
هل يكون الصحفي محايداً في قضية فلسطين؟!
بقلم: سليم عزوز
| 25 أكتوبر, 2023

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: سليم عزوز
| 25 أكتوبر, 2023
هل يكون الصحفي محايداً في قضية فلسطين؟!
عندما أرسل الصحفي العراقي “منتظر الزيدي” حذاءه إلى الرئيس الأمريكي بوش الابن، ليكون أكثر تعبيرا عن موقفه من محتل لبلاده، ندد أحد الصحفيين المصريين بذلك، معتبرا ما فعله الزيدي خروجا على تقاليد مهنة الصحافة، ولم يسبق لصاحبنا أن انشغل بقيم المهنة وأعرافها، ولم يُضبط متلبسا بالعمل الصحفي الميداني، لكنه بدأ حياته “صحفي مكتب”، فضلا عن أنه كثير الانتهاك لقيم المهنة، بحجة أنه لا ثوابت لديه!
الثابت الوحيد كان في الدفاع عن قواعد المؤتمرات الصحفية، وأصول مهنة الصحافة، في مواجهة حذاء منتظر الزيدي؛ لكن دوافعه كانت في الواقع أنه ليس مشغولا باحتلال العراق، وليس معنيّا بما جرى في سجن أبو غريب على يد السجان الأمريكي، وها هو ينتهي به المطاف مطلّا عبر قناة “الحرة” الأمريكية التي أطلقها بوش الابن، بهدف تحسين الصورة الأمريكية!
فعندما ترتفع شعارات “الحياد” و”القواعد الصحفية” في مثل هذه المواقف، فإن الدافع لها هو التستر على معصية لا يمكن الجهر بها، فيكون الاعتصام بمثل هذه الشعارات، تماما كما يتردد حديث حياد الصحفي عندما يكون الأمر مرتبطا بعدوان إسرائيلي على الفلسطينيين، فهل ينبغي أن يكون الصحفي محايدا؟!
القول بأن الصحفي لا ينبغي أن يكون صاحب رأي، أو صاحب موقف، هو من باب الدعايات الوافدة، التي تسربت الى أوطاننا من خارجها، بواسطة المستغربين العرب، مع أننا في مصر مثلا عرفنا الصحافة الوطنية، وعرفنا الصحفيين الذين وقفوا في وجه الاحتلال، وكانت صحفهم نارا موقدة في مواجهة الاستعمار، ولم يُطرح هذا الكلام وقتها، إنما طُرح في وقت لاحق ليكون الصحفي مجرد شخص مائع، لا رأي له ولا موقف، ولا طعم ولا لون، ثم ها هي وقائع الحرب الفلسطينية الإسرائيلية، تُثبت أن الصحف الغربية ذات الأسماء الكبيرة ليست محايدة، وليست موضوعية، وهي تنشر الأكاذيب!
إن الحياد ينتمي إلى جنس الأشياء التي لا وجود لها (الغول والغنقاء -وتجاوزا- والخل الوفي)، فلا حياد في الموقف بين الحق والباطل، وبين الوطنية والخيانة، وبين الشرف وعدمه؛ وحتى في الأبحاث العلمية والأكاديمية لا وجود لهذا الحياد، وبمجرد اختيار موضوع البحث يكون الانحياز، واختيار الخبر ومكانه في الصحيفة، أو الموقع أو نشرة الأخبار، هو موقف في حد ذاته؛ لكن المطلوب هو “الموضوعية” في التناول، وفي نقل الأخبار، فلا يكون هناك اختراع لخبر، أو لوي للحقائق بما يتماشى مع الموقف. وعندما يتم الاعتداء على غزة وسكانها بكل هذا الإجرام، فلا يجوز للصحفي أن يكون محايدا بين الاحتلال وصاحب الأرض، أو بين الضحايا ومن يمارس الإجرام عليهم؛ والدعوة لصحفي تتساوى عنده الأشياء، هي دعوة مجرمة، تمثِّل إهانة للصحافة واستهانة بالعاملين فيها.
وهناك مقولة فاسدة تدَّعي أن الصحفي ينقل ما يجري ولا يُصدر الحكم عليه، وهي مقولة تجعل منه إمَّعة؛ فالصحفي جهة تحقيق، وجهة لإصدار الأحكام، لكن أحكامه تقبل النقض والإبرام، والمهم أن تكون الوقائع صحيحة بما يسهّل الحكم عليها من جانب القراء، فليس أفضل من مجتمع يتمتع بالنقد المبنى على العلم، وليس على قاعدة إعجاب كل ذي رأي برأيه، أو وفق قواعد منصات التواصل الاجتماعي، التي جعلت من الجميع محللين وخبراء في السياسة، حيث وصلات الإفتاء بغير علم، على قاعدة “الرأي والرأي الآخر”! ولَكَمْ قلتُ إن الآخر شرط قبوله أن يكون رأيا، وليس جعجعة فارغة، وتجرؤا على الخوض في كل شيء، ومهما يكن فالمعلومة هي ضالة الصحفي!
في الحرب على غزة انتقلنا إلى مستوى آخر، فإن صحفا غربية كبيرة، وصحفيين غربيين يشار لهم بالبنان، خلطوا بين الخبر والرأي، وبين الحقيقة والتحليل، وتبنَّوا الموقف الإسرائيلي، وروجوا الأكاذيب للانتصار لموقفهم هذا؛ وهؤلاء هم من كانوا يعطون الدروس في الحياد، ويذكِّرون بالتأكيد على ضرورة ألا يكون الصحفي صاحب رأي، أو موقف، ليكون مثله الأعلى هو صاحب السؤال التاريخي: “أين ترعرعت سيدتي؟!”
لقد أرهقَنا هؤلاء الطفيليون وهم يعيدون ويزيدون في ضرورة حياد المصطلحات، فلا يقال عن القتيل الفلسطيني شهيدا في حين أن الآخر قتيل، وهم يطالبون الإعلام العربي بأن يقلد الإعلام الغربي، وها هي الأيام تثبت أن المصطلحات عندهم ليست محايدة، وقد رصد الدكتور مصطفى أصلان في مقال له على موقع “الجزيرة مباشر” حقيقة أن محطة بريطانية بعينها، تقول عن قتيل الحرب الفلسطيني “مات”، بينما الإسرائيلي “قُتِل”!
إن الدعوة بإلزام الصحفيين العرب بالحياد لهي الخيانة شحما ولحما.
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
0 تعليق