
هل يكتب السياسي العربي مذكرات صادقة؟.. سعدون حمادي نموذجًا
بقلم: محمد عبدالعزيز
| 10 فبراير, 2024

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: محمد عبدالعزيز
| 10 فبراير, 2024
هل يكتب السياسي العربي مذكرات صادقة؟.. سعدون حمادي نموذجًا
سعدون حمادي، الشخصية البعثية المميزة في العراق، يتميز بنشاطه الثقافي والسياسي. يتحدث في مذكراته عن جوانب من حياته، كما يلقي الضوء على لقاءاته مع الشعراء المعروفين مثل محمد مهدي الجواهري. ومع ذلك، يكشف الكتاب أيضًا عن صمته بشأن جوانب حساسة من تاريخه، مثل دوره في اجتماعات صدام حسين حول السلاح الكيماوي. المذكرات توفر نظرة دقيقة إلى حياة وتجارب حمادي، ولكنها تتجنب الحديث عن بعض القضايا الحساسة التي ربما تكون مثيرة للجدل.
سعدون حمادي – بين الثقافة والسياسة في العراق
صدر العام الماضي عديد من المذكرات السياسية المهمة، مثل مذكرات وزير الخارجية العراقي “أوراق سعدون حمادي: مذكرات وتأملات”، التي صدرت عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات؛ وقد تساءلتُ مع قراءتها عن مدى صدق هذه المذكّرات، وتغطيتها الرحلةَ السياسية للمسؤول العربي.
وبلا شك، فإن صدور رواية من أي شخصية سياسية عربية عن فترة قضاها في العمل – خصوصًا في ملفات مثل الخارجية- أمر مهم، لأننا نفتقر إلى كثير من الشهادات عن مراحل مهمة من التاريخ العربي، وأحيانًا نبحث في مذكرات الإدارة الأمريكية أو الإدارات الأوروبية عما ذُكر عن حادث شارك فيه حاكم عربي. وتمكن رؤية تهافت الجمهور على قراءة شهادة هيلاري كلينتون أو مذكرات أوباما وغيرها من الشهادات، ومدى اهتمام الجمهور الليبي بنشر مذكرات عبد السلام جلود وشهادته عن القذافي، كدلالة على أهمية وضرورة أن يكتب السياسي العربي مذكرات.
وهناك الكاتب المستتر أو الكاتب الشبح، الذي يكتب مذكرات للسياسيين ويخط للمشاهير مذكراتهم.. يروون له شفاهة أو على آلة تسجيل ما يريدون قوله، ويعطونه الوثائق اللازمة، ثم يُنشَر الكتاب مكتوبًا بلغة أنيقة، وليس عليه اسم الكاتب الشبح؛ ورأينا ظهور فكرة المحرر في مذكرات عمرو موسى “كتابِيَه”، إذ اتفقت دار الشروق مع الصحفي خالد أبو بكر ليؤدي دور المحرر؛ وقد افتخر توني بلير، رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، بأنه كتب مذكراته بالقلم، وبخطّه.. فقالت له الصحف: هذا واضح جدًّا، فلو استعنتَ بكاتبٍ شبح لكان للكتاب أسلوبٌ
سعدون حمادي: بعثي مبكر
تأتي شهادة سعدون حمادي من موقع مميز، فهي تعكس جانبًا من حياة حزب البعث وتطوره، وأهميتها تنبع من مرافقة حمادي الحزب وقياداته الأولى منذ التأسيس، ليس في العراق فحسب، بل كذلك في سوريا ولبنان والأردن، فالحياة السياسية لحمادي لا تبدأ مع بدء تولي المناصب السياسية، بل تسبق ذلك بكثير، بنحو عقدين تقريبًا، إذ انخرط في تأسيس حزب البعث مع سنوات تأسيسه الأولى، حين كان طالبًا في الجامعة الأمريكية ببيروت.
انضم حمادي إلى حزب البعث عام 1949م في أثناء دراسته بالجامعة الأمريكية في لبنان، وشكلت سنواته في بيروت بداية اطّلاعه على ما هو خارج مسقط رأسه، رأى بلدًا عربيًّا جديدًا واتصل بعرب من خارج العراق، وفي بيروت تبلور تفكيره السياسي واستقر داخله الاتجاه القومي، وكانت تلك الفرصة هي المجال لرؤية شيء من جمال الطبيعة، وعاش حمادي في محيط جامعي غير ما اعتاد عليه في كربلاء، فهو محيط مختلط وللمرأة فيه حضور، وهو أمر شهده بانفعال، فتفتحت مشاعر الشباب في نفسه، وكانت الجامعة الأمريكية ببيروت مسرحًا للصراع بين الفكر القومي والفكر الشيوعي، وكان حمادي أقرب إلى الفكر القومي، وهو ما دفعه إلى التعرف على حركة البعث العربي التي أسسها ميشيل عفلق، والانضمام إليها.
