
“هذا ما سُمح بنشره.. وللحديث بقية”
بقلم: هديل رشاد
| 27 مايو, 2024

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: هديل رشاد
| 27 مايو, 2024
“هذا ما سُمح بنشره.. وللحديث بقية”
هذا ما سمح بنشره.. وللحديث بقية”.. بهذه الجملة خُتم فيديو بثه الإعلام العسكري لكتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، يُظهر أحد المجاهدين ينتعل نعلاً بنيّاً ليس مدبوغا بأي علامة تجارية شهيرة، ويرتدي بنطالا قصيرا، يقوم بسحل أحد جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي بكل عدته وعتاده.
الجندي هو واحد من الذين وقعوا ما بين قتيل وأسير في كمين مركب ومحكم، نصبه مجاهدون ينتمون لـ”حماس” عصر السبت في جباليا، حينما استدرجوا قوة للاحتلال إلى أحد الأنفاق، وأدى ذلك إلى قتل وأسر جميع أفراد القوة، بحسب ما أعلنه أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”.
ولعل من المهم التوقف عند هذه الجملة: “هذا ما سمح بنشره… وللحديث بقية”، التي لم تستخدم عبثاً، بل جاءت مع سبق الإصرار والترصد؛ والذي يؤكد ما أقول هو المنهج الذي تتبناه كتائب الشهيد عز الدين القسام في إدارتها للمعركة تكتيكياً ولوجستياً، منذ اليوم الأول لعملية “طوفان الأقصى”، التي شنتها حركة المقاومة الإسلامية “حماس” على إسرائيل في السابع من أكتوبر الماضي، فالحروب هذه لا تعتمد على البندقية والدبابة فقط، بل إنها حروبٌ إدارتُها مستنبطة ومستوحاة من النهج الإسلامي، الذي يؤمن بأنَّ الحرب خدعة، ويؤمن بضرورة اللعب على الوتر النفسي للعدو، الذي قد يكون أشد إيلاماً لتأثيره في إثارة القلق والهلع والتوتر في صفوفه، وهذا بالفعل ما تمارسه حركة المقاومة الإسلامية “حماس” منذ اليوم الأول لهجومها التاريخي على إسرائيل، فهي تسير بخطين متوازيين في منهجها القتالي مع جيش الاحتلال الإسرائيلي.
فإلى جانب المواجهة العسكرية، هي لا تغفل عن الحرب المعنوية أو الحرب الباردة أو الحرب النفسية، فلتسمّوها كما يحلو لكم، ومهما اختلف متخصصو اللغة بتسميتها فإنَّ علم النفس الاجتماعي وعلم النفس العسكري اتفقا على أنها “شكل من أشكال الصراع الذي يهدف إلى التأثير في الخصم وإضعاف معنوياته وتوجيه فكره وعقيدته وآرائه، لإحلال أفكار أخرى مكانها تكون في خدمة الطرف الذي يشن الحرب النفسية”؛ وفي هذا السياق نستذكر قول البروفسور رجدار داکروس، رائد الحرب النفسية في بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية: “إن من أهم أهداف الحرب النفسية: تحطيم قيم وأخلاقيات الشعب الذي تُوجّه إليه الحرب النفسية، إرباك نظرة الشعب السياسية وقتل معتقداته كافة ومُثُله التي يؤمن بها، قصف الشعب بـ”الدروس والمثُل” الجديدة ليؤمن بها بعد ذلك، توسيع شقة الخلاف بين الحكومات وشعوبها، وغرس بذور الفرقة بين أبناء الشعب الواحد”.
وإذا ما نظرنا إلى ما قاله داكروس سنجده واقعاً على أرض غزة، فهدف المقاومة لم يكن أبداً محدود الرؤى، بل هو حزمة من الأهداف تتمثل في المقام الأول بإضعاف قوة جيش الاحتلال الإسرائيلي على أرض المعركة، ودب الرعب في صفوف الجنود الذين يحاربون من وراء جُدر ولم يُنازلوا المجاهدين نزالاً مباشراً من مسافة صفر، فضلا عن إحلال أفكار أخرى في ذهن الشعب الإسرائيلي، وخاصة المناهضين لاستمرار الحرب الحالية في غزة خشيةً على ذويهم، سواء من هم في الأسر أو من يقاتلون في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي، إذ إنَّه مع كل تصريح أو بيان يصدر عن قادة “حماس” تتصاعد وتيرة زعزعة ثقة المجتمع الإسرائيلي بحكومته، كما تتصاعد المطالبات بإقالة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المستأثر برأيه بدعم المتطرف إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي الإسرائيلي، ووزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش.
