الاحتجاجات الداعمة للفلسطينيين تنذر بصيف ساخن وتمثل التحدي الأكبر لبايدن مع اقتراب الانتخابات

بواسطة | أبريل 24, 2024

بواسطة | أبريل 24, 2024

الاحتجاجات الداعمة للفلسطينيين تنذر بصيف ساخن وتمثل التحدي الأكبر لبايدن مع اقتراب الانتخابات

يمكن أن تنذر المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين، التي تسببت باختناقات لحركة المرور في المدن الأمريكية، بصيف متقلب من الاحتجاجات، ما يخلق تحديًا للرئيس بايدن ويثير جدلاً حول ما إذا كانت تكتيكات بعض النشطاء تهدد بتقويض الدعم العام لحركتهم.

أغلق المتظاهرون الطرق الرئيسية لساعات في مدن، من بينها سان فرانسيسكو ونيويورك، كجزء من حملة عالمية لزيادة الوعي بشأن الحرب الإسرائيلية على غزة في يوم الضرائب الأمريكي.

وفي شيكاغو وسياتل، أغلق المتظاهرون مداخل المطارات الدولية، ما أجبر المسافرين وأطقم الطيران على السير إلى محطات الطيران أو مواجهة احتمال تفويت رحلاتهم؛ وفي سان فرانسيسكو، اضطرت الشرطة إلى استخدام معدات اللحام لتحرير المتظاهرين من جسر باي بعد أن حبسوا أنفسهم بالأنابيب.

وتكشّفت الفوضى بينما تتجه الولايات المتحدة إلى وقت حساس يتعلق بالانتخابات الرئاسية؛ إذ سيظهر بايدن والرئيس السابق دونالد ترامب في مؤتمرات الترشيح لحزبيهما هذا الصيف، ويبدو أن كلا الحدثين “يتنافسان” على جذب عدد كبير من المتظاهرين. كما يصادف هذا الصيف أيضًا مرور أربع سنوات على اندلاع الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد، بعد وفاة جورج فلويد في مينيابوليس.

وبالفعل، بدأ أعضاء الكونجرس، ومديرو الجامعات، وبعض رؤساء البلديات في المدن الكبرى، في العمل على التحكم بشكل أكبر بالذين يشاركون في تلك الفعاليات، لمحاولة تقليل الاضطرابات.. تحذر بعض الجامعات – بما في ذلك جامعة ميشيغان- الطلابَ صراحةً من أنهم قد يواجهون الطرد إذا قاموا بتعطيل الحرم الجامعي في نهاية الفصل الدراسي.

حتى الآن، كانت الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين صغيرة نسبيًا مقارنة بمظاهرات “حياة السود مهمة” في عام 2020؛ ويحذر المحللون أيضًا من أن هناك حدودًا تاريخية لمدى حجم الحركة الاجتماعية، التي يمكن أن تنمو عند عدم تحقق المسألة المطروحة في الولايات المتحدة، أو إشراك القوات الأمريكية بشكل مباشر. ولكن مع تعهد منظمي الاحتجاج المؤيدين للفلسطينيين بأن تحرك يوم الاثنين كان مجرد بداية لمزيد من المشاركة المباشرة، يقول المحللون إنه من شبه المؤكد أن المظاهرات ستضيف المزيد من ضعف القدرة على التنبؤ إلى التقويم السياسي لهذا العام.

وقال عمر واسو، الأستاذ المساعد في العلوم السياسية بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، والذي درس الاحتجاج على نطاق واسع: “إذا استمر هذا لمدة ستة أشهر أخرى، أتوقع أن تتصاعد أنواع التكتيكات المستخدمة، وأن نشهد المزيد من الاحتجاجات المتطرفة، وسيصبح هناك فصيل أكثر تشددا يدعو إلى تكتيكات أكثر تطرفا”. وفي مقابلة مع صحيفة واشنطن بوست، اقترح أحد منظمي مظاهرات يوم الاثنين في كاليفورنيا ذلك على وجه التحديد. وقال شاويا فالكون، الذي شارك في مظاهرة أدت إلى إغلاق طريق سريع في أوكلاند: “ما جرى اليوم دليل على أن الناس سيكافحون ويواصلون التصعيد حتى يكون هناك وقف دائم لإطلاق النار”.

ويشير المحللون إلى أن الحركة المؤيدة للفلسطينيين أصبحت الآن عبارة عن شبكة مترامية الأطراف من المجموعات، التي لدى العديد منها وجهات نظر مختلفة حول التكتيكات المقبولة أو الفعالة.. تتمتع جماعات عديدة ببنية قيادية منتشرة، أو يغيب القائد على الإطلاق، وهذا يمكن أن يجعل من الصعب بشكل خاص التنبؤ بالخطوات التالية للحركة. وأشار واسو إلى أنه خلال عصر الحقوق المدنية، كانت هناك مجموعة أكثر تماسكًا من القادة الذين وضعوا معالم إرشادية لنوع التكتيكات، التي يمكن استخدامها في لحظات مختلفة من الزمن.

