هل لليهود حق الأسبقية في أرض فلسطين؟
بقلم: د. جاسم الجزاع
| 15 أكتوبر, 2023
مقالات مشابهة
-
ذلك يوم عزَّ فيه العرب
" ذلك يوم عز فيه العرب".. هكذا جاءت في المرويات...
-
العلم النافع: أساس التدبّر والتمكين
-
لم يخترع محمد علي الذرة!
أزمة الفنان، والمقاول، محمد علي، مرتبطة بمحنة...
-
الوثنيّة وأسبابُها.. بين يدي ولادة رسول الله صلى الله عليه وسلّم
إلى جانب الجاهليّة التي كانت تمثّل الصّنميّة...
-
دولة تسير إلى حتفها!
عندما يريد الله تعالى أن يهلك الباطل ينصّب عليه...
-
وزارة الحقيقة.. حكاية رواية «1984»
قبل حلول كريسماس عام 1936 بأيام قليلة، دخل صحفي...
مقالات منوعة
بقلم: د. جاسم الجزاع
| 15 أكتوبر, 2023
هل لليهود حق الأسبقية في أرض فلسطين؟
من المقرر عند المؤرخين أن الكنعانيين هم أول الشعوب التي سكنت فلسطين، وهم قبائل عربية هاجرت من الجزيرة العربية واستقرت في فلسطين في الألف الثانية قبل الميلاد، وربما قبل ذلك أيضا، ثم تبعها هجرة ثانية من المكان نفسه، وهي الهجرة اليبوسية، واليبوسيون هم من عرب شبه الجزيرة العربية، وهم فرع من فروع العرب الكنعانيين، وكان أول ملك لهم هو ملَكَي صادق، وهو ملك مدينة القدس أو شاليم أو أورشاليم، وذُكر في الإنجيل في العهد القديم والعهد الجديد، وملكي صادق هي كلمة كنعانية معناها: ملك البر .
واليبوسيون هم الذين أسسوا مدينة اليبوسيين، وقد حملت هذه المدينة الكنعانية اليبوسية العربية أسماء متعددة منها (يبوس) نسبة إلى اليبوسيين سكان القدس الأصليين، وقد ذكرت يبوس في التوراة باسم (أورشليم) كما وردت القدس أيضا باسم (أورسالم)، وتعني مدينة السلام، في الكتابات الكنعانية التي ترجع إلى القرن الخامس عشر قبل الميلاد، على عكس الرواية اليهودية. وقد ترك اليبوسييون آثارا مازالت باقية في بيت المقدس، وقد اكتشفت عالمة إنجليزية عام 1968م هذه الآثار، وأهمها قلعة حصينة في جبل صهيون وهذه القلعة كانت محاطة بسور فيه أبراج عالية، وفي هذه القلعة تم العثور على تمديدات للمياه تأتي من عين أم الدرج.. وقد عُثر على أسماء كنعانية عربية لبعض المدن في المدونات المصرية من عصر الأهرام.
ويبدو مما سبق، أن الكنعانيين كانوا هم أول من سكن أرض فلسطين قبل مجيء إبراهيم عليه السلام قادما من العراق، وتشير أحدث التحقيقات الأثرية إلى أنه عليه السلام ظهر في القرن التاسع عشر قبل الميلاد، أي قبل حوالي أربعة آلاف عام؛ وقد استمر الكنعانيون اليبوسيون يحكمون القدس حتى سقطت منهم بتدخل عسكري من النبي داود عليه السلام. وقد حكم أرضَ فلسطين أقوامٌ شتى، وخلال فترات الحكم هذه كان أهلها يسكنونها ويعمرونها دون انقطاع، فقد عمروا أرض فلسطين قبل نحو 1500عام من إنشاء بني إسرائيل دولتهم (مملكة داود) ثم بعد ذلك انقطعت صلة اليهود بفلسطين.
لقد حكم اليهود أجزاء من فلسطين -وليس فلسطين كلها- حوالي أربعة قرون فقط في الفترة من 1000 ق.م. إلى 586 ق.م.، وقد زال حكمهم بينما ظل أهل فلسطين، وهم السكان الأصليون، مرابطين على أرضهم. أما الحكم الإسلامي لأرض فلسطين فكان هو الأطول، فقد استمر لمدة 1200عام من عام 636م إلى 1917م، باستثناء فترة الحروب الصليبية، التي استمرت لمدة 88 عاما بالنسبة للقدس ومنطقة فلسطين، وكان ذلك في الفترة من 1099م إلى 1187م. لذلك فإن صلة اليهود بفلسطين قد انقطعت عمليا لمدة 1800عام، امتدت من عام 135م حتى القرن العشرين.
