من بدأ الحرب سينهيها
بقلم: نديم شنر
| 10 يوليو, 2023
مقالات مشابهة
-
ما بعد الاستعمار.. وفتح الجراح القديمة
من الملاحظ أنه في عصرنا، عصر العولمة، نجد أن...
-
اقتصاد الحرب.. ماذا يعني اقتصاد الحرب؟!
لم يوضح د. مصطفى مدبولي رئيس وزراء مصر ماذا يقصد...
-
انصروا المرابطين أو تهيؤوا للموت!
في كتاب الكامل في التاريخ لابن الأثير: عندما...
-
يوميات بائع كتب عربي في إسطنبول (4)
نساء يقرأن الروايات وحكايات عن الكتب الأكثر...
-
لينينغراد وغزة: بين جنون العظمة وتطلعات الحرية
هتلر، المنتحر، المندحر والمهزوم، دخل التاريخ...
-
التواضع في القرآن الكريم .. قيمة أخلاقية تقود إلى الرفعة في الدنيا والآخرة
التواضع من القيم الأخلاقية العليا التي يحضّ...
مقالات منوعة
بقلم: نديم شنر
| 10 يوليو, 2023
من بدأ الحرب سينهيها
تحدث الرئيس الأوكراني زيلينسكي عن «السلام» في إسطنبول وغادر، لكن السلام بعيد لأنه لن ينهي الحرب إلا من بدأها!.
غرد الرئيس الأوكراني زيلينسكي، الذي جاء إلى تركيا بدعوة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قبل هبوط طائرته في مطار إسطنبول، وفي تغريدته أعطى عناوين المحادثات القادمة: “يوم في إسطنبول حافل بمحادثات مع الرئيس أردوغان.. صيغ السلام، قمة الناتو، الضمانات الأمنية، تنسيق المواقف بشأن الحبوب، إعادة إعمار أوكرانيا، وعقود الدفاع لشركاتنا..”. ولم يكن الأمر لافتا لوسائل الإعلام التركية فقط، بل إن عيون العالم كله تحولت فجأة إلى إسطنبول. وقد تبع إدراج زيلينسكي لمسألة “صِيَغ السلام” بين الموضوعات التي ستتم مناقشتها، قبل الاجتماع الثنائي، حصول مناقشات حول الحرب الروسية الأوكرانية التي بدأت في عام 2022، والسبيل إلى نهايتها.
إنَّ زيلينسكي كان يعتقد أن تركيا، التي أخذت زمام المبادرة لإجراء محادثات سلام بين روسيا وأوكرانيا قبل حوالي عام، يمكن أن تلعب هذا الدور المهم؛ ولا شك في أنَّ الأنظار كلها تحولت إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عندما ظهرت كلمتا “إسطنبول” و”السلام” في تغريدة زيلينسكي، وذلك لأنَّ “سياسة التوازن” التي انتهجها أردوغان في الحرب الروسية الأوكرانية كانت بالطبع لافتة للنظر؛ ولذلك سيختار الروس والمسؤولون الأوكرانيون تركيا كلما أرادوا أن يجتمعوا، لأن تركيا هي الدولة الوحيدة التي يمكنها التفاوض مع البلدين المتحاربين.
وفي الواقع، كانت تركيا قد نظّمت قبل عام اجتماعا لإجراء محادثات سلام بين الأطراف المعنية في قصر دولمة بهجة؛ كما نظّمت تركيا تنفيذ جميع أنواع معاملات المبادلة، بما في ذلك تبادل الأسرى. ولكن، على الرغم من الإشادة أحيانا بهذه المبادرات التركية، فإنها لم تحظَ أبدا بدعم العالم الغربي، لأن تركيا لا تتجاوب مع طلب الولايات المتحدة فرض عقوبات على روسيا، وقد وضعت لنفسها بشأن هذه المسألة سياسة مستقلة، وما زالت تحافظ عليها. وذلك بالإضافة إلى أن الولايات المتحدة كانت قد طلبت انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي، غير أنَّ تركيا تضع العقبات أمام هذا الطلب؛ وتنضم إليها المجر أيضاً في رفض عضوية السويد، باتباع موقف موالٍ لتركيا.
