تم إطلاق حملة “صوت المسلمين”(TMV) في ديسمبر/ كانون الأول 2023، وهي حملة في المملكة المتحدة تدعم المرشحين البرلمانيين للانتخابات المقبلة في الدوائر التي فيها عدد كبير من الناخبين المسلمين.

وكان قسم كبير من قوة الحملة يتناول مسألة الدعم المبكر من حزب العمل المعارض، الذي يدعمه المسلمون تقليدياً، للحرب الإسرائيلية على غزة؛ كما أنها تستهدف النواب الذين فشلوا في التصويت لصالح وقف إطلاق النار.

في يوم الأربعاء 5 يونيو/ حزيران، أيدت TMV أيضًا مرشحي حزب العمال المختارين، الذين تحدوا السوط للتصويت على وقف إطلاق النار.

وقد حظيت هذه المبادرة حتى الآن بموافقة رابطة مسلمي بريطانيا، والمجلس الإسلامي في إسكتلندا، ومجلس مسلمي ويلز، ومنظمة مشاركة المسلمين والتنمية (Mend) وغيرها. لكن الحملة، التي تستهدف ما يقرب من 4 ملايين مسلم في المملكة المتحدة (حوالي 6% من الناخبين) واجهت انتقادات كبيرة.

وقد قال نايجل فاراج، المرشح البرلماني عن كلاكتون وزعيم حزب الإصلاح البريطاني اليميني، الذي يسعى لجذب الناخبين المحافظين، إن “السياسات الطائفية” تهدد بريطانيا، وهو ما تنفيه حملة TMV بشدة.

كيف يجري تصويت المسلمين؟

تقول الحملة إنها تدعم وتؤيد السياسيين والمرشحين – سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين- الذين “يدعمون هيئة الخدمات الصحية الوطنية والخدمات العامة، ويعارضون دور الحكومة البريطانية في الإبادة الجماعية والفصل العنصري المستمرين في غزة”. وقال أبو بكر ناناباوا، المنسق والمتحدث باسم TMV، إن الحملة تهدف إلى تشجيع المشاركة السياسية الإسلامية، ومنح قيمة لقوة التصويت للمجتمعات الإسلامية المحلية.

في يناير/ كانون الثاني، قالت TMV لموقع ميدل إيست آي إنها ستدعم المرشحين المستقلين في دوائر انتخابية مختارة بعناية. وقال ناناباوا: “نحن ندرك أن المسلمين صوتوا منذ فترة طويلة عبر الطيف السياسي، ونحن نهدف إلى التعبير عن الطريقة التي يرغب بها المجتمع الإسلامي في التصويت”.

ما هي السياسات التي تدعمها حملة “صوت المسلمين”؟

تقول الحملة إنها ليست سياسية، لكن لديها قائمة مفصلة بالتعهدات التي توفر المبادئ التوجيهية وراء من تدعمه، وتشمل:

– الحرب على غزة: تدعو TMV إلى وقف إطلاق النار في غزة، والاعتراف بدولة فلسطين، وتعزيز القوانين التي تمنع التجارة البريطانية مع المستوطنات، ودعم العقوبات على الشركات العاملة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

– الرعاية الصحية: تدعم الحملة زيادة تمويل المجالس والصحة العامة للمناطق الأكثر حرمانا في بريطانيا.

– الشرطة: تريد TMV من المرشحين الالتزام بمعالجة التمييز داخل نظام العدالة.

– التعليم: تدعو الحملة إلى أن يأخذ معلمو المدارس الحساسيات الثقافية والدينية في الاعتبار، على الأقل عند مناقشة قضايا المثليين في المدارس، حيث يتمتع معظم المجتمع بخلفية دينية.

وقال نانوباوا: “الديمقراطية هي إحدى القيم الأساسية للمجتمع البريطاني.. لقد التزمتها هذه الحملة والتزمها المسلمون في جميع أنحاء البلاد، وسيستخدمون أصواتهم لإسماع أصواتهم بشأن ما يهمهم، من الخدمات الصحية الوطنية إلى التعليم.. المسلمون جزء من الحياة البريطانية، ويهدفون إلى تطوير المجتمعات التي يعيشون فيها”.

هل تمت تجربة حملة الناخبين المسلمين من قبل؟

لقد كانت هناك بعض المحاولات، ولكن لم يكن هناك شيء بارز.. ففي الانتخابات السابقة، مثل انتخابات عام 2019، أصدرت منظمة “مند” المجتمعية بيانات إسلامية، تسلط الضوء على الأولويات السياسية الخاصة بالمسلمين.

وفي عام 2015، شجعت المبادرة الشعبية YouElect المزيد من المسلمين على التسجيل للتصويت، حيث قدرت أنهم في نهاية المطاف يمكنهم التأثير على النتائج في 32 دائرة انتخابية.

