إسرائيل تستهزئ بخطة السلام الأمريكية غير المسبوقة

بواسطة | فبراير 14, 2024

بواسطة | فبراير 14, 2024

إسرائيل تستهزئ بخطة السلام الأمريكية غير المسبوقة

دولٌ عربية تقدم “ضمانات أمنية” هائلة لإسرائيل، لكن نتنياهو مازال يعاند!

في حرب الأيام الستة في عام 1967، قوبل انتصار “إسرائيل” بـ” اللاءات الثلاث” الشهيرة في القمة العربية التي انعقدت في الخرطوم؛ لا سلام مع إسرائيل، لا اعتراف، لا تفاوض.. لكن يبدو أن الحرب على غزة لها تأثير معاكس لذلك، بحسب مسؤول أمريكي.

تقول المملكة العربية السعودية، الدولة الأهم من بين الدول العربية، نعم للسلام مع الدولة اليهودية والاعتراف بها والتفاوض معها -إذا وافقت إسرائيل على تأسيس دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة. وربما يكون هناك “نَعَمان” إضافيتان أيضاً: نعم للضمانات الأمنية العربية لإسرائيل بشأن العلاقات الدبلوماسية السلمية وغيرها، ونعم لمساعدة الدول العربية في إصلاح السلطة الفلسطينية لتصبح صالحةً لتولي السيطرة على غزة.

هذه هي الرسالة التي حملها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن لإسرائيل بعد زيارته شبه الجزيرة العربية -وهي الجولة الخامسة في المنطقة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول، حين هاجم مقاتلو حماس المستوطنات الإسرائيلية في محيط غزة، وقتلوا 1150 إسرائيليًا، وأسروا ما يقرب من 250 آخرين؛ لكن بالنظر إلى رد فعل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فإن إسرائيل الآن هي التي ترفض هذه الرسالة.

يبدو الأفق في الشرق الأوسط محفوفاً بالمخاطر.. يتبادل حلفاء إيران إطلاق النار مع إسرائيل على نحو منتظم، وأولئك الحلفاء في سوريا والعراق واليمن يهاجمون القوات الأمريكية، وقبل زيارة بلينكن بيومين ضربت الصواريخ الأمريكية 85 هدفًا لقوات تابعة لإيران في المنطقة؛ ويُذكر أن أكثر من 27 ألف فلسطيني قد قُتِلوا في غزة بعد أربعة أشهر من الحرب، التي تسببت في تهجير أغلبية سكان القطاع، الذين يواجهون الآن المرض والجوع.

وتواجه إسرائيل اتهاماتٍ بالإبادة الجماعية أمام محكمة العدل الدولية. وفي أعين كثيرين، لُطِّخت سمعة الولايات المتحدة بسبب الدعم العسكري والسياسي الذي يقدمه الرئيس جو بايدن لمساعي “إسرائيل” لتدمير حماس.

وبينما كان بلينكن يتنقل بين القصور العربية الفاخرة والمكاتب السياسية الإسرائيلية الرتيبة، سعى وزير الخارجية الأمريكي لتحويل الكارثة في غزة إلى فرصةٍ للسلام؛ وبدا أن المسؤولين الأمريكيين قد ابتهجوا بالأحاديث مع ولي العهد السعودي والحاكم الفعلي للمملكة، الأمير محمد بن سلمان.. أصبحت المملكة السعودية شريكةً مركزية في الإستراتيجية الدبلوماسية الطموحة للولايات المتحدة، بعد أن وصفها جو بايدن من قبل بـ”المنبوذة”.

ويتطلب هذا تأمين هدنة “ممتدة” للقتال في غزة، مع تبادل للأسرى والمحتجزين، ما قد يقود إلى وقف دائم لإطلاق النار، وقبول إسرائيلي بدولة فلسطينية، واعتراف سعودي بإسرائيل، والتزامات أمنية أمريكية جديدة.

يبدو بلينكن مقتنعاً بأن اللحظة التي تعيشها إسرائيل اليوم، ليست أقرب إلى عام 1967، بل إلى فترة ما بعد الحرب العربية الإسرائيلية عام 1973 والانتفاضة الفلسطينية في عامي 1987 و1991. في هذه الفترات، أدت الآلام المتتالية للصراعات إلى معاهدة السلام مع مصر في عام 1979، واتفاقيات أوسلو في عام 1993 التي أدت إلى إنشاء السلطة الفلسطينية.