الوحدة مع مصر وإغلاق حزب البعث وثورة العراق
تبدأ إحدى مهام سعدون حمادي الحزبية في سوريا، حيث كانت سوريا تعيش في دوامة من التوترات الداخلية، بعد أن شهدت انقلابات متتالية دامت عدة سنوات، لذلك كان الحدث المهم في عام 1958م هو إعلان الجمهورية العربية المتحدة، فقد وقَّع عبد الناصر وشكري القوتلي ميثاق الجمهورية الجديدة.. شقَّت الوحدة طريقها سريعًا، كان شرط جمال عبد الناصر لإنجاز الوحدة مع سوريا هو حل الأحزاب السورية، كان هذا الشرط مخيبًا لآمال البعثيين، وهو ما دفع قيادة بعث العراق إلى إرسال حمادي إلى دمشق من أجل مهمة واحدة، وهي إقناع “بعث سوريا” بخطورة حل الحزب، لكن المهمة لم تنجح.
وبعد أشهُر من الوحدة بين مصر وسوريا، وتحديدًا في 14 يوليو/ تموز عام 1958م، كانت الإذاعة في بغداد تصدح في ذلك الصباح الصيفي بأخبار الثورة التي أشعلها مجموعة من الضباط العراقيين.. انتهت الملكية وقامت الجمهورية العراقية، وبدأ التحول بمذبحة للعائلة الملكية.. بعد يومين من انطلاق الثورة تولَّى حمادي إدارة جريدة الشعب التي كانت تصدر في العهد الملكي، لتصدر طبعتها الجديدة باسم جريدة “الجمهورية”.
لكن الخلاف سرعان ما بدأ يتسلل بين الضباط، وتدريجيًّا تحول الخلاف إلى انقسام السلطة إلى جناحين، جناح قومي يقوده عبد السلام عارف، وجناح تدعمه الأحزاب الشيوعية على رأسه عبد الكريم قاسم. جوهر الخلاف كان مسألة الوحدة مع الجمهورية العربية المتحدة، كان عارف ومَن وراءه من أصحاب الاتجاه القومي، بمن فيهم البعثيون، يرون ضرورة الوحدة مع الجمهورية العربية المتحدة، في حين كان قاسم والحزب الشيوعي يريدان الاستقلال بالعراق والاستئثار بالحكم.
عبد السلام عارف وعبد الكريم قاسم
في مذكراته، يفرد حمادي مساحة للحديث حول شخصيات العراق السياسية؛ عبد الكريم قاسم، الضابط الذي انضم إلى حركة الضباط الأحرار العراقية ثم أصبح رئيسًا لها عام 1957م، ثم مع انقلاب عام 1958م صار رئيسًا للوزراء، يصفه حمادي بالرجل “غريب الأطوار”، كان همُّه أن يحكم ويستمر في الحكم، وفي طريقه لذلك انتهج سياسة عنيفة في الحكم، وكان الصدام بين قاسم وعارف مسألة وقت.
بعيدًا عما يدور من صراعات في العراق وسوريا، قرر سعدون حمادي السفر إلى ليبيا للعمل في قسم البحوث بالبنك الوطني الليبي، وفي ليبيا بدأ حمادي العمل على تنظيم حزب البعث في ليبيا، لكن بشكل سري، وكانت أول مهمة للمجموعة التي تشكَّلت في ليبيا هي إصدار بيان عنوانه “الديمقراطية والجلاء والوحدة العربية هي أهداف الشعب”.. جرى توزيع البيان بشكل سري في ذكرى الاستقلال، لكن هذا البيان كان سببًا في كشف التنظيم، بل والقبض على هذه المجموعة، وفيها سعدون حمادي، فوُجِّهت لهم تهمة محاولة الانقلاب، وحُكم عليه بالسجن لمدة سنة.
