هل  الأونروا آخر أوراق لعب إسرائيل!؟

بواسطة | فبراير 5, 2024

بواسطة | فبراير 5, 2024

هل  الأونروا آخر أوراق لعب إسرائيل!؟

تتناول هذه المقالة استراتيجية الحرب النفسية التي تنتهجها إسرائيل في حروبها على سكان قطاع غزة، مسلطة الضوء على الأدوات الإعلامية والتكتيكات الدعائية التي تستخدمها للتأثير في معنويات الفلسطينيين.

الحرب النفسية الإسرائيلية – استخدام الأدوات الإعلامية لتأثير معنويات الفلسطينيين

تعد الحرب النفسية أحد الأساليب التي تندرج تحتها حزمة من الوسائل والإجراءات الدعائية أو غير الدعائية، المتاحة لطرف معين للتأثير في معنويات طرف آخر للنيل من عزيمته وإرادته وأساليب تفكيره، وهذا بالفعل ما تمارسه إسرائيل بشكل واضح في حربها على سكان قطاع غزة العزل منذ قرابة أربعة أشهر، إلى جانب حربها الميدانية.

إذ إنها لا تألو جهداً في اللعب بكافة الأوراق لتحفظ بقية ماء وجهها، الذي أريق منذ أولى كذباتها، التي روجت لها عبر كبريات وسائل الإعلام الغربية، بدءاً بمقولة تقطيع رؤوس الأطفال من قبل رجال المقاومة الفلسطينية حماس، وصولاً إلى ادعائها بمشاركة اثني عشر من موظفي وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى “الأونروا” في غزة بطوفان الأقصى.

وقد يرى البعض أنَّه من غير المنطقي وصف الادعاء بالكذبة، طالما أن نتائج التحقيق الذي تجريه بعض اللجان المتخصصة في الأمم المتحدة لم تصدر بعد، إلا أنني أرى ذلك، حتى وإن ثبت صدق هذه الادعاءات، يعد ضمن الحرب النفسية التي عادة ما تمارَس في الحروب كأحد الأسلحة الفعالة، جنبا إلى جنب مع الحرب الميدانية.

وباعتقادي، فإنَّ ما جاءت به إسرائيل قد أسهم إلى حد ما في زعزعة ما تبقى للفلسطينيين من أمل وأمان، خاصة وأنَّ هذه الادعاءات جلبت معها نكبة جديدة من نوع آخر، وهو أن ما لايقل عن 12 دولة من الدول الأعضاء المانحة – وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية- قد أوقفت تمويلها للأونروا، التي تقدم خدماتها لقرابة 2.2  مليون شخص في قطاع غزة بشكل عاجل، ثم إنَّ دور “الأونروا” لا يقتصر على قطاع غزة فقط، بل هناك أكثر من 5.7 مليون لاجئ مسجلين لدى وكالة الغوث، موزعين على أراضي الضفة الغربية (التي تشمل القدس الشرقية) ولبنان والأردن وسوريا، يستفيدون من خدماتها الصحية والتعليمية.

فضلا عن ذلك فإن نسبة البطالة داخل المخيمات، التي كانت قبل السابع من أكتوبر تزيد عن 35%، قد تضاعفت الآن؛ سيما وأن الغالبية العظمى من سكان المخيمات الذين كانوا يعملون في الداخل الفلسطيني المحتل – الخاضع لسلطة الاحتلال- توقفوا عن العمل، وبالتالي ستزداد الظروف صعوبة مع وقف تمويل “الأونروا”.. كما أنَّ هذه الادعاءات ستزيد من أمد الحرب وتشتيت الرأي العام، وبالتالي ستكمل إسرائيل حربها التدميرية على قطاع غزة، لتصفية القضية الفلسطينية وتشريد وتهجير الفلسطينيين وإنهاء حق العودة.

وحتى نبلغ الحياد، فليس عيبا أن نعترف بأنَّ هذه الادعاءات أصابت سكان قطاع غزة في مقتل، لانعكاسها على شريان حياتهم الأخير مع تخلّي الشقيقة الكبرى عنها، إلا أنها أيضا كشفت الجانب الذي تحاول إسرائيل أن تخفيه دوما، وهو أنّ توقيت ادعائها جاء بعد قرابة أسبوع من قرار محكمة العدل الدولية، وهذا حتى وإن كان هزيلاً ولا يقارن بقرار سابق للمحكمة حيال روسيا في حربها على أوكرانيا، إلا أنَّ له اعتباره.

