من كانت السويد حليفه فلا يحتاج إلى عدو!

بواسطة | يوليو 3, 2023

بواسطة | يوليو 3, 2023

من كانت السويد حليفه فلا يحتاج إلى عدو!

انضمت تركيا إلى الناتو في عام 1952، بعد مشاركتها في الحرب الكورية عام 1950.. والناتو هو الحلف الذي يصف نفسه بالداعم للقيم الديمقراطية، ويعتبر أنه يقدم لأعضائه الاستشارات، ويحقق التعاون الدفاعي والأمني لحل المشكلات وبناء الثقة ومنع الصراعات على المدى الطويل.
تنص المادة الخامسة في المعاهدة التأسيسية لحلف الناتو على أن الاعتداء على عضو واحد يُعتبر اعتداءً على جميع الأعضاء ويتطلب منهم الدفاع المشترك؛ وأهم ميزة لحلف الناتو هي أن جميع القرارات يتم اتخاذها بالإجماع من قبل جميع أعضائه، الذين يبلغ عددهم اليوم 30، وهذا يشمل قرار انضمام دول أخرى كأعضاء جدد.
ويعلم الجميع أن الولايات المتحدة تأخذ زمام المبادرة في حلف شمال الأطلسي، ومع ذلك فإن الناتو، الذي تدنت مصداقيته في عهد ترامب، أحدث نقلة نوعية مع رئاسة جو بايدن؛ الذي تحدث في مؤتمر ميونيخ للأمن في 19 فبراير 2021، بعد شهر من توليه رئاسة الولايات المتحدة، فقال مشيرا إلى الناتو، وضمنيا إلى الدور الأمريكي فيه: “لقد عادت أمريكا.. لقد عاد التحالف عبر الأطلسي، ولن ننظر إلى الوراء”. ولم نكن على علم سابق بأن هذا البيان كان إشارة إلى نظام الهيمنة الجديد للولايات المتحدة، والحرب الروسية الأوكرانية التي ستمهد الطريق لذلك.

مؤخرا وجدت كل من فنلندا والسويد، التين عُرفتا بحيادهما منذ سنوات، ما يدفعهما لطلب الانضمام إلى عضوية الناتو.

على الرغم من اعتراضات روسيا على عضوية أوكرانيا في الناتو، واعتبارها هذا الأمر سببا للحرب، كان للولايات المتحدة دور مهم في إشعال الحرب الروسية الأوكرانية بعد عام واحد بالضبط، في 24 فبراير 2022. فقد قال بايدن: “عادت الولايات المتحدة”، وكانت دول الناتو، وخاصة ألمانيا وفرنسا، تقف معه؛ والاستثناء الوحيد كان تركيا!. وكان من المحتم، بناءً عليه، أن يتم استهداف تركيا، التي لم تمتثل لقرارات العقوبات ضد الروس، رغم دفع الولايات المتحدة الأمريكية بذلك الاتجاه.
على الرغم من كل الوعود من جانب الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية، لم تصبح أوكرانيا عضوا في الناتو، وإنما تم إرسال أسلحة بقيمة مئات المليارات من الدولارات للقتال ضد روسيا؛ ونتيجة ذلك بعد عام ونصف أن أيا من أوكرانيا أو روسيا لم يربح الحرب، بل كان الفائز الوحيد هو الولايات المتحدة، التي حولت الناتو الذي يتولى نظريا مهمة “السلام” إلى مبرر للحرب، وهذا يؤكد سعيها لهيمنة جديدة على العالم.
واليوم، تبدو الولايات المتحدة مصممة على استخدام حلف شمال الأطلسي، بشكل أكثر فعالية، كأداة في الحرب الجديدة لتحقيق الهيمنة.
مؤخرا وجدت كل من فنلندا والسويد، التين عُرفتا بحيادهما منذ سنوات، ما يدفعهما لطلب الانضمام إلى عضوية الناتو. ويكفي هنا أن ننظر إلى الخطوات التي اتخذتها روسيا بعد أن أصبحت فنلندا عضوا في الناتو لمعرفة نوع التهديد الذي تسببه بايدن سياسيا وعسكريا. فبعد هذا القرار قامت روسيا بتحويل الأسلحة الثقيلة، بما في ذلك أنظمة الصواريخ، إلى الحدود الفنلندية. والتالي المنتظر الآن هو عضوية السويد، وهذه القضية لم يتبق أمامها أية عقبة باستثناء اعتراض المجر، التي تعمل بالتنسيق مع تركيا.
تلخصت مطالب تركيا من السويد في رفع دعمها عن الإرهابيين، وقد اتخذت السويد بعض الترتيبات القانونية استجابةً لذلك، لكنها لم تنجح في وقف أنشطة المنظمات الإرهابية؛ ولعل الأدق ألا نقول “لا يمكنها فعل ذلك”، وإنما “إنها لا تريد ذلك”.
بعد الآن تركيا لم تعد مستهدفة وحدها!. فمنذ بداية العام، بات حرق القرآن الكريم رسالة لا تستهدف تركيا فحسب، بل صار محاولاتٍ متكررة لإشعال فتيل صراع عالمي، من خلال تأجيج ردود الفعل من مسلمي العالم. وتم إطلاق هذا العمل الغادر في يناير من قبل السياسي الدانماركي اليميني المتطرف راسموس بالودان، الذي نشر أمام السفارة التركية في ستوكهولم رسماً كاريكاتوريا يسيء إلى نبينا محمد، صلى الله عليه وسلم؛ وخلال الاستفزاز الذي تم بحماية الشرطة، لم يُسمَح لأحد بالاقتراب من بالودان، ثم أعاد الإجراء نفسه في الدنمارك.
وقد كشف التطور الأخير مرة أخرى أن حرق القرآن الكريم ليس مدفوعاً من قبل أعداء الإسلام فقط، بل من قبل السلطات السويدية والقضاء أيضا. حيث أعلنت الشرطة السويدية أنها وافقت على طلبٍ لحرق القرآن الكريم أمام مسجد في البلاد في عيد الأضحى المبارك؛ وهكذا، فإن حرق القرآن، كتاب الإسلام المقدس، الذي هو “دين السلام”، تم بضمانة القضاء تحت ذريعة “حرية التعبير”. ومن المستحيل على المسلمين بالطبع أن ينسوا مثل هذا القرار الدنيء.