ومع ذلك، فإن الطريق إلى اتفاق إقليمي ليس مضموناً على الإطلاق.. فمن ناحية، فإن اتفاق الأسرى -الخطوة الأولى الأساسية في الخطة الأمريكية- يرتكز على رجل يصر الإسرائيليون على قتله: يحيى السنوار، زعيم حماس في غزة، ويُعتَقد أنه يختبئ مع الأسرى في الأنفاق التي بنتها حماس تحت غزة.

ومع ذلك، جلب بلينكن ما اعتقد أنها أخبار تبعث على الأمل على هذه الجبهة! وفي 6 فبراير/ شباط، أخبره أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد، أنه تلقى للتو ردًا من حماس على صفقة الأسرى التي صاغتها إسرائيل وأمريكا ومصر وقطر.. لقد اعتبرت قطر الإجابة “إيجابية”، ورغم ذلك فإنها معيبة، فهي قابلة للتطبيق من قِبَل الأمريكيين، لكن نتنياهو وصفها بأنها “وهمية”.

إذا تم القبول بالخطة، فسيكون هناك الكثير من المساومة حول من سيُطلَق سراحه وبأي ترتيب؛ وتظل النقطة الشائكة الكبرى هي ما إذا كان القتال سيستمر بعد الهدنة، كما تقول إسرائيل، بينما تصر حماس على وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب إسرائيلي من غزة. الحل الوسط الأرجح هو التوصل إلى اتفاق على مراحل، وتأمل الولايات المتحدة أن يساعد حتى التوقف المؤقت، قبل بداية شهر رمضان في أوائل شهر مارس/ آذار، على تغيير عقلية الجانبين، مما يسمح لهما بالتفكير في “اليوم التالي”.. كل هذا يسلط الضوء على نتنياهو، الذي أعلن عن نيته القتال من أجل تحقيق “النصر المطلق” ومعارضته لأي دولة فلسطينية؛ ويريد القادة العرب من الولايات المتحدة أن تمارس المزيد من الضغوط عليه.

في الوقت الحالي، ورغم الخلاف العام المتزايد، تعتقد إدارة بايدن أن وقف تدفق الأسلحة إلى إسرائيل لن يؤدي إلا إلى تشجيع حماس وأعضاء آخرين في “محور المقاومة” الإيراني. وفي المقابل، شدد بلينكن على “أهمية اتخاذ جميع التدابير الممكنة لحماية المدنيين في غزة” والسماح بدخول المزيد من الإمدادات الإنسانية. وفي الأول من فبراير/ شباط، فرضت أمريكا أيضاً عقوبات على أربعة مستوطنين يهود متهمين بارتكاب أعمال عنف ضد الفلسطينيين، وهو الأمر الذي انتقده نتنياهو ووصفه بأنه “إشكالي للغاية”.

ويعتقد بلينكن أن المنطقة على مفترق طريقين؛ أحدهما يؤدي إلى الخلاص، من خلال “مستقبل إيجابي وقوي للغاية، يدمج إسرائيل بشكل حقيقي في المنطقة ويلبي احتياجاتها الأمنية الأكثر عمقاً”، وهو أيضاً “يستجيب لتطلعات الشعب الفلسطيني”؛ أما الطريق الآخر فيؤدي إلى الهلاك، مع استمرار القتال في غزة وتصاعد الحرب مع حلفاء إيران. ورغم أنه لم يوضح ذلك، يبدو بلينكن قلقاً بشأن احتمال تقدم القوات الإسرائيلية إلى رفح في الطرف الجنوبي من قطاع غزة؛ ويتركز الفلسطينيون بشكل متزايد هناك، ويكمن الخطر في دفعهم عبر الحدود إلى سيناء. وفي محاولة لطمأنة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أعرب بلينكن عن “رفض أمريكا لأي تهجير قسري للفلسطينيين من غزة”.

تحث أمريكا إسرائيل على الموافقة على “مسار عملي ومحدد زمنياً ولا رجعة فيه لإقامة دولة فلسطينية”، كجزء من اتفاق رباعي الأطراف بين الولايات المتحدة وإسرائيل والسلطة الفلسطينية والمملكة العربية السعودية.. وستعرض الولايات المتحدة معاهدة دفاعية مع السعودية وتكنولوجيا نووية مدنية، وستوافق السلطة الفلسطينية الضعيفة على الإصلاح.

