
أمل تتعجل الرحيل !
بقلم: هديل رشاد
| 25 يونيو, 2024

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: هديل رشاد
| 25 يونيو, 2024
أمل تتعجل الرحيل !
أمل.. رضيعة وُلدت قبل أوانها وكأنها تتعجل الرحيل عن هذه الدنيا، التي لم ترحم ضعفها وقلة حيلتها، ولم ترحم أمها وعشرات الآلاف من الأمهات الغزيات اللاتي يواجهن شبح المجاعة، ما يؤثر عليهن وعلى أجنَّتهن، فإما يلدن قبل موعدهن وإما يلدن أجنتهن أمواتا.
فأمل هي الرضيعة الرابعة التي تلقى حتفها خلال أسبوع في قسم الحاضنات، بمستشفى كمال عدوان الحكومي في شمالي غزة، بسبب نقص الإمكانيات وسوء التغذية، والمجاعة التي أطلَّت برأسها من جديد على سكان شمال قطاع غزة، مهددة عشرات الآلاف من السكان الذين يواجهون مصير أمل بسبب سوء التغذية.
كما أنَّ المستشفى شخّص خلال الأسبوعين الأخيرين إصابة أكثر من 250 طفلاً بعلامات سوء التغذية، فضلا عن 60 حالة تسمم بين النازحين في مركز إيواء بيت لاهيا شمالي القطاع، بسبب تفشي المجاعة وسوء التغذية وتناول طعام غير صالح للأكل، وبسبب شح المياه الصالحة للشرب جرَّاء تدمير العدو المحتل قرابة 70% من آبار المياه، وهذا يدفع بالكثيرين – وخاصة الأطفال- لشرب المياه الآسنة أو بعض المشروبات التي انتهت صلاحيتها، ما يضاعف حجم انتشار الأوبئة والأمراض كالتهابات الكبد الفيروسي الوبائي، وأمراض الكلى إلى جانب فقر الدم بنسب متفاوتة.
وقد زاد الأمر سوءا منذ أن منع الكيان المحتل – وبشكل متعمد- وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” من إيصال المساعدات المنقذة للحياة إلى شمال غزة منذ قرابة الشهرين؛ رغم المأساة التي يعيشها سكان غزة منذ السابع من أكتوبر، والتي أخذت بالتفاقم مع نفاد المواد الغذائية الأساسية.
كما كشف تقرير للـ”أونروا” أنَّ المجاعة انتشرت من مناطق شمال غزة إلى المناطق الوسطى والجنوبية، وقدّر أنَّ 90% من الأطفال يعانون من فقر الدم وسوء التغذية، وجميع سكان غزة يشربون المياه غير النظيفة، بالإضافة إلى تعطيل البنية التحتية للصرف الصحي، ما أدى إلى انتشار الأمراض، والمخاوف من انتشار الكوليرا في الفترة المقبلة، فلم يعد لدى الناس القدرة على مقاومة الأمراض بسبب نقص الرعاية الصحية وسوء التغذية، إذ إن هناك عائلات تتناول وجبة واحدة كل ثلاثة أيام، في ظل شح المواد التموينية وعدم توفر البضائع في الأسواق مع إغلاق المعابر، إلا أنَّ التقارير تؤكد أنَّ الأمر يزداد تعقيدا في الشمال بسبب الحصار الذي يعد الأقسى.
وتتعاظم هذه المأساة مع إصرار العدو المحتل وتعنته في إعاقة وصول المساعدات الأساسية لسكان شمال غزة، لاسيما الإنسانية والإغاثية.. وبحسب مراسل “إكسترا نيوز”، فإن العدو المحتل لم يسمح منذ 26 مايو 2024 سوى بمرور 2096 شاحنة من المساعدات الإنسانية لقطاع غزة كافة؛ وهذا الرقم يُعدُّ ضئيلاً في ظل كم المساعدات التي يحتاجها سكان قطاع غزة يومياً، إذ يحتاج القطاع يومياً إلى 500 شاحنة بالاستناد إلى منظمة الأمم المتحدة.
وتؤكد منظمة الأمم المتحدة دور العدو المحتل في عرقلة وصول المساعدات إلى مستحقيها، فضلاً عن اعتراض المستوطنين لأي شاحنة مساعدات يُظن أنها متجهة إلى قطاع غزة، بإيعاز أفراد من قوات الأمن الإسرائيلية، يقومون بإبلاغ مستوطنين وناشطين يتبعون لليمين المتطرف عن مواقع شاحنات المساعدات لعرقلة طريقها وإفساد محتوياتها، مدّعين أنَّ المساعدات لا تصل إلى المدنيين في قطاع غزة بل تُحوّل إلى “حماس”، دون أي دليل يؤكد مزاعمهم.
