بنيامين نتنياهو.. الهروب إلى الأمام
بقلم: هديل رشاد
| 2 سبتمبر, 2024
مقالات مشابهة
-
هيكل.. حكايات من سيرة الأستاذ الكاهن (1)
علاقتي مع كتابات الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل...
-
اِجعل لكَ خبيئة!
خرج المسلمون يوماً لقتال الروم، فلما التقى...
-
خرافة اسمها الحب!
من البديهيات أن المشاعر جزء أصيل لدى الإنسان.....
-
الشكر.. دوامٌ للنعم في الدنيا وفوزٌ في الآخرة
أنعم الله تعالى وتفضّل على عباده بالكثير من...
-
الترامبية المتجددة وأمْوَلَة نظام الحكم في الولايات المتحدة
منذ أن بلور حكماء الإغريق قديما فكرةَ...
-
السياسة الخارجية المتوقعة لإدارة ترامب.. تداعياتها على الشرق الأوسط
خلال حملته لاستعادة رئاسة الولايات المتحدة، قال...
مقالات منوعة
بقلم: هديل رشاد
| 2 سبتمبر, 2024
بنيامين نتنياهو.. الهروب إلى الأمام
يحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ذرَّ الرماد في العيون، في كل مرة يشعر بأنه في عنق زجاجة، لا سيما فيما يتعلق بقضية الأسرى الإسرائيليين، ويجتهد لتغيير الحقائق للتملص من مسؤولياته في التوصل إلى إبرام صفقة تبادل للأسرى بين الجانبين، بتبنيه استراتيجية تعتمد لوم كائن من كان باستثناء نفسه، وكان هذا الأمر باديا جليا في خطابه يوم أمس معلقا على مقتل ثلاثة من عناصر الشرطة بعملية اغتيال في الخليل، واستعادة ستة رهائن إسرائيليين، من بينهم رهينة إسرائيلي أمريكي الجنسية.
فهذه المرَّة -ككل مرَّة- وجّه بنيامين نتنياهو أصابع الاتهام إلى حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، وحمّلها مسؤولية قتل ستة رهائن كانوا محتجزين لدى الحركة، وقد خلصهم جيش الاحتلال وهم قتلى -وفق البيان العسكري الإسرائيلي- في أحد أنفاق مدينة رفح، مختبئا وراء أصبعه لتوجيه أنظار ذوي الأسرى عامة -وذوي الأسرى المقتولين خاصة- نحو “حماس”، لتحميلها كامل المسؤولية عن كل ما يعانيه شعب إسرائيل على حد قوله، معتقدا وجود أحد ما زال يصدقه على مستوى الشارع الإسرائيلي أو المعارضين لسياسته العبثية، والتي تلعب من وجهة نظرهم بأرواح الأسرى المحتجزين لدى “حماس”.
ويأتي ردهم عليه متتابعا، ابتداء من تحميله مسؤولية الفوضى التي يعيشها الشارع الإسرائيلي، والتي أشعل فتيلها تلاعب بنيامين نتنياهو ورعونته، وصولا إلى إعلان الإضراب العام للضغط على حكومته، للوصول إلى إبرام صفقة تبادل سريعة لاستعادة من بقي من أسراهم على قيد الحياة.
إنّ خطاب بنيامين نتنياهو كان مهزوزاً، ويكشف أنه يسير بلا استراتيجية كمن يهرب إلى الأمام؛ فمنذ طوفان الأقصى لم يحقق أي إنجاز سوى استهداف المدنيين الغزيين، واستهداف المستشفيات والمدارس ودور العبادة من مساجد وكنائس، متذرعاً بأنه بهذه العمليات يحقق أحد أهدافه في القضاء على حماس واجتثاث ما أسماه بـ”الإرهاب”.
فحتى قادة “حماس” الذين اغتيلوا لم يُغتالوا على أرض غزة، بل تمت تصفيتهم خارج القطاع، كالشهيد إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، والشهيد صالح العاروي، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، ما يكشف أن بنيامين نتنياهو يمضي في هذه الحرب متفردا برأيه مع ضمانات خارجية بدعمه ودعم حكومته المتطرفة، وعلى رأسها تلك الآتية من الولايات المتحدة الأمريكية، وإن ظهرت الإدارة الأمريكية بعكس ذلك، بادّعاء الرغبة في التوصل إلى صفقة تنهي الحرب وتعيد الأسرى من كلا الجانبين.
لقد بات الشارع الإسرائيلي لا تنطلي عليه أكاذيب بنيامين نتنياهو وقلبه للحقائق، بادعاء أنَّ “حماس” هي التي تعطل وتعرقل الوصول إلى صفقة، فحكومته هي التي تضع العصا في الدواليب لإطالة أمد المفاوضات لأغراض تعنيه وتعني أمثال إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، والإدارة الأمريكية (العميل المزدوج، إن صح التعبير) في هذا السياق، فهي من جهة تجلس على طاولة المفاوضات للتوصل إلى إبرام صفقة لتبادل الأسرى ووقف دائم لإطلاق النار، ومن جانب آخر هي منخرطة بصورة مباشرة في توفير غطاء دولي وسياسي لممارسات حكومة الكيان الصهيوني، بل وتروج لأكاذيب بنيامين نتنياهو في أنَّ “حماس” هي التي رفضت وترفض التوصل إلى إبرام الصفقة، باتهامها برفض المقترح الأمريكي في 27 مايو/ أيار 2024، وأنها عادت وأفشلت التعديل الذي أُدخل عليه في 16 أغسطس/ آب 2024.