وفي عام 2013، أجرت حركة “التصويت الأسود” بحثًا وجد أن 168 دائرة انتخابية كان فيها عدد الناخبين من الأقليات العرقية أكبر من الأغلبية الفائزة.

قبل انتخابات عام 2019، دعا المجلس الإسلامي في بريطانيا الأحزاب السياسية إلى الالتزام بعشرة تعهدات رئيسية، ثم قام بتصنيف موقف الأحزاب الرئيسية من تلك التعهدات.

ماذا حدث لدعم حزب العمال الإسلامي؟

تقليديا، يدعم معظم الناخبين المسلمين في بريطانيا حزب العمال، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أنه عادة ما يجتذب دعم الطبقة العاملة ولأنه مؤيد للهجرة.

هناك 20 دائرة انتخابية في المملكة المتحدة تزيد نسبة المسلمين بين الناخبين فيها عن 30%، من إجمالي 650 دائرة انتخابية (جميع نواب حزب العمال المدعومين في عام 2019، وفي سبع من هذه الدوائر يشكل المسلمون أكثر من 40 في المائة من الناخبين). وحددت منظمة “صوت المسلمين” 93 دائرة انتخابية أخرى، يمثل فيها المسلمون أكثر من 10% من الناخبين.

لكن دعم المسلمين لحزب العمال انخفض من 75% عام 2001 إلى 38% عام 2004، بعد حرب العراق. وارتفعت النسبة بحلول عام 2015، عندما صوت 64% من المسلمين لصالح حزب العمال؛ وبلغت ذروتها بأكثر من 80% عندما كان جيريمي كوربين زعيمًا، بين عامي 2015 و2020.

لقد تغيرت العلاقة بين المسلمين وقيادة كير ستارمر بشكل ملحوظ منذ انتخابه في عام 2020، وخاصة منذ 7 أكتوبر 2023. وقد تعرض حزب العمال لانتقادات بسبب دعمه للحرب الإسرائيلية على غزة، خاصة بعد أن قال ستارمر إن إسرائيل “لها الحق” في حجب الكهرباء والمياه عن غزة. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني، أمر ستارمر حزبه بعدم دعم وقف إطلاق النار في تصويت برلماني دعا إليه الحزب الوطني الإسكتلندي، وقد تحداه 56 نائبا من حزب العمال.

وأصبح الاستياء بين الناخبين واضحًا في الأول من مارس/ آذار، عندما فاز النائب العمالي السابق جورج جالاوي، الذي يمثل حزب العمال اليساري في بريطانيا، بأغلبية ساحقة في الانتخابات الفرعية في روتشديل، حيث يشكل المسلمون 27% من السكان. وكان حزب العمال قد سحب دعمه لمرشحه أزهر علي، بعد أن تبين أنه أدلى بتصريحات حول الحرب الإسرائيلية على غزة، وقد اعتذر عنها لاحقا.

وفي الانتخابات المحلية التي جرت في شهر مايو، خسر حزب العمال ثلث حصته من الأصوات في المناطق ذات الأغلبية المسلمة؛ ففي المنافسة على منصب عمدة وست ميدلاندز، تغلب ريتشارد باركر من حزب العمال على آندي ستريت من حزب المحافظين بفارق 1500 صوت فقط؛ في حين حصل المرشح المستقل أحمد يعقوب، الذي جعل الحرب الإسرائيلية جزءاً كبيراً من حملته الانتخابية، على ما يقرب من 70 ألف صوت. ويترشح يعقوب الآن للبرلمان في مقر برمنغهام ليديوود، حيث يشكل المسلمون 43% من الناخبين، في مواجهة شبانة محمود من حزب العمال.

وفي أولدهام وكيركليس، فقدَ حزب العمال السيطرة على المجلس أمام مجموعة من المستقلين والخضر.. كان أداء الحزب أسوأ في الدوائر مع معظم الناخبين المسلمين، حيث قال أحد أعضاء المجلس المتقاعدين إن “قضية غزة” كان من الممكن أن تفقدهم مقعدهم.

ولكن في مانشستر الكبرى، احتفظ عمدة حزب العمال آندي بورنهام بمنصبه بشكل مريح؛ وكذلك فعل صادق خان، عمدة لندن، من حزب العمال.. لدى كل من بورنهام وخان عدد كبير من الناخبين المسلمين، وكلاهما يعتبران على نطاق واسع مؤيدين للفلسطينيين.

وقال ناناباوا: “لقد اعتبر أعضاء حزب العمال لفترة طويلة جداً صوت المسلمين أمراً مفروغاً منه، ونسوا أنهم بحاجة إلى كسبه.. مثل أي جماعة أخرى، للمجتمع المسلم الحق في تعبئة دوائره خلف المرشحين”.

