
إمبراطورية على أنقاض طفولة قاسية
بقلم: د. جاسم الجزاع
| 18 أغسطس, 2024

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: د. جاسم الجزاع
| 18 أغسطس, 2024
إمبراطورية على أنقاض طفولة قاسية
في تسعينيات القرن الماضي أعلنت صحيفة “واشنطن بوست” في تقرير لها أن جنكيز خان هو الرجل الأكثر إثارة وجدلية في السنوات الألف الأخيرة.. فشخصية جنكيز خان شخصية مُعقدة، ومُثيرة للجدل، وهي لطالما أثارت فضول كثير من الباحثين والمؤرخين؛ فقد اعتبره البعض فاتحًا عسكريا عظيمًا، والبعض الآخر اعتبره مُدمّرًا للحضارات.. ولكن، هل كان للتنشئة الاجتماعية التي مر بها هذا الرجل دور في صناعته؟ وكيف أصبح قائدًا لأكبر إمبراطورية في التاريخ؟
في القرن الثاني عشر الميلادي، وفي المنطقة المعروفة باسم “هضبة منغوليا” شمال صحراء جوبي، تلك المنطقة التي تميزت بجبالها الوعرة، ومناخها القاسي، وظروفها البيئية الصعبة، ومواردها النادرة، ولد جنكيز خان، وقد سماه أبوه “تيموجين”، تخليدًا لانتصاره على زعيم من زعماء التتار. وحسب الأسطورة التاريخية، إنه جاء إلى الدنيا مُمسكًا بيده اليمنى قطعة من الدم المُتجمد كأنها حجر أحمر، وقد اعتبر بعضهم بحسب التقاليد المغولية أن هذا المولود سيكون له شأن عظيم ليس في قبيلته فحسب، ولكن في القبائل المغولية جمعاء.
وعندما كان جنكيز خان في التاسعة من عمره صحبه أبوه إلى إحدى القبائل المغولية، وفي طريق عودته قام خصوم والده من القبائل التترية بدس السم له وقتله، فعاد جنكيز خان إلى قبيلته يتيمًا ليخلف والده في قيادة القبيلة، ولكن أبناء قبيلته رفضوا ذلك الأمر نظرًا لحداثة سنه، ولم يكتفوا بذلك، بل أخرجوه من القبيلة، وطردوه بعيدًا هو ووالدته وإخوته الستة؛ لتجنب الاضطرار إلى إطعامهم.
كان لزامًا على الأسرة المنكوبة الفقيرة أن تبذل كل ما تستطيع من جهد وتعب لتحصل على الزاد الضروري لأفرادها، فصارت تنتقل من مكان إلى مكان آخر بين الجبال وفي الأودية بحثًا عن العُشب والنباتات، وما ينبت الأرض من ثمار. ولم يتطرق اليأس يومًا إلى قلوب أفراد هذه الأسرة، فظلت تحتفظ بالحماس والنشاط والصبر على تحمل المصاعب، فأخذ الصبيان يصطادون ما يلزم لإعاشتهم، وحرصت الأم على توطيد العلاقة بين أفراد الأسرة، خاصةً بعد أن قتل جنكيز خان أخاه الأكبر بعد خلاف بينهما.
ولم تسلم هذه الأسرة المنكوبة من الإغارات؛ فقد تعرضت لغارات من قبيلة “التايجوت”، التي حرصت على إذلالهم، فلم يسع جنكيز خان الذي تولى رئاسة الأسرة بعد قتل أخيه الأكبر إلا أن ينتقل هو وأمه وبقية أفراد أسرته بمعسكرهم إلى مناطق جبلية أخرى، وكان كل ما يملكونه في ذلك الوقت لا يتجاوز تسعة أفراس، وقعت ثمانية منها في أيدي المغيرين دفعة واحدة.
وتمر الأيام، ويستطيع جنكيز خان أن يفرض شخصيته على كل من يلتقي به، فانحازت إليه قبائل كثيرة، واحدة تلو الأخرى، واستطاع بمهارته ومواهبه القيادية والإدارية أن يوحدها تحت قيادته، وكوّن منها إمبراطورية مترامية الأطراف، امتدت من المحيط الهادي شرقًا إلى البحر الأسود غربًا.
فالتنشئة الاجتماعية- التي تعني عملية التعلُّم واستيعاب معايير وقيم وسلوكيات مجتمع أو مجموعة معينة في فترة زمنية محددة- لها تأثير كبير على تكوين القادة في التاريخ، حيث إنها تشكل تصوراتهم ومعتقداتهم وأفعالهم؛ فمن خلال التنشئة الاجتماعية، يتعلم الأفراد كيفية التفاعل مع الآخرين، وكيفية ممارسة السلطة، وكيفية الاستجابة لاحتياجات وتوقعات أتباعهم.
فمما لا شك فيه أن طفولة جنكيز خان، وتنشئته الاجتماعية الأولى الصعبة، أخذت دورًا حاسمًا في تشكيل شخصيته وإرادته، وشكلت جزءًا مهمًّا من حياته، حتى لقد ذكر بعض المؤرخين الألمان أن الانتصارات التي حققها جنكيز خان ليست بقوة جيشه فحسب، ولكن بشخصيته الفذة وحكمته السياسية.

أكاديمي كويتي
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
0 تعليق