جاءت الأحكام فيها شيء من مراعاة القانون، كما يذكر حمادي، فقد كان مكان حبسهم معروفًا والزيارات مسموحة، ورُوعيت الحدود الدنيا للأصول التي تنص عليها القوانين.. يذكر ذلك حمادي ليقارنه بما فعل النظام السوري، الذي وضع مَن كان قبله في الحكم في السجن دون محاكمة لمدة زادت على عشرين عامًا.. ينقد حمادي سجون النظام السوري دون أن يذكر فظائع السجون العراقية.
خرج حمادي من السجن في طرابلس إلى السجن في بغداد، حيث قُبض عليه فور وصوله إلى مطار بغداد، إذ كان قد صدر أمر بالقبض عليه بعد تصاعد الخلاف بين عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف، في وقت كانت السجون العراقية فيه مليئة بـالبعثيين والشيوعيين والأكراد.
إعدام عبد الكريم قاسم
حدث انقلاب آخر أكثر دموية في العراق في 8 فبراير/ شباط عام 1963م، خرج بعده حمادي من المعتقل؛ إذ أُطيح بعبد الكريم قاسم، وتولى حمادي وزارة الزراعة.
ذكّرني هذا المشهد بحكاية فتحي رضوان، الناشط في الحزب الوطني، وإخراجه من المعتقل في مصر وسفره بطائرة عسكرية ليكون من رجال العهد الجديد لثورة يوليو، بعد أن كان في السجن.
جرى تعيين حمادي وزيرًا للإصلاح الزراعي، وفي أثناء وجود حمادي في مقر القيادة، باعتباره وزيرًا، رأى مشهد النهاية للرئيس العراقي عبد الكريم قاسم! يقول إنهم أحضروا قاسم إلى مقر القيادة ومعه فاضل المهداوي، وكان قاسم في هذه اللحظة متماسكًا.. يقول سعدون الحمادي إن عبد السلام عارف، الذي أصبح رئيسًا للجمهورية، قد جمع أعضاء المجلس الوطني لقيادة الثورة، وقال لهم: “الإعدام للجميع” – يقصد عبد الكريم قاسم ومن معه من الضباط- وما هي إلا لحظات حتى بدأ إطلاق النار.. يقول حمادي إنه دخل الغرفة التي جرت فيها عملية الإعدام، وكانت مليئة بدخان إطلاق الرصاص، وكان عبد الكريم قاسم والمهداوي والآخرون قتلى على كراسيّهم.. كان المشهد مؤثرًا في نفسه، قال: “لن أنسى الساعة اليدوية لعبد الكريم قاسم.. فقد جُلبت بعد إعدامه ووُضعت أمام عارف، الذي أهداها إلى أحد الجنود، وبذلك شهدتُ توزيع غنائم في عصر ذلك اليوم”.
بعد شهور من وصول عارف إلى الحكم، بدأ خلاف آخر يسيطر على المشهد العراقي.. والخلاف هذه المرة بين عبد السلام عارف والبعثيين الذين أوصلوه إلى الحكم، إذ وصل الأمر في نهايته إلى إطاحة عارف بالبعثيين من السلطة، بل وإلقاء كثير منهم في السجون، وصار البعث ممنوعًا من العمل السياسي.
في مذكراته، يوجه حمادي سهام نقده لنظام عبد السلام عارف، واصفًا بعض قراراته بأنها قرارات “متهورة ساذجة”.
رأى سعدون حمادي في عارف شخصًا يصفه بأنه “انتهازي في قوميتيه وتدينه، وحتى في علاقته بحزب البعث وعبد الناصر”، ولم يكن سعدون بعيدًا عن التنكيل الذي انتهجه عارف ضد البعثيين، فبدأ التضييق عليه وصدر قرار بالاستغناء عن إدارته جريدة “الجمهورية”، بل وصل الأمر إلى إصدار أمر بإلقاء القبض عليه، وهو ما دفعه إلى مغادرة العراق نحو سوريا، لكن الحال في دمشق لم يختلف كثيرًا عن بغداد، فتعرَّض الحمادي في سوريا للملاحقة والتضييق.
سعدون حمادي والعودة إلى العراق
بعد 13 يومًا فقط من نجاح انقلاب يوليو/ تموز 1968م، أصبحت السلطة فعليًّا في يد البعث، عاد حمادي إلى بغداد دون وظيفة أو عمل، ودفعه ذلك الأمر إلى أن يكتب رسالة لأحمد حسن البكر، الذي أصبح رئيسًا للعراق، فعاد حمادي مرة أخرى إلى العمل في الدولة عبر وزارة النفط.