بعد ساعات من حديث زيلينسكي عن “صيغ السلام” في تغريدته، أصدرت وزارة الدفاع الأمريكية بيانا أعلنت فيه أنه سيتم تسليم الذخائر العنقودية التي أرادتها أوكرانيا. وهذه القنابل محظورة الاستخدام ستكون جزءا من أحدث حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 800 مليون دولار
وعلى الرغم من سعي تركيا ليتم السلام بين روسيا وأوكرانيا، وعلى الرغم من كل محاولاتها في هذا السبيل، فإنَّ الدول التي دفعت أوكرانيا لم ولن تسمح بذلك بعد الآن، باعتبار أنّ ذلك يقع خارج حدود مصالحها.
ففي العام الماضي، بعد الاجتماع لإجراء محادثات سلام كاملة، ظهرت الألغام في البحر عند مدخل البحر الأسود لمضيق البوسفور؛ وقياسا عليه، وبغضّ النظر عن تلك الجهود في محادثات السلام، يمكن أن تبدأ الحرب مرة أخرى بالألغام الأرضية!. ومهما كانت صعوبة بدء الحرب، فإن تحقيق السلام غالباً ما يكون أكثر صعوبة.
ما نشير إليه من مخاوف تأكَّد خلال زيارة زيلينسكي إلى إسطنبول، فبعد ساعات من حديث زيلينسكي عن “صيغ السلام” في تغريدته، أصدرت وزارة الدفاع الأمريكية بيانا أعلنت فيه أنه سيتم تسليم الذخائر العنقودية التي أرادتها أوكرانيا. وهذه القنابل محظورة الاستخدام ستكون جزءا من أحدث حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 800 مليون دولار، تعتزم الولايات المتحدة تقديمها لأوكرانيا؛ وقد تمَّ اتّخاذ القرار على الرغم من دعوات الأمم المتحدة لكل من روسيا وأوكرانيا للامتناع عن استخدام هذه القنابل، باعتبارها تسبب خسائر في صفوف المدنيين. ومن المتوقع، بعد توقيع الرئيس الأمريكي بايدن، إرسال آلاف الذخائر العنقودية إلى كييف من مخزون البنتاغون.
إنَّ الذخائر العنقودية، التي طالبت بها أوكرانيا منذ فترة طويلة، قادرة على الانتشار في الهواء، والتوزع على مساحة كبيرة وإلحاق الضرر بالعديد من الأهداف في وقت واحد. وتبقى بعض القنابل، التي يحظر استخدامها من قبل ثلثي أعضاء الناتو، لفترة طويلة بعد إسقاطها دون أن تنفجر، ولها تأثير الألغام؛ ولهذا السبب، فإنَّ هذا النوع من القنابل يسبب وقوع إصابات بين المدنيين.
يمكن إسقاط الذخائر العنقودية المعروفة باسم “القنبلة داخل القنبلة”، من الطائرات أو بقذائف الهاون، وهي تنفتح أولا في الهواء حيث تسقط، ثمَّ تتناثر منها قنابل صغيرة داخلها؛ والتي لا تنفجر منها تبقى مدفونة في الأرض، ويبقى لها تأثير الألغام. وحقيقة أن القنابل الصغيرة لا تنفجر في اللحظة نفسها، بل بعد سنوات، تتسبب في وقوع إصابات بين المدنيين؛ ومن آثارها أنَّ الأطفال الذين يعيشون في مناطق سقوطها، منهم من يفقد حياته نتيجة اللعب بالذخائر العنقودية التي تبقى كمخلفات حرب بعد انتهاء القتال.
هذا الواقع يدل على أنه من السابق لأوانه التفاوض على السلام في الحرب الأوكرانية الروسية، لا سيما وأن القوة الرئيسة التي تقاتل روسيا ليست أوكرانيا، وإنما الولايات المتحدة ودول الناتو مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، التي تمكنت من جذب أوكرانيا إليها. و لذلك، لن تنتهي هذه الحرب ولن يأتي السلام، حتى تنهيها البلدان الإمبريالية التي بدأتها حقيقة، عندما وعدت أوكرانيا بعضوية حلف الناتو، وألقت بها كطعم في مواجهة روسيا.