لكن المحللين يقولون إن أي نشاط احتجاجي سيتحقق في الأسابيع المقبلة سيشكل تحديًا جديدًا لبايدن، الذي يكافح من أجل تحقيق التوازن بين دعم إدارته لإسرائيل، والمطالب المتزايدة من ائتلافه الليبرالي، الذي يضغط من أجل إنهاء فوري للحرب في غزة.

قبل أربع سنوات، وسط احتجاجات “حياة السود مهمة”، ترامب هو من كان في البيت الأبيض، حينها أصبحت بعض المظاهرات مدمرة وهزت ثقة بعض الأمريكيين في استقرار الأمة. وهذا العام، سيضطر بايدن إلى طمأنة الناخبين إذا أصبحت الاحتجاجات التخريبية شائعة، ويجب عليه أيضًا أن يكسب الناخبين الشباب، الذين يشكلون جزءًا كبيرًا من الحركة المؤيدة للفلسطينيين بشكل عام.

مؤخرًا، أصدر فنسنت بونس – الأستاذ المشارك في كلية هارفارد للأعمال- دراسةً تُظهر أن الحركات الاحتجاجية بشكل عام لا تأخذ في الاهتمام الاعتبارات السياسية للأميركيين في صناديق الاقتراع. ومن بين 14 احتجاجًا وحركة تمت دراستها من عام 2017 حتى عام 2021، خلص بونس إلى أن مظاهرات “حياة السود مهمة” في عام 2020، هي فقط التي “زادت الأصوات لصالح الديمقراطيين”. وجاء في التقرير: “بشكل عام، تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى محدودية النجاح لموجات الاحتجاج الأخيرة في تغيير معتقدات وسلوك الناخبين الأمريكيين، على الأقل على المدى القصير”.

ومع ذلك، يقول بونس إن المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين قد تشتد في الأشهر المقبلة؛ وقال بونس: “استمرار الاحتجاجات أو عدمه سيعتمد على ما إذا كانت الإدارة ستسمعها أم لا، وحقيقة أن الاحتجاجات ستحدث في وقت قريب جدًا من الانتخابات الرئاسية، قد تعني ضمناً أن الإدارة ستكون أكثر اهتمامًا بها”.

يوافق واسو على ذلك، قائلًا إن أحد الدروس المستفادة من عصر الحقوق المدنية هو أن “التكتيكات الأكثر تطرفًا”، التي يستخدمها المحتجون، تميل إلى أن تكون أكثر تأثيرًا “مع النخب” الذين يحاولون اتّقاء تأثير الاضطرابات. قال واسو: “عندما يستخدم المتظاهرون تكتيكات متطرفة قد يخسرون الرأي العام، لكن مع ذلك يتعين عليهم إرسال إشارة إلى القادة الذين يريدون بعد ذلك إدارة المشكلة؛ وبهذه الطريقة فإن التكتيكات الأكثر تطرفا قد تلحق الضرر بهم في صناديق الاقتراع، ولكنها يمكن أن تساعد أيضا في الحصول على استجابات سياسية من القادة”.

ويأتي تطور الاحتجاج المؤيد للفلسطينيين مع تحول الرأي العام حول الحرب في غزة. ففي أواخر شهر مارس/ آذار، نشرت مؤسسة غالوب استطلاعاً للرأي أظهر أن 55% من الأمريكيين يرفضون العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة، بينما وافق عليها 36% منهم. ويوافق الآن 18% فقط من الديمقراطيين على هذا الإجراء، ما يعني انخفاض هذه النسبة التي كانت 36% في نوفمبر.

لكن المحللين يحذرون من أن المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين قد يقوضون الرأي العام، إذا شعر الجمهور أن المتظاهرين يلجؤون إلى أساليب احتجاجية متطرفة للغاية.. أجرى روب ويلر، أستاذ علم النفس وعلم الاجتماع بجامعة ستانفورد، بحثًا يظهر أن “التكتيكات المتطرفة تقلل من الدعم الشعبي للحركات الاجتماعية”. وقال ويلر إن الدعم العام بدأ يتحول بعيدًا عن الحركات التي تنخرط في “تدمير الممتلكات، أو الأذى الجسدي لأشخاص آخرين، أو تعطيل كبير للحياة اليومية”.

وقال ويلر إن منع الوصول إلى المطارات الرئيسية أو الطرق السريعة، كما فعل المتظاهرون المؤيدون للفلسطينيين يوم الاثنين، يندرج بشكل عام ضمن الفئة التي قد تؤدي إلى رد فعل عنيف من الجمهور؛ ومع ذلك تميل هذه التكتيكات إلى زيادة اهتمام وسائل الإعلام، لذلك يرى بعض الناشطين أن المقايضة تستحق العناء. وقال ويلر: “نحن نسميها معضلة الناشطين، إنهم جيدون حقًا في جذب انتباه وسائل الإعلام… لذا فإن الحركات المختلفة، في مراحل مختلفة من التعبئة، قد يكون لها حسابات مختلفة حول ما إذا كان الثمن يستحق العناء”.