فقبول محكمة العدل الدولية لدعوى جنوب أفريقيا، وبالتالي قبولها ضمنيا ما جاء بالدعوى من ارتكاب إسرائيل لجرائم إبادة جماعية بحق سكان قطاع غزة، طوّقها بسياج العزلة وجعلها تقف موقف المدافع عن نفسها، وهو الذي لم يحصل من قبل أبداً، وهذا ما أشار إليه الدكتور بهاء أبو كروم، أحد المسؤولين عن الملف الفلسطيني في الحزب التقدمي الاشتراكي، إذ قال: “إن إسرائيل تعيش في مأزق جراء مثولها أمام محكمة العدل الدولية، وبالتالي جاءت ردة فعلها على هذا القرار واتهام بعض الأعضاء من الأونروا، وهو اتهام قديم وليس جديدا، إلا أن إخراجه للعلن جاء بعد المحاكمة”. وكأنها – أي إسرائيل- تلعب بالوقت بدل الضائع، لتحافظ على صورتها كدولة ديمقراطية تنبذ الحرب، وتمد يدها الملطخة بالدم الفلسطيني بالسلام!.

خـــتامــا…

مع كتابتي للمقال بثت قناة الجزيرة خبرا، مفاده أن رئيس مجلس النواب الأمريكي مايكل جونسون يكشف عن تشريع، يقضي بتقديم مساعدات عسكرية جديدة بقيمة 17 مليار دولار لإسرائيل في إطار حربها على غزة، وستستخدم هذه الأموال في تحديث أنظمة الدفاع الصاروخية الإسرائيلية، وشراء أنظمة أسلحة متقدمة، وإنتاج المدفعية والذخائر.. هذا ما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية علناً، في ظل  إعلانها وقف التمويل لـ”الأونروا” لأنها دولة ضد الإرهاب وعليها تجفيف منابعه!!.

1 تعليق

  1. Lady Gaga

    الكاتبه المتألقه هديل
    أود أن أشكرك على الجهد الذي تبذلينه لإيصال (قضية الشرفاء – قضية فلسطين) لأكبر عدد ممكن من القرّاء .
    لعل كتاباتك و بما فيها من نضج فكري تكون مصدر إلهام و شرارة البدء في الوقوف بشراسة أمام العدو المغتصب و الثلة السافرة التي تسانده للدفاع بضراوة عن حقنا المسلوب في الأرض و الحياة .

    الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

حرب إسرائيل على أطفال فلسطين

"رأيت أطفالًا محروقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، رأيت أشلاء أطفال ممزقة".. هذه كلمات الدكتور مارك بيرلماتر، طبيب يهودي أمريكي، في شهادته حول العدوان الإسرائيلي على غزة. في مقابلة له على قناة CBS، قدم الدكتور بيرلماتر وصفًا صادمًا لمعاناة أطفال غزة.. الدكتور...

قراءة المزيد
جريمة اسمها التعليم!

جريمة اسمها التعليم!

قالوا قديمًا: "عندما نبني مدرسة، فإننا بذلك نغلق سجنًا".. وذلك لأن المدرسة في رأيهم تنير الفكر، وتغذي العقل، وتقوِّم السلوك؛ وذهب بعضهم إلى قياس تحضر الدول والشعوب بعدد مدارسها وجامعاتها. ومع إيماني الخالص بقيمة العلم وفريضة التعلم، فإنني أقف موقفًا معاديًا تجاه مسألة...

قراءة المزيد
أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

أيُضلُّ الإنسان نفسه أم يُكتب عليه الضلال جبراً؟

لطالما كان اختيار الإنسان لطريق الهداية أو الضلال معضلةً، طرحت الكثير من التساؤلات عن مدى مسؤولية الإنسان نفسه عن ذلك الاختيار في ظل الإيمان بعقيدة القضاء والقدر، وكيف يمكن التوفيق بين مسؤولية الإنسان عن هداه وضلاله، وبين الإرادة والقدرة الإلهية، وما يترتب عليها من...

قراءة المزيد
Loading...