
مسيرة علي فرزات.. وسيرة مصطفى حسين!
بقلم: شريف عبدالغني
| 18 يونيو, 2024

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: شريف عبدالغني
| 18 يونيو, 2024
مسيرة علي فرزات.. وسيرة مصطفى حسين!
الإبداع لا جنسية له.. المبدع يتخطى الحدود وينشر الجمال في الأرض!
يوم السبت المقبل، 22 يونيو/ حزيران، تكون قد مرت 73 سنة على مولد الفنان السوري علي فرزات، أحد كبار المبدعين العرب، وها هو يواصل العطاء.. من دمشق الفيحاء بهرني” فرزات” برسومه! خطوط متميزة وفِكَر عميقة تخطفك من الحزن خطفاً، وتدفعك دفعاً إلى التفكير.. هكذا يكون “الكاريكاتير” أحد أرقى الفنون.
كنت أبحث عن تحف ريشته وأخباره هنا وهناك، ما زلت أحتفظ بحوار موسّع أجرته معه مجلة “العربي”، الهدية الثمينة التي تقدمها الكويت شهرياً إلى العالم العربي منذ أكثر من ستة عقود.. الجميل في هذا الرجل أن له موقفاً في زمن أصبحت فيه المواقف مثل “الأستك”، مرنة تساير المصلحة، ومائعة وفق اتجاه وليّ الأمر.
“فرزات” يحارب الديكتاتورية في أعماله أياً كان مصدرها، كان طبيعياً أن يدفع الثمن بالشكل الذي جرى له بعد اندلاع الثورة السورية بأشهر قليلة، عبر اعتداء وضرب مبرح، ومحاولة كسر أصابعه ليتوقف عن الرسم من قبل “شبيحة” بشار الأسد. الرسام الكبير ساند ثورة شعبه المطالبة بـ”الحرية والكرامة”، فنال العقاب؛ لكنه زيـّن صدره بنياشين الحب من أحرار الدنيا داخل سوريا وخارجها.. لكن عاراً إضافيا لحق بمن أمر بضرب وسحل قيمة كبيرة، لم تبع نفسها لـ”المقاوم الممانع”.
رسومات علي فرزات في معظمها بدون تعليق، وهو أصعب أنواع الكاريكاتير، إذ ينطق الرسم بما يريده الفنان، فضلاً عن إتاحته مجالاً خصباً لخيال المُشاهد. كان فرزات أكثر صراحة في رسومه الكاريكاتورية المناهضة للحكومة السورية، حيث استهدفت رسوماته الشخصيات الكبيرة، خاصة الأسد؛ ومع قرب الإطاحة بمعمر القذافي نشر فرزات رسماً كاريكاتورياً يصور بشار الأسد مُتعرّقًا، ويمسك حقيبة وهو يركض للركوب مع القذافي الذي يقود سيارة بسرعة.
ومن الرسوم الأخرى الشهيرة لفرزات رسمٌ يُظهر بشار الأسد مرتديًا زيًّا عسكريًّا، ويستعرض صورته ويمد ذراعه أمام المرآة، حيث يُظهر انعكاس المرآة أن الأسد شخصية عضلية مهيمنة، ما يتناقض مع قوامه النحيف الفعلي.
في مقابل علي فرزات وشهرته المدوية، عايشنا في مصر الفنان الراحل مصطفى حسين، الذي كان يحظى بالشهرة نفسها في أوساط المحروسة؛ لكنها الشهرة المستمدة من طبيعة السلطة بالقاهرة خلال السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، تلك الطبيعة وذلك المنهج ما كانا يسمحان برعاية أي فنان أو مثقف إلا إن كان “خدّاماً” للمسؤول، هذا الحال كان مقرراً ومفروضاً على الشعب في كل الأوقات عبر وسائل إعلام النظام الضخمة.. وطوال عصري السادات ومبارك كان مصطفى حسين نظيراً لرؤساء التحرير الذين يسلمون أدمغتهم لقصر الحكم قبل أن يمسكوا القلم.
