عن زيارة “أبومازن” إلى غزة.. والقرار الوطني المنتظر من “حماس” !

بقلم: شريف عبدالغني

| 27 أغسطس, 2024

مقالات مشابهة

مقالات منوعة

بقلم: شريف عبدالغني

| 27 أغسطس, 2024

عن زيارة “أبومازن” إلى غزة.. والقرار الوطني المنتظر من “حماس” !

في 23 يوليو/ تموز الماضي، وعبر هذا المنبر “مدونة العرب”، كتبت مقالاً بعنوان: “هل يتعلم قادة الأمة من البابا فرنسيس.. ونراهم في غزة؟!”، اقترحت فيه ذهاب قادة الأمة إلى غزة، وعقد قمة عربية إسلامية طارئة وسط الخراب هناك برئاسة “أبومازن”، كمحاولة أخيرة لوقف حرب الإبادة المستمرة ضد أهل القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023.

هذه القمة (الخيالية المنتظرة) هي الورقة الأخيرة بعد فشل الجهود المبذولة من بعض العرب لوضع حد للمجازر، مقابل نجاح جهود بعضهم الآخر في تمرير المذابح، سواء عبر الصمت أو التواطؤ العلني مع العدو الصهيوني، أو من خلال الدعم السري لـ “نتنياهو” بأساليب مختلفة، منها التعاون الأمني وزيادة التبادل التجاري، باعتباره “قائداً لحكومة شرعية من النهر إلى البحر”..  قائداً من الواجب مساعدته للقضاء على “حماس” و”الجهاد” وكل “منظمة معارضة” لا تلتزم بالرضوخ والإذعان والركوع أمام “الحاكم المُتغلب”، ومن الأصول دعمه لدحر كل معاني “المقاومة”، باعتبارها رجساً من عمل الشياطين، ويمكن أن يمتد صداها إلى باقي الفصائل المعارضة بالمنطقة، فتتجرأ على تيجان رؤوسها من القادة.

مقال “القمة الأمنية”، وما حمله من نداء إلى قادتنا، كان من نوع النداءات والمناشدات التي لا يستجيب لها المسؤلون العرب، فهم- وكما نعلم ويعلمون- لا يلتفتون أصلاً إلى أي رأي من أي مواطن عربي على باب الله من أمثالنا.

إنهم يستندون في عدم الاستجابة إلى أمرين راسخين في عقولهم؛ الأول أن أي مواطن عربي يحمد ربه و”يبوس يده وش وضهر”، آناء الليل وأطراف النهار، على أن حكومته الموقرة سمحت له بـ “حقوق الحيوان”.. أكل.. شُرب.. تناسل و.. فقط! أما الأمر الثاني فهو أن أي قائد من هؤلاء، إذا نقل إليه مساعدوه أن فلانا الفلاني له رأي في الموضوع العلاني، أو رؤية تجاه القضية إياها، فإنه يتساءل ببراءة حقيقية “يعني إيه ولا مؤاخذة رأي؟!”.

لكن..

يبدو أن القائد المُظفّر محمود عباس “أبومازن” أراد أن ينفي عن زملائه- سواء المُظفرون منهم أو الذين مازالوا في طور “الظفر”- فكرة عدم استجابتهم لأية فِكَر أو مقترحات أو رؤى أو أمنيات من مواطنيهم، وخرج وأعلنها صريحة مؤخراً في خطاب أمام البرلمان التركي، وكأنه يرد ضمناً على دعوتي لذهاب القادة إلى أرض المذابح والقصف، لمحاولة وقف الإبادة.. قال “أبومازن” إنه سيتوجه إلى قطاع غزة مع “جميع أعضاء القيادة الفلسطينية”، داعياً زعماء العالم والأمين العام للأمم المتحدة لزيارة غزة.

ثم قالت وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”، نقلاً عن مصدر- واضح أنه حكومي- إن القيادة الفلسطينية شرعت بتحركاتها واتصالاتها على مستوى العالم للتحضير لتوجه الرئيس محمود عباس وأعضاء القيادة الفلسطينية إلى قطاع غزة. وذكر المصدر أن زيارة عباس وأعضاء القيادة الفلسطينية إلى القطاع تهدف إلى التواجد “مع أبناء شعبنا الذين يتعرضون لحرب إبادة جماعية هناك، والتأكيد على أن دولة فلسطين ومنظمة التحرير الفلسطينية هي صاحبة الولاية والمسؤولية على أرض دولة فلسطين كافة، والعمل على استعادة الوحدة الوطنية”.