أوكرانيا بلد محتل ولها الحق في الدفاع عن نفسها بكل الطرق؛ ولكن، في بيئة تحمل دلائل على أن الحرب على وشك التصعيد أكثر لا يبقى لاستخدام كلمة السلام معنى.
لقد جاء الإعلان عن تقديم الولايات المتحدة ذخائر عنقودية لأوكرانيا، على وجه التحديد، خلال اجتماع زيلينسكي مع الرئيس التركي أردوغان في اسطنبول، الذي حمل عنوان “صيغ السلام”. ولكن، هل تعلمون ما هو المثير للاهتمام حقاً؟.
خلال اجتماعه مع أردوغان، شكر زيلينسكي شعب الولايات المتحدة والرئيس بايدن على الذخائر العنقودية والأسلحة والمعدات التي قدمها، وكانت رسالة زيلينسكي على النحو التالي: “نحن ممتنون للشعب الأمريكي وللرئيس جوزيف بايدن على الخطوات الحاسمة التي جعلت أوكرانيا أقرب إلى النصر على العدو، ولأنّها أتاحت لأوكرانيا تحقيق الانتصار للديمقراطية على الدكتاتورية. إن توسيع القدرة الدفاعية لأوكرانيا سيوفر أدوات جديدة لإنهاء احتلال أراضينا وتقارب السلام”.
بالطبع، أوكرانيا بلد محتل ولها الحق في الدفاع عن نفسها بكل الطرق؛ ولكن، في بيئة تحمل دلائل على أن الحرب على وشك التصعيد أكثر لا يبقى لاستخدام كلمة السلام معنى.
وفي الواقع، يُظهر الشكر الذي قدمه زيلينسكي للولايات المتحدة، وهي التي جرته إلى الحرب مع روسيا، أنه لا ينبغي للمرء أن يتوقع السلام!. لأن الولايات المتحدة جعلت أوكرانيا أولا هدفا لروسيا لإعطائها الوعد بأن تصبح عضوا في حلف شمال الأطلسي، ثم شاهدت روسيا تغزوها، واتبعت سبيل تأجيج الحرب بما قدمته وتقدمه من أسلحة؛ فهذه تريد الحرب ولا تسعى للسلام، لأن “خطة الهيمنة العالمية الجديدة للولايات المتحدة” تعتمد على نتيجة هذه الحرب، وهذا ما سأخبركم عنه في مقال آخر.
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
واشنطن تسعى لمزيد من الشفافية من إسرائيل بشأن خططها للرد على إيران
تتزايد حالة القلق في الإدارة الأمريكية إزاء عدم إطلاعها على تفاصيل العمليات العسكرية الإسرائيلية، خاصة فيما يتعلق بالرد المحتمل على إيران. وتأمل واشنطن في تجنب مفاجآت مماثلة لتلك التي واجهتها خلال العمليات الأخيرة في غزة ولبنان. كان من المقرر أن يجتمع وزير الدفاع...
الحالة العامّة للأسرة والمرأة في الجاهليّة قبيل ولادة النبيّ صلى الله عليه وسلم
عند الإطلالة على حالة عموم النساء في المجتمع الجاهليّ، وما اكتنف الأسرة آنذاك، فيمكننا وصف وتقييم الحالة بعبارة واحدة، وهي: انتكاس الفطرة، وتشوّه معنى الرجولة، وغيبوبة الأخلاق. كان الزواج يتمّ على أنواع عدة، كلّها إلا واحدًا يظهر مدى الانحدار القيمي والظلام الأخلاقي،...
ما بعد الاستعمار.. وفتح الجراح القديمة
من الملاحظ أنه في عصرنا، عصر العولمة، نجد أن الثقافات والهويات العربية أصبحت تتعرض لضغوط غير مسبوقة، لكي تكون مغمورة ومنسية ومجهولة، نتيجة الانفتاح الكبير على العالم، وتأثير الثقافة الغربية وغزوها للعقول العربية، لا سيما فئة الشباب؛ فتأثيرات العولمة عميقة ومعقدة...
0 تعليق