من يقف وراء فرقة “حسب الله” الشهيرة بـ “تكوين”؟!

بواسطة | مايو 19, 2024

بواسطة | مايو 19, 2024

من يقف وراء فرقة “حسب الله” الشهيرة بـ “تكوين”؟!

لا بد من الانتقال خطوة إلى الأمام في السؤال عمّن يقف خلف حركة “تكوين”، التي تأسست على خلاف القانون، ومن يدعمها؛ وهي التي لا يجوز لها – قانونًا- أن تمارس عملًا، أو تقرّر نشاطًا، أو تتلقّى أموالًا، إلا بعد الترخيص القانوني بذلك.. اللهمَّ إلا إذا اعتبرتها السلطات المصرية فرقة غنائية، تشبه فرقة حسب الله، حيث يليق بيوسف زيدان – بحكم السنّ- أن يكون حسب الله التاسع عشر؛ كما الفنان عبد السلام النابلسي في فيلم “شارع الحب”!

عندما أطالع تصريحات عناصر الحركة، يُخيّل إليّ أنني أمام مجموعة من البُلْهِ، من حيث اعترافهم بشأن السلطة أنها تدعمهم وتقف خلفهم، بما يمثلونه من فكر شاذّ، وأحدهم أدانه القضاء بتهمة ازدراء الأديان، فهل لا يزال الحكم عنوان الحقيقة؟ وفي الوقت الذي يعد فيه الانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين – سواء بالحقّ أو بالادّعاء- جريمة يعاقب عليها القانون، لا يسري الأمر على “تكوين”، والوضع القانوني لهما واحد، لكن هنا تقف السلطة خلف هذا الجنين “المشوّه”!

جمعية لدفن الموتى:

لا يحتاج الأمر إلى محلل – مثلي- للوقوف على دعم السلطة لتكوين، وقد مارست التحليل من قبلُ للوصول إلى هذه النتيجة؛ فعناصر “تكوين” اعترفوا بذلك، في غباء منقطع النظير، ولو أن السلطة وقفت وراء أطفال سذج لما كشفوا عما ينبغي أن تؤاخذ عليه، وقد تبدت العورات للناظرين، فهذا الشذوذ الفكري يجد رعاية منها، مكَّنت الحركة من مخالفة القانون، والضرب به عرض الحائط وطوله!

عندما سئلت فاطمة ناعوت عمَّن يقف خلف “تكوين” انسحبت من لسانها وقالت: “الدولة”، والدولة في تعريف الجمهورية الجديدة ومثقّفي البلاط هي النظام، لذا قال كبيرهم إن الدعوة لإسقاط النظام تعني الدعوة لسقوط الدولة، فما الدولة إلا النظام الحاكم! وهو هنا يحيلنا إلى شعار ثورة يناير المجيدة: “الشعب يريد إسقاط النظام”!

هو ليس اعترافاً من أوّل “ألم”، بل بدون أي ضغط يذكر من المذيعة التي أدارت الحوار مع ناعوت! أهيَ البلاهة، أم إنّ السلطة لا تجد حرجًا في أن يعرف الداني والقاصي أنّها من تدعم هذا الكيان المعادي للمجتمع، ودينه الرسميّ، وقيمه وهُويته؟ ولم يأتِ الدعم بتمكين “تكوين” من الترخيص القانوني السريع – ويمكّنها فعل ذلك- ولكن في تركها تتأسّس على خلاف القانون!

لقد أعلن القوم أنهم سيقومون بالتقدم للحصول على ترخيص بإنشاء جمعية، والمعنى أنّ كيانهم إلى الآن يفتقد إلى الاعتراف القانونيّ، ولا يجوز له أن يمارسَ أيَّ نشاط يدخل ضمن أغراض الجمعيات، وغيرها من المؤسّسات، دون الخضوع لأحكام القانون؛ وهو أمر لم يحدث، وطلب الترخيص يلزمه تقديم نظام أساسي مكتوب، يحدد نشاط الجمعية وأهدافها، وهم إلى الآن يتخبّطون كلما سُئلوا عن أهدافهم، ويمارسون الإنكار، ووصل التراجع إلى حد القول إنهم ليسوا معنيين بالحديث في الدين، وكأنهم فرقة غنائية، أو جمعيّة لدفن الموتى!

