عندما ترتدي الوحوش ثياب الثقافة

بقلم: د. جاسم الجزاع

| 7 يناير, 2024

مقالات مشابهة

مقالات منوعة

بقلم: د. جاسم الجزاع

| 7 يناير, 2024

عندما ترتدي الوحوش ثياب الثقافة

“تصريحات وزير التراث الإسرائيلي تكشف عن سعيه لاستكشاف طرق أكثر وحشية لتأثير على الشعب الفلسطيني، مما يثير قلقًا بشأن تصاعد التطرف السياسي والعنف الداخلي في إسرائيل.”

تصاعد التطرف الإسرائيلي: بحث عن سبل مؤلمة لإضعاف الفلسطينيين

“إن على إسرائيل البحث عن سبل أخرى مؤلمة للشعب الفلسطيني أكثر من الموت”!. بهذه الكلمات التي لا تنطق بها إلا وحوش بشرية، والتي صدرت عن وزير التراث الإسرائيلي، وجدت أن كل ما ابتكرته القوى العالمية في صناعاتها المتقدمة من الأسلحة وأدوات الفتك لا يكفي لإبادة الشعوب، وما زال البحث جاريا لإيجاد طرق أشد إيلاما للشعب الفلسطيني.. ولا نعلم ما موقف “الغرب الرسمي” المنافق بشأن هذه العنصرية اللامحدودة، التي يصرح بها الوزير الإسرائيلي .

وقال الوزير إلياهو في تصريحات لإذاعة “103 إف إم” الإسرائيلية، إن على إسرائيل حسم المعركة من خلال كسر معنويات الفلسطينيين في غزة وإيقاع ما يؤلمهم، كانتزاع الأرض وتدمير البيوت وكسر حلمهم القومي ودفعهم للهجرة؛ وعندما قاطعه المذيع قائلا إن ذلك غير ممكن، أجاب إلياهو إن ذلك ممكن كما حصل خلال الربيع العربي، عندما هاجرت أعداد كبيرة من سكان المنطقة إلى ألمانيا .

ولعل هذا العنف والتوحش صادر عن تذبذب في البوصلة الصهيونية، التي لم تجد إلى الآن إلا خسارتها للقواعد المؤيدة لها عالميا بفضل صمود أهل غزة في وجه الطغيان العنصري الإبادي، ما شكل جبهة غربية شعبية غير مسبوقة، تطعن في شرعية وجود دولة إسرائيل، وتشكك في مدى جديتها بأن تكون دولة تحترم المواثيق الدولية .

ومن العوامل التي أجدها محركة لهذا النوع من التصريحات وجود صراعات داخلية ومناكفات بين الجماعات اليهودية في إسرائيل؛ فظاهرة العنف الداخلي – مثلاً- أصبحت في الآونة الأخيرة تتفشى داخل المجتمع الإسرائيلي، وتنعكس في حدوث سلسلة أحداث عنيفة حادة جدا، أكدتها معطيات كثيرة نشرتها صحف إسرائيلية عديدة، فبيّنت ارتفاع عدد حوادث العنف الداخلي في إسرائيل خلال العام الحالي.

ووجّه الوزير العنصري الإسرائيلي انتقادات واسعة لوزير الدفاع يوآف غالانت بخصوص الخطة التي وضعها، واعتبر أنها خالفت ما دعا إليه من القيام بقصف شديد مبيد ومستبيح لقطاع غزة.. هذا الوزير ينتمي إلى حزب القوة اليهودية اليميني المتطرف، بقيادة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، وهو حزب يؤيد بناء المستوطنات، واستعادة السيطرة على القطاع ويتبنى أفكاراً عنصرية متطرفة.

تصرُّف الوزير غير مُستغرب، لا سيما وأنه وُلد وترعرع في مدينة شلومي، وتلقى تعليمه في عدة مدارس تلمودية متشددة، ووالده هو الحاخام شموئيل إلياهو، الحاخام الأكبر لمدينة صفد، ومنه تشرب الكثير من فِكَره الدينية المتطرفة، والعنصرية المتوحشة المتجذرة، وقد ترشح شموئيل لمنصب الحاخام الأكبر لليهود السفارديم الشرقيين – وهم اليهود الذين تعود أصولهم إلى يهود أيبيريا التي طردوا منها في القرن 15م- لكنه فشل في الوصول إليه .

وما زالت العنصرية المتجذرة في النفسية اليهودية ترى كل دمار للوجود بمثابة شيء جميل! فقد صرح الوزير المتوحش (وزير الثقافة الإسرائيلي) بالقول: “إن الدمار الهائل الذي أحدثته الغارات الإسرائيلية في شمال قطاع غزة جعل المنطقة أكثر جمالاً وبهاءً”!

فما أقبح من ارتدى ثياب الثقافة والانفتاح، وهو لا يرى سبيلا له في ممارساته في التعامل مع الشعوب الأخرى إلا التوحش والغدر، والتنكر لما تقتضيه حقيقة الإنسانية!

د. جاسم الجزاع

أكاديمي كويتي

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

رسالة إلى أمريكا

رسالة إلى أمريكا

وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...

قراءة المزيد
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!

أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!

أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...

قراءة المزيد
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة

غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة

على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...

قراءة المزيد
Loading...