القصة الداخلية للقناة الخلفية السرية بين الولايات المتحدة والصين
بقلم: مدونة العرب
| 28 أغسطس, 2024
مقالات مشابهة
-
القصة الداخلية للقناة الخلفية السرية بين الولايات المتحدة والصين
بعد ثلاثة أشهر من طيران بالون تجسس صيني فوق...
-
الدفاعات الجوية الإسرائيلية تواجه هجوم إيراني محتمل
توقع مسؤولون إسرائيليون أن القبة الحديدية ذات...
-
لماذا تفشل المساعدات التي تشتد الحاجة إليها في الوصول إلى سكان غزة؟
المجاعة تلوح في الأفق في القطاع المحاصر، حيث...
مقالات منوعة
بقلم: مدونة العرب
| 28 أغسطس, 2024
القصة الداخلية للقناة الخلفية السرية بين الولايات المتحدة والصين
بعد ثلاثة أشهر من طيران بالون تجسس صيني فوق الولايات المتحدة، تدهورت العلاقات بين الطرفين إلى أدنى مستوى لها منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية في عام 1979، وهنا بدأ جيك سوليفان مهمته الخفية الخاصة. طار مستشار الأمن القومي الأمريكي إلى فيينا، في 10 مايو/ أيار 2023، لعقد اجتماع مهم بطريقة سرية متوافقة مع السمعة التاريخية للعاصمة النمساوية.
كان سوليفان في فيينا للقاء وانغ يي، وهو دبلوماسي صيني مخضرم أصبح أكبر مسؤول في السياسة الخارجية في بلاده في يناير/ كانون الثاني 2023. بعد المصافحات وصورة جماعية، بدأ الفريقان سلسلة من المحادثات في فندق إمبريال، امتدت لأكثر من ثماني ساعات على مدى يومين. كانت الأولى من بين العديد من الاجتماعات السرية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك مالطا وتايلاند، والتي تسمى الآن “القناة الاستراتيجية”.
أخذت القناة دورًا حيويًّا في إدارة العلاقات بين القوى العظمى المتنافسة، خلال فترة محفوفة بالتوترات. كانت القناة ممتصة للصدمات، وساعدت في تقليل خطر سوء التقدير من قبل كلا البلدين. يقول روري دانيلز، الخبير الصيني في معهد سياسات المجتمع الآسيوي، إنه على الرغم من أن القناة الخلفية لم تحلّ القضايا الأساسية بين القوى العظمى المتنافسة، فإنها ساعدت كُلًّا منهما على فهم الآخر.
كان الموضوع الأكثر حساسية في العلاقات الأمريكية الصينية هو تايوان. في السنوات الأخيرة زادت الصين من نشاطها العسكري حول الجزيرة التي تعتبرها أرضا ذات سيادة، ما أثار القلق في الولايات المتحدة.. وفي الوقت نفسه، انزعجت بكين من الجهود الأمريكية لتسليح تايوان وتدريب جيشها .
لقد تصاعدت التوترات في أغسطس/ آب 2022 عندما أصبحت نانسي بيلوسي أول رئيسة لمجلس النواب الأمريكي تزور تايوان منذ 25 عامًا. ردت الصين بتدريبات عسكرية ضخمة، وأطلقت صواريخ باليستية فوق الجزيرة لأول مرة.
تم اختيار فيينا لأنها كانت على بُعد مسافة واحدة عن كلٍّ من واشنطن وبكين، وهي مدينة يمكن للمسؤولين الاجتماع فيها دون جذب كثير من الاهتمام.
لقد اتفق الرئيس جو بايدن والرئيس شي جين بينغ على إنشاء قناة استراتيجية، عندما التقيا في مجموعة العشرين في بالي بإندونيسيا، في نوفمبر/ تشرين ثاني 2022. أرادا وضع “أرضية” لعلاقة الطرفين لمنعها من التدهور، ولكن في غضون أشهر، خرجت الخطة عن مسارها بسبب قصة بالون التجسس.
كان الاجتماع في فيينا فرصة ثانية لمحاولة إعادة التواصل، ولكن لم يكن من الواضح ما إن كان وانغ سيوافق، بسبب حوار غاضب حول أوكرانيا مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في ميونيخ قبل أشهر. قال مسؤول أمريكي: “لم نكن متأكدين من أن الصينيين سيقولون نعم”.
تم تصميم القناة لتسهيل المناقشات المتعمقة، التي تكون أكثر صعوبة خلال الزيارات رفيعة المستوى، استخدمت واشنطن مستشاري الأمن القومي سابقًا في مهام حساسة تتعلق بالصين، حصل هذا- مثلا- عندما أرسل الرئيس جورج بوش الأب برنت سكوكروفت إلى بكين في عام 1989 في أعقاب مذبحة ساحة “تيان آن مين”.