الولايات المتحدة تقدم في سوريا المال والأسلحة والدعم التدريبي لقوات سوريا الديمقراطية، وهي الجناح السوري لمنظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية. وتحمي زعيم وأعضاء منظمة غولن الإرهابية على أراضيها.

بعدها، قام سلوان موميكا، الذي أخذ ضمانات القضاء السويدي، بإشعال النار في القرآن الكريم. إذ بينما كان الأتراك ينتظرون من السويد محاربة المنظمات الإرهابية، باتوا يواجهون الآن هجوماً على معتقداتهم الدينية؛ وبالطبع، قوبل هذا الفعل بردود الفعل اللازمة من الدول الإسلامية، ومنها تركيا.
ولهذا، فالنتيجة الأولى لهذه التطورات هي أن تركيا لن تقول “نعم” لعضوية السويد في الناتو. ومع ذلك، يبقى الحكم القضائي بإجازة عمل دنيء مثل حرق القرآن الكريم وصمة عار تحمله ما يعتبرونها “الحضارة الغربية”، ستستمر آثاره لفترة طويلة.
من المثير للاهتمام أن الدول التي تدعم المنظمات الإرهابية المناهضة لتركيا، هي أيضا دول أعضاء في حلف شمال الأطلسي، أي أنها مع تركيا “حلفاء” في منظمة واحدة!. فدعوني الآن أخبركم بإيجاز، أيُّ عضو في حلف شمال الأطلسي يدعم أيَّ منظمة إرهابية:
الولايات المتحدة تقدم في سوريا المال والأسلحة والدعم التدريبي لقوات سوريا الديمقراطية، وهي الجناح السوري لمنظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية. وتحمي زعيم وأعضاء منظمة غولن الإرهابية على أراضيها.
ألمانيا تقدم الدعم المادي وتسمح باللجوء للإرهابيين المنتمين إلى كل من حزب العمال الكردستاني، ومنظمة غولن الإرهابية، وجبهة التحرير الشعبية الثورية؛ وفيها مقر أعضاء منظمة غولن الإرهابية في أوروبا، ومنها أيضا تتم إدارة شركاتهم وأعضاء منظماتهم ومؤسساتهم الإعلامية.
بلجيكا والدنمارك وهولندا يمنحون اللجوء السياسي لإرهابيي حزب العمال الكردستاني، ومنظمة غولن الإرهابية، وجبهة التحرير الشعبية الثورية.
اليونان تعد بوابة لإرهابيي حزب العمال الكردستاني، ومنظمة غولن الإرهابية، وجبهة التحرير الشعبية الثورية؛ وبعض الهجمات الإرهابية التي وقعت في تركيا كانت بأمر من قادة المنظمة في هذا البلد.
فرنسا، من بين الدول الأوروبية، هي واحدة من الدول التي تستضيف أكبر عدد من إرهابيي حزب العمال الكردستاني.
المملكة المتحدة معروفة، بشكل خاص، بحماية أعضاء منظمة غولن الإرهابية.
النمسا ملاذ آمن لأعضاء حزب العمال الكردستاني، ومنظمة غولن الإرهابية.
باختصار، تركيا ستعارض، لفترة على الأقل، عضوية السويد في الناتو؛ لكنّ الدول الأوروبية والغربية، وخاصة الولايات المتحدة، ستواصل دعم المنظمات الإرهابية التي تهاجم تركيا، وستتلقى المنظمات الإرهابية التي تقوم بأنشطة إرهابية ضد تركيا أكبر دعم من أعضاء الناتو المتحالفين أيضاً مع تركيا. لذا، يبدو غير مناسب، إذا كان حليفك هكذا، أن يكون لك أعداء!.
ويبدو أن الأفكار والأفعال المعادية للإسلام مثل حرق القرآن الكريم ستزداد في الدول الغربية.. نعم، إنَّ تركيا بموقفها الأخلاقي والقانوني، ستصارع لنصرة الحق والعدالة في المنابر الدولية التي هي عضو فيها؛ لكن النضال الكبير ينتظر استنفار جميع الدول     الإسلامية ضد الأعمال المعادية للإسلام.

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...