والمتابع لمسار المفاوضات سيعلم أنَّ من الصعوبة بمكان على “حماس” الموافقة على مقترح الولايات المتحدة الأمريكية، الذي جاء متماهيا مع مطالب إسرائيل في عدم النص على وقف الحرب، والإصرار على مواصلة احتلال مفترق نتساريم ومعبر رفح وممر فيلادلفيا، ورفض الانسحاب الشامل من قطاع غزة.. فجلُّ هذه المطالب والبنود -بكل تأكيد- ما هي إلا لمنح بنيامين نتنياهو وحكومته المزيد من الوقت للانفراد بغزة تحت عباءة تحقيق أهدافه الثلاثة التي أكدَّ أن وقف الحرب مرهون بتحقيقها، والتي تتمثل في القضاء على “حماس”، وتحرير الأسرى الإسرائيليين، وضمان عدم ظهور أي تهديد من غزة مرة أخرى. وهو -رغم مضي 332 يوما- لم ينفذ أي منها، ليتأكد أنَّ مآربه تتجلى في إبادة الشعب الغزي، وأن كل ما يتحدث به ما هو إلا بمثابة مبررات لا يستفيد منها سوى المشروع الاستيطاني الصهيوني.
إنَّ ما يقوم به بنيامين نتنياهو يذكرني بالمثل الشعبي الفلسطيني “جاجة حفرت على راسها عفرت”، إذ إنَّ إطالة أمد الحرب ضاعف من عدد الأسرى الذين قُتلوا في غزة، بسبب القصف المستمر من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي أضرم النار في قلوب ذويهم، لا سيما وأنَّ بنيامين نتنياهو أراد من خطابه أن يلعب دور الضحية، فلربما أفلح في تهدئة الشارع الإسرائيلي قبل أن يشتعل فتيل الفوضى الداخلية، وبدا حرصه هذا عندما قال “نحارب في الجبهات عدوا قاسيا يريد قتلنا جميعاً”.
إلا أنه -كعادته- لم يفلح، ولم تُجدِ كلماته نفعا ولم تشفع له، بل خرج قرابة 300 ألف إسرائيلي مساء أمس الأحد، في أكبر حراك شعبي شهدته تل أبيب منذ بدء الحرب على قطاع غزة، بمشاركة زعيم المعارضة يائير لابيد. هذا إلى جانب الدعوة إلى الإضراب العام بمعية النقابات العمالية الإسرائيلية، للضغط على نتنياهو لعقد صفقة لإطلاق سراح من تبقى من الأسرى في غزة أحياء لا جثثا هامدة، حيث إن بعض التصريحات الصادرة عن أحد قياديي حماس أكدت أن “الحركة” كانت قد وافقت على إطلاق سراح بعض الأسرى الذين عثر على جثثهم في نفق في مدينة رفح في حال التوصل إلى هدنة، وكان من بينهم الأسير الإسرائيلي الأمريكي هيرش غولدبرغ بولين.
ختاماً
إلى أي مدى يمكن التعويل على نتنياهو وحكومته في التوصل إلى إبرام صفقة لتبادل الأسرى، مع وقف الحرب، والانسحاب الشامل من قطاع غزة ومعبر رفح وممر فيلادلفيا، في ظل ساديته المطلقه، ورغبته الجامحة في تحقيق مصالحه الشخصية مهما كلَّفه الأمر؟.
1 تعليق
إرسال تعليق
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
من زمزم إلى الذّبيح عبدالله.. إرهاصات بين يدي الولادة
"إنّي لنائمٌ في الحِجر إذ أتاني آت فقال: احفر طَيبة؛ قال: قلت: وما طَيبة؟ قال: ثمّ ذهب عني، فلمّا كان الغد رجعتُ إلى مضجعي فنمتُ فيه، فجاءني فقال: احفر برّة؛ قال: وما برّة؟ قال: ثمّ ذهب عني، فلمّا كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه، فجاءني فقال: احفر المضنونة، قال:...
هيكل.. حكايات من سيرة الأستاذ الكاهن (1)
علاقتي مع كتابات الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل معقدة، قد تأخذ موقفًا مما يكتبه وتتهمه بكثير، ابتداءً من التحايل على المعلومة وتعديل تفسيرها، إلى عدم إيمانه بالديمقراطية.. لكني أعود إليه كمصدر وشاهد عيان في قضايا تاريخية كثيرة، والأهمّ كواحد من أجمل الأقلام الصحفية في...
البنتاغون يتوقع اضطرابات كبيرة مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض
تتزايد المخاوف في أوساط البنتاغون بشأن عودة الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، حيث يُخشى أن يسعى لتنفيذ وعود انتخابية قد تؤدي إلى تداعيات خطيرة على الجيش الأمريكي، الذي يُعرف بحياده السياسي. من بين هذه المخاوف، توجيه الجيش للعمل داخل الولايات المتحدة،...
كلام رائع ويحترم مقال جدا جميل أستاذه هديل كالمعتاد