لا يزال بإمكان إسرائيل فرض نزوح جماعي إلى مصر

بواسطة | مايو 1, 2024

بواسطة | مايو 1, 2024

لا يزال بإمكان إسرائيل فرض نزوح جماعي إلى مصر

وسط عيد الفصح الكئيب في الأراضي المقدسة، لا تزال هناك حقيقة مروعة: من الممكن أن تفرض إسرائيل قريبًا نزوحًا جماعيًا إلى مصر

على مدى أسابيع، تكررت إشارة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى نيته شن هجوم واسع النطاق على رفح، المدينة التي تقع جنوب غزة، والتي تضم الآن أكثر من مليون فلسطيني يبحثون عن ملاذ آمن في أراضيهم التي مزقتها الحرب. يريد نتنياهو وحلفاؤه القضاء على شبح حركة حماس المسلحة في المدينة، ولا يلتفتون إلى شكوك الخبراء الذين يعتقدون أن الحركة الإسلامية بعيدة كل البعد عن الهزيمة، ولا إلى مخاوف الدبلوماسيين الأجانب وعمال الإغاثة، الذين يخشون الكوارث التي قد يتعرض لها المدنيون بعد الهجمة الإسرائيلية.

ومن شأن خطوة كبيرة كهذه أن تؤدي إلى فرار محموم لمئات الآلاف من سكان غزة، الذين وصل كثير منهم إلى المدينة بعد أن دمر الجيش الإسرائيلي منازلهم وأحياءهم في أماكن أخرى من غزة، بعد اجتياحها في أعقاب هجوم شنته حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/ تشرين الأول.

لعدة أشهر، كانت هناك تكهنات حول ما إذا كانت مصر ستسمح لعشرات الآلاف من الفلسطينيين بالفرار إلى جانب الأمان في صحراء سيناء؛ فالقاهرة ليست مندفعة للسماح بتدفق اللاجئين، نظراً لمخاوفها الأمنية الداخلية، والمخاوف العربية الأكبر من منع الفلسطينيين من العودة إلى وطنهم، كما جرى مع الجيل السابق من اللاجئين الفلسطينيين.

قال فولكر تورك، مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، إن الزعماء في جميع أنحاء العالم “يقفون متَّحدين بشأن ضرورة حماية السكان المدنيين المحاصرين في رفح”. وقد حثت إدارة بايدن والشركاء الأوروبيون الرئيسيون للولايات المتحدة نتنياهو على إعادة النظر في القيام بعملية عسكرية شاملة في رفح. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء الهولندي، إن الهجوم البري سيكون له “عواقب كارثية” على الوضع الإنساني في غزة التي مزقتها الحرب، وعلى “السلام والأمن الإقليميين” على نطاق أوسع.

وخلال أسابيع من المناقشات عبر القنوات الخلفية، بدا أن الزخم ربما يكون قد انتعش من أجل التوصل إلى نوع من الاتفاق السياسي. ويسافر وفد مصري إلى إسرائيل لمناقشة “التنسيق الأمني”، حسبما صرح مسؤول إسرائيلي لزملائي، ما قد يشير إلى استئناف الجهود لضمان وقف إطلاق النار، والاتفاق على إطلاق سراح الرهائن، بعد أشهر من المحادثات غير المباشرة المتقطعة بين إسرائيل وحماس ووسطائهما.

وتأتي الجولة الأخيرة من الدبلوماسية في وقت بدا فيه أن الضربة التي طال انتظارها على رفح أصبحت لا مفر منها، وقد تزايدت وتيرة الغارات الجوية الإسرائيلية على المدينة هذا الأسبوع، وقال المتحدث باسم نتنياهو إن إسرائيل “ستمضي قدما” في عملية رفح. وعلى الجانب الأيمن من رئيس الوزراء، كان الوزراء المتطرفون في ائتلافه قد هددوا بالفعل بسحب الدعم لولايته في الحكم إذا لم يكمل مهمته.

وواجه نتنياهو ضغوطا داخلية أخرى أيضا؛ عادت الاحتجاجات الحاشدة المناهضة للحكومة إلى شوارع تل أبيب في الأسابيع الأخيرة، حيث دعا المتظاهرون نتنياهو إلى إعطاء الأولوية لإطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس، مطالبين بتقديم ذلك على حساب أهدافه العسكرية الكاسحة المعلنة، وطالبوا أيضًا بإجراء انتخابات جديدة.

ولقد تدنت معدلات تأييد رئيس الوزراء إلى درجة سيئة للغاية في أعقاب الهجوم الإرهابي المميت، الذي نفذته حماس في 7 أكتوبر/ تشرين الأول على إسرائيل؛ ومن المرجح أن تجبره انتخابات جديدة على التنحي عن السلطة. وقد كتب رافيت هيشت من صحيفة هآرتس: “نتنياهو ليس لديه أي اهتمام بتقديم هذه الهدية”، في إشارة إلى فكرة سماح رئيس الوزراء بإجراء انتخابات من المرجح أن يخسرها.. وجاء فيما كتبه أيضاً: “إنه يصور كلمة الانتخابات نفسها على أنها إجرامية وغير وطنية. وحتى لو اضطر إلى التعهد بإجرائها، فلن يصدقه أحد”.