يحكي حمادي أنه في تلك الأثناء التقى قرب جسر الصرافية بصدام حسين، الذي كان يشغل منصب نائب رئيس مجلس قيادة الثورة، وعرض عليه صدام حسين أن يكون رئيسًا لشركة النفط الوطنية، فقبِل سعدون، وكان ذلك في 15 نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 1968م؛ وفي عام 1970م أصبح حمادي وزيرًا للنفط، وكانت مدة عمله في الفترة التي برزت فيها منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، والتي احتدم فيها الصراع مع شركات النفط العالمية، وحدث فيها التأميم والأزمة النفطية وارتفاع عوائد الدول المنتجة، وكان قرار تأميم الصناعة النفطية تاريخيًّا، ويعود الفضل فيه – كما يقول حمادي- إلى الرفيق صدام حسين.. وتوضح مذكرات جواد هاشم أن حمادي ترَّدد في قرار تأميم النفط.
حمادي في وزارة الخارجية
المنصب الأهم الذي يتحدث عنه سعدون حمادي في مذكراته هو منصب وزارة الخارجية العراقية، التي تولاها منذ عام 1974م لمدة ثماني سنوات، ومن ضمن الشهادات المهمة في المذكرات عن تلك المرحلة، ما يتعلق بلقائه السري في فرنسا مع “هنري كيسنجر”، وزير الخارجية الأمريكي، يوم 17 ديسمبر/ كانون الأول 1975م.. يقول حمادي عن اللقاء: “كان انطباعي عن كيسنجر أنه يعمل بالدرجة الأولى لمصلحة إسرائيل، كما أنه لم يكن صادقًا عندما برر الدعم الأمريكي للتمرد الكردي شمال العراق، على أساس أن العراق (دولة تابعة للاتحاد السوفييتي).. كان همُّ كيسنجر هو تليين موقف العراق وجره إلى موقف الأنظمة العربية المهادنة، وكيسنجر لطيف بكلماته، ويحاول عبثًا أن يوحي إليك بأنه صادق، وهو غير ذلك، بل مراوغ وذو سريرة غير نقية”.
ويحكي حمادي عن الثراء في عهد شاه إيران، إذ تناول الطعام على موائد من الذهب الخالص، يقول حمادي: “لا أنسى أنني تناولت الطعام مع الشاه مرتين على مائدة كانت كل أوانيها ومستلزماتها من الذهب الخالص، عدا شفرات السكاكين، وكان جالسًا إلى جانبي وزير نفط فنزويلا آنذاك، فرفع نفاضة سجائر، وقرأ على ظهرها أن الذهب الذي صُنعت منه هو عيار 24 قيراطًا”.
سعدون حمادي وحرب الخليج
مع وصول صدام إلى حكم العراق عام 1979م، تتغير أمور كثيرة، يُحكم صدام قبضته على العراق، فقد انتهت القيادة الجماعية لحزب البعث، وحل بدلًا منها القائد الرمز.. يخوض صدام حربًا طويلة مع إيران تستمر ثماني سنوات.. يخرج صدام من هذه الحرب منهكًا، يعاني من وضع اقتصادي مأزوم، أمام هذا الوضع اقترح حمادي على صدام حسين القيام بجولة إلى دول الخليج لإيضاح وضع العراق المالي الصعب وحاجته إلى الدعم.. يقول حمادي إن صدام لم يكن متحمسًا في البداية، لكنه وافق في نهاية الأمر.
بدأت رحلة حمادي الخارجية إلى دولة الإمارات، يحكي حمادي: “قابلت الشيخ زايد، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وأتى الشيخ زايد، بدا شابًّا نشيطًا، فشرحتُ له المهمة، كان الشيخ زايد متعاطفًا وراغبًا في المعاونة، لكنه قال في نهاية المقابلة إن علينا أن نُقنع السعودية أولًا عندما نعرض موضوعًا على دول الخليج، فإذا قالت السعودية نعم، فنحن والآخرون نقول نعم. ثم قال لي: لقد سبق لهم أن قدموا مساعدة دون رأي السعودية، وحصلت مَلامةٌ على ذلك”.
الثورة تأكل أبناءها
أتى حمادي في مرحلة صعبة، كان الاقتصاد العراقي يعاني فيها من ويلات الحرب، فتعرض حمادي لهجوم شديد من الدوائر المقربة لصدام حسين، خصوصًا حسين كامل، زوج رغد ابنة صدام حسين، الذي قال لحمادي في المؤتمر القطري “إنك المسؤول عما يعانيه العراق من مشكلات اقتصادية، ولن تستطيع شهادة الدكتوراه في الاقتصاد التي تحملها من أن تعالجها”.
