هل تصلح أقدمية السكنى لإثبات الحق الفلسطيني؟
بقلم: احسان الفقيه
| 28 مايو, 2024
مقالات مشابهة
-
الطّفلُ المرعوب.. الجَمِيع يُشاهِدون
بجسدٍ نحيل، لطفلٍ لم يتعرّف إليه أحد، وببنطالٍ...
-
أطفال غزة يصافحون الموت
إنَّ الحرب الجائرة على سكان قطاع غزة لم تخلق...
-
لعنة الصحافة من “فوزية” لـ “هنيدي”!
لن يعرف قيمة أمه، إلا من يسوقه حظه العاثر...
-
سقوط حلب.. في سياسة الحمدانيين
شهدت مدينة حلب السورية الشهيرة حدثًا بارزًا في...
-
الناقد ومراوغة النص..
استكشاف حالة التقييم المراوغة.. تلك التي ترفض...
-
شكرا للأعداء!
في كتاب "الآداب الشرعية" لابن مفلح، وكتاب "سراج...
مقالات منوعة
بقلم: احسان الفقيه
| 28 مايو, 2024
هل تصلح أقدمية السكنى لإثبات الحق الفلسطيني؟
بذل الصهاينة جهدًا كبيرًا بالحفريات في فلسطين لإثبات حقهم التاريخي المزعوم، لكنهم فشلوا في تحقيق هذا الهدف، بل جاءت هذه الجهود بنتائج عكسية، إذ أدت إلى إثبات الأثريين للجذور العربية في فلسطين.
قد بات من المقطوع به تاريخيًا، أن الكنعانيين العرب هم أول من سكن فلسطين، وذلك خلال الهجرات العربية المتتابعة إلى فلسطين وسوريا ووادي الرافدين في الألف الثالث قبل الميلاد، فعُرفت باسم أرض كنعان، وهو الاسم المتواتر ذكره في التاريخ، وكذلك الوارد في التوراة نفسها.
أقام الكنعانيون في فلسطين، التي كانت تعرف بسوريا الجنوبية، وأنشؤوا فيها حضارة مزدهرة، وبرعوا في مجالات الزراعة والصناعة والتعدين والثروة الحيوانية، وشق الأنفاق لتأمين وصول المياه، كما عُرفوا بالحصون القوية المنيعة.
فأول من سكن القدس هم اليبوسيون من بطون الكنعانيين، وذلك في منتصف الألفية الثالثة قبل الميلاد، ولذلك سميت “يبوس” نسبة إليهم. وهذا يعني بلا شك، أن الوجود العربي سابق على وجود نبي الله يعقوب (إسرائيل)، بل سابق على وجود الخليل إبراهيم عليه السلام بقرون، وأقول هذا من باب التنزل في الخطاب، وإلا فإن اليهود لا ينتسبون إلى إبراهيم عليه السلام بصفة حصرية، فكما أنه أبو إسحاق ومن بعده يعقوب، فهو أيضا أبو إسماعيل الذي جاءت العرب المستعربة من نسله، ومنهم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.
على الرغم من الفشل الصهيوني في إثبات أقدمية السكنى والحق التاريخي للعودة، فإن الكيان الإسرائيلي استطاع فرض هذا الحق بقوة السلاح. ومع الأسف – وبمنطق المهزوم- تعامل كثيرون من أبناء أمتنا مع قيام دولة الاحتلال على أنه وعد إلهي، وحق تاريخي لليهود في عودتهم إلى فلسطين.
وما يهمني في هذا المقام، تحرير مسألة أراها من الأهمية بمكان، وهي الإجابة عن سؤال يفرض نفسه: هل نعوّل في التعاطي مع القضية الفلسطينية على إثبات أقدمية السكنى للعرب في تقرير الحق الفلسطيني في تلك الأرض؟
على الصعيد الشخصي، كنت أعتمد في هذه المسألة إثبات حق الفلسطينيين في تلك الأرض بإثبات أقدمية السكنى، لكنه قد تبين لي وهن هذا المسلك، لأن اعتماد هذه الطريقة سوف يلزمنا باعتماد المسلك ذاته في الحديث عن حضارة الأندلس مثلا، فإن أقدمية السكنى فيها كانت لنصارى إسبانيا والبرتغال، أو ما يعرف بشبه الجزيرة الإيبيرية.
لكن في الوقت ذاته، ينبغي أن نسلك هذا المسلك من جهة النفي لا من جهة الإثبات، بمعنى أن الصهاينة يدعون الحق التاريخي في فلسطين، فنقوم بتقرير أقدمية السكنى للعرب فيها حتى ندحض مزاعمهم لا لنثبت حقنا في فلسطين، والفرق واضح. ولهذا نظير في الفقه الإسلامي، فالعلماء المعاصرون عندما اختلفوا في حكم إثبات رؤية الهلال بالحسابات الفلكية، ظهر رأي قوي مبني على الاجتهاد، يرى أنه يؤخذ بالحسابات الفلكية لنفي ظهور الهلال لا لإثباته.
أما عن إثبات حق الفلسطينيين في أرضهم، فينبغي أن يعتمد على قاعدة مهمة وهي إلزام المدعي بالبينة، ففلسطين للفلسطينيين هو الأصل، والوجود الإسرائيلي فيها طارئ، فمن الذي ينبغي عليه أن يثبت حقه في الأرض، صاحب الوجود الأصلي أم صاحب الوجود العارض؟! فإن جاؤوا بما يثبت وجودهم التاريخي في فلسطين، جئناهم بما يثبت أن العرب سبقوهم إلى هذه الأرض بقرون.
فعلى ذلك أرى أن إثبات الحق من خلال أقدمية السكنى يصلح في دحض الحق التاريخي لليهود في فلسطين، لا في إثبات الحق التاريخي للفلسطينيين، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
مع الهمجية ضد التمدن
يراوح روسو نظرته النقدية الصارمة للتمدن مقابل التبسط، والفلاحة والريف مقابل التجارة والصناعة، وهكذا يُثني على قصة شعوب أوروبا البسيطة القديمة، بناء على مخالفتها للمدنية التي تحدث عنها في إميل، ولا بد من ربط رؤاه هنا، لوضع نموذج الشعب البسيط غير المثقف، في السياق...
الطّفلُ المرعوب.. الجَمِيع يُشاهِدون
بجسدٍ نحيل، لطفلٍ لم يتعرّف إليه أحد، وببنطالٍ لا يُعرَف له لون لأنّ الطّين غَطّاه كُلَّه، وبجسدٍ عارٍ حال لونُه الطّبيعيّ إلى اللّون المُعفّر، وفي شارعٍ مُجَرّف جرى فيه صوتُ الرّصاص والقذائف فحوّله إلى خطٍّ ترابيّ تتوزّع عليها بقايا أبنيةٍ أو محلاّتٍ مُهدّمة، رفع...
أطفال غزة يصافحون الموت
إنَّ الحرب الجائرة على سكان قطاع غزة لم تخلق أزمة إنسانية فحسب، بل أطلقت العنان أيضا لدوامة من البؤس الإنساني، الذي يدفع فاتورته بصورة يومية أطفال غزة الأموات مع وقف التنفيذ.. فإسرائيل في عملياتها العسكرية- جوية كانت أم برية- في قطاع غزة والضفة الغربية لا تستثني...
0 تعليق