
الخليج العربي وسؤال التطرف الفكري
بقلم: مهنا الحبيل
| 28 أغسطس, 2024

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: مهنا الحبيل
| 28 أغسطس, 2024
الخليج العربي وسؤال التطرف الفكري
منذ توارد الأنباء عن الجريمة الإرهابية في أحد مساجد عُمان في منطقة الوادي الكبير، ليلة السادس عشر من يوليو/ تموز الماضي، اتخذت السلطات العمانية خطّاً متحفظاً على خطاب التغطية، لمنع أي رسائل فتنة تحدثها في المجتمع، وخاصة أن الجريمة ارتُكبت في مناسبة دينية للطائفة الشيعية، في مناطق تجمعات المقيمين الباكستانيين، ولذلك كان الضحايا من العمالة الآسيوية، وخصوصاً الباكستانية، وهذا ما يجعل تطويق أي ارتداد طائفي ذي عنف دموي مسؤوليةً مهمة للغاية، حرصت عليها المؤسسة الأمنية والسياسية في مسقط.
وتلاحظ هنا قضية مهمة، وهي أن باكستان هي إحدى مناطق الاشتباك الطائفية العنيفة، التي يتصدع لحوادثها القلب، ويذهل العقل، حينما تسمع خبر تفجير أو مداهمة مسلحة لتجمع ديني، وهي السطح الذي تعتمد عليه داعش وبقية الجماعات الإرهابية، مع تأكيدنا المركزي على فكرة التوظيف السياسي الدقيق، الذي يدركه المحلل السياسي في المشرق العربي، وكيف أصبحت صورة تنظيم داعش نماذج متعددة، تخلق عبرها مجموعات لتنفذ عملياتها الإرهابية لصالح طرف دولي أو إقليمي، أو يهيّأ لها المسرح عبر الاتصال اللوجستي بالمجموعة لكي تدفع لهذا العنف الدموي.
ولم تكن هذه الحوادث تقع في أزمنة قديمة، رغم وجود صراعات مذهبية صعبة. وفي باكستان بالذات، كانت روح الاستقلال لمسلميها جامعاً يحمل الهم الوطني المشترك، في سبيل تحقيق نهضة جامعة لمسلمي آسيا الهندية، وقد شارك قادة الحراك الوطني المهاتما غاندي في حركة الكفاح المدني للخلاص من التاج البريطاني، واضطهاده لآسيا الهندية، وتسخير إنسانها وثروتها لبقاء الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، قبل أن تخضع لندن لسحب البساط منها عبر قوى غربية أخرى.
بل إنك لو دققت في أسماء علاقات المصاهرة بين القاعدة الوطنية في باكستان، لعجبت من تداخل الشيعة والسنة فيها، بما يصعِّب الفرز الحاد، فلماذا تغير الأمر بعد الثورة الإيرانية؟
لا يمكن هنا أن نعيد تفاصيل الاختلافات الطائفية التي طرأت بين زمنين، لكننا نلاحظ أن هذه الجماعات الإرهابية تتكئ على عمليات الجماعات شبه الرسمية في العراق وسوريا وغيرهما، التي نفذت عمليات إرهابية ضد المسلمين من الطائفة الأخرى، ثم تخلط هذه العمليات في عقل الشباب المندفع- والذي احتُجز تحت تأثير التلقين المذهبي الصارم لفكرته وعقيدته الجديدة، حين اعتنق التشدد والغلو- بالمشروع العسكري للغرب وذراعه الإسرائيلي، وبصور بغي المركزية الغربية المتطرف في التطفيف في حق الإنسان خارج مركزيتها.. ويكفينا هنا مشهد غزة، والبيانات الأخيرة التي أصدرتها واشنطن والاتحاد الأوربي لتأكيد لحمتهم بالمشروع الصهيوني، فضلاً عن دعمه سياسيا وعسكريا.
ولو حاولنا أن ننظر لهذا الخلط في عقلية الشاب، لوجدنا كيف يلتقط التنظيم حلقة الغضب القصوى، ويدفعه لتنفيسها في جسد أبرياء من المسلمين، من باكستان إلى الصومال ودول أفريقية عدة، أو من بلدان غربية، ثم يعلن حضوره السياسي في هذا الإقليم وذاك لبقاء فكرة تمثيله لوحدة الأمة المزعومة. وهذا الداء الذي توسع وانتقل من فكرة القاعدة الأخيرة، بعد أن أسقطت النسخة الجديدة استراتيجية أبي مصعب السوري بالتركيز على المواقع الاستراتيجية للغرب، لا الجسم المدني، وهو يذكرنا بباب التدخل التوظيفي الدولي، بعد أن أسقطت داعش القاعدة، وأعلنت حرباً على حركة طالبان، رغم انتصارها العسكري على المشروع الأمريكي.
ونحن في الخليج العربي في قلب هذه المعمعة بين كلا طرفيها، بين الجماعات الإرهابية الدولية وبين الميلشيات الطائفية، والمرض الخطير تمكن من بعض دول المشرق العربي وإن كان ينخفض ويصعد، لكنه داء خطير، ومواسمه مفاجئة، وقضية التوظيف هنا لا تعني بالضرورة أن المجموعة عميلة، ولكن توجُّه تلك القوة العاطفية المحمومة- وخاصة بعد هولوكوست غزة- إلى الجسم المدني البريء، فهو خاصرة رخوة، يسهّل تسجيل نصر على حساب دمائها.
وبوادر نجاح عُمان في تطويق الفتنة، وقطع الطريق على بيان داعش، الذي أعد تصويره في هذا الاتجاه لخلق أرضية صراع وفوضى توحش، مطمئن جداً- ولله الحمد- لسلامة مستقبل البلد، ويجب هنا أن نشير إلى أن مشروع عمان للتعايش والتعاضد الوطني بدأ قبل عقدين من الزمن، ونجح في عدة دورات صعبة، وأصبح نسيجها الوطني مثقفاً ومتمكناً من فهم الفرق بين خلاف المعتقد، وبين سلوك الفرد، وضرورات التعامل- بل والإحسان- الأخلاقي.
غير أن أهمية المسؤولية الفكرية في كل دول الخليج العربي لا تزال حاضرة، ومساحة الاختراق قد تُهيَّأ لهذا التنظيم أو ذاك، وهو ما يتطلب العودة إلى السؤال الفكري في تحصين المجتمع بأصل الخطاب الشرعي ومقاصده بين العالمين، من خلال مواد حوار وإعلام، تقدم للمجتمع بصيغة خطاب المشاركة منه وإليه، وليس عبر تقريع هذه المدرسة الدينية أو تلك، ولا تشجيع الصراع بينهما.
فلا يمكن أن تنزع الناس من أطرهم المذهبية المحافظة، ولكن واجبك في توجيه خطابهم إلى محاسن الشريعة، وتذكيرهم بالمسؤولية فيه، وأن أكبر خدمة تقدمها للمركزية الغربية والمشروع الصهيوني، هي أن تلقي ببلدك في أتون فتنة دموية مجتمعية.

رئيس المركز الكندي للاستشارات الفكرية
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
0 تعليق