مقاطعة إسرائيل يمكن أن توقف الإبادة الجماعية

بواسطة | مارس 3, 2024

مقالات مشابهة

مقالات منوعة

بواسطة | مارس 3, 2024

مقاطعة إسرائيل يمكن أن توقف الإبادة الجماعية

بعد أكثر من أربعة أشهر من الهجوم الوحشي الذي تشنه إسرائيل على الشعب الفلسطيني المحاصر، يجب على العالم أن يعمل على العزل القانوني والاقتصادي والسياسي لتل أبيب

منذ أن بدأت إسرائيل هجوم الإبادة الجماعية ضد قطاع غزة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ظل الملايين من البشر في مختلف أنحاء العالم يعانون من نوع من الشلل وقلة الحيلة.. وهذا ليس بالضرورة شللًا مطلقًا؛ إذ لا يزال الناس قادرين على المشاركة في أنشطة، مثل الاحتجاجات، التي تهدف إلى إنهاء الإبادة الجماعية.

يطرحون أسئلة جوهرية حول كل ما اعتقدوا أنهم يعرفونه – أو يعتبرونه أمرًا مفروغًا منه- عن دولهم وحكوماتهم وأيديولوجياتهم، ووسائل الإعلام والأنظمة التعليمية والمؤسسات الدولية.

نحن لا نعاني من نقص الكلمات لوصف واقع الإبادة الجماعية والإمبريالية العالمية والوحشية الاستعمارية الاستيطانية للدولة الإسرائيلية؛ فمثل هذه التحليلات وفيرة، كتبها باحثون وصحفيون وناشطون في فلسطين وخارجها؛ كما أننا لا نعاني من غياب الإجراءات القادرة على تحدي علاقات القوة في الوضع الراهن. ويعد الاضطراب الاقتصادي والسياسي أمرًا بالغ الأهمية لفرض التغيير، وقد رأينا العديد من المجموعات الناشطة تنخرط بشجاعة في مثل هذه الإجراءات، في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وأماكن أخرى.

والحقيقة أن الشلل المذكور لا يعطل قدرتنا على وصف الإبادة الجماعية واتخاذ الإجراءات ضدها؛ بل إن ترسيخ هيمنتنا على مؤسساتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية والثقافية، يمنع الآخرين من اتخاذ الخطوة التالية لتحويل هذه المؤسسات إلى الدفة الأخرى بشكل جذري.

وتبدو المهمة بالغة الأهمية، والمخاطر عالية، والنتيجة المرجوة غير مضمونة على الإطلاق؛ ولكن إذا كنا حقًا سنتخذ الخطوة التالية ونفرض عواقب للاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي، فيجب أن تتبنى المؤسسات في جميع أنحاء العالم حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات (BDS).

المشروع الاستعماري

هناك سببان رئيسيان يكمنان وراء هذه الحالة من الشلل: فكرة أن القضية الفلسطينية هي قضية خاسرة لا حل لها، وفكرة أن العالم البديل هو اقتراح محفوف بالمخاطر، نظراً لكل ما قد يترتب على ذلك من الضبابية.

وكما كتبت من قبل، قد تكون فلسطين قضية خاسرة في الوقت الحالي، لكنها ليست مستحيلة الحل.. إن التخلي عن النضال الفلسطيني ليس أقل من التخلي عن مشروع التخلص من الاستعمار، أو ترك التطلع إلى الدخول في عالم متحرر من الهياكل الإمبريالية العالمية، حيث يمكن لجميع الناس أن يعيشوا حياة كريمة تتحقق فيها السيادة والحرية.

إذا لم يتحرر الفلسطينيون، فإن المشروع الإمبراطوري والاستعماري الأوروبي الأمريكي سيستمر.. إن هذا المشروع ليس له سوى هدف واحد، هو توليد الثروة والقوة للإمبراطوريات الأوروبية الأميركية (مع أتباعها في العالم العربي وخارجه). وطالما استمر هذا المشروع، فإن الغالبية العظمى من الشعوب في الجنوب العالمي، إلى جانب الشعوب المستغَلة في جميع أنحاء الشمال العالمي، لن تكون حرة.

إن الطريق نحو عالم بديل مناهض للاستعمار سوف يحمل دائمًا درجة من الشك والمخاطرة، لكن هذه المخاطرة تستحق قبول المعاناة فيها، والحالة الفلسطينية تساعد في تفسير السبب.