يقول حمادي: “تبيَّن لي أن بعضًا من حاشية الرئاسة لم يكن يحمل وُدًّا نحوي، فقد اتهموني أن زياراتي إلى المناطق العراقية كان الهدف منها النفوذ الشخصي، وهو ما كان عاريًا عن الصحة، فالذين ابتدؤوا النقد الجارح هم حسين كامل، وسبعاوي إبراهيم الحسن، وحسين كامل اسم لم أكن أعرفه، فقد ظهر حديثًا، وهو لم يُعرف مناضلًا بَعثيًّا، بل ضابط صغير صعد سلم المسؤولية لأسباب تتعلق بولائه للسيد الرئيس صدام حسين وقدراته في التنفيذ، هكذا أدركت أن الثورة بدأت تأكل مناضليها…. وذهبت إلى بيتي وفي نفسي مرارة من صعود الطارئين في سلم الحزب”.
مع إقالة حمادي من الوزارة وخروجه من المسؤولية، أخذت حياته تتغير، فقد تبدلت الوجوه وانفض المتملِّقون، وهذا يذكرني بما يحدث للسياسي أو المسؤول عند خروجه من المنصب، فقد حزن الأديب أحمد أمين لانصراف الناس عنه عندما بلغ المعاش، ورأى انفضاض جميع من حوله، إذ كان يظنهم من مريديه، وكان يحزن عندما يجد صندوق بريده في الأعياد خاليًا إلا من بطاقة تهنئة أو بطاقتين، في حين كانت تأتيه أكوامًا مكومةً وهو عميد الجامعة، تُشجيني قصص نهايات من أقرأ عنهم وعزلتهم بعد خروجهم من المنصب، لأنها تكشف عن لؤم الإنسان.
غزو العراق وانهيار البعث
عام 2003م، مئات من جنود وضباط الجيش الأمريكي، مدعومين بقوات دولية ملؤوا أرض وسماء العراق، ثلاثة أسابيع من الحرب المتواصلة كانت كفيلة باستسلام العراق وسقوط بغداد في التاسع من أبريل/ نيسان عام 2003، ليظهر بعدها مشهد الإطاحة بتمثال صدام حسين في ساحة الفردوس ببغداد! يتحدث سعدون حمادي عن هذه الفترة بألم شديد، واصفًا كثيرًا مما حدث للعراق من تدمير ونهب متعمد، وكيف أن أمريكا كانت تستهدف تقسيم العراق وتحويله إلى طوائف يُنازع بعضها بعضًا، لكن الأهم في شهادته هو تجربة السجن في “أبو غريب”.. يقول حمادي إن هذه التجربة كانت قاسية، مقارنة بتجارب السجن الأخرى التي تعرض لها في لبنان والعراق و سوريا وليبيا.
يقول حمادي: “أُجري معي نحو أربع جلسات تحقيق من ضباط الاستخبارات العسكرية، كانت الأسئلة تدور حول نظام الحكم وأشخاصه والتحليلات السياسية، وأسئلة من نوعية كيف.. لماذا.. ومتى ومَن هو.. إلخ، كان ردي أنني لست في الدائرة الداخلية للدولة من زمن بعيد، ولا أملك معلومات خاصة، فقال لي المحقق: إذا ما غيَّرت رأيك يمكنك الاتصال بي، قلتُ له: لا أعتقد ذلك، فقال لي: إذًا ستبقى في هذه الحفرة”.
حمادي في الدوحة
بعد تسعة أشهر من السجن، أُفرج عن سعدون حمادي، لكنه اضطر إلى الخروج من العراق جهة الأردن دون عمل ودون دخل، فانتقل إلى بيروت، ثم كانت الدوحة محطته الأخيرة، حيث كتب مدونات ما بعد الاحتلال، وتأمَّل النظام السياسي في عراق ما بعد الغزو. وتكشف المذكرات ضيق ذات اليد لحمادي في سنواته الأخيرة، وهذا يدل على نظافة يده وعدم تورطه في الفساد المالي، وفي المذكرات مدح حمادي الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، أمير قطر، ودوره في استضافته، وقال عنه: وطنيّ منفتح، محب للخير، ويحب العمل ويريد التقدم لقطر ويساعد البلاد العربية.
وفي لقاء حمادي مع الشيخ حمد بن خليفة، قال حمادي للشيخ: “إنني لن أتخلى عما عُرف عني”، وقصد حمادي كونه بعثيًّا، وكان رد الشيخ خليفة: “نعم، وإلا لن يحترمك الناس”.