وأضاف: “تم في هذا الصدد التواصل مع الأمم المتحدة والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، والأشقاء في الدول العربية والإسلامية، وجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، والاتحاد الأوروبي، والاتحاد الأفريقي، وغيرها من الدول والقوى الهامة في العالم، من أجل ضمان نجاح هذه الخطوة، وتوفير الدعم والمشاركة لمن أمكن. وكذلك تم إبلاغ إسرائيل بذلك”.

رغبة “أبومازن” بهذه الزيارة، لا يخفى على عقل أصغر طفل أنها رسالة إلى أولي الأمر أصحاب القرار العالمي في واشنطن وتل أبيب وضواحيها، برغبة السلطة الفلسطينية تولي حكم غزة في مرحلة ما بعد وقف الحرب، وهو ما وضح جليّاً في تصريح المصدر الفلسطيني لوكالة “وفا” بأن الزيارة تهدف إلى “التأكيد على أن دولة فلسطين ومنظمة التحرير الفلسطينية هي صاحبة الولاية والمسؤولية على أرض دولة فلسطين كافة”.

وعلى  الرغم من أن هذه الزيارة- لو تمت- ستكون في صالح إسرائيل، وترتب لأوضاع ما بعد الحرب من دون وجود أي نوع من السلطة على غزة لفصائل ترفع شعار المقاومة، وعلى الرغم من أن القائد المظفر لم يقم بأية خطوة جدية لحماية القطاع وأهله من حرب الإبادة باعتبار أن “منظمة التحرير الفلسطينية هي صاحبة الولاية والمسؤولية على أرض دولة فلسطين كافة”- وفق تصريح المصدر المذكور- فإني أزعم أنه لو تم استطلاع آراء أهالي غزة فسيؤيدون قدوم “أبومازن” إليهم، وتنصيب سلطته حاكمة وآمرة ناهية على القطاع؛ إذ إنه بعد كل ما عايشه هؤلاء المكلومون، والأهوال التي يمرون بها حتى اللحظة، من قتل يومي، وتشريد متواصل، ونزوح بين ساعة وأخرى بين أطلال الدمار وأكوام الجثث، لم يعد يهمهم سوى البقاء أحياء، ومحاولة لملمة شتات أنفسهم، وحصر ما تبقى من عائلاتهم بعد مسلسل المذابح.

وإذا كان كثير من الغزاويين وزعوا الحلوى ابتهاجاً بـ”طوفان الأقصى”، فإنهم حتماً لو كانوا يعلمون أن التبعات ستكون بهذا الشكل الكارثي المروّع، وأطنان المتفجرات التي تُلقى عليهم، لما وزعوا حلوى صبيحة “7 أكتوبر”، ولما أيدوا العملية.

الآن، الكرة في ملعب “حماس” وباقي حركات المقاومة.. ورغم عدم الشك في دورهم النضالي المقاوم للمحتل، و”نُبْل” قرارهم في “طوفان الأقصى” التي كانت شرارة قص شريط الإبادة للبشر والحجر في غزة، فإن عليهم اتخاذ قرار وطني يضع في الأساس ضرورة وقف المذابح بحق أشقائهم وأهلهم.

أجزم أن فصائل المقاومة، لم تضع في حسبانها أن يكون الرد الإسرائيلي بهذا الشكل غير المسبوق في دمويته، وأنها بنت حساباتها على أمور غير دقيقة، ورهانات خاسرة، ووضعت بيضها في سلال مخرومة.

أثق أن قادة المقاومة- الشهداء منهم والأحياء- ونتيجة حرصهم على حياة أشقائهم في القطاع، لم يكونوا ليقوموا من الأصل بـ”طوفان الأقصى” لو كانت الصورة المفزعة لما وقع من أحداث دامية وتبعات كارثية، قد تراءت وظهرت أمامهم قبل التنفيذ.

لذا..

 أتمنى من “حماس” وكل رجال المقاومة- وهذه ليست دعوة استسلام أو تثبيط همم- أن يكونوا في صف زيارة “أبو مازن” لغزة، وأن تكون السلطة الفلسطينية هي الحاكمة للقطاع، مادام هذا “الدواء المر” سيؤدي إلى توقف الإبادة.

على “حماس” أن تتحمل مسؤوليتها الوطنية، وتساهم في وقف مأساة مليوني إنسان فقدوا عشرات الألوف من الأهل والأحباء، فضلاً عن أضعاف هذا الرقم من المصابين، مع فقد بيوتهم وكل مقومات الحياة من مستشفيات وبنى تحتية.

أما المقاومة فلن تندحر، المقاومة ستظل في نفس كل فلسطيني، سواء كان من يحكم غزة “حماس” أو سلطة “أبومازن”، والتي من المؤكد أن فيها مناضلين شرفاء يريدون بحق، ويعملون على تحرير وطنهم.

