هل أثّرت الحضارات القديمة فينا؟
بقلم: د. جاسم الجزاع
| 11 فبراير, 2024
مقالات مشابهة
-
سقوط حلب.. في سياسة الحمدانيين
شهدت مدينة حلب السورية الشهيرة حدثًا بارزًا في...
-
الناقد ومراوغة النص..
استكشاف حالة التقييم المراوغة.. تلك التي ترفض...
-
شكرا للأعداء!
في كتاب "الآداب الشرعية" لابن مفلح، وكتاب "سراج...
-
“سيد اللعبة”.. قصة هنري كيسنجر ودوره في الشرق الأوسط (1)
عندما كنت أحضّر حلقة وثائقية من برنامج مذكرات عن...
-
11 سبتمبر.. هل استوعبت أمريكا الدرس؟
بعد مرور أكثر من عقدين على أحداث 11 سبتمبر 2001،...
-
أبناء الله وأحباؤه
يروى أن رجلاً كان لديه خاتم الحكمة، فقرر إذ مرض...
مقالات منوعة
بقلم: د. جاسم الجزاع
| 11 فبراير, 2024
هل أثّرت الحضارات القديمة فينا؟
تأثير الحضارات القديمة يظل حاضرًا في العالم المعاصر، فقد تركت آثارًا متعددة في العلوم، الفنون، والقيم الإنسانية.
الحضارات كالمصرية واليونانية شكلت أسسًا للحضارات الحديثة، وما زالت تسهم في تطوير المجتمعات والثقافات المعاصرة.
تأثير الحضارات القديمة على العالم المعاصر – إرث مستمر
تعني كلمة “حضارة” كل ما نجح الإنسان في إنتاجه ماديًّا أو عقليًّا نتيجة تفاعل الجماعة مع البيئة التي يعيش فيها؛ ويطلق البعض على النتائج المادية مصطلح “مدنيَّة”، وعلى النتائج العقلية مصطلح “ثقافة”. وتُعتبر الحياة الدينية والسياسية والاقتصادية والفكرية والاجتماعية لأي شعب بمثابة مظاهر لحضارته وتقدمه في سائر المجالات.
وقد مر على التاريخ الإنساني والوجود البشري العديد من الحضارات القديمة، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن.. هل ما زال لتلك الحضارات تأثير في حياتنا المعاصرة؟
فالحضارة المصرية القديمة – مثلاً- هي أقدم حضارات العالم، وقد تركت لنا إرثاً عظيماً من آثار، ومعابد، وأهرامات، ومسلات، وتماثيل، وتوابيت، ولوحات، وغيرها، وهي ما زالت لغزًا يحيّر علماء الآثار في العالم.
وقد تم العثور على الكثير من البرديات، التي أثبتت أن المصريين القدماء أجادوا صناعة سبعة أصناف من الورق مصنوعة من نبات البردي، وقد استغلوا هذا الورق في تدوين العلوم والآداب، وكل مظاهر الحياة؛ وكلمة “paper” (وهي بمعنى ورق)، مشتقة من الكلمة اللاتينية، ومنها الكلمة اليونانية “papyrus” وتعني نبات البردي.
وقد وضع المصريون القدماء التقويم الشمسي الذي ما زال قائمًا حتى وقتنا الحالي، والذي يُعرف بالتقويم الميلادي .
وفي مجال الطب توصل المصريون إلى معرفة الكثير عن جسم الإنسان، وأمراضه، وطرق علاجه، وقد تركوا لنا الكثير من معلوماتهم في كتاب (لفائف من ورق البردي)، منها معلومات متقدمة جدًا بالنسبة لزمنهم؛ ومن بين ما تركوه كتاب قيّم يعالج تشريح الجسم الإنساني، ثم يشخص ما يصيب الأعضاء من أمراض، ويتكلم عن الجروح وعلاجها، وذلك بطريقة علمية سليمة، وهو لذلك يعتبر أول كتاب علمي في الجراحة.
وقد عرف المصريون القدماء التزيُّن، وكان الرجل يقص شعره ويحلق ذقنه، ولكنه في بعض المناسبات كان يلبس شعرًا مستعارًا. وكانت المُصارعة هي رياضتهم الأولى، وأحب المصريون الألعاب التي تحتاج لإعمال الفكر، منها ما هو شبيه بلعبة الشطرنج الحالية؛ ومارس المصريون رياضة الفروسية، واصطادوا الأسود والسباع، وعرفوا الموسيقا وأقبلوا عليها.
