![سوريا وثورة نصف قرن](https://alarabblog.com/wp-content/uploads/2025/01/syria-and-the-half-century-revolution.jpeg)
وسائل تواصل أم وسائل قطيعة؟
بقلم: جعفر عباس
| 3 أبريل, 2024
![وسائل التواصل الاجتماعي وسائل تواصل أم وسائل قطيعة؟](https://alarabblog.com/wp-content/uploads/2024/04/وسائل-التواصل-الاجتماعي.jpg)
مقالات مشابهة
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
-
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي...
-
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح...
-
في موقعة أمستردام.. لم تسلم الجرّة هذه المرة !
تقول العرب في أمثالها: "ما كل مرة تسلم الجرة".....
مقالات منوعة
بقلم: جعفر عباس
| 3 أبريل, 2024
وسائل تواصل أم وسائل قطيعة؟
ولاية فلوريدا الأمريكية سيئة السمعة، حتى بالمقاييس الأمريكية، لأمور كثيرة أوّلها أنها المحطة الرئيسة لاستجلاب وتوزيع المخدرات داخل الأراضي الأمريكية، ولكنها حظيت خلال الأيام القليلة الماضية بالكثير من التقدير والتصفيق، لأن حاكمها رون دي سانتيس وقَّع في الخامس والعشرين من مارس المنصرم، على قانون يهدف إلى تقييد وصول القُصَّر الذين تقل أعمارهم عن 16 عاما إلى شبكات التواصل الاجتماعي، في ظل القلق المتنامي من التأثير السلبي للمنصات على سلوك الشباب.. وينص القانون على أن من هم دون الـ 14 عاما لن يتمكنوا من فتح حسابات على أي من شبكات التواصل الاجتماعي، بينما سيحتاج المراهقون الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و15 عاما إلى موافقة الوالدين للتسجيل في هذه المنصات.
وهناك إجماع بين علماء الاجتماع والنفس، بأن لوسائل التواصل تلك تأثير غير محمود على تفكير وسلوك الناشئة، الذين يصبحون عرضة لتيارات فكرية وأنماط سلوك غير سوية، عندما يتفاعلون عبرها – بعيدا عن الرقابة المنزلية والمدرسية- مع آخرين يزيّنون لهم العنف أو استخدام المخدرات أو الاتجار فيها، أو التمرد على سلطة الوالدين، أو التورط في علاقات عاطفية وجنسية غير سوية.. وما هو أخطر من كل ذلك هو أن تطبيق واتساب – مثلا- يتم فيه يوميا تداول آلاف الأخبار الكاذبة والمعلومات التي لا تقوم على سند، ولكن صغار السن يتعاملون معها على أنها يقينية.
الإنترنت محيط ضخم تسبح فيه أسماك القرش المفترسة، وهي هنا شياطين الإنس الذين يتربصون في غياب الرقباء بالفرائس ممن لم يكتمل لديهم الوازع الديني والأخلاقي والاجتماعي والقانوني، ويستدرجونهم إلى لجج من الأوحال؛ فالمراهق لا يدرك محاذير التواصل مع أناس يستخدمون أسماء مستعارة والوثوق بهم، بل لا يدرك ما إذا كان صاحب الاسم الذي يتواصل معه حقيقيا أو مفبركا، ومع هذا قد يوليه ثقته الكاملة ويعطيه ترقية إلى رتبة صديق أو ناصح أو راعٍ.. ولهذا قد يتحول صبي ينشأ في أسرة راسخة اجتماعيا وأخلاقيا، إلى شخص متمرد وفظ وقليل الاحترام للكبار وبذيء اللسان، انجرارا مع القيم الهابطة التي تلقاها عبر الوسائط.
وغني عن البيان أن الإنترنت وما ترتب عليها من وسائل اتصال لها العديد من الإيجابيات في العديد من المجالات الحيوية، ولكن – وفي زمن صار فيه الهاتف الذكي في أيدي غالبية الناس في مختلف الشرائح العمرية- تحولت وسائل التواصل إلى وسائل قطيعة، فكثيرون ممن يستخدمونها أدمنوها، وصاروا انعزاليين اجتماعيا ويفضلون التعامل مع معارف وأصدقاء افتراضيين، بل بلغ الأمر حد أن صار هناك عزوف لدى كثيرين عن التواصل الهاتفي الصوتي لتبادل التهاني بالأعياد مثلا، والاكتفاء في أحيان كثيرة بإرسال التهاني في شكل الصور المسماة “إيموجي”، التي تذخر بها الهواتف والكمبيوترات.