ذهب كل جانب إلى الاجتماعات بقائمة مصممة خصيصًا للقضايا الاستراتيجية التي أرادوا مناقشتها بإسهاب. كانت رسالة وانغ الرئيسية هي أن الصين تنظر إلى تايوان على أنها أهم قضية، “خط أحمر” لا ينبغي تجاوزه أبدًا، كما أشار إلى أن “استقلال تايوان هو أكبر خطر على السلام عبر المضيق، وأكبر تحدٍّ للعلاقات الصينية الأمريكية”.
تنظر الصين إلى مشاركة الولايات المتحدة مع تايوان على أنها تدخل في شؤونها الداخلية، وقال المسؤول الصيني المرافق للوفد إن القناة الاستراتيجية سمحت لوانغ وسوليفان بمناقشة موضوع تايوان بطريقة “صريحة للغاية”. في فيينا، على سبيل المثال، أكد سوليفان أن واشنطن لا تحاول إشعال حرب، فقال: “نحن لا نحاول جر الصين إلى صراع بسبب تايوان”.
سعى سوليفان جاهدًا لجعل وانغ يفهم الواقع الجديد، بأن الدول إذا كانت متنافسة، فإن ذلك لا يمنع أن تكون متعاونة، إلا أن الصين لم تقبل هذا الطرح. ويقول مسؤول أمريكي من الوفد: “كانت هذه قفزة صعبة بالنسبة للصينيين، لأنهم أرادوا تحديد العلاقة بدقة، فنحن إما شركاء أو منافسون”؛ وأوضح وانغ يي بوضوح شديد أنه لا يمكنك التعاون والحوار والتواصل، وفي الوقت نفسه تقويض مصالح الصين.
وعلى الرغم من أن وانغ لم يكن مقتنعًا بالأسلوب الأمريكي، فإن اجتماعات فيينا مكنت من إعادة التواصل الدبلوماسي، وهو ما مهّد الطريق أمام بلينكن لزيارة الصين في يونيو/ حزيران، كما جاء غيرها من الزيارات المتبادلة رفيعة المستوى.
في سبتمبر/ أيلول 2023، بعد أربعة أشهر من فيينا، وصل سوليفان ووانغ إلى مالطا لعقد اجتماع آخر، هنا ركز الطرفان على التفاوض حول اجتماع محتمل بين بايدن وشي إذا قرر الزعيم الصيني حضور منتدى أبيك في سان فرانسيسكو في نوفمبر/ تشرين الثاني. ويقول المسؤول الأول: “كانت اجتماعات مالطا حول تثبيت ما ستحاول قمة سان فرانسيسكو إنجازه”.
ناقشوا الاتفاقيات المحتملة للقمة، بما في ذلك حلًّا وسطًا من شأنه أن يشمل رفع الولايات المتحدة العقوبات المفروضة على معهد علوم الطب الشرعي التابع للحكومة الصينية، مقابل اتخاذ الصين إجراءات صارمة ضدّ تصدير المواد الكيميائية المستخدمة في صنع الفنتانيل، كما تحدثوا عن إحياء قنوات الاتصال العسكرية التي أغلقتها الصين بعد أن زارت بيلوسي تايوان. وناقشوا إنشاء حوار الذكاء الاصطناعي.
وعلى الرغم من وجود تفاوض صعب حول قضايا مثل المخاوف الأمريكية بشأن الصين التي تساعد روسيا في إعادة بناء قاعدتها الصناعية الدفاعية وقضايا أخرى، بدا كلا الجانبين مستعدين للمضي قدمًا. يقول المسؤول الصيني: “ساعدت فيينا ومالطا العلاقات الصينية الأمريكية على العودة إلى إجماع بالي”، في إشارة إلى اتفاق نوفمبر/ تشرين ثاني 2022 بين بايدن وشي لمحاولة تحقيق الاستقرار في العلاقة المضطربة.
اتفقوا على أن يزور وانغ واشنطن في أكتوبر/ تشرين الأول، حيث التقى بايدن وجلس مع سوليفان في بلير هاوس، بيت الضيافة الحكومي على الجانب الآخر من البيت الأبيض، لوضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل النهائية لسان فرانسيسكو.
في النهاية، انطلق الحدث من دون عوائق، حيث عقد بايدن وشي أربع ساعات من المحادثات في وودسايد، يبدو أن كلا الجانبين راضيان عن النقاط الرئيسية التي نتجت عن اجتماع مالطا .
