
نحو تعميق الشراكة الإستراتيجية بين تركيا ودول الخليج
بقلم: أ.د. عبد الله خليفة الشايجي
| 27 يوليو, 2023

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: أ.د. عبد الله خليفة الشايجي
| 27 يوليو, 2023
نحو تعميق الشراكة الإستراتيجية بين تركيا ودول الخليج
مقالي في “مدونة العرب” لشهر مايو الماضي كان بعنوان: “انتخابات تركيا.. أسباب الاهتمام وحملة العداء”، وقد أنهيته مؤكدا على أهمية ومحورية الانتخابات، برغم تداعيات الزلزال المدمر، وحملة الافتراءات من قادة غربيين، وإعلام غربي شكلت فيه مجلة الإيكونومست رأس الحربة في التحريض ضد إعادة انتخاب الرئيس أردوغان؛ وتوقعتُ فوز الرئيس أردوغان -رغم الصعاب- بانتخابات مصيرية وحاسمة. وكانت خاتمة المقال: “تصنف الدراسات الإستراتيجية تركيا ضمن القوى المركزية المهمة في إقليمها، في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهي ثاني أكبر اقتصاد في المنطقة، برغم عدم امتلاكها مصادر طبيعية ومصادر للطاقة؛ وقد أوصلها إلى ذلك ما حققته حكومات العدالة والتنمية من إنجازات، وضعت تركيا على الخريطة، ورفعت من مكانتها كقوة مؤثرة في إقليمها، لها دورها كوسيط في حل الأزمات الدولية، كما نشهد في مجريات حرب روسيا على أوكرانيا.. وذلك كله يتوج أردوغان زعيما!.”
كتبت ذلك المقال قبل جولة الانتخابات الثانية، التي تُوجت بحسم الرئيس أردوغان وتحالفه الانتصار، والفوز بفترة رئاسة ثالثة وأخيرة في إنجاز غير مسبوق لزعيم تركي، وأكدت على محورية وأهمية دور وحضور تركيا على الساحتين الإقليمية والشرق أوسطية، وكذلك على المستوى الدولي، بسبب دور تركيا المتنامي بين الشرق والغرب وعضويتها في حلف الناتو، ولتحقيقها توازنات العلاقة الصعبة بين روسيا وأوكرانيا والوساطة بينهما، إضافة إلى علاقتها مع الغرب وتوظيف نفوذها، واستخدام الفيتو لانتزاع تنازلات من فنلندا والسويد ورفع الفيتو الرافض لانضمام تركيا لحلف الناتو، ما يجعل من تركيا قوة أمر واقع وافقت على انضمام فنلندا لحلف الناتو بعد تلبية مطالبها، وانتزعت في قمة الناتو قبل أسبوعين تنازلا مهما بدعم السويد عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، والاستجابة لشروط تركيا لتوافق على انضمام كبرى الدول الإسكندنافية لحلف الناتو.
يسعى الرئيس أردوغان لتصفير المشاكل وحل الخلافات بمقاربات براغماتية، تكرس دور تركيا المتنامي بعيدا عن الأدلجة والتمسك بمواقف صفرية، وقد أحدث تغييرات مهمة في حكومته الأخيرة بتعيين نائب رئيس وزراء جديد، وتغيير وزراء الخارجية والدفاع والداخلية والاقتصاد والمالية والبنك المركزي، وتغيير مدير عام الاستخبارات، الذي أصبح وزيرا للخارجية لإلمامه بجميع الملفات والأزمات؛ وأدخل أردوغان دماء جديدة من خلال شخصيات أثبتت تميزها في مجال عملها، وذلك بهدف إحداث نقلة نوعية في الدولة.
ومن الواضح أن إستراتيجية الرئيس وحكومته الجديدة تنهج، للسنوات الخمسة القادمة والأخيرة لحكمه، إستراتيجية توسيع مروحة العلاقات مع الدول الإقليمية المحيطة، وخاصة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والعودة للتقارب مع أوروبا بإحياء مساعي تركيا للانضمام لعضوية الاتحاد الأوروبي، وحتى مع خصوم تركيا -اليونان وأرمينيا ونظام الأسد- ومع مصر بطريقة براغماتية عملية.