وقد مدح حمادي مبنى الديوان الأميري في الدوحة لجماله وحسن مقاييسه وتوازنه، وقد دخله حمادي أول مرة عند مقابلة الشيخ خليفة بن حمد، خلال جولته وهو وزير للخارجية لدعم العراق بعد انتهاء الحرب مع إيران، والمفارقة التاريخية هنا أن يزور حمادي الدوحة ويعيش فيها بعد خروج البعث من الحكم!
حمادي والثقافة ولقاء مع الشاعر محمد مهدي الجواهري
تميَّز سعدون حمادي عن سواه من العراقيين في قيادات الحزب بأنه كان قد حصل على درجة الدكتوراه من جامعة أمريكية، وله نشاط ثقافي، بل يمكن القول إن حمادي من أكثر القياديين البعثيين العراقيين نتاجًا فكريًّا منشورًا، ولذلك يركز في المذكرات على أدواره الثقافية، وهو يرى أن أهم عمل ثقافي فعله هو جمع مقالات ميشيل عفلق وطبعها تحت عنوان “في سبيل البعث”، كما شارك مع بشير الداعوق في تأسيس مجلة “دراسات عربية”، كذلك أسهم في تأسيس “مركز دراسات الوحدة العربية”، ونشر كثيرًا من الدراسات والكتب عن القومية.
تعرف حمادي على عديد من الأدباء العراقيين، مثل بدر شاكر السياب، الذي لاحظ فيه الفقر وكسرة النفس والعوز والاحتياج، وأنه كان ملتصقًا بالبيئة البصراوية البسيطة، ورأى حمادي الشاعرة نازك الملائكة في الولايات المتحدة وتعرف إلى الشاعر محمد مهدي الجواهري، ويصفه بأنه “ذلك الموهوب الذي خرج من بيئة النجف معمَّما بثقافة تقليدية، دون أن يتخرج في جامعة، وربما أصبح أكبر شاعر تقليدي في العصر العربي الحديث”.. شاهد حمادي الجواهري شخصيًّا أول مرة عندما أتى إلى التكريم في إعدادية كربلاء في سنة حمادي الدراسية الأخيرة، فوصل حمادي من بغداد متأخرًا، وألقى مختارات من قصائده نالت الإعجاب مثل العادة.
والتقى حمادي بالجواهري خلال زيارة وفد نفطي برئاسة صالح مهدي عماش إلى تشيكوسلوفاكيا (هكذا كان اسمها آنذاك)، وذلك للتفاوض على إنشاء مصفى في العراق، “وكنتُ وزيرًا للنفط”. كان الجواهري مقيمًا في تشيكوسلوفاكيا، وكانت للمرحوم عماش ميول شعرية، وفي المساء كانا يلتقيان الجواهري في مقهى اعتاده الشاعر الكبير.
وكان الحديث عن الشعر، وعن كل شيء.. وجد حمادي الجواهري لطيف المحضر، حلو الحديث، مُحبًّا للدنيا، وشغوفًا بالفتاة الشابة الجميلة، وهي العاملة التي تقدم لهم ما يأكلون ويشربون، وأصبحت تلك الفتاة هي موضوع الحديث الشعري الناعم الذي تجاذبه الجواهري وعماش، ومع بداية النشوة، أخذ كل منهما يقول بيتًا، فتغزلا بتلك الفتاة العاملة، حتى استحال ما لدى كل منهما إلى قصيدة، وقد نُشرتا في ما بعد. واستمرت الجلسات المسائية في ذلك المقهى طوال مكوث الوفد العراقي في براغ.
والتقى حمادي الجواهري في بغداد بعد ذلك، في أثناء إحدى المناسبات الرسمية في القصر الجمهوري، وكان منتشيًا وهو يدخن؛ ثم علم حمادي أن الجواهري ترك العراق بشيء من الجفاء، وعلم حمادي من شفيق الكمالي، الذي كان يقدر الجواهري وطبع ديوانه الكامل عندما كان وزيرًا للإعلام، أن العراق دعا الجواهري رسميًّا لرأب الصدع فوافق، لكنه رجع إلى دمشق من الحدود العراقية، لأنه توقع استقبالًا أكبر مما وجد على الحدود، ثم تتابعت الحوادث ومدح الجواهري ملك الأردن، وكان مطلع القصيدة:
يا سيّدي أَسْـعف فمي ليـقــولا في عيد مولدك الجميل جميلا
وذهب الجواهري إلى المغرب، وقال مديحًا في الملك الحسن الثاني، لكنه ترك ما أنعم عليه ملك المغرب وراءه غير عابئ، كما أنه لم يعبأ بالأرض التي وُهبت له في أثناء الحكم الملكي في العراق.
