هل اقترب موعد تهجير الفلسطينيين إلى مصر؟

بواسطة | أبريل 19, 2024

بواسطة | أبريل 19, 2024

هل اقترب موعد تهجير الفلسطينيين إلى مصر؟

مع تزايد وتيرة عمليات القصف فوق رؤوس المدنيين، التي يقوم بها جيش الاحتلال الصهيوني في مدينة رفح، عاد إلى الواجهات السياسية والإعلامية من جديد الحديث حول التخوّف من أن يؤدي تصاعد هذه العمليات إلى إجبار قسم كبير من السكان، الذين يصل عددهم إلى مليون ونصف المليون نسمة، على اقتحام السور الحدودي والعبور إلى الأراضي المصرية.

ويعتبر هذا الأمر أحد أخطر السيناريوهات التي تناقلها العديد من مسؤولي الكيان الصهيوني والمراكز البحثية والخبراء والمحللين، وهو سيناريو كان من الممكن وقوعه قبل عدة أشهر، ولكن تم إرجاؤه بحسب تقديرات قادة الكيان الصهيوني، ويبدو أن وقوعه أصبح وشيكاً كنتيجة شبه حتمية للهجوم الكبير، الذي قرر زعيم الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو القيام به، رغم الاعتراضات والتحذيرات الإقليمية والدولية والأممية من مغبة القيام بذلك.

جاءت تصريحات الوزير سامح شكري بمثابة الضوء الأخضر للكيان الصهيوني، بأن مصر ستقوم بما ينبغي عليها القيام به في حال اقتحم الفلسطينيون الحدود، وعبروا إلى الأراضي المصرية.

رسائل واضحة

بالأمس وجّهت بيكي أندرسون، المذيعة في شبكة “سي إن إن”، سؤالين في غاية الدقة والتحديد لوزير الخارجية المصري سامح شكري:

الأول: هل ستقبل مصر أي فلسطيني يهرب من غزة، ولو بشكل مؤقت؟.. وعندما لم تقتنع أندرسون بإجابة الوزير الدبلوماسية، أعادت عليه السؤال مرة أخرى بصيغة مختلفة على النحو التالي:

الثاني: إذا كان من مصلحة الشعب الفلسطيني في رفح، فتح بوابة الحدود مؤقتاً، لتجنب خسائر مدنية إضافية ناجمة عن الهجوم الإسرائيلي، فهل هذا خيار وارد؟

وبقدر ما كانت الأسئلة دقيقة ومحددة، كانت إجابات الوزير دبلوماسية عامة وعائمة، تركّزت حول الإشارة إلى تاريخ القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، والمواثيق الدولية وموقف المجتمع الدولي وحل الدولتين؛ وجميع ذلك ليس له أي اعتبار في حسابات زعيم الكيان الصهيوني ومجلس حربه، الذي لم يعط المجتمع الدولي والأمم المتحدة والقوانين الدولية والإنسانية أي اهتمام، ويواصل حربَ الإبادة الجماعية الشاملة في قطاع غزة منذ أكثر من ستة أشهر.

لم يصدر عن الوزير المصري أي موقف واضح ومحدد، ينطلق من تصريحات القيادة المصرية السابقة بأن مثل هذا العمل يُعتبر تهديداً للأمن القومي المصري، وما يمكن فهمه من كلام الوزير بأنه إذا اجتاز الفلسطينيون الحدود ودخلوا الأراضي المصرية، فستتعامل مصر مع ذلك بـ”الأسلوب المناسب والإنساني” – على حد قوله- وفقاً لما يقتضيه الموقف في حينه، فمصر -على حد قول الوزير- “ظلت طوال الـ75 عامًا الماضية تراعي مصالح الشعب الفلسطيني وتعطيها الأولوية، وستواصل القيام بذلك”.