قام الرئيس أردوغان هذا الشهر بجولة خليجية، شملت ثلاث محطات زار فيها المملكة العربية السعودية ودولة قطر ودولة الإمارات العربية المتحدة؛ ما رسخ إعادة التموضع الإقليمي، ووضع نهاية كاملة للقطيعة والحرب الباردة بين تركيا وكل من السعودية والإمارات على مدى سنوات، منذ دعم تركيا لحراك الربيع العربي ودعم الإخوان المسلمين، والخلاف الحاد مع السعودية حول اغتيال جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول عام 2018.
جاءت الزيارة الرسمية للرئيس أردوغان، وجولته في نصف دول مجلس التعاون الخليجي، لتدلل وتؤكد على محورية وأولوية توثيق وتعميق تركيا لعلاقتها مع دول مجلس التعاون الخليجي؛ وكانت هذه الزيارة الأولى للرئيس أردوغان بعد أقل من شهرين من فوزه التاريخي، بمرافقة وفد رفيع المستوى و200 من كبار رجال الأعمال ومدراء الشركات الكبرى، لجذب الاستثمارات وتعميق العلاقة والشراكات، واستعراض قوة تركيا العسكرية وقوتها الناعمة معا؛ وذلك بتوقيع أكبر صفقات أسلحة للطائرات المسيرة “بيرقدار” مع المملكة العربية السعودية، بعدما أثبتت تلك المسيرات فعالية وتميز أدائها في العمليات العسكرية في أوكرانيا وأذربيجان وليبيا وسوريا؛ كما استعرض الرئيس أردوغان قوة تركيا الناعمة بإهدائه لقادة الدول الثلاثة سيارات توغ Togg)) الكهربائية تركية الصنع، المصنعة بالكامل في تركيا للدلالة على تطوير تركيا لقدراتها الصناعية في مجال القوتين الناعمة والصلبة العسكرية.
حملت زيارة الرئيس أردوغان الخليجية رسائل ودلالات واضحة ببعديها، السياسي من ناحية والاقتصادي والاستثماري من ناحية أخرى، وأثمرت توقيع مذكرات تفاهم اقتصادية واستثمارية تصل قيمتها إلى 100 مليار دولار في قطاعات عديدة مختلفة، في معادلة ربحية للطرف التركي، كما هي للطرف الخليجي الذي يسعى لتعميق العلاقات لتتعدى البعد التجاري والصناعي، وحتى بُعد التصنيع والصفقات العسكرية، مع تركيا التي باتت لاعبا مؤثرا ومهما في ملفات وأزمات المنطقة، وحتى على المستوى الدولي في التوازنات الصعبة بين الغرب وروسيا؛ ويدل على ذلك تأخير انضمام فنلندا والسويد لعضوية الناتو، ودور تركيا مع الولايات المتحدة وسعي الرئيس بايدن لطمأنة تركيا بشأن صفقة مقاتلاتF-16 ، وربط موافقة تركيا على انضمام السويد لحلف الناتو بإعادة تحريك قبول تركيا عضوا في الاتحاد الأوروبي.
واضح أن الرئيس أردوغان يواجه تحديات كبيرة في الداخل التركي، وأن أولويته في الداخل تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة، وكبح جماح التضخم الذي نجح بخفضه، لينجح تبعا لذلك بوضع حد لارتفاع الأسعار وضعف القوة الشرائية للعملة الوطنية (الليرة) وتراجعها الحاد وغير المسبوق أمام الدولار الأميركي.
أما في الخارج، فالأولوية لاتباع نهج براغماتي يعزز دور ومكانة تركيا من خلال الانفتاح بعيدا عن الأيديولوجية، وتفعيل الواقعية السياسية؛ وذلك لتكريس مكانة وإرث الرئيس أردوغان، الذي حقق عبر صناديق الاقتراع أطول فترة وجود في السلطة، مقارنة بغيره من الرؤساء الأتراك، ولتتكرس معه الأردوغانية السياسية بديلا عن الأتاتوروكية.

أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
0 تعليق