ومن أجل تحسين الصفقة بشكل أكبر، تفكر بعض الدول العربية في تقديم “ضمانات أمنية” إضافية لإسرائيل؛ لم تُحدَّد هذه الضمانات حتى الآن، رغم أنه من غير المرجح أن تنطوي على معاهدة دفاع رسمية، ودول الخليج لا تمتلك جيوشاً كبيرة، ولا تريد أن تكون في طليعة المواجهة الأمريكية الإسرائيلية مع إيران، ولكن قد يكون هناك شيء أكثر مرونة في المستقبل القريب.. وتشمل الخيارات المزيد من تبادل المعلومات الاستخبارية، وإنشاء منطقة دفاع جوي مشتركة قوية، بل إن البعض يتحدث عن مناورات عسكرية مشتركة، وهو أمر غير معتاد. وقال بلينكن إن هذه الدول العربية “مستعدة للقيام بأشياء مع إسرائيل ومن أجلها، لم تكن مستعدة للقيام بها في الماضي”.

علاوة على ذلك، تبدو الدول العربية مستعدة لمساعدة السلطة الفلسطينية في إصلاحها؛ وقد اجتمع وزراء خارجية المملكة العربية السعودية والإمارات وقطر ومصر والأردن مع مسؤولين من السلطة الفلسطينية في الرياض يوم 8 فبراير/ شباط لمناقشة الحوكمة. وتشير بعض المصادر العربية إلى أن الأردن يمكن أن يساعد في تدريب قوات الأمن الفلسطينية، ويمكن للإمارات أن تساعد في تحسين إدارة السلطة الفلسطينية.

وقد أوضحت الدول العربية أنها لن ترسل قوات حفظ السلام إلى غزة إذا غادر الإسرائيليون غزة، ولن تدفع تكاليف إعادة بناء القطاع ما لم يكن هناك التزام إسرائيلي بإقامة دولة فلسطينية. ومع ذلك، يبدو أنهم يدركون أنهم بحاجة إلى تحمل مسؤولية أكبر في ما يتعلق بتسوية القضية الفلسطينية، أو المخاطرة باستغلال إيران وغيرها من الأطراف المتشددة لهذا الأمر لصالحها.

في السر، يُقال إن نتنياهو أكثر مرونة مما يظهره ويصرح به.. فهل يستطيع أن يحمل نفسه على قول نعم للسعوديين؟ وإذا رفض، فهل من سيحل محله سيكون أكثر استعداداً لذلك؟ لا بلينكن ولا أي شخص آخر متأكد من ذلك.

المصدر: الإيكونوميست
تاريخ النشر: 07/02/2024

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

أسلحة يوم القيامة

أسلحة يوم القيامة

بلغت وقاحة الكيان الصهيوني حدودا لا يمكن وصفها منذ إعلان حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني، ولا يمر يوم إلا وتسمع وترى دليلا واضحا كالشمس على حقارة وبشاعة الكيان، وطريقة تعامله الحيوانية مع الآخرين. الأسبوع الماضي استوقفني تصريح خطير جدا، أدلى به يائير كاتس رئيس مجلس...

قراءة المزيد
السيسي والنسخة المُصغّرة منه في التشكيل الوزاري الجديد

السيسي والنسخة المُصغّرة منه في التشكيل الوزاري الجديد

في ظهيرة الجمعة 26 من مارس/ آذار انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو بث مباشر، قام بنشره شاب صعيدي، أرسل من خلاله استغاثة، وهو على متن قطار مصري اصطدم بآخر، فسقط به من الضحايا العشرات. بدا الشاب بعيون زائغة، والغبار يلف وجهه وشعره، وهو يصرخ بشدة، قائلاً "الحقونا.....

قراءة المزيد
الحاقة ما الحاقة؟

الحاقة ما الحاقة؟

 سؤال لا يمكن للعقل البشري أن يجد إجابة عليه!. هكذا يسأل الله قارئ القرآن وكل من يسمع بدايات سورة الحاقة.. يعرض سبحانه في المرة الأولى كلمة الحاقة، وهي من أسماء يوم القيامة، يسأل عنها، ثم في المرة الثانية يؤكد سبحانه على عظم ومكانة هذا اليوم بقوله: "وما أدراك ما...

قراءة المزيد
Loading...