يقول راش دوشي، وهو مسؤول سابق في مجلس الأمن القومي حضر الاجتماعات مع وانغ، إنه من المهم أن تشرح الولايات المتحدة للصين ما كانت تفعله وما لا تفعله.. “الدبلوماسية هي الطريقة التي توضح بها المفاهيم الخاطئة، وتتجنب التصعيد وتدير المنافسة”.
بعد شهرين من سان فرانسيسكو، التقى وانغ وسوليفان مرة أخرى في بانكوك، حيث ركز وانغ على مسألتين: تقاطع الاقتصاد والتكنولوجيا والأمن، وثانيا تايوان.
لقد قال سوليفان لوانغ إن الصين غاضبة من ضوابط تصدير التكنولوجيا الأمريكية، إلا أنه في الوقت ذاته يجب أن تنظر في سياساتها الخاصة، باستخدام قياس “المخزون مقابل التدفق”.. ويقول المسؤول الصيني إن وانغ كان يصرّ على أن الولايات المتحدة كانت تحاول احتواء الصعود الاقتصادي للصين من خلال استراتيجيتها “ساحة صغيرة، سياج مرتفع” لمراقبة الصادرات الصينية.
في بانكوك، أثار سوليفان مرة أخرى مسألة الدعم الصيني لروسيا، يقول المسؤول الأمريكي الأول إن الصين اتخذت بعض التدابير الصغيرة لمعالجة المخاوف، ولكن “الاتجاه العام ليس جيدا”.
يقول دانيلز من معهد سياسات المجتمع الآسيوي، إنه يوجد الكثير الذي يمكن أن تفعله هذه القناة الدبلوماسية لحل الخلافات الكبيرة التي لا تزال بين الولايات المتحدة والصين. ومع ذلك، وعلى الرغم من العديد من الاختلافات، يقول كلا الجانبين إن القناة ذات قيمة كبيرة، وقال المسؤول الصيني إنها آلية “مهمة جدًا”، أخذت دورًا بنّاءً، ومكّنت من إجراء مناقشات مهمة حول تايوان. ساعدت في خفض التصعيد في تايوان بعد فترة قلق فيها بعض الخبراء من أن الولايات المتحدة والصين كانتا على مسار نحو صراع محتمل.
قال سوليفان لصحيفة فايننشال تايمز إنه لم يكن لديه أوهام بأن القناة ستقنع الصين بتغيير سياساتها، مشددًا على أنها أدّت دورًا أساسيًا في المساعدة على تحويل الديناميكية في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين.
ويضيف سوليفان: “كل ما يمكنك القيام به هو أخذ سياستهم وسياستنا، ثم محاولة إدارتها حتى نتمكن من اتخاذ الإجراءات التي نحتاجها للحفاظ على الاستقرار في العلاقة.. لقد تمكنا من إنجاز كِلا الأمرين”.
كاتب ومحرر
مهتم بالقضايا العربية والإسلامية
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
واشنطن تسعى لمزيد من الشفافية من إسرائيل بشأن خططها للرد على إيران
تتزايد حالة القلق في الإدارة الأمريكية إزاء عدم إطلاعها على تفاصيل العمليات العسكرية الإسرائيلية، خاصة فيما يتعلق بالرد المحتمل على إيران. وتأمل واشنطن في تجنب مفاجآت مماثلة لتلك التي واجهتها خلال العمليات الأخيرة في غزة ولبنان. كان من المقرر أن يجتمع وزير الدفاع...
الحالة العامّة للأسرة والمرأة في الجاهليّة قبيل ولادة النبيّ صلى الله عليه وسلم
عند الإطلالة على حالة عموم النساء في المجتمع الجاهليّ، وما اكتنف الأسرة آنذاك، فيمكننا وصف وتقييم الحالة بعبارة واحدة، وهي: انتكاس الفطرة، وتشوّه معنى الرجولة، وغيبوبة الأخلاق. كان الزواج يتمّ على أنواع عدة، كلّها إلا واحدًا يظهر مدى الانحدار القيمي والظلام الأخلاقي،...
ما بعد الاستعمار.. وفتح الجراح القديمة
من الملاحظ أنه في عصرنا، عصر العولمة، نجد أن الثقافات والهويات العربية أصبحت تتعرض لضغوط غير مسبوقة، لكي تكون مغمورة ومنسية ومجهولة، نتيجة الانفتاح الكبير على العالم، وتأثير الثقافة الغربية وغزوها للعقول العربية، لا سيما فئة الشباب؛ فتأثيرات العولمة عميقة ومعقدة...
0 تعليق