ويهمني وصف حمادي للجواهري بأنه: “متمكن من اللغة العربية، وأنه مقبلٌ على الدنيا جدًّا، ويحب مَلذاتها، ويهوى المجد، وكثير التوق ليكون المتنبي الثاني، وأنه كان انفعاليًّا يتأثر بالظرف المحيط، وأنه كان متناقضًا، ينفعل بالحدث، فهو لم يكن مناضلًا ثابتًا، ولا وطنيًّا حسم أمره على موقف واحد، بل كانت فيه روح النضال والشعور الوطني عندما كان الظرف المحيط يحفزه على ذلك”.
سعدون حمادي وملفات مسكوت عنها
يعبّر حمادي في المذكرات عن فهمه قضية الوطنية، التي تجعل من المحرمات الوقوف مع الأجنبي ضد وطنك، ويحكي في مذكراته هذه القصة التي تعبر عن رأيه: “مما تحمله ذاكرتي هو أن الرئيس الإيراني السابق أبو الحسن بني صدر خرج على حكم الخميني، والتجأ إلى فرنسا، وكان ذلك بعد بدء الحرب بيننا وبين إيران، وحاولت استخباراتنا العراقية إقناعه بإعطائنا معلومات عسكرية عن الجيش الإيراني فرفض ولم يتعاون، فكان مبعث تقديري…
وفي حالة أخرى، بعد انتهاء الحرب، كنتُ في واشنطن، وعقدت مؤتمرًا صحفيًّا في مقر سفارتنا، وبعد المؤتمر، اتصل بي وزير المالية الإيراني السابق جمشيد أموزكار في أيام الشاه، المقيم في الولايات المتحدة، وكانت بيني وبينه معرفة من أيام أوبك، إذ كان وزير المالية هو المسؤول عن النفط في إيران.
اتصل بي هاتفيًّا بلهجة ودية جدًّا مرتاحًا وشامتًا في هزيمة إيران أمام العراق، ومهنئًا إيانا بالنصر. إنني رحبت بالطبع، إلا أنني لم أحترمه في داخل نفسي، إذ كان له كما يبدو مفهوم آخر للوطنية، فعداؤه لنظام الخميني، الذي أزال نظام الشاه، يتقدم على ولائه لإيران التي هُزمت في الحرب”.
وهذه القصة تعبر عن فهم حمادي السياسة في العراق باعتبارها نقدًا بصوت منخفض، لا تجوز فيه الاستعانة بالأعداء مثل التحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية.
قدَّمت مذكرات سعدون حمادي قراءة لمرحلة دقيقة من تاريخ العراق، لكن المذكرات قد ابتعدت عن كثير من الأحداث الهامة، فالرجل الذي كان قريبًا من دوائر حزب البعث، ومن صدام حسين، لم يفرد في مذكراته مساحة كافية للحديث عن شخصية صدام وعن طريقة إدارته الدولة العراقية، خصوصًا في الأحداث الهامة.. ولا تتحدث المذكرات عن حادثة قاعة الخلد، التي بدأ بها صدام حكمه في مجزرة مروعة، ولا تراجع مرحلة البعث السياسية، فلا شيء سوى الجرأة في المذكرات، والهجوم على عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف، أما فترة البعث فلا يشرّح حمادي تجربتها ولا يضع اللوم إلا على حسين كامل، الذي تسبب في عزله من منصبه.
يستغرق حمادي في الحديث عن مذكرات حاكم العراقي الأمريكي بول بريمر، ويتحدث عن فساد الإدارة والطائفية وعيوب مرحلة ما بعد الغزو الأمريكي، لكنه لا يقدم مراجعات بذات القوة للفترات التي كان فيها على رأس عمله في الخارجية، ولا يحكي عن أدواره في مغامرات العراق السياسية، مثل حرب إيران أو حرب الخليج.
لقد صمت حمادي عن كثير وبرر ذلك بقوله: “إنني لم أدون كل ما أعده مهمًّا، فقد بقي شيء أحتفظ به لنفسي، فليس كل ما يُعرف يُقال، وإن كان لا بد من أن أقول عن ذلك شيئًا فهو أن دافعي للحجب هو المصلحة العامة، كما أتصور أنا، وآمل أن أكون مُصيبًا في ما ذهبت إليه”.