هذا الذي تم سرده من الناحية التاريخية يثبت أن أرض فلسطين أرض عربية، وأن الكنعانيين هم أول من سكن بلاد فلسطين، وأن الكنعانيين شعب عربي سامي من العرب البائدة، وأن مدة بقاء اليهود في فلسطين كانت قصيرة جدا بالمقارنة ببقاء العرب فيها.
ومن ناحية دينية، فإن سيدنا إبراهيم عليه السلام الذي أتى من نسله عرب ويهود، قد هاجر إلى فلسطين ولم يمكث فيها سوى فترة قصيرة، وكان غريبا عن هذه الأرض، وإن مدة بقاء إبراهيم وإسحاق ويعقوب وذريتهم في فلسطين لم تزد عن 230 سنة.
أما عن وجهة نظر اليهود، فإنهم يزعمون أن الله قد عهد لإبراهيم وبنيه بهذه الأرض، فلهم الحق فيها باعتبارهم ذرية إبراهيم، لكن ظهرت منهم ممارسات تخالف المنهج الإبراهيمي، ومن ذلك قتلهم الأنبياء، وسفكهم للدماء البريئة، وطغيانهم وظلمهم في الأرض؛ فبظلمهم هذا ليس لهم عهد من الله في امتلاك هذه الأرض. قال تعالى: ﴿ولقد كتبنا في الزّبور من بعد الذّكر أنَّ الأرض يرثها عبادي الصالحون﴾. [سورة الأنبياء: الآية 105]. فالعبرة هنا ليست بمن سكن الأرض أولا فقط، ولكن بمن يقيم حكم المنظومة السماوية المقدسة.
ولبيان أهمية الموقع الجغرافي والديني لأرض فلسطين، وأنها حق عربي وإنساني أصيل لمن يرفع راية العدالة الإنسانية والاجتماعية، فقد جاء ذكر قصة الإسراء والمعراج في القرآن المقدس، فالنبي ﷺ لم يُعرج به من مكة إلى السماء مباشرة، وإنما أُسرِي به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وصلى هناك في المسجد الأقصى بإخوانه الأنبياء إمامًا، كما تذكر الروايات الإسلامية، فكانت صلاته في المسجد الأقصى إيذانا بانتقال الزعامة الدينية إلى العرب، والمسلمين بشكل عام؛ قال تعالى: ﴿ سبحان الّذي أسرى بعبده ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الّذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير﴾. [الإسراء:1].. فدعوة الأنبياء دعوةٌ قائمةٌ على التقوى وتطبيق العدالة، وليست دعوة عرقية.
وإذًا فإن كانت الأحقية بالأسبقية واعتبار من وصل أولا، فالعرب بفرعهم الكنعاني هم أول من سكن أرض فلسطين، وهم سكان البلاد الأصليون؛ وإن كانت الأحقية باعتبار الممارسات الحكمية التشريعية، فالعرب هم من حملوا لواء العدالة والرسالة الإبراهيمية، فعن أي حق يتحدث يهود اليوم؟!.
أكاديمي كويتي
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
لا تتركوا جبل المحامل وحده في الطوفان
كثيرًا ما أمعنت النظر صغيرًا في لوحة زيتية كانت تزين صالون بيت جدي، تتوسطها صورة رجل طاعن في السن والتعب، يحمل القدس على ظهره مربوطة بحبل الشقاء على جبينه ويمشي حافيًا في صحراء من الرفاق. وكبيرًا عرفت أنها لوحة "جبل المحامل" للفنان سليمان منصور، وهي ترمز إلى الشعب...
ذلك يوم عزَّ فيه العرب
" ذلك يوم عز فيه العرب".. هكذا جاءت في المرويات عن النبي الأكرم ﷺ مقولته، عندما ذُكرت أمامه معركة ذي قار التي قادها العرب في جاهليتهم ضد القوات الساسانية الفارسية، وكان النصر فيها من نصيب العرب. وكأن النبي الأعظم يشير- والله أعلم- إلى مفهوم السيادة والحرية لدى العرب،...
0 تعليق