وفي داخل كل بيت تقريبا تجد شخصا يجالس بقية أفراد الأسرة شكلا، ولكن عينيه على شاشة هاتفه فقط، وبمرور الوقت لا يعرف مثل هذا الشخص قيمة التواصل العاطفي وجها لوجه بالكلمة المنطوقة، وتصبح علاقته بأفراد العائلة شكلية وبروتوكولية، وقد يكفهر وجه ذلك الشخص عندما يتلقى تعقيبا جارحا من شخص لا يعرفه على نص كتبه أو صورة قام بتنزيلها، فيحس بأنه منبوذ من طرف من أحسن به الظن، بينما لا يكترث بكونه نبذ أفراد عائلته الذين يحبونه بصدق.
في كوريا الجنوبية والصين صار هناك أطباء نفسانيون يعالجون الصغار من إدمان النت ووسائل التواصل الاجتماعي، بعد أن ثبت تأثيرها الضار على الصحة الجسدية والنفسية، ويتجلى ذلك عند المراهقين في فقدان الشهية واضطراب النوم، والإحساس بـ”الأهمية” تارة وفقدان الثقة بالنفس تارات أخرى، والتقليد الأعمى لسلوكيات متداولة عبر الوسائط ولكنها تجلب المساءلة القانونية والأخلاقية. وفي عالم الفتيات لاحظ علماء النفس والاجتماع أن العديد من البنات يجعلن ممن يسميهنَّ الإعلام بالنجوم مثلا أعلى، ويحاولن مجاراتهن في أمور كثيرة، وقد ينتهي بهن الأمر محبطات لعدم نجاحهن في الوصول إلى مرتبة النجومية.
مدمنو وسائط التواصل تلك من فيسبوك وإنستغرام وتويتر وواتساب يكونون عادة قليلي الحركة والنشاط، أي ميالين إلى الخمول الجسدي والفكري، لأنهم يحسبون المحتويات التي يتداولونها إرسالا واستقبالا وجبات غذائية وفكرية كاملة الدسم، بينما معظمها ترهات تضعف القدرة على تمييز الغث من السمين، والصادق من الكاذب، وتقتل القدرة على التركيز والإبداع، فالمعلبات اللفظية والمصورة المتداولة عبر الوسائط، لا تختلف عن الأكل المعلب الذي قد تجد فيه لذة الطعم على بؤس محتواه الغذائي. لا عاصم للشباب من الزلل الإلكتروني إلا الاستعصام بالعود الثقافي والديني والاجتماعي لبيئته، فلن يقدر على ضبط استخدام تلك الوسائط قانون يصدر عن ولاية فلوريدا أو أي ولاية أو دولة أخرى، وكل شاة معلقة من عرقوبها، بمعنى أن واجب كل أسرة أن تضبط استخدام صغارها وشبابها لوسائل التواصل، لمنعهم من الوصول إلى مرحلة القطيعة العائلية والمجتمعية بسبب التوهان في سحب الهواتف والكمبيوترات.
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي وخالد في تاريخ سوريا والمنطقة كلها؛ فالحدث فيه كبير جداً، وأشبه بزلزال شديد لن تتوقف تداعياته عند حدود القطر السوري، لعمق الحدث وضخامته ودلالته، وهو الذي يمثل خلاصة نضال وكفاح الأخوة السوريين على مدى ما يقرب من نصف قرن ضد...
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع "إصلاح" مدونة الأسرة في المغرب من تداعيات مرتقبة على منظومة الأسرة ومؤسّسة الزواج؛ بسبب اختزال التغيير في أربعة محاور قانونية ضيقة: منع تعدّد الزوجات، والحضانة، والطلاق، والإرث. ويكبر في رأسي سؤال فلسفي حيوي تفادَيْنا...
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها أهليته لأن يكون حاكماً عربياً مكتمل الموهبة، فلم يعد ينقصه شيء لاستقلال دولته، بل وأن يكون الحاكم على غزة عندما تلقي الحرب أوزارها، وهو ما كانت ترفضه إسرائيل قبل أن يفعلها! فعلها أبو مازن، فقد أغلق مكتب الجزيرة في رام...
0 تعليق