وقد جاءت هذه الأسئلة تعقيباً على تصريحات فيليبو غراندي، مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، في مقر الأمم المتحدة، التي أدلى بها لوكالة رويترز يوم الجمعة الماضي ١٢ أبريل/ نيسان، وذكر فيها أن “احتمال عبور سكان غزة إلى مصر من مدينة رفح الحدودية للهروب من هجوم عسكري؛ سيجعل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني مستحيلاً، ويسبب معضلة فظيعة للأشخاص الفارين”، مؤكداً على أن ذلك “سيجعل حلّ قضية اللاجئين الفلسطينيين مستحيلاً”. ودعا غراندي العالم لفعل كل شيء لتجنب حدوث مثل هذا التدفق.

وأوضح غراندي أن المفوضية تقوم حالياً بتخزين الخيام والإمدادات، وتعمل مع دول المنطقة على وضع خطط الطوارئ الخاصة باحتمال عبور سكان غزة إلى الأراضي المصرية، مبدياً تخوّفه ليس من إمكانية التدفق إلى الخارج، وإنما من احتمال توسّع الصراع.. إلا أن الأخير يعتبر احتمالاً غير وارد على الإطلاق، لأنه لو كان كذلك لما وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه اليوم.

وقد سبق لغراندي على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن في فبراير/ شباط الماضي، أن حذّر من أن عبور الفلسطينيين إلى مصر “سيكون كارثة عليهم، وكارثة على مصر، وكارثة على مستقبل السلام”.

غراندي: المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تقوم حالياً بتخزين الخيام والإمدادات، وتعمل مع دول المنطقة على وضع خطط الطوارئ الخاصة باحتمال عبور سكان غزة إلى الأراضي المصرية.

– أخماس وأسداس

لم يحرك العالم ساكناً إزاء هذه التحذيرات التي أدلى بها المسؤول الأممي المختص والمطلع، فيليبو غراندي، للحيلولة دون قيام الكيان الصهيوني بهذه الجريمة المرتقبة على أعين الأشهاد، وكأن ذلك يبعث برسائل واضحة لقيادة الكيان كي تمضي قدماً في تنفيذ هجومها على رفح، هذا الهجوم الذي يزعم الكيان الصهيوني أنه يقوم به بهدف القضاء على حركة حماس، في حين أن مؤشرات عديدة تؤكد أن هذا الهدف وهمي، وأن الهدف الحقيقي هو البدء بتنفيذ خطة تهجير الفلسطينيين – أو الجزء الأكبر منهم- بالتزامن مع تشغيل الرصيف العائم، واستكمال إنشاء معسكرات الإيواء على الساحل الغربي لقطاع غزة.

وقد جاءت تصريحات الوزير سامح شكري بمثابة الضوء الأخضر للكيان الصهيوني، بأن مصر ستقوم بما ينبغي عليها القيام به في حال اقتحم الفلسطينيون الحدود وعبروا إلى الأراضي المصرية.

انتفض الغرب دفعة واحدة – وفي مقدمته الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وألمانيا وفرنسا- في وجه إيران، بعد الهجمات التي قامت بها ضد الكيان الصهيوني قبل أيام، رداً على قصفه للقنصلية الإيرانية في دمشق.. لم يسقط في تلك الهجمات أي قتيل للكيان الصهيوني، ومع ذلك سارع مجلس الأمن إلى الانعقاد بصورة طارئة في يوم إجازته، ليندد بهذه الهجمات؛ وتوالت الإدانات التي كان آخرها البيان الذي وقّعت عليه اليوم ٤٥ دولة غربية، بالإضافة إلى اليابان وكوريا الشمالية وألبانيا، وقد جاء هذا البيان في أعقاب مطالبة وزير الخارجية البريطاني، ديفيد كاميرون، بضرورة إظهار جبهة موحدة لتنسيق العقوبات ضد إيران.. وجميع هذه الدول لم يصدر عنها بنت شفه تعقيباً على ضرب الكيان الصهيوني للقنصلية الإيرانية في دمشق.

يحدث هذا بينما لا تزال الدول العربية والإسلامية منشغلة، تضرب الأخماس بالأسداس في ترقُّب الهجوم على رفح وما بعده، وما بعد القضاء على حماس، وما بعد انتهاء الحرب.

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...