في هذه الأثناء، لا تزال الصورة في غزة قاتمة، وإذا لم يتوجه سكان رفح إلى مصر، فإنهم قد يضطرون بسبب الهجوم الإسرائيلي إلى الفرار إلى مناطق أخرى من الأراضي التي أحدثت فيها إسرائيل بالفعل سلسلة من عمليات التدمير. وبالنسبة لشمال غزة، يعتقد المسؤولون الأمريكيون ومنظمات الإغاثة أن مظاهر المجاعة قد تكون هي السائدة بالفعل، على الرغم من أن زيادة المساعدات الإنسانية في الأيام الأخيرة ولّدت درجة من التفاؤل.

لكن التطورات يمكن أن تمثل مقدمة للهجوم.. وقال زملائي: “يرى بعض المحللين أن النشاط العسكري المتزايد والهجوم الإنساني، بالإضافة إلى علامات إنشاء مدن خيام جديدة في وسط غزة، هي مقدمة لغزو رفح”. وتؤكد منظمات الإغاثة التي يمكنها الوصول إلى غزة أن الأجزاء الأخرى من القطاع غير مجهزة لاستقبال تدفق اللاجئين من رفح.

ووصف ساشا مايرز، المدير الإعلامي لمنظمة إنقاذ الطفولة، المشهد في مدينة خان يونس شمال رفح – كما وصفه عدد من المسؤولين الإنسانيين- بأنه دمار إلى حد كبير. وقال مايرز في بيان عبر البريد الإلكتروني: “لقد زرت الكثير من مناطق الحرب والكوارث، لكنني لم أواجه مطلقًا كهذا الموقف، حيث تجد كل مبنى على مرمى البصر تحت الأنقاض.. في بعض الصراعات قد ترى الدمار، ولكن هناك فجوات بين المساحات المتضررة، وبعض المباني التي لا تزال قائمة. هنا – عند الدوران 360 درجة – يتعرض كل مبنى إما لأضرار جسيمة أو يتحول إلى أنقاض على الأرض؛ وليس في شارع أو شارعين فقط، بل عشرات الشوارع”.

وفي رسالة موجهة إلى الرئيس بايدن ووقعها رؤساء أكثر من 50 منظمة إنسانية دولية غير ربحية، بما في ذلك منظمة كير ولجنة الإنقاذ الدولية، جاء حث البيت الأبيض على بذل المزيد لحماية أرواح الفلسطينيين وإنقاذ الجهد الإنساني المتعثر والمحاصر؛ وحذرت الرسالة من أن غزو رفح- باعتبار المدينة هي المركز الحالي للاستجابة الإنسانية الدولية الطارئة، وموقع المستودعات الحيوية ومراكز التوزيع- سيكون بمثابة ضربة لجهود الإغاثة في القطاع.

وجاء في الرسالة: “إن تقييمنا هو أنه إذا حدث هجوم وانهار هيكل المساعدات في جميع أنحاء قطاع غزة، فلن تكون هناك خطة إنسانية ذات مصداقية أو قابلة للتنفيذ لمنع المجاعة التي ستطال مئات الآلاف من الأشخاص”.

المصدر: واشنطن بوست | Ishaan Tharoor
تاريخ النشر: 26/04/2024

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

أسلحة يوم القيامة

أسلحة يوم القيامة

بلغت وقاحة الكيان الصهيوني حدودا لا يمكن وصفها منذ إعلان حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني، ولا يمر يوم إلا وتسمع وترى دليلا واضحا كالشمس على حقارة وبشاعة الكيان، وطريقة تعامله الحيوانية مع الآخرين. الأسبوع الماضي استوقفني تصريح خطير جدا، أدلى به يائير كاتس رئيس مجلس...

قراءة المزيد
السيسي والنسخة المُصغّرة منه في التشكيل الوزاري الجديد

السيسي والنسخة المُصغّرة منه في التشكيل الوزاري الجديد

في ظهيرة الجمعة 26 من مارس/ آذار انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو بث مباشر، قام بنشره شاب صعيدي، أرسل من خلاله استغاثة، وهو على متن قطار مصري اصطدم بآخر، فسقط به من الضحايا العشرات. بدا الشاب بعيون زائغة، والغبار يلف وجهه وشعره، وهو يصرخ بشدة، قائلاً "الحقونا.....

قراءة المزيد
الحاقة ما الحاقة؟

الحاقة ما الحاقة؟

 سؤال لا يمكن للعقل البشري أن يجد إجابة عليه!. هكذا يسأل الله قارئ القرآن وكل من يسمع بدايات سورة الحاقة.. يعرض سبحانه في المرة الأولى كلمة الحاقة، وهي من أسماء يوم القيامة، يسأل عنها، ثم في المرة الثانية يؤكد سبحانه على عظم ومكانة هذا اليوم بقوله: "وما أدراك ما...

قراءة المزيد
Loading...