إنَّ المشهد الذي بثه الجناح العسكري لكتائب الشهيد عز الدين القسام أعاد إلى الأذهان أحد أهم الأمثلة على الحرب النفسية، عندما أوهم القائد العسكري المسلم خالد بن الوليد خصومه الروم في معركة مؤتة، أن جيش المسلمين بات الليل يستقبل المدد؛ ثم في اليوم التالي استدرجهم إلى كمين أعدّه لهم وراء تلة، وهذا فعلياً ما قام بتنفيذه مجاهدو المقاومة بجيش الاحتلال الإسرائيلي، إذ قاموا باستدراج قوة للاحتلال إلى أحد الأنفاق ليُسقطوا أفرادها بين قتيل وأسير، الخبر الذي نزل كالصاعقة على رأس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فتطلب الأمر إصدار الجيش الإسرائيلي بياناً مقتضباً لينفي فيه أن تكون قواته قد تعرضت لأي حادث اختطاف لعدد من جنوده، سيما وأنهم لا يزالون يحيون نشوة ما وصفوه بالنصر العظيم، بعد نبش القبور واستخراج رفات عدد من أسراهم من غزة الأسبوع الماضي.
لكن الذي لم يدع مجالا للشك في صحة خبر ما قام به المقاومون هو الفيديو المصور لأبي عبيدة، وعرض عدة وعتاد الجنود الإسرائيليين الذين تم قتلهم وأسرهم لدى المقاومة، لتصدح مكبرات المآذن في الضفة الغربية بتكبيرات العيد فرحاً بهذا الإنجاز، فيما خرجت مظاهرات عفوية في عدد من الدول والمناطق، كمخيم نهر البارد في لبنان وبعض مناطق المملكة الأردنية الهاشمية، في رسالة واضحة بأنهم دوما في نصرة المقاومة وفي نصرة القضية الفلسطينية، مؤمنون بحق العودة مهما طال الزمن.
ختاما..
استطاعت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” إجادة الحرب النفسية بمقدار إجادتها إدارة الحرب لوجستياً، بالاستناد إلى قادة ومحللين عسكريين، لإيمانها بأنها لا تقل أهمية عن المواجهة القتالية في تغيير نتائج المعركة، خاصة في الحرب الدائرة في قطاع غزة، إذ من المهم زرع بذور الفرقة والانقسام بين مجلس الحرب والمجتمع الإسرائيلي، لعرقلة مساعيه في السيطرة الكلية على غزة، وقلب الطاولة عليه من داخل مجتمعه.
2 التعليقات
إرسال تعليق
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
أكاد أجزم بأن قلمك لا يقل بأسا عن صواريخ القسّام .
إن مثل هذه المقالات التي تسطر بطولات مقاتلينا الأشدّاء على أرض فلسطين و توثقها كما وثقتها عدسات التصوير .. لهي تأريخ لانتصارات جند الله على أرض المعركة ، و قد تصبح مرجعاً مهما لجيل المستقبل القادم
عندما تروى له قصص النصر و الاستبسال في سبيل تحرير أرضنا الطاهره من براثن هؤلاء الأوغاد الطغاة .
استمري كاتبتنا العزيزة في توثيق الحدث و تصويره .. فهناك أجيال قادمة تحتاج أن تعرف الحقيقة بلسان من عاصرها
بداية أهنئكي على العودة التي طالت ولعل المانع خير يإذن الله .. ثانيا كما إعتدنا من مقالات وهو الإبداع دائما وفعلا حماس استطاعت إدارة الحرب نفسيا ولولا الخذلان المحيط بها لسحقة الكيان خلال أقل من ثلاثة أسابيع أو أقل إن لم أكن ميالغا بالحكم مع عدم إطلاق رصاصة واحدة على الكيان.. مجرد عرضهم للفيدوهات التي قامو بانتاجها