شيء يُسرق، المتاحف ودور الوثائق والهيئات الحكومية والقصور الحكومية، لكن كان هناك مبنى واحد حُرس بـ ٥٠ دبابة ونشروا حوله القناصة وأسلاكا شائكة، ألا وهو وزارة النفط.. هذا هو الوجه الحقيقي لدولة تُظهر إنسانيتها بدعم الشواذ، ورفع أعلامهم في سفاراتها. غزة اليوم هي فلوجة الأمس، والاحتلال الأمريكي والقوات الإسرائيلية وجهان لعملة واحده، ما أشبه الليلة بالبارحة، بل ما أشبه الفلوجة بغزة، ويشاركهم الشبه حماة وحلب والكثير من مدن الشرق، مدن جريمتها الوحيدة عند الغرب أن شعوبها تشهد لله بالألوهية ولمحمد بالنبوة، مدن دمرت بنفس النهج والأسلوب والحقد، أما التباين ففي تعدد المجرمين والعالم المنافق الذي يرى ويسمع ويحاول أن يتملص من مسؤوليته بتصريح هنا أو هناك، ولم تنتهِ القصة.
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
0 تعليق