فهل تغيرت سياسة حزب العمال بشأن غزة؟

خلال الانتخابات المحلية التي جرت في أوائل شهر مايو، قال مصدر من حزب العمال لـ”بي بي سي” إن المنافسة المتقاربة على رئاسة بلدية وست ميدلاندز كانت نتيجة “الشرق الأوسط وليس وست ميدلاندز”، واصفًا حماس بـ “الأشرار الحقيقيين”؛ وسرعان ما تبرأت القيادة العليا لحزب العمال من هذا التصريح ووصفته بالعنصرية.

وقالت جيس فيليبس، النائبة البرلمانية التي صوتت لصالح وقف إطلاق النار، واستقالت من منصبها الوزاري في نوفمبر/ تشرين الثاني، إن الحزب عليه القيام ببعض “المراجعة” لمواقف أعضائه.

وقد تغير موقف حزب العمال بشأن غزة منذ ذلك الحين.. وقال وزير خارجية الظل ديفيد لامي في تشرين الثاني/ نوفمبر إنه “يمكن تبرير قصف إسرائيل لمخيمات اللاجئين” من الناحية القانونية؛ وفي أوائل شهر مايو/ أيار، أشار إلى أن نيلسون مانديلا كان سيعارض الاحتجاجات الطلابية من أجل غزة في الجامعات الأمريكية.

ولكن في أواخر شهر مايو/ أيار، أيد لامي المحكمة الجنائية الدولية بعد أن أعلن كبير المدعين فيها، كريم خان، أنه سيسعى إلى إصدار أوامر اعتقال بحق زعماء إسرائيليين وقادة من حماس، بما في ذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

في 27 مايو، ظهر مقطع فيديو لنائبة الزعيم أنجيلا راينر وهي تخبر الناخبين المسلمين في دائرتها الانتخابية أن حزب العمال يدعم المحكمة الجنائية الدولية، ووعدت بأن حكومة حزب العمال ستعترف بدولة فلسطين، بينما حذرت من أنه لن يكون لها سوى تأثير “محدود” على الوضع في غزة. ومع ذلك، رفض زعيم الحزب ستارمر الإفصاح عما إذا كان سيدعم المحكمة الجنائية الدولية إذا أصدرت مذكرة اعتقال بحق نتنياهو.

وفي الأسبوع الأول من الحملة الانتخابية، أسقط حزب العمل أيضًا المرشحة البرلمانية فايزة شاهين، بسبب إعجابها بمنشورات تنتقد إسرائيل ومؤيديها. وبعد ذلك، نأت شاهين بنفسها عن بعض المنشورات التي أعجبتها، لكنها قالت إنها لا تعتقد أنها تبرر تعليقها.

ماذا قال الناس عن تصويت المسلمين؟

بعد الانتخابات المحلية في شهر مايو، أعلنت حملة صوت المسلمين TMV عن مجموعة من المطالب، التي تعكس التعهدات الموجودة على موقعها على الإنترنت، والتي يتعين على حزب العمال أن يلبيها من أجل الحصول على دعمه.. ووصفها النائب المحافظ أندرو بيرسي بأنها تهديد للأمن القومي والقيم الديمقراطية.

وحذر زعيم حزب العمال قائلا: “إن سياسة المملكة المتحدة تواجه تهديدا متزايدا من التطرف والانقسام”. وفي الوقت نفسه، وصف زعيم المحافظين السابق إيان دنكان سميث، حملة TMV بأنها تهديد للديمقراطية، وشبّه مطالبها بالابتزاز.

كما انتقد تانمانجيت سينغ ديسي، وزير الظل للصادرات في حزب العمال، والذي يدافع عن مقعده في سلاو، حملة TMV بعد أن أعلنت أنها تدعم المرشح المستقل، أزهر تشوهان، ضده. وقال في 25 مايو/ أيار: “يحاول البعض تسميم المدينة وتقسيم مجتمعنا المتنوع من خلال استيراد سياسات سامة، تتمثل في إقناع الناس بالتصويت على أساس الدين أو العشيرة، حيث يطلبون من إحدى الديانات التصويت ككتلة واحدة”. وكان ديسي قد امتنع عن التصويت على وقف إطلاق النار في نوفمبر/ تشرين الثاني في البرلمان، ولهذا السبب تدعم TMV مرشحًا ضده.

واستقالت سيدة وارسي، العضوة المحافظة في مجلس اللوردات، من الحكومة في عام 2014 بسبب دعمها لإسرائيل، ثم هاجمت حزبها بعد ذلك لفشله في مكافحة الإسلاموفوبيا. وأعربت وارسي عن دعمها لديسي، ووصفت النائب بأنه حليف مهم في مكافحة الإسلاموفوبيا.