
سياسة الاغتِيالات
بقلم: أيمن العتوم
| 30 سبتمبر, 2024

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: أيمن العتوم
| 30 سبتمبر, 2024
سياسة الاغتِيالات
نهجٌ عسكريّ قديم، الكُتلة العاطفيّة في حَدَّها الأقصى كُرْهًا أو خَلاصًا قد تكون الدّافع، وهي وسيلةٌ حينَ يرى بعضُهم أنّها لا تُجدي وأنّها تخلقُ إرثًا من الحقد والبغضاء، وتُنجِب جيلاً من الثّائرين الثأريّين، وتخلقُ قادةً آتِين يخلفون القادة الذّاهبين، يرى آخرون – في العقليّة العسكريّة السّياسيّة – أنّها مُجدِية، وربّما تخلقُها ضرورةٌ تجعل تأخيرها نوعًا من الانهزِاميّة أو نوعًا من العبث. والتّاريخ شاهِدٌ ولا يغيب لِمَنْ أرادَ أنْ يرى مسيرته في هذا.
قديمًا اغتال أربعون فارِسًا وأميرًا (يوليوس قيصر) على عرشِ عظَمتِه في روما، وكان أبرزهم (بروتس)، وخلّد (شكسبير) في مسرحيّته مقولة القيصر لحبيبه وهو يُجهِزُ عليه: “حتّى أنتَ يا بروتس!!”. واغتال أعضاء في البرلمان وآخرون القيصرَ (كاليغولا) مُتذرّعين بجنونه.
واغتالَ أبو لؤلؤة المجوسيّ بستّ طَعَنات عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، واغتالَ ثلاثةَ عشرَ رجلاً تسلّقوا دار عثمانَ عثمانَ بن عفّان رضي الله عنه، واغتال ابنُ مُلجِم عليًّا كرّم الله وجهه، وأمر الرّسول صلّى الله عليه وسلّم من قبلُ برأسِ كعب اليهوديّ بقوله: “مَنْ لِكَعب بن الأشرف فإنّه قد آذى الله ورسولَه”.
واغتال قادةُ دولٍ كثيرةٍ في زماننا هذا عددًا لا حصر له من القيادات المُناوِئة لهم، وجرتْ إسرائيل على هذا النّحو، فاغتالتْ أكثرَ من مئة قياديّ في المقاومة الفلسطينيّة على مدى أكثر من خمسةٍ وسبعين عامًا منذُ قيام كيانها، اغتالتْ على سبيل المثال في السّبعينيّات الكاتب غسّان كنفاني بتفجير سيّارته بعبوةٍ ناسفةٍ مزروعةٍ فيها، وكمال عدوان، وعلي حسن سلامة. واغتالت في الثّمانينيّات ماجد أبو شرار وخليل الوزير، وكانتْ تصلُ إلى حيثُ هم في بلادٍ بينها وبين كيانها آلاف الأميال. واغتالتْ في التّسعينيّات صلاح خلف في تونس، وفتحي الشّقاقي الأمين العامّ لحركة الجهاد الإسلاميّ بإطلاق النّار عليه من درّاجة متحرّكة في مالطا، ويحيى عيّاش أحد مؤسّسي كتائب عزّ الدّين القسّام المُسلّحة عن طريق تفجير جهاز هاتفه الخلويّ في غزّة. واغتالتْ قبل أشهر الرّجل الأوّل في حركة حماس إسماعيل هنيّة على أرض طهران، واغتالتْ قبل يوَمين الرّجل الأوّل في حزب الله حسن نصر الله على أرض لبنان… وهكذا.
ولن تتوقّف إسرائيل عن هذه السّياسة إلى أنْ لا يكونَ لها وجود، ترى أنّ كلّ ما يُهدِّدَ وجودَها يجب أنْ يُهدَّدَ وجودُه، سواءً أكان فردًا أم حزِبًا أم جماعةً أم حركةً أم دولةً. إنّها سياسة دأبتْ عليها ثماني عقود، حصدتْ خلالَها ما تراه مكاسبَ كان يجب ألاّ تُؤجّل.
فما الّذي تكسبه إسرائيل من هذه الاغتيالات؟ تجيبُ هي: استعادة القدرة على الردع والثقة بالنفس. ورفع معنويّات الشّعب الإسرائيليّ جرّاء ما حدث في طوفان الأقصى. إخافة الجيران الأقربين والأبعدين أنّ يدَ إسرائيل قادرةٌ على أنْ تجوسَ العالَم شرقَه وغربه، وتصل إلى أدغال أفريقيا ومجاهلها إذا كان الأمر يتطلّب ذلك.
وحينَ شاركَ الإسرائيليّون في استطلاع رأي قام به معهد (لازار) الإسرائيلي في (تلّ أبيب) قبل أقلّ من شهرَين، ونشرته صحيفة (يديعوت أحرنوت) الإسرائيلية، كانتْ نتيجة الاستطلاع أنّ (69%) من الإسرائيليين – أي أكثر من ثُلثَيهم – أعلنوا تأييدهم لسياسة الاغتيالات التي تقوم بها دولتُهم، حتّى ولو أدى ذلك إلى تأخير مفاوضات الهدنة، وإطلاق سراح الرّهائن المُحتجَزين في غزّة.
ما الّذي تخسره؟ تجيبُ هي: لا شيء؛ نحنُ اليدُ الطُّولى. نجيبُ نحن: إنّ نهر الدّماء هو الهادي ليوم الثّأر، وإنّ قتالَنا معهم من أجل استرداد حقوقنا ليس مرهونًا بزمنٍ ولا باغتيالٍ فرديّ أو جماعيّ لنا ولقادتنا، والقادة يتوالَدون، نحنُ ننتظر وعدَ الله بالنّصر، ونحنُ الطّائفة المُبارَكة الّتي بعثَ بها الله إلى أعدائه الصّهاينة لنَسُوءَ وجوههم. وهذا الدّم يُنبِتُ على الثرى أبناءَ للقادة يخلفونهم ويُثخِنون في عدوّهم بأكثرَ مِمّا أثخنَ به آباؤهم.
عمّان
28-9-2024م

صدر لي خمسة دواوين وسبعَ عشرة رواية
1 تعليق
إرسال تعليق
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
ما رأيك في نصر الله؟؟ في سياسته هل أنت ضده؟؟ أم أنك محايد؟؟