المطلوب الآن إتاحة الفرصة لأهل غزة، بنسائهم وشيوخهم وأطفالهم، للتوقف عن استنشاق رائحة الموت، وبدء تطييب الجراح، ومداواة النفوس، فالمصاب- وأنتم يا رجال “حماس” تعلمون ذلك- جلل، والمأساة غير مسبوقة.

 وبعد ذلك سيكون لكل حادث حديث!.

1 تعليق

  1. Lady Gaga

    لا أظن أن غالبية الشعب الفلسطيني عامة على أرض فلسطين أو في الشتات ، والغزيين خاصة يعترفون بأبي مازن كرئيس لهم ،هذا مبدئياً ،
    أبو مازن و كل الحاشية التي معه لن تعير انتباه أصغر فتى فلسطيني في غزة، بل عندما أعلن عن نية زيارته الكريمة بعد انقضاء أكثر من عشرة أشهر لم يحرك فيها ساكناً و لم ينبس فيها ببنت شفةً سوى (إحمووونا)!!طالبًا الحماية الدولية و الشفاعة ممن لا شفاعة لهم بطريقة مهينة لا تطلبها (ولية غلبانه مكسورة الجناح) .
    وهذا ما يتنافى تماما مع شريعة أهل غزة الشرفاء،
    .وليس بالخافي على أصغر متابع لأحداث غزة رأي الغزيين بهذا التصريح الخطير ، بل لم يُحمّلوا أنفسهم عناء التعبير عن رأيهم في هذه الزيارة المتأخرة جداً و تركوا لأطفالهم الدور للتعبير نيابة عنهم في تلك الخطوة الجريئة للرئيس( أبو مازن )على طريقتهم الخاصة التي لا مواربة فيها و لا تزييف .

    هذه السلطة المتهالكة لا تملك من أمرها شيئا ، بل إنها دمية بالية تحركها خيوط القيادة الصهيونية شأنها شأن دمى كثيرة كل خيوطها تنتهي بين أصابع نتنياهو الملوثة بالدماء .
    فلا أهلاً و لا سهلاً بأي (ذراع من أذرع الأخطبوط الصهيوني )على أرض غزة ،و ما أخذ بالقوة لا يُسترد بالمذلة و طأطأة الرأس .وما تعيشه فلسطين الآن من أحداث دامية ما هي إلا حصائد مساومات و معاهدات استسلام و تخاذل و تواطؤ من هم على شاكلة إحمووونا.

    *نكته بايخه*
    ..رئيس ( السلطة الفلسطينية)..يطلب تصريحاً من نتنياهو ليزور( الأراضي الفلسطينية)…
    وااااعجبي !!!

    الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

خرافة اسمها الحب!

خرافة اسمها الحب!

من البديهيات أن المشاعر جزء أصيل لدى الإنسان.. البعض قسمها إلى مشاعر إيجابية: كالحب، والسعادة، والرضا؛ وأخرى سلبية: مثل الغضب، والاشمئزاز، والخوف. غير أن علم النفس ذهب ليؤكد أن كل المشاعر لها جانبان، واحد سلبي وآخر إيجابي؛ فالغضب -مثلاً- يعد أحد أسوأ المشاعر الإنسانية...

قراءة المزيد
الشكر.. دوامٌ للنعم في الدنيا وفوزٌ  في الآخرة

الشكر.. دوامٌ للنعم في الدنيا وفوزٌ  في الآخرة

أنعم الله تعالى وتفضّل على عباده بالكثير من النعم والأفضال؛ فمنها ما هو متعلق بالدين، ومنها ما هو متعلق بالدنيا.. وقال العلماء إن أعظم نعم الله -عز وجل- على الإنسان هي نعمة الهداية إلى الإسلام، وهو دين الله الذي اختاره وارتضاه للخلق في رسالة الرسول محمد ﷺ. ومن نعم...

قراءة المزيد
الترامبية المتجددة وأمْوَلَة نظام الحكم في الولايات المتحدة

الترامبية المتجددة وأمْوَلَة نظام الحكم في الولايات المتحدة

منذ أن بلور حكماء الإغريق قديما فكرةَ الديمقراطية قبل ستة وعشرين قرنا، وعزّزها فلاسفة التنوير بضوابط الحداثة السياسية في القرن الثامن عشر، ظلّت الحِكامة السياسية تتحرك داخل مثلث محتدم، يجمع بين الفضيلة السياسية وبقية أخواتها من الأخلاقيات والأهلية المعرفية من ناحية،...

قراءة المزيد
Loading...