خليل أبو عليا، وهو فلسطيني أمريكي من الجيل الثاني ساعد في تنظيم بعض المظاهرات غير البارزة في جامعة ميسيسيبي، يشعر بالقلق بشأن الخلافات الداخلية داخل الحركة. ويقول أبو عليا إنه خلال الأشهر الستة الماضية، أصبح الأمريكيون أكثر دراية وتعاطفا مع القضية الفلسطينية.. على سبيل المثال، لم يعد زملاؤه في الحرم الجامعي يسألونه عما إذا كان من باكستان عندما يخبرهم أنه فلسطيني. لكنه يخشى أن يكون بعض التقدم الذي أحرزه هو ونشطاء آخرون معرضًا للخطر، إذا قام متظاهرون آخرون “بإغلاق الطرق والجسور وإيذاء الناس”. وقال أبو عليا: “أشعر أنها لعبة خطيرة، لأننا في تلك اللحظة وفي هذا الوضع سنواجه المشكلة.. هناك عواقب واقعية لكل ما نقوم به”.

ومع ذلك، يرى أبو عليا بعض الأهمية في جعل بايدن يشعر بعدم الارتياح، وقد قرر طالب الصيدلة الأول بالفعل أنه لن يصوت لبايدن في نوفمبر، ما يسلط الضوء على التحديات التي يواجهها الرئيس في سعيه للفوز بشكل حاسم بالناخبين الشباب كما فعل في عام 2020. وقال أبو عليا (23 عاما): “أنا بالتأكيد لن أصوت لبايدن، لقد جلس هناك وتفرج، على مدار ستة أشهر، بينما يتم تدمير عائلاتنا في غزة”.

وقال يوسف شحود، أستاذ العلوم السياسية في جامعة كريستوفر نيوبورت في فرجينيا، إن الاحتجاجات المستمرة ستسلط الضوء بشكل أكبر على مقدار الدعم الذي فقده بايدن بين الدوائر الانتخابية الديمقراطية الأساسية بسبب الحرب. وقال شحود – وهو أمريكي من أصل مصري- إن هناك “شريحة كبيرة” من الأمريكيين المسلمين سيحجبون أصواتهم عن بايدن إذا أُجريت الانتخابات اليوم.

قال شحود: “لا أرى أي دليل على أن الاحتجاجات ستفقد قوتها، قد تتغير من حيث الأسلوب، أما من حيث الكثافة، فلا تزال في مقدمة اهتمامات شريحة كبيرة من الناخبين الديمقراطيين”.

المصدر: واشنطن بوست | Tim Craig
تاريخ النشر: 16/04/2024

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

هموم عُمَريّة في الساعات الأخيرة ومصير المتآمرين على اغتيال أمير المؤمنين

هموم عُمَريّة في الساعات الأخيرة ومصير المتآمرين على اغتيال أمير المؤمنين

بعد أن طُعن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه في المحراب في صلاة الفجر، يومَ الرابع والعشرين من شهر ذي الحجة، في السنة الثالثة والعشرين للهجرة، احتمله الناس إلى بيته وجراحُه تتدفق دما. همّ الخليفة أن يعرف قاتله كان من أوائل ما طلبه أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه أن يعرف...

قراءة المزيد
حينما يتمسح العرب بزيدان ولامين يامال وشاكيرا وأوباما !

حينما يتمسح العرب بزيدان ولامين يامال وشاكيرا وأوباما !

أواخر التسعينيات من القرن الماضي، فوجئ العرب بحدث مثير: صور تملأ وسائل إعلام الدنيا تجمع "دودي الفايد" مع.. من؟. مع أميرة الأميرات وجميلة الجميلات "ديانا"!. للتذكرة.. "دودي" (أو عماد) هو ابن الملياردير محمد الفايد، المالك السابق لمحلات هارودز الشهيرة فى لندن. نحن –...

قراءة المزيد
الغربي الآخر بين سعيد ومالك بن نبي

الغربي الآخر بين سعيد ومالك بن نبي

ظل مالك بن نبي مصراً على أن ملحمة الاستقلال العربي الإسلامي، الممتد إنسانياً بين أفريقيا وآسيا، تنطلق من معركة التحرير الفكري بشقّيها؛ كفاح الكولونيالية الفرنسية عبر روح القرآن ودلالته الإيمانية، ونهضة الفكر الذاتي الخلّاق من أمراض المسلمين، والرابط الروحي والأخلاقي...

قراءة المزيد
Loading...