وإذا كانت المادة الثالثة من قانون تنظيم العمل الأهلي لسنة 2019، قد نصّت على الإلزام بوضع نظام أساسي (مكتوب)، فإن المادة (11) نصّت على حقّ اطّلاع كل ذي شأن على ملخّص بالنظام الأساسي؛ وعدم الإفصاح عن ذلك يجعلنا أمام تنظيم سرّي، لا حركة فكرية أو ثقافية، فضلًا عن أن الإثم هو ما حاك في صدرك، وكرهت أن يطّلع عليه الناس!

أمّ الجرائم:

ونأتي إلى “أمّ الجرائم”!. فعندما سُئل إسلام البحيري – عنصر “تكوين”- عن تمويل الحركة، أجاب بأنه من مجموعة رجال أعمال مصريين في الداخل والخارج، وظن أنه في ظل “دولة القانون” يمكن المناورة في أمر كهذا، فيصبح من حقه أن يحجم عن ذكر الأسماء، أو يخفي الممول الرسمي لـ”تكوين”، وهو هنا يقع في مخالفة للقانون تستدعي محاكمته ومحاكمة عناصر هذا التشكيل، ليس فقط لأنّهم يعملون بالمخالفة للقانون لعدم حصولهم على الترخيص القانوني، بل لأنهم تورّطوا بجمع تبرّعات على نحو يجرّمه القانون ولا يتسامح معه البتّة!

يقول المثل المصري: “خلّيك ورا الكذّاب حتى باب الدار“، وهو ما سنفعله الآن.

 فإذا جاريناه في ما قال، واستبعدنا – بالتالي– أن يكون الإقليم هو من يقف بالدعم والتمويل خلف هذا الكيان، الذي أُسِّس على خلاف القانون المصري، فإن القول بأنَّ التمويل يقدّمه رجال أعمال مصريون في الداخل والخارج لا يقنع الجنين في بطن أمّه، فلماذا لم تقدم “تكوين” قائمة برجال الأعمال هؤلاء؟ ولماذا يرفضون الإفصاح عن أنفسِهم، وهم لم يتبرّعوا لبناء مسجد أو كفالة يتامى، ليقولوا إنهم وجدوا من الأفضل أن ينفقوا سرًّا وليس علانية، وأن ينفق رجل الأعمال من هناك بيمناه ما لا تعلمه يسراه؟ وكيف لا يوجد من بين المتبرّعين في الداخل والخارج من لديه شبهة رياء، فيعلن عن تبرّعه لهذه الصدقة، والباب مفتوح لمن ينفق أمواله في العلن لأعمال البرّ والتقوى، وكفالة اليتيم، والجري على الغارمين والغارمات، واعتبار “تكوين” تشبه “مقابر الصدقة”؟!

إذا سلّمنا بأن المتبرّعين لحركة “تكوين” هم من أهل البرّ والتقوى، ولهذا لم يعلنوا عن أنفسهم حرصاً على ثواب صدقة السرّ، فإنه يدهشنا أن يكون التبرع للجنين قبل مولده بل وقبل إعلان أهدافه، وهذا وحده يحول دون الإفلات من الجريمة! فلم يستطرد قانون تنظيم ممارسة العمل الأهلي، أو قانون الجمعيات، في شيء استطراده في أمر التبرعات، فلا يجوز جمع التبرُّعات إلا بترخيص مسبق، ويُلزِم القانون بإخطار الجهة الإداريّة ببيان عن المتبرّعين، وما تبرّعوا به، كما يفرض أن تخطر هذه الجهة ببيان أوجه الإنفاق والصرف، ولا يجوز تلقّي التبرعات أو جمعها إلا لجهة قانونيّة، و”تكوين” لم تشكَّل وفق القانون، ولم تحصل على الصفة القانونيّة، الأمر الذي يجعلنا أمام جرائم بعضها فوق بعض، فلماذا لا يطبّق القانون هنا؟!

ولا يفيد ما توصلنا إليه من تمكين الحركة وعناصرها من الإفلات من العدالة، في اتهام السلطة بالوقوف خلف هذا الكيان، الذي اجتُثَّ من فوق الأرض ما له من قرار، فهذا ثابت بالاعتراف الذي هو سيد الأدلة للسيدة ناعوت، التي قالت في حديث تلفزيوني: إن “الدولة المصرية” هي من تقف خلفهم بالدعم والمساندة.

إنَّها الجمهوريّة الجديدة يا عزيزي.. أنْعِم وأكرم!

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...