نتانياهو يتعمد إذلال بايدن

بواسطة | فبراير 18, 2024

بواسطة | فبراير 18, 2024

نتانياهو يتعمد إذلال بايدن

يستعرض التقرير التوتر المتزايد بين إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن وحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، خاصة في سياق الحرب على غزة. حيث يُلقي الضوء على عدم التوافق في النهج بين الجانبين والتأثيرات المترتبة على العلاقات الأمريكية الإسرائيلية.

تصاعد التوتر بين إدارة بايدن ونتانياهو

عنوان المقال أعلاه ليس من عندي، ولكنه خلاصة تقرير نشرته صحيفة الواشنطن بوست قبل أسبوع، لوصف الطريقة التي يتعامل بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو مع الرئيس الأميركي جو بايدن.

التقرير يشير لما يسميه خلافات بين إدارة بايدن وحكومة نتانياهو في ما يتعلق بإدارة الحرب الهمجية على قطاع غزة، واستند إلى نحو ١٩ مقابلة مع مسؤولين حاليين في إدارة بايدن وخبراء ومحللين. وحسب التقرير، فإن بايدن لا يرى نتانياهو شريكا يمكن التأثير عليه حتى سراً، وهو ما يفسر الإحباط الذي حملته تصريحات بايدن الأخيرة، والتي اعتبر فيها أن إسرائيل قد تجاوزت الحد في حملتها العسكرية على قطاع غزة.

وحقيقة الأمر أن نتانياهو يتلاعب ببايدن كيفما يشاء منذ بدء حربه الهمجية على قطاع غزة، ولا يكترث بأية ضغوط أميركية لوقف الحرب – ولو مؤقتا- من أجل إتمام صفقة الرهائن، وهو تقريبا قد فعل عكس كل ما يطالبه به بايدن؛ فقد حذره بايدن من أن يعميه الانتقام لما جرى في السابع من أكتوبر عن الواقع، وأن يتسرّع في شن الحرب على قطاع غزة، قبل أن يكون لديه تصور واضح أو خطة للخروج من القطاع، والأكثر أهمية وجود تصور لمرحلة ما بعد الحرب؛ ولكن نتانياهو لم يستمع له فأرسل قواته وجنوده إلى القطاع منذ أكثر من أربعة أشهر، وهو الآن يغرق في وحل غزة وتتكبد قواته خسائر لم تتكبدها في أية حرب أخرى خاضتها إسرائيل منذ قيامها قبل أكثر من سبعة عقود.

وقد حذره بايدن من الانجرار خلف اليمين الفاشي المتطرف في حكومته، متمثلاً بشكل خاص بوزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتيرتش، ولكنه لم يستجب وأبقى عليهم في حكومته حتى الآن، رغم ما يمثله خطابهم من إحراج لبايدن على الساحة الدولية؛ كما نصحه بايدن بالقبول بصفقة لإطلاق سراح الرهائن مع حركة حماس، ولكنه ماطل واستكبر ورفض، وهو ما أدى إلى مقتل ما يقرب من خمسين رهينة نتيجة للقصف العشوائي الهمجي على قطاع غزة.. والآن يحذره بايدن من القيام بعملية اجتياح بري لرفح، ولكنه يماطل ويرفض، ويبيّت النية للقيام بها خلال الأسابيع المقبلة.

ولعل ما أثار غضب بايدن خلال الأسابيع الأخيرة تحديداً هو رفض نتانياهو لصفقة الرهائن علنا، وذلك حين كان وزير الخارجية أنتوني بلينكن في زيارة للمنطقة يحاول التوسط للتوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحماس؛ كما أعلن أن الجيش الإسرائيلي سيتحرك إلى مدينة رفح جنوب قطاع غزة، وذلك رغم التحذيرات الأميركية والدولية الكثيرة، والمخاوف من أن يؤدي ذلك إلى كارثة إنسانية جديدة في القطاع، في ظل وجود ما يقرب من 1.4 مليون فلسطيني يعيشون في ظروف معيشية قاسية ومزرية، وقد فرّ معظمهم إلى هناك بأوامر إسرائيلية، بعد بدء العملية العسكرية على قطاع غزة أواخر شهر أكتوبر الماضي. يُضاف إلى ذلك أن نتنياهو يتحدث علنا بأن إسرائيل لن توقف القتال في غزة حتى يتحقق لها “النصر الكامل”، وهو أمر يتناقض مع اعتقاد المسؤولين الأمريكيين الذين يشككون في قدرته على تحقيق هدفه المعلن، المتمثل في تدمير حركة حماس.

بكلمات أخرى، لا يوجد لبايدن تأثير حقيقي على سلوك نتانياهو، ولا يبدو أنه قادر على ذلك، وهو الذي لم يجرؤ حتى الآن على فرض أي نوع من الضغط الحقيقي والجاد عليه! فعلى سبيل المثال، لم يقم بايدن بربط المساعدات العسكرية لإسرائيل بوقف إطلاق النار، كما أنه لم يشترط عليها القبول بهدنة ولو مؤقتة، يترتب على رفضها إيقاف دعم إسرائيل سياسيا ودبلوماسيا. كما أنه لم يتخذ أية إجراءات حقيقية من أجل لجم الحرب المجنونة التي يشنها نتانياهو على قطاع غزة، خاصة في ظل نيته اجتياح رفح عسكرياً، بل إن بايدن – على العكس من ذلك- لا يزال يمد تل أبيب بكل ما تحتاجه من الأسلحة اللازمة للاستمرار في حربها على الفلسطينيين؛ كما أن مجلس الشيوخ الأميركي قد أقر حزمة مساعدات عسكرية جديدة لإسرائيل بحوالي 14.1 مليار دولار.

ولا أدلَّ على بؤس وضعف بايدن في مواجهة نتانياهو من أنه يشتكي سراً من تعمد نتانياهو تجاهل نصائحه وعدم الاستماع إليه؛ بل يقول بعض مسؤولي البيت الأبيض – حسبما تنقل عنهم صحيفة الواشنطن بوست- إن نتنياهو يركز فقط على بقائه السياسي مع استبعاد أي هدف آخر، وهو حريص على وضع نفسه في موقف المعارض لمساعي بايدن من أجل حل الدولتين.. وفي الوقت الذي يخسر فيه بايدن الكثير من شعبيته، خاصة بين الناخبين الشباب والملونين والمسلمين والعرب الأميركيين، وذلك نتيجة لاحتضانه ودعمه لنتانياهو، فإن هذا الأخير يبدو حريصا على تسجيل نقاط سياسية خاصة به، من خلال ازدراء وإهانة بايدن علنا.

بكلمات أخرى، فإن إدارة بايدن لم ترفع “العصا الأميركية” في وجه إسرائيل، ولم تهدد باستخدامها من أجل تغيير سلوك نتانياهو، والغالب أنها لن تفعلها في الفترة المقبلة، والسبب هو حالة الضعف الشديد، التي تسم علاقة هذه الإدارة بتل أبيب.

وفي الوقت الذي يفعل فيه نتانياهو كل شيء من أجل التشبث بموقعه في السلطة داخل إسرائيل، فإن بايدن سوف يدفع ثمن دعمه له في الانتخابات الرئاسية المقبلة، التي من المقرر إجراؤها أواخر هذا العام.

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...