
قرارتٌ ذاتُ سوادِ وجه!
بقلم: أدهم شرقاوي
| 1 يوليو, 2023

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: أدهم شرقاوي
| 1 يوليو, 2023
قرارتٌ ذاتُ سوادِ وجه!
قبل ألف وثمانمئة سنة تقريبا برز “تساو تساو” كأقوى رجل في دولة الصين، وبسط نفوذه على مزيد من الأراضي، مستغلا الضعف الذي تعاني منه مملكة “هان”، المنافس القوي والشرس لكل الممالك الجديدة.
كان على “تساو” أن يخوض بعض الحروبِ، وفي إحدى حروبه حاصر مدينة كان الاستيلاء عليها يُعتبر فاتحة لما بعدها، فإن سقطتْ ستسقط المدن الأُخرى تباعا؛ ولكنه أخطأَ في حسابِ المدة الزمنية لوصول الإمدادات، فشحَّ طعام الجيش. فأمر مسؤول التموين أن يخفض كمية الطعام التي يتلقاها الجنود.
يحرص الساسة دوما على أن يكون لهم كبش فداء يُضحون به إذا ما اضطربت الأمور!.
والذي لم يكن يعرفه أحد أن “تساو” كان قد دسَّ بين الجنود عيونا له، ينقلون له كل صغيرة وكبيرة، كي يبقى مُمسكا بزمام الجيش؛ ونقل إليه جواسيسه تذمُّر الجنود، وتطاولهم عليه، وتشكيكهم به بأنه يختص نفسه وحاشيته بالطعام دون بقية الجيش. فما كان منه إلا أن استدعى مسؤول التموين، وقال له: أريد أن أستعير منك شيئا، ويجب أن لا ترفض.
فقال له مسؤول التموين: وما هو؟.
فقال “تساو”: أريد أن تعيرني رأسك لأعرضه على الجنود!.
فقال له: ولكني لم أرتكب ذنبا.
فقال له تساو: أعرف هذا.. ولكن، إن لم أقتلك فسيحدث تمرد في الجيش.. لا بد من كبش فداء يا عزيزي. ولا تقلق بشأن عائلتك، فهي في الحفظ والصون.
وعندما رأى الجنود رأس مسؤول التموين مُعلَّقا، اعتقدوا أن “تساو” قد عاقبه لأنه اختلق مشكلة، وتصرَّف بطعام الجنود دون الرجوع إليه. وعلى الرغم أن كمية الطعام بقيت قليلة لحين وصول الإمدادات، فإن كبش الفداء كان كافيا للإمساك بزمام الأُمور!.
يحرص الساسة دوما على أن يكون لهم كبش فداء يُضحون به إذا ما اضطربت الأمور!.
قرأتُ مرة أن ملكا استدعى وزير الخزانة لديه ليبحث معه عن مصدر لتمويل الخزانة التي تعاني شحا في المال.
فقال له الوزير: سيدي الملك، لا يوجد مصدر لدخل جديد!.
فقال له الملك: لماذا لا ترفع الضرائب؟
فقال له الوزير: أخشى أن يثور الناس عليك.
فقال له الملك: لا تقلق، لن يفعلوا، قم برفع الضرائب!.
وبالفعل، امتثل الوزير لطلب الملك، وأعلن عن مرسوم صادر عن الخزانة برفع الضرائب، فثار الناس!.
عندما حانت لحظة تعويضهم بحصة الرياضة المسلوبة، سارعت لإخبارهم بهذا بنفسي، فصرت عندهم البطل الذي أرجع لهم حقوقهم المسلوبة!.
عندها أصدر الملك مرسوما ملكيا مستعجلا، أعلن فيه عزل وزير خزانته الذي لم يجد مصدرا آخر لدعم الخزانة غير جيوب الرعية، وألغى بموجبه الضرائب الجديدة المفروضة؛ وعاد الناس إلى بيوتهم شاكرين للملك حزمه، ومُمتنين لإحساسه بهم!.
هذه هي القاعدة المستخدمة منذ فجر التاريخ، القرارات التي فيها سواد وجه يعلنها الوزراء، وكل شيء يحبه الناس كالعلاوات، وخفض الضرائب، وإلغاء قوانين يكرهها الناس، يعلنها الحاكم بنفسه!.
في الحقيقة، هذا قانون لا يُلعب به في أروقة السياسة فقط، في الحياة العادية له متَّسع أيضا، ولستُ أُذيع سرا إذا قلت إننا جميعا نستخدمه، جميعنا نبتعد عن أي خبر فيه سواد وجه، ونسارع لنحمل إلى الآخرين أي قرار يبعث على البهجة!.
أثناء عملي في التدريس، أخبرني مساعد المدير أنه عليَّ أن أُلغي حصة الرياضة لأحد الصفوف، لأن طبيبا من العيادة الصحية سيحضر ويخبر التلاميذ ببعض الإجراءات الصحية، وأنه سيعوض لهم هذه الحصة لاحقا.. طلبتُ يومها منه أن يقوم بنفسه بإخبارهم بهذه المصيبة، لماذا عليَّ أن أكون نذير شؤم في حين بإمكان غيري أن يحمل الأمر عنّي؟!. وعندما حانت لحظة تعويضهم بحصة الرياضة المسلوبة، سارعت لإخبارهم بهذا بنفسي، فصرت عندهم البطل الذي أرجع لهم حقوقهم المسلوبة!.
في البيت أُقسِّمُ الأدوار بيني وبين زوجتي، هي الحكومة التي تدير أمور الشعب بحزم.. تتابع دراستهم، تضبط مواعيد نومهم، وتحرص أن يأكلوا طعاما صحيا؛ أما أنا فملاك الرحمة الذي ينقذهم من هذه القوانين الرتيبة!. في أيام الامتحانات، إذا درسوا كثيرا أتدخل لتعليق الدراسة واقتراح مشوار ترفيهي، وليلة العطلة أسمح لهم أن يسهروا أكثر من المعتاد، وعندما نقرر أن نتناول الوجبات السريعة أكون أنا أسرع من الوجبات في تبني هذا الموقف الثوري!.
كانت هذه بعض الفضائح المنزلية الإستراتيجية، سائلا لي السلامة، ولكم الإفادة!.

لا أضعُ حرف الدال قبل اسمي، أنا من الذين تكفيهم أسماؤهم!
جاهل وإن بدوتُ عكس ذلك،
عاصٍ وإن كان في كلامي رائحة التقوى،
وعلى ما فِيَّ من نقصٍ أُحاولُ أن أدُلَّ الناس على الله، أُحاولُ فقط!
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
0 تعليق