وتستمر هذه الأعمال رغم طلب وزارة الخارجية الأمريكية من إسرائيل التوقف عن اعتراض قوافل المساعدات المتجهة إلى غزة، لكن الوزارة في طلبها هذا اكتفت بوصف الهجمات على القوافل بغير المقبول! إلا أنَّ العدو المحتل لم يتوقف عن عرقلة وصول المساعدات الإغاثية.
ورغم الأصوات الصادرة من غزة، والتحذيرات المتكررة لممثلي المنظمات الأممية والدولية من خطر المجاعة، الذي بات ينهش مناطق قطاع غزة شيئا فشيئا، فإنه لا وجود لمن يحرك ساكناً، أو من يستطيع أن يُدخل رغيف خبز واحد لسكان غزة متحدياً غطرسة الاحتلال، الذي ضرب بكل القوانين والمعاهدات الدولية عُرض الحائط، غير مكترث بالقوانين أو بتهديدات محكمة العدل الدولية، التي أصدرت في الثامن والعشرين من مارس 2024 إجراءات إضافية ضد إسرائيل جرَّاء المجاعة في غزة، بهدف السماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، مع ضمان وصول الكهرباء والوقود واحتياجات النظافة والصرف الصحي.
ورغم هذه الإجراءات فإنَّ إسرائيل لا تزال تتحدى العالم بمساندة الولايات المتحدة الأمريكية، التي توبخها علناً وتدعمها سراً من تحت الطاولة؛ وهنا يأتي السؤال: لماذا لا تفرض الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على إسرائيل بموجب قانون ليهي الصادر عام 1997، الذي ينص على أنه “لا يجوز للولايات المتحدة الأمريكية تقديم مساعدة لقوة عسكرية متهمة بارتكاب انتهاكات خطرة لحقوق الإنسان”، وفي نص القانون “ليس كل انتهاك لحقوق الإنسان يبرر فرض عقوبات، بل يقتصر ذلك على الانتهاكات الخطرة مثل جرائم القتل العمد للمدنيين، التعذيب، الاختفاء القسري والاغتصاب المستخدم كسلاح في الحرب”؟
والمتابع للمشهد، وبالاستناد إلى الدعوى المقدمة إلى محكمة العدل الدولية، وبشهادة المراقبين المستقلين لحقوق الإنسان، يجد أنَّ كل ما ورد في نص القانون ارتكبه العدو المحتل، ولا يزال يرتكبه بكل وحشية، وليس ضد سكان قطاع غزة فقط، بل إن وحشيته طالت الضفة الغربية وسكانها العزل، فكلنا قد نجهل اسم مجاهد فياض، بل إن عقولنا جميعاً اختزلت صورة ذاك الشاب الفلسطيني المصاب ليلة السبت، الذي اتخذه جيش العدو درعا بشريا بعد إصابته، جريحا مقيّدا على الغطاء الأمامي للمركبة العسكرية في جنين شمال الضفة الغربية.
وأمام هذه الممارسات تقف الولايات المتحدة الأمريكية موقف المتفرج المدافع عن إسرائيل بالفم الملآن، وكيف لا ورئيسها جو بادين يتهرب من التحقيقات الصارمة في مزاعم الانتهاكات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، لتجنب الحرج الذي تفرضه هذه القوانين التي تهدف إلى ربط المساعدات العسكرية بالسلوك القانوني للقوات الأجنبية، كما أنَّ جو بايدن أعلنها صراحة خلال زيارته التضامنية إلى تل أبيب في 18 أكتوبر 2023.. “لو لم تكن إسرائيل لعملنا على إقامتها”.
ختاما:
من المؤسف أن تستمر هذه الممارسات ضد الشعب الفلسطيني، الذي يُذبح من الوريد إلى الوريد على مدى قرابة تسعة أشهر، يواجه فيها عدواً فاقداً لإنسانيته، يتلذذ بأبشع وأوسخ الممارسات بحق المدنيين من إبادة جماعية وتجويع وتنكيل، ومجازر تُسقط قيد عائلة بأكملها، وأن يحدث ذلك وسط خذلان مقيت من عالَم يقف موقف المتفرج، معولاً بغباء على دور الولايات المتحدة الأمريكية في إجبار إسرائيل على احترام المواثيق والمعاهدات الدولية، وتنحية المدنيين جانباً في حرب غير متكافئة.
1 تعليق
إرسال تعليق
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
لا حول ولا قوة الا بالله..اللهم عافينا وعفو عنا وسامحنا يا رب العالمين