
هل نبالغ نحن العرب بتعقيد كرة القدم؟
بقلم: محمد عواد
| 14 أكتوبر, 2023

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: محمد عواد
| 14 أكتوبر, 2023
هل نبالغ نحن العرب بتعقيد كرة القدم؟
كرة القدم، تلك الرياضة الشعبية الأولى التي تجتاح العالم، والتي كلما دخلت بلاداً احتلت قلوب سكانها، تقترب من خيوط السيطرة في أمريكا، وبدأت تضع أقدامها في الهند والصين، وهي دول رفضتها في البداية، وتحصنت خلف رياضات شعبية وثقافية لديها.
لكنني أشعر أننا نحن العرب بعشقنا الكبير لهذه الرياضة، وصلنا إلى درجة من العمق بمحاولة فهمها وشرحها، تجعل منها رياضة معقدة، تحتاج لاستيعابها إلى بكالوريوس في الاقتصاد، وماجستير في الرياضيات، وبعض الفهم في علوم الهندسة، وهو بالتأكيد ما سيجعل من الصعب عليك التعلق بها لو كنت طفلاً تشاهد اللعبة، على العكس مما عاصرناه نحن في طفولتنا عند التعلق باللعبة.
عندما بدأتُ بإعداد حلقة عن الرافعات الاقتصادية في برشلونة، لم أجد مصادر رياضية تشرحها في عدة لغات، فاضطررت لدخول مواقع إدارة الأعمال، لأفهم المصطلح وأقوم بإسقاطه على وضع النادي الكتلوني، وصحيح أنني توصلت إلى مقطع جيد مليء بالمعلومات المهمة، إلا أنني أسأل نفسي يومياً: “أكان هذا الشرح كله مطلوباً؟.. أم كان يكفي أن أقول للناس إنه مبلغ مالي مقابل حصة من أملاك النادي”؟.
عندما أُجري مقارنة بسيطة بين استوديو تحليلي لدينا ومقابله في إنجلترا أو برنامج الشيرنغيتو في إسبانيا، أجد أن الغربيين هنا يكسبون معركة تذكرهم بأن هذه اللعبة شعبية قائمة على الشغف، فتجد الضحك في مقاطع، والكلام القابل للفهم في مقاطع أخرى؛ أما مسألة التحولات والتفاصيل التكتيكية، والمفاهيم مثل أنصاف المساحات والأهداف المتوقعة، فستجدها أكثر في برامج مختصة، ليشاهدها المهتمون بهذه الجوانب.
قدمت منتقداً نفسي قبل غيري، لأنني أعتقد أنني شخصياً غارق في بحر تعقيد اللعبة بدلاً من تبسيطها، أحاول فهم وتفسير كل مصطلح أقرأه في الإعلام الرياضي، وأصنع له فيديو، مع أنني متأكد أن نسبة المهتمين به من الشباب الصغار قليلة، فهم يريدون سماع شيء يزيد تعلقهم باللعبة أكثر من شيء يثقل كاهلهم الذهني، يريدون شيئاً عن ذلك اللاعب “المحتال” الذي لم يكن محترفاً ولعب كرة القدم، أو تصريحاً لا يُنسى لمورينيو، أو أن محمد صلاح حقق رقماً قياسياً وكفى.
ربما طبعنا العربي الكريم وحبُّنا مشاركة كل ما نعرفه، يجعلنا نسقط في فخ مشاركة كل شيء نعرفه مع الناس، وربما طبعنا الشعبي الذي يجعلنا نتكلم في كثير من المجالات، يجعلنا نتدخل بمهمة المدرب ومحلل الأداء، ونقدم معلوماته على نحو مباشر للناس، مع أن هذه المعلومات بالكاد يفهمها اللاعبون ويطبقونها؛ وهنا أستذكر مقولة لأستاذ في الجامعة درست على يديه، قال “يولد العربي سياسياً شاعراً طبيباً موسيقياً”، وكان يقصد أننا نحب الكلام في هذه المجالات، ونعطي رأينا ولو لم نكن مختصين.
قد يقول قائل، ربما من الأفضل تقديم هذه المعرفة الرياضية العميقة، حتى لا نقع في فخ السطحية التي وقعت فيها معظم مسلسلاتنا وبرامجنا مثلاً، وأن هذا يغني معلومات الشاب العربي المتابع لكرة القدم، فيدرك بعض المصطلحات المهمة في الاقتصاد والحساب والإحصاء، وحتى الذكاء الاصطناعي، وهذا كلام فيه جانب من الصحة، شرط ألا تزيد حصة هذا العمق على 20% مما يتم تقديمه، لأن هذه الرياضة قائمة على عفويتها وشغفها؛ فنحن لم نحب مارادونا لأنه يقوم بضغط عكسي، بل لأنه سجل هدفاً عظيماً لا يُنسى في إنجلترا؛ ولم نكن مهووسين بكل مباراة يلعبها ليونيل ميسي لأنه أعاد مركز المهاجم الوهمي للواجهة، بل لأنه كان ساحراً بمراوغاته ولمساته منذ لفت انتباه البشرية كلها بهدفه ضد خيتافي؛ وكذلك لم نكن مولعين بمواجهات كريستيانو رونالدو لأنه يتموضع داخل منطقة الجزاء بشكل خرافي، بل لأنه كان صاحب شخصية عظيمة وإذا قال فعل.
“غدارة”… “يا سلام”… تعليقات خالدة جعلت كثيرين من الصغار يعشقون اللعبة، يتابعون فِرَقاً بعينها، مع أنها جمل بسيطة، لم يتم الحديث فيها عن قوة ذهنية لبرشلونة، ولا أدوار مركبة لنابولي، ولو فعل المعلقان عصام الشوالي وفارس عوض ذلك، لأفسدوا متعة التعليق واللحظة، فجمال هذه اللعبة ببساطتها وعفوية التعبير عنها.
هي دعوة لي ولجميع الزملاء إلى أن لا نبالغ بفهم اللعبة، بأن نحاول إعادتها لدائرة البساطة قدر الاستطاعة، حتى لا يفقد الناس الشغف فيها سريعاً، فاسستدامة التعلق والشغف تكمن في قلة التفاصيل، وكلما زادت التفاصيل تحول الموضوع إلى علم وواجب، وهنا قد يجد الناس في ألعاب الفيديو وغيرها متعة أكبر.

صاحب سلسلة من الكتب في الرياضة وتطوير الذات
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
0 تعليق