هذا أو مزيد من الطوفانات

بواسطة | نوفمبر 15, 2023

بواسطة | نوفمبر 15, 2023

هذا أو مزيد من الطوفانات

تتناول المقالة الهجمات الصهيونية المتواصلة على غزة، مستعرضةً استمرار المقاومة وتأثيرها على الرأي العام العالمي.

صرخة الصمود وتحدي الاحتلال الصهيوني

ما زالت آلة القتل الصهيونية تمطر الفوسفور الأبيض، وكوكتيلا من القنابل والقذائف الحارقة على غزة العِزّة، والأهدافُ المفضلة عندهم هي المشافي والمراكز الصحية، التي قضوا على المئات من نزلائها، وأخرجوا حتى الآن 22 منها من الخدمة، متعللين بأنها منصات لإطلاق الصواريخ، في حين أن معظمها لا يخضع لسلطة حركة حماس، لكونها تتبع لمنظمات خيرية متعددة الجنسيات؛ وها هم عشرات الأطفال الخدج والنساء في شهور الحمل الأخيرة يلفظون الأنفاس الأخيرة، وتصعد أرواحهم الطاهرة إلى بارئها، وتنزل لعنات السماء على تتار القرن الحادي والعشرين.. واستهداف الغزاة لدور العلاج، هي حيلة العاجز الذي يمارس الابتزاز العاطفي: إما ان ترفعوا الرايات البيض أو نهلك مرضاكم بالمئات.

ولكن دون تمكُّن الصهاينة من كسر شوكة فلسطينيي غزة خرط القتاد، فجيش إسرائيل الذي يحتل المرتبة الـ17 في قائمة أقوى جيوش العالم، بميزانية سنوية تناهز 24 مليار دولار- منها 3.8 مليار دولار هدية سنوية من الولايات المتحدة- والذي يفوق عديد أفراده واحتياطييه عديد سكان غزة مجتمعين، والذي حشد 360 ألف جندي لاجتياح غزة لتفريغها من السكان كما هو معلن، هذا الجيش ما زال عاجزا عن كسر شوكة الأشاوس، الذين انبروا للدفاع عن أرضهم التي تعرضت للدنس طويلا، والذين انتزعوا النصر والأمل من فك الانكسار واليأس، بعملية طوفان الأقصى الباسلة، في السابع من أكتوبر المنصرم؛ وهؤلاء الأشاوس ما زالوا قابضين على جمر القضية، وأيديهم على أزندة بنادقهم، يسومون المعتدي الباغي سوء العذاب.

أما الجبهة التي انتصرت فيها حركة حماس كما لم يفعل أي فصيل فلسطيني، بمن فيهم الفصائل التي باعت جوهر القضية في منابر أوسلو ومدريد ابتغاء مرضاة الدول الغربية، فهي جبهة الرأي العام العالمي؛ فمدن أمريكا وأوروبا الكبرى، والعديد من العواصم الأفريقية والآسيوية اشتعلت غضبا، فخرجت جماهيرها هادرة لنصرة حق الشعب الفلسطيني في العيش الكريم على أرض الأجداد، فقد صار العالم مدركا أنه ومنذ أن عرفت البشرية علم الخرائط، كانت هناك فلسطين، وأن الكيان المسمى بإسرائيل طفيل خبيث، زرعته القوى الكبرى بعد الحرب العالمية الثانية على أرض فلسطين فصار فيها سرطانا، وشرع يفتك بالجسم الذي سكن فيه؛ ومن أراد أن يرى كيف تتفاعل شعوب العالم مع حرب إسرائيل على غزة، فليبتعد عن قنوات التضليل الإعلامي من شاكلة (سي إن إن) و(بي بي سي)؛ فتطبيق تك توك على الهواتف فيه عشرات مقاطع الفيديو لجماهير تهدر كالسيول وبكل اللغات مناصَرَة لأهل غزة، واستنكارا للمعتدي العُتُل الزنيم، بينما لم يخرج موكب واحد يبرر بربرية إسرائيل، فوسائل التواصل الاجتماعي حررت الشعوب من إسار الإعلام الحكومي، ومن ثم لم يشترِ أهل بريطانيا ترهات رئيس وزراء بلادهم ريشي سوناك، الذي قلبه على إسرائيل صنيعة بلاده ويرمي حماس بالإرهاب، ولا اشترى الأمريكان خطرفات الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي لا يملك ذرة من الحياء تجعله يميز بين الضحية والجاني.. والرسالة البليغة التي ينبغي أن يضعها أهل غزة في بريد العصابة الحاكمة في تل أبيب هي:
لن تفلت الأفعى وإن حشدت أساطيل الجحيم وحصنت أوكارها
الثورة الشعبية الكبرى تغذت بالدماء
وأضرمت فوق المآذن نارها
والنصر حف بها وباركت الشعوب مسارها
ويل لكم من غضبة الحق الأنوف وثورة الحق الجليلة
ستظل وقفتنا بخط النار رائعة طويلة
سنعلِّم التاريخ ما معنى الصمود وما البطولة
سنذيقكم جرحا بجرح
ودماً بدمٍ
والظلم ليلته قصيرة
ومؤدى الرسالة هو أن قيام وطن فلسطيني حر ومستقل وذي سيادة كاملة على أراضيه، أمر لا مساومة حوله، وإلا فستكون هناك طوفانات كثيرة جارفة، تجعل كل صهيوني يصرخ: أمي أبي أدركاني، فيعود إلى حيث أتى من أوربا وروسيا والولايات المتحدة طلبا للأمان.

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...