لماذا تفشل المساعدات التي تشتد الحاجة إليها في الوصول إلى سكان غزة؟

بواسطة | فبراير 20, 2024

مقالات مشابهة

    لم يتم العثور على نتائج

    لم يمكن العثور على الصفحة التي طلبتها. حاول صقل بحثك، أو استعمل شريط التصفح أعلاه للعثور على المقال.

مقالات منوعة

بواسطة | فبراير 20, 2024

لماذا تفشل المساعدات التي تشتد الحاجة إليها في الوصول إلى سكان غزة؟

المجاعة تلوح في الأفق في القطاع المحاصر، حيث تعرقل عمليات التفتيش والمشاكل الأمنية توصيل المواد الغذائية.

ظلت شحنة المساعدات التي كان من الممكن أن تطعم أكثر من مليون فلسطيني لمدة شهر راكدة في ميناء أشدود الإسرائيلي لأسابيع؛ ثم قالت السلطات الإسرائيلية إنه لا يمكن الإفراج عن الإمدادات، في حين تشتد الحاجة إليها. وتعد شحنة الأرز والطحين والحمص والسكر وزيت الطهي، التي تبرعت بها تركيا، واحدة من الشحنات العديدة التي تواجه انسدادًا خارج قطاع غزة، حتى في الوقت الذي تحذر فيه وكالات الأمم المتحدة من أن ربع سكان القطاع المحاصر على الأقل يواجهون المجاعة.

وقال مارتن غريفيث، منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، إن سكان غزة “يحدقون بالموت في وجوههم: ليس لديهم سوى القليل من الطعام، وبالكاد يمكنهم الحصول على الرعاية الطبية، ولا مكان للنوم، ولا مكان آمن يذهبون إليه”. وأضاف: “لا يوجد أي قدر من الرغبة أو النية، لإبقاء الملايين من الناس على قيد الحياة وتقديم الغذاء والحماية لهم – بينما تتساقط القنابل فوق رؤوسهم، وتُمنع المساعدات”.

أدت الحرب التي تشنها إسرائيل ضد حماس منذ أربعة أشهر إلى دمار القطاع الفلسطيني، مع نفاد الإمدادات الأساسية، ومشارفة النظام الصحي على الانهيار. وفي حين تتصاعد الضغوط الدولية على إسرائيل للسماح بدخول المزيد من المساعدات – إذ إنها تسيطر على كافة مداخل الوصول إلى غزة، وتفرض نظام تفتيش صارم- يقول مسؤولون في الأمم المتحدة ودبلوماسيون غربيون إن تدفق البضائع لا يزال أقل بكثير مما يحتاجه سكان القطاع.

وقالت الأمم المتحدة إن نحو 500 شاحنة كانت تعبر يوميًا إلى غزة قبل بدء الحرب في أكتوبر/ تشرين الأول، ولكن منذ ذلك الحين بلغ متوسط العدد ما يزيد قليلا عن 100 شاحنة؛ وقد سمحت السلطات الإسرائيلية هذا الشهر بدخول شحنات صغيرة من الوقود اللازم لتوفير إمدادات المياه، في حين تجاوز العدد اليومي للشاحنات في بعض الأحيان 200 شاحنة، ولكن طوابير الشاحنات لا تزال تنتظر عدة كيلومترات على الجانب المصري أمام المعبر الحدودي مع غزة.

ويفاقم نقص الغذاء والمياه النظيفة والإمدادات الطبية، من قسوة الشتاء في القطاع. وفي رفح، المدينة الجنوبية المزدحمة الآن بمليون ونصف المليون نازح، والتي تواجه خطر الهجوم الإسرائيلي، قال إبراهيم بكر، الذي فر من شمال غزة ويعيش في خيمة، إن أطفاله السبعة يبكون ليلًا من الجوع. وأضاف بكر: “الأمم المتحدة تقدم لنا شيئًا مختلفًا في كل مرة؛ في الأسبوع الماضي كان هناك ست علب من الفاصولياء، أما اليوم فهناك عبوتان فقط من الحمص لا تكفيان لشخص واحد، ناهيك عن عائلة”.

تدخل شاحنات المساعدات إلى غزة عبر طريقين: أغلبها عبر معبر كرم أبو سالم مع إسرائيل، والبعض الآخر عبر معبر رفح مع مصر. وباتباع الطريق الأخير عبر معبر رفح، يجب على الشاحنات أولًا أن تدخل إلى إسرائيل لتفريغ حمولتها للتفتيش قبل العودة إلى مصر ومن ثم إلى الحدود؛ وبمجرد وصول الشحنات إلى الحدود، يتم إعادة تحميلها عند كلا المعبرين على شاحنات فلسطينية. وقال نيبال فرسخ، المتحدث باسم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني: “إنها عملية طويلة ومعقدة وتؤخر تسليم المساعدات”.