وفي بلاد العراق ظهرت حضارات السومريين والبابليين والآشوريين، وفي سوريا ظهرت حضارات العموريين والفينيقيين والآراميين، وفي بلاد اليمن ظهرت حضارات زاهرة تركت آثارًا عظيمة لا تزال آثارها باقية إلى اليوم.
وقد كانت لهذه الحضارات تأثيرات عظيمة على العالم؛ فقد علَّمت الدنيا أصول الزراعة، وبفضل الزراعة شُيدت القرى، وظهرت المدن والأقاليم، وأقيمت الأسواق ونشأت الحكومات المركزية، ونُظم الحكم والإدارة وفلسفة القيادة .
وعلمت هذه الحضارات العالمَ طرق استخراج المعادن، وسبكها، وصناعة الآلات والأدوات التي استخدمها الإنسان في جميع نواحي الحياة. وقد اخترعت هذه الحضارات المحراث الذي ساعد على توسيع رقعة الأرض الزراعية وزيادة الإنتاج، واخترعت السفن الضخمة ذات الشراع، والمركبات ذات العجلات، التي ساعدت على انتقال الناس والسلع، وربطت بين أجزاء الوطن العربي؛ كما اخترعت المغزل الذي ساعد على صناعة الأقمشة والملابس.
ومن الناحية الدينية، فقد كان الوطن العربي مهد الديانات السماوية الثلاث، التي هذبت نفوس الناس وقامت بتزكيتهم؛ ففي صحراء سيناء كلم الله موسى، وفي فلسطين نشأ السيد المسيح، وعلى يده ظهرت المسيحية الداعية إلى الرحمة، والتسامح، والإخاء، والسلام؛ وفي مكة نشأ محمد ﷺ، ودعا إلى رسالة التوحيد الخالص، والإيمان بالله.. وإننا ما زلنا نسير على نهج تلك الرسالة، المكملة لمشروع الأنبياء والرسل الأوائل.
وفي بلاد اليونان ظهرت الحضارة الإغريقية، التي أخذت عنها أوروبا أصول حضارتها الحالية، ولعل فكرة الديمقراطية تشكل أعظم ما قدمته أثينا للإنسانية، رغم اختلاف مفهومها عن معنى الديمقراطية في عصرنا الحاضر.
والشاهد أن الحضارات القديمة، وخصوصا الشرقية منها، قد ساهمت في الارتقاء بالحضارة الإنسانية الحالية، وما زال تأثير تلك الحضارات باقيًا وإسهاماتها مستمرة حتى وقتنا الحالي، بما تركته لنا من آثار وفنون، وعلوم وطب وهندسة، وفلسفة وتشريعات، وحتى رياضات جسدية وألعاب قوى وغيرها.. فهي تُعتبر الأساس الذي بُنيت عليه المجتمعات والحضارات المعاصرة.
أكاديمي كويتي
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
لعنة الصحافة من “فوزية” لـ “هنيدي”!
لن يعرف قيمة أمه، إلا من يسوقه حظه العاثر للتعامل مع زوجة أبيه، ولن يعرف قيمة الدكتورة فوزية عبد الستار، إلا من يجد نفسه مضطراً للاشتباك مع إبراهيم الهنيدي. الأولى كانت رئيسة لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس الشعب المصري حتى برلمان 1995، والثاني هو رئيس اللجنة...
سقوط حلب.. في سياسة الحمدانيين
شهدت مدينة حلب السورية الشهيرة حدثًا بارزًا في تاريخها السياسي والاجتماعي، تمثل في سقوطها بيد العسكرة الإمبراطورية البيزنطية في القرن الرابع الهجري، وجاء في إطار الصراع السياسي والعسكري المستمر بين الإمبراطورية البيزنطية والدولة الحمدانية العربية، التي كانت تسيطر على...
الناقد ومراوغة النص..
استكشاف حالة التقييم المراوغة.. تلك التي ترفض الانصياع للقانون الأدبي لتكون حرة طليقة لايحكمها شيء.. وتحكم هي بمزاجها ما حولها.. تأطيرها في قانون متفق عليه لتخرج من كونها حكما مزاجيا، وتدخل عالم التدرج الوظيفي الإبداعي الذي نستطيع أن نتعامل معه ونقبل منه الحكم على...
0 تعليق