كتاباتهم كانت نوعين لا ثالث لهما، خصوصاً في عصر مبارك؛ مقالات تنضح بالنفاق للرئيس، قبل أن يظهر ابنه على الساحة ليصبح النفاق نفاقين والمديح مديحين والموالسة موالستين؛ والنوع الآخر منشورات قذرة تجاه الدول العربية التي كان مبارك يدخل في خصومة شخصية مع بعض مسؤوليها، تضرب في مقتل مصالح مصر القومية مع هذه الدول إرضاء لمزاج السلطة، ويغور المصريون الذين يعملون هناك.
مصطفى حسين كان يتصرف تماماً مثل هؤلاء الكتاب، رسوماته تضمنت سبّاً فاضحاً لصدام حسين والقذافي وياسر عرفات وحافظ الأسد وغيرهم، لم يكن يحكمه ضمير فنان، لكن ريشته “تشخبط” حسب درجة علاقة مبارك – ومن قبله السادات- مع هذا أو ذاك.. إذا تحسنت غابت الرسوم المسيئة، وإذا تدهورت خرجت من الجراب فوراً.
سنّ الفنان سـُنة سيئة عند الاقتراب من وجه مبارك، كان يتخلى عن قواعد الكاريكاتير، التي تتطلب المبالغة في إبراز الملامح المميزة للشخصية، فكان يُظهره في “بورتريه” يبدو شاباً وكأن عجلة الزمن توقفت! لم يكن غريباً والحال كذلك أن يظهر الرئيس الراحل في رسومات مصطفى حسين بطلاً مغواراً، وشمساً مشرقة بالخير والدفء على مصر.
رسوم مصطفى حسين كانت تبرّئ مبارك من أي مسؤولية عن “بلاوي وبلايا” مصر، والإدانة جاهزة لأي “دوبلير” عن الرئيس، بداية من الوزير وحتى رئيس الوزراء.. كان من مقومات أي شخص يتولى المنصب الأخير قبوله أن يكون مسخرة على يدي هذا الرسام، حتى يصبح حائط صد الانتقادات عن مبارك. الوحيد الذي عارض هذا الأمر حينها هو الدكتور كمال الجنزوري، فقد رفض أن يظهر في رسوم مصطفى حسين، فأقاله مبارك سريعاً.
“يموت الرسام وريشته تلعب”.. مصطفى حسين أصر حتى أواخر أيامه على لعب دوره الأثير بالنيل من أي معارض؛ فبعد ثورة يناير 2011، أصّر على تشويه صورة شباب الثورة، لا ينسى كثيرون رسمه البذيء، الذي قدم فيه الأصوات التي تعارض مبارك، وتقود المظاهرات ضده، في صورة كلاب تنبح.
لا أعرف ما إن كان قام بهذا الدور متطوعاً أم بناء على توجيهات، لكن رسمه الشهير الخاص بالشيخ الراحل محمد متولي الشعراوي، جعل الكل يثق أنه كان يرسم بتوجيهات؛ لقد أظهر الشعراوي يشير من السماء إلى متظاهري ميدان التحرير، وهو يقول عبارته الشهيرة: “الثائر الحق هو الذي يثور ليهدم الفساد، ثم يهدأ ليبني الأمجاد، ولا يعود ثائراً”.. كان الرسم دعوة صريحة لعودة المتظاهرين إلى بيوتهم، وعدم المطالبة بتعديل الأوضاع التي يرونها مقلوبة.. وظّف الفنان المكانة الكبيرة التي يحتلها الشيخ الراحل في قلوب المصريين حتى يترك المتظاهرون الميادين، وإذا لم يعودوا إلى منازلهم يكونون في صورة الرافض لنصائح شيخ كبير جليل، وهو ما يفقدهم تعاطف الشارع.
من عجائب القدر أن فنانَين عظيمين، مثل أحمد حجازي وبهجت عثمان، من جيل مصطفى حسين، رغم أنهما أكثر منه موهبة وفكراً، قد رحلا في صمت دون أي تقدير رسمي.. دفعا ثمن معارضة الديكتاتورية، بينما الأخير ظل حتى اليوم الأخير من عمره يحبو على حجرها .
مسيرة علي فرزات وسيرة مصطفى حسين، تكشفان الفارق الكبير بين دخول التاريخ من باب الشعب، وبين دخوله من باب الحاكم!
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
0 تعليق