وتحت ضغط أمريكي، فتحت إسرائيل معبر كرم أبو سالم في ديسمبر/ كانون الأول لزيادة شحنات المساعدات، لكن المتظاهرين اليمينيين سعوا في الأسابيع الأخيرة إلى منع ذلك، قائلين إنه ينبغي حجب المساعدات عن غزة حتى تطلق حماس سراح الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في القطاع؛ ولا تزال المعابر الأخرى من إسرائيل مغلقة.

وتفرض إسرائيل عمليات تفتيش لمنع دخول المواد التي يمكن أن تستخدمها حماس، لكن مسؤولي الإغاثة يقولون إن القائمة الإسرائيلية الطويلة للمواد المحظورة وعملية التفتيش المرهقة تعد بمثابة “عنق زجاجة ضيق”؛ فإنه إذا رفض المفتشون عنصرًا واحدًا على إحدى الشاحنات، كما يقول مسؤولو الإغاثة، فيجب إعادة الشحنة بأكملها. وقال برنامج الأغذية العالمي إن المواد المرفوضة التي اعتبرت “ذات استخدام مزدوج” – مع استخدامات عسكرية محتملة – شملت “مولدات كهربائية، وعكازات، وأدوات مستشفيات ميدانية، وخزانات مياه قابلة للنفخ، وصناديق خشبية لألعاب الأطفال، وربما الأمر الأكثر إحباطًا، 600 خزان أكسجين..”

وظهر خطر جديد على توفير المساعدات الإنسانية، عندما اتهمت إسرائيل الشهر الماضي 12 عاملًا كانوا يعملون في وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بالمشاركة في هجوم حماس في أكتوبر/ تشرين الأول، الذي أسفر عن مقتل 1200 شخص وإشعال فتيل الحرب. ومنذ ذلك الحين، أوقفت عدة دول تمويل الوكالة، وأغلق بنك لئومي الإسرائيلي أحد حساباته المصرفية.

وتصر الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن الشؤون الإنسانية في غزة، والمعروفة باسم “كوجات”، على أن الوكالات الإنسانية، وليس إسرائيل، هي الحاجز الحقيقي؛ وقال العقيد إيلاد جورين، من مكتب تنسيق أعمال الحكومة في كوجات، الشهر الماضي: “حتى لو تضاعفت كمية المساعدات، فلن يتمكنوا من تلقيها وتخزينها وتوزيعها كلها”، داعيًا الوكالات إلى تحسين خدماتها اللوجستية. وتؤكد وحدة تنسيق أعمال الحكومة أنه لا توجد أزمة إنسانية في القطاع، وصرح جورين أواخر الشهر الماضي بأنه “ليس هناك مجاعة في غزة”.

ومع ذلك، بمجرد عبور شحنة من المساعدات الحدود، تبدأ تحدياتها للتو.. وتعترف وكالات الأمم المتحدة بأن قدرتها على تقديم المساعدات داخل غزة محدودة؛ ولا يوجد ما يكفي من الشاحنات في غزة لتوزيع المساعدات، بينما تكافح الوكالات للحفاظ على سلامة القوافل والعاملين وسط الأعمال القتالية. وقال مسؤولو إغاثة دوليون إن القوافل تعرضت للقصف حتى بعد تنسيق الطرق مع القوات الإسرائيلية، في حين أن الجيش الإسرائيلي كثيرًا ما يمنع الوصول إلى المناطق التي تحتاج إلى مساعدات.

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، في يناير/ كانون الثاني، إن السلطات الإسرائيلية قامت بتسهيل 10 فقط من أصل 61 مهمة مساعدات مخطط لها إلى شمال غزة؛ وتم منع 34 من الوصول. وتمكن المزيد من القوافل من الوصول إلى وجهاتها في وسط وجنوب غزة.

وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إنه تم إخبار بعض القوافل بأن بإمكانها السفر، لكنها وجدت بعد ذلك أن الطرق مغلقة.. وكثيراً ما تكون الطرق مغلقة بسبب الحطام والذخائر غير المنفجرة، في حين يتعين على العاملين في المجال الإنساني أن يحاولوا تنسيق عمليات التسليم وسط انقطاع الاتصالات. وقال مسؤول في الأمم المتحدة: “لا يمكننا التنسيق مع من يقوم بإحضار السلع من أين وفي أي وقت لإحضار السائقين، يصبح الأمر في حالة من الفوضى.” وأدت القيود الإسرائيلية على معدات الاتصالات عبر الأقمار الصناعية إلى تفاقم المشكلة. وأضاف المسؤول: “لا يمكنك إرسال سائق إلى الميدان في وسط حرب حيث تتلقى الشاحنات الضربات دون اتصالات”.

قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إنه يشعر بالقلق إزاء “تدهور الظروف والأمن لتوصيل المساعدات الإنسانية في غزة” وحذر من أن أي هجوم شامل على رفح، حيث توجد الكثافة السكانية الأعلى، “ستكون له عواقب مدمرة”.

إن جميع العوائق التي تحول دون تقديم المساعدات تعني أن الجوع أصبح بالنسبة لسكان غزة جزءًا من المعاناة المتفاقمة في الحياة اليومية.. في أحد أماكن اللاجئين في رفح، قالت إحدى الأمهات إنها لم يعد لديها ما يكفي من حليب الثدي لإرضاع طفلها، لأنها لم تحصل على ما يكفي من الطعام؛ وقالت: “إننا نعطي الأطفال كل الطعام الذي نحصل عليه، وأنا آكل ما يكفي فقط لأحصل على القوة اللازمة للوقوف”.

الصورة الأوسع في أنحاء غزة هي صورة الدمار؛ حيث أدى الهجوم الإسرائيلي إلى مقتل أكثر من 28 ألف شخص، بحسب السلطات الصحية الفلسطينية؛ وقد نزح أكثر من 85 في المائة من السكان ودُمّر الكثير من منازلهم.

ليس هناك سوى القليل من الأدلة على حدوث تغيير خلال الأسبوعين الماضيين، منذ أن أمر قضاة محكمة العدل الدولية إسرائيل باتخاذ “تدابير فورية وفعالة لتمكين توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها في قطاع غزة”؛ وأصبح حلفاء إسرائيل الغربيون يشعرون بالقلق بشكل متزايد. وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال زيارة العاهل الأردني الملك عبد الله إن بلاده “تعمل على فتح طرق أخرى” لدخول المساعدات إلى القطاع.

ويقول دبلوماسيون غربيون إنهم حثوا إسرائيل مرارًا وتكرارًا على السماح بدخول المزيد من المساعدات، وتمكين معبر كرم شالوم من العمل على مدار الساعة. وقال أحد الدبلوماسيين إن إسرائيل تنظر إلى طلبات زيادة المساعدات بشكل أساسي من منظور احتمال تحويلها إلى حماس؛ وأضاف الدبلوماسي: “لقد شهدنا تغيرًا طفيفًا، فقد تم الآن السماح بدخول بعض البضائع التي تم رفضها، ولكن مقارنة بقائمة السلع غير المسموح لها بالدخول، لم يكن هناك الكثير من التقدم”.

المصدر: فايننشال تايمز

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

تاريخ القراءة وسيرة مجانين الكتب

تاريخ القراءة وسيرة مجانين الكتب

من الكتب التي بَهَرتني في بدايات دخولي عالم القراءة كتاب "تاريخ القراءة"، للمؤلف الأرجنتيني ألبرتو مانغويل؛ دلَّني عليه صديقي يوسف عبد الجليل، وقرأته أكثر من مرة، وصوَّرت نسخةً غير شرعية منه في مكتبة كانت تطبع الكتب في طنطا. وقد عُدت إليه مؤخرًا وأنا أفكر في سر جماله،...

قراءة المزيد
لا تخدعنَّك مظاهر التقوى!

لا تخدعنَّك مظاهر التقوى!

في الحكايات الشعبية لبلاد الفرس، أن صيادًا كان يصطاد الطيور في يوم عاصف، فجعلت الريح تُدخل في عينيه الغبار، فتذرفان الدموع! وكان كلما اصطاد عصفورا كسر جناحه وألقاه في الكيس. وقال عصفور لصاحبه: ما أرقه علينا، ألا ترى دموع عينيه؟ فرد عليه الآخر: لا تنظر إلى دموع عينيه،...

قراءة المزيد
الضحالة والمعرفة السائلة

الضحالة والمعرفة السائلة

عُرف الفيلسوف وعالم الاجتماع البولندي زيجمونت باومان (١٩٢٥-٢٠١٧)م، بأنه صاحب مصطلح السيولة، التي أصدر تحتها سلسلته الشهيرة السيولة، من الحداثة السائلة والثقافة السائلة والحب السائل، والشر السائل والأزمنة السائلة والمراقبة السائلة، وهلم جرا من سيولات باومان المثيرة،...

قراءة المزيد
Loading...