إن النضال من أجل فلسطين يستحق المخاطرة لأن المسار الحالي يفرض يقينا غير مقبول.. الإبادة الجماعية. وإذا بقينا على هذا المسار، فإن الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني ستستمر حتى لا يبقى إلا قليلون فقط من أولئك الذين يعيشون بين النهر والبحر من الفلسطينيين، وسوف يصبحون أقلية مضطهدة، مضطرة للعيش تحت السيادة اليهودية الإسرائيلية.

وهذا النوع من مشاريع الإبادة الجماعية لن يتوقف عند الشعب الفلسطيني؛ إن تصرفات إسرائيل الحالية تبعث برسالة واضحة إلى الإمبراطوريات، مفادها أن الاستعمار الاستيطاني لا يزال ممكنا في القرن الحادي والعشرين، وأن البؤر الاستيطانية الاستعمارية في أي منطقة من العالم يمكن أن تخدم المصالح الإمبريالية، وهذا يعني بالتالي ضمان استمرار العنف الاستعماري الأوروبي الأمريكي.

هناك عواقب للإبادة الجماعية، فالناس لا ينسونها ببساطة ويمضون قدمًا؛ ويعتقد الملايين من الناس حول العالم الآن أن هذا النظام العالمي الإمبراطوري لا يفهم إلا لغة القوة.. ومن المستحيل التنبؤ بما قد يؤدي إليه هذا الأمر، لكن حربًا عالمية أخرى تشكل احتمالًا حقيقيًا.. وفي مرحلة ما، سنجد الشعوب التي تعرضت للوحشية من قبل الإمبريالية الغربية بقيادة الولايات المتحدة صارت قنبلة مهيأة للانفجار على نطاق واسع.

ليس هناك أخطر من الطريق الذي نسير فيه حاليًا، طريق الحرب والإبادة الجماعية.. نحن بحاجة إلى طريق بديل، وعلى الرغم من أن هذا الطريق غير مؤكد، فإننا لسنا بدون بوصلة.

هناك العديد من الأشكال البديلة الممتازة للتنظيم الاجتماعي والسياسي، التي يمكن أن نتعلمها من الشعوب والمناطق المستعمَرة، تاريخيًا وفي الوقت الحاضر، تلك التي تؤكد على الرفاه الجماعي، والديمقراطية التشاركية، واحترام جميع المجتمعات الثقافية، والعيش في وئام مع الطبيعة، واحتضان العديد من الهويات.

هناك طريق أفضل للمضي قدمًا، فلتكن هذه لحظة للتخلص من حالة الشلل، وإلزام أنفسنا بنضال طويل الأمد من أجل تحرير فلسطين من الاستعمار، من خلال حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات.. إن العزلة القانونية والاقتصادية والسياسية للدولة الإسرائيلية هي البديل الوحيد القابل للتطبيق لمقاومة الإبادة الجماعية والحرب.

المصدر: ميدل إيست آي | Muhannad Ayyash
تاريخ النشر: 26/02/2024

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

هموم عُمَريّة في الساعات الأخيرة ومصير المتآمرين على اغتيال أمير المؤمنين

هموم عُمَريّة في الساعات الأخيرة ومصير المتآمرين على اغتيال أمير المؤمنين

بعد أن طُعن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه في المحراب في صلاة الفجر، يومَ الرابع والعشرين من شهر ذي الحجة، في السنة الثالثة والعشرين للهجرة، احتمله الناس إلى بيته وجراحُه تتدفق دما. همّ الخليفة أن يعرف قاتله كان من أوائل ما طلبه أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه أن يعرف...

قراءة المزيد
حينما يتمسح العرب بزيدان ولامين يامال وشاكيرا وأوباما !

حينما يتمسح العرب بزيدان ولامين يامال وشاكيرا وأوباما !

أواخر التسعينيات من القرن الماضي، فوجئ العرب بحدث مثير: صور تملأ وسائل إعلام الدنيا تجمع "دودي الفايد" مع.. من؟. مع أميرة الأميرات وجميلة الجميلات "ديانا"!. للتذكرة.. "دودي" (أو عماد) هو ابن الملياردير محمد الفايد، المالك السابق لمحلات هارودز الشهيرة فى لندن. نحن –...

قراءة المزيد
الغربي الآخر بين سعيد ومالك بن نبي

الغربي الآخر بين سعيد ومالك بن نبي

ظل مالك بن نبي مصراً على أن ملحمة الاستقلال العربي الإسلامي، الممتد إنسانياً بين أفريقيا وآسيا، تنطلق من معركة التحرير الفكري بشقّيها؛ كفاح الكولونيالية الفرنسية عبر روح القرآن ودلالته الإيمانية، ونهضة الفكر الذاتي الخلّاق من أمراض المسلمين، والرابط الروحي والأخلاقي...

قراءة المزيد
Loading...