ولا تشغل قضية الديمقراطية أو الحريات بال حمادي في تاريخه السياسي، فقد قال في مذكراته: “لا بد من التنويه خدمةً للحقيقة، بأن قضية الديمقراطية لم تكن شاغلي الوحيد، بل كانت المسألة القومية هي الهاجس المهم عندي، وكنت دائمًا منذ صغري أقدر الانضباط واحترام النظام إلى حد بعيد، لذلك حرصت على أن يكون النقد بصوت منخفض ويراعي المخاطر المحيطة، ويتجه نحو الخطر الأهم، قبل المهم”.
حمادي والسلاح الكيماوي وصدام حسين
النقد بصوت منخفض هو ملخص تجربة سعدون حمادي، مع عدم انشغاله بالديمقراطية، لقد شهد سعدون كثيرًا من الملفات السياسية المهمة والحساسة، لكنه اختار السكوت عنها.
ويكشف كتاب “أشرطة تسجيلات صدام حسين” أداء وحدة خاصة من الجيش الأمريكي إحدى المهام في بغداد.. كان الهدف هو البحث عن أدلة أو وثائق تثبت امتلاك العراق أسلحة دمار شامل لتبرير الحرب، وفي أثناء تلك المهمة عثرت القوات الأمريكية على أرشيف خطير، آلاف الساعات من التسجيلات السرية للاجتماعات والاتصالات بين صدام وحاشيته، وأعضاء حزب البعث ومجلس قيادة الثورة وكبار ضباط جيشه، وعندما اطلعت على الكتاب الذي ضم أرشيف لقاءات البعث الخاصة، عثرت على اسم سعدون بين الملفات التي عثرت عليها القوات الأمريكية.
هنا نموذج لحديث حمادي الحُر بعيدًا عن السقف المنخفض في المذكرات..
حضر حمادي اجتماعات مهمة، وفي كلها كانت مواقفه مؤيدة لصدام حسين ولا تناقش إلا في حدود المسموح به؛ لقد حضر مثلًا اجتماع أعضاء حزب البعث الذي ناقشوا فيه استخدام الأسلحة الكيماوية ضد الجنود والمدنيين الإيرانيين، الاجتماع كان في مارس 1987م، وسأل سعدون حمادي صدام حسين: لديّ سؤال عسكري، هل السلاح الكيماوي مؤثر كما نعتقد، أعني الطريقة التي نفكر بها باعتبارنا مدنيين؟ فرد صدام حسين: نعم إنه يُفني بالآلاف [توقف قصير].. إنه يفني بالآلاف ويقيدهم عن الشرب أو تناول الطعام المتوفر، ويمنعهم من مغادرة المدينة مدة من الزمن إلى أن تُطهَّر من التلوث تطهيرًا كاملًا. لا شيء.. لا يقدر أن ينام على فراش أو يأكل أو يشرب أو أي شيء”.
وليس في مذكرات حمادي ذكرٌ لرأيه في مبارك ورد صدام عليه بأن مبارك “ليس شهمًا، بل خسيس وليس قائدًا للعرب”.
وفي نقاش صدام حسين مع مستشارين عسكريين يتحدثون عن استخدام الأسلحة في الحرب العراقية- الإيرانية، شارك سعدون باقتراح وجوب قصف الأهداف الاقتصادية وبطريقة قاسية شديدة ومكثفة. ثم يقول حمادي: “إذا قصفوا مدننا بالقنابل مثلما يجري الآن، علينا أن نرد عليهم بطريقة مناسبة. وإذا أردنا أن نزيد قصفنا لهم بالقنابل أعني أن الزيادة يجب أن تكون موجهة للأهداف الاقتصادية”، بل إن سعدون شجع على استخدام السلاح الكيماوي في اجتماعاته مع صدام حسين… كل هذه المعلومات كشفت عنها التسجيلات السرية التي عثر عليها الأمريكان بعد عام 2003م، على عكس المذكرات الباردة التي لم تذكر أدواره السياسية، فضلًا عن تشجيعه غزو الكويت ومبالغاته في تلك الاجتماعات من قدرة العراق العسكرية، وبالطبع تصمت المذكرات عن دوره الحقيقي في حرب الخليج، هذه مشكلة المذكرات العربية.. تكمن في الصمت عن الحساس والمهم والخطير.

مهتم في مجال السير الذاتية والمذكرات
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
0 تعليق