
خديعة الرأي الآخر في العالم الرقمي
بقلم: خالد صافي
| 14 يوليو, 2024

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: خالد صافي
| 14 يوليو, 2024
خديعة الرأي الآخر في العالم الرقمي
ضريبة حرية الرأي
“بحكم متابعتي لحسابك تصلني تنبيهات بكل منشور أو رد أو تعليق أو مساحة صوتية تدخلها، وهذا يدفعني للمتابعة لأعرف ما يحدث لغزة وأهلها، ولكني أفاجأ في كثير من الأحيان بكلام مشبوه، وبحديث يزعج القلوب قبل الآذان، من الآراء الفاسدة والأكاذيب، التي يختلقها مطبعون ومثبطون في مساحات، تحمل في ظاهرها عنوان الرأي والرأي الآخر، وفي باطنها كثير من السم.. لكم كامل الحرية في الدخول إلى أي مساحة ترغبون، ولكن هل يمكنكم أن تحافظوا على أسماعنا من التعرض لهذه الترهات؟”.
هذا اللوم وصلني من أحد المتابعين على منصات مواقع التواصل، وهو تحدٍّ أعيشه ويعيشه أصحاب الحق في كل مرة نخوض فيها معركة رقمية مع الباطل وزبانيته، لحجز مكان على هذا الفضاء الرقمي لرواية المحاصَرين ومظلومية النازحين، ويكون لزامًا علينا مجادلة أدعياء الإنسانية وأنصار حرية الرأي والتعبير، حتى وإن كانت آراؤهم ورصاص الاحتلال سواء.
أكذوبة الرأي الآخر
آفة مواقع التواصل أنها تحجز للآراء الشاذة مكانًا، وتجبر أصحاب الرأي السديد أن يواجهوا الأكاذيب والأخبار المضللة والأفكار المسمومة، التي يسعى لنشرها من يصنّفون أنفسهم نخبًا ثقافية، أو أقطاب الإعلام في عالمنا العربي، ويكمن خطر المواجهة – إن حدثت- في أن الحوار سيصل إلى نسبة كبيرة من متابعي كلا الطرفين، وسيظن الناس أن المتحاورين سواء، وأن لكل رأي مكانه واعتباره، وبذا يكون صاحب الحق قد أسهم وبشكل غير مباشر في المشي أمام العامة حاملاً الباطل على كتفيه، وهذه من أرجى أماني أدعياء الباطل وأجمل أحلامهم.
حراس المستنقع
يوميًّا يلج سربٌ متدافع من الذباب الإلكتروني التابع للوحدة 8200 الإسرائيلية من باب حرية الرأي، ونافذة وجهات النظر المتباينة لعالمنا العربي، عبر منصات مواقع التواصل، ويتبنى فكره جمع غفير من رزايا ونشطاء، ومؤثرين وموتورين، يدندنون بلسان عربي حول انعدام كلٍّ من الصمود وخيارات المواطنين، ومناعة العدو وضعف المقاومة، وعزلة الفلسطيني واعتياد العالم مشهد ذبحه، واتهام المقاومة باتخاذ المواطنين دروعًا بشرية واختباء القادة في خيام النازحين، ساعين لإقناع القارئ بعدم جدوى الصراع ومكابدة العدو، داعين لرفع راية الاستسلام حفاظًا على أرواح الناس؛ وهم عادةً يغلّفون أقوالهم بالحرص على مقدرات الوطن، وهم من فرّط فيه أول مرة بتخاذلهم وتثبيط إخوانهم.
بوجود هؤلاء الشرذمة في الفضاء الرقمي لا يحتاج الاحتلال جهدًا كبيرًا لإيصال رسالته المخادعة؛ لأن الناعقين باسمه يتكفلون بالمهمة مجانًا على مواقع التواصل صباح مساء، وبمجرد أن يرتكب جريمته يتولى أولئك النفر التبرير، وتراهم على المساحات وفي المنصات يلومون المقاومة ويخترعون القصص المفبركة، ويبحثون عن حالات ساخطة ليعظّموها، ويعمّموا أنها تعبّر عن حال الناس جميعًا.
دفاعك عن الحق
أعرف أنك مثل أي شريف لن ترضى الظلم وستدافع عن الشعب المظلوم ومقاومته الأبية، وستسعى للرد على تلك الأراجيف، ولكن ما الذي سيحدث تقنيًا عندما تسبُّ الناطق باسم جيش الاحتلال على حسابه وتقرعه بأشنع الألفاظ؟ أو عندما تضع إشارة لحساب العربية وتطلب من الناس مقاطعتها لانحيازها لرواية الاحتلال؟ أو عندما تدحض رواية دعيّ يتطاول على المقاومة في مساحة صوتية؟ أو عندما تردُّ على تعليقات جدلية من مطبّع موتور يبث سمومه في منشوراتك؟
الجواب: ستصنّفُ المنصة تعليقَك – بغض النظر عن محتواه- تفاعلاً مع هذا الحساب، وبالتالي ستنصح بمنشوراته الحديثة لك عند نشرها، وسترسُل إشعارًا لمتابعيك في كل مرة تردُّ أو تعلّق فيها على هؤلاء، وإذا استمر التعليق والرد بينكما ستضعكما المنصة في قائمة واحدة، وبمجرد أن يتابع أحدٌ حسابك ستنصحه بمتابعة حسابه على اعتبار أنكما توءمان، وهذا يعرفه خصمك جيدًا، يعرف أن كل ممنوع متبوع ومن تتم مهاجمته تتضاعف شهرته؛ لذا تراه يجادلك بتعليقاته المستفزة وأخباره الكاذبة، علّه يصل لجمهورك.
وها هو ذا يدس السم في كلماته مع كل حدث جلل، كما علّمه إبليس في محاولته لاستغلال حرية الرأي لتحقيق مآربه، عندما سأله المولى عز وجل: {مالك ألّا تكون مع السّاجدين}، فدس الملعون بين كلماته جورًا بأن الله أغواه لذا توعّد بإغواء بني البشر: {قال ربِّ بما أغويتني لأزيِّننّ لهم في الأرض ولأغوينَّهم أجمعين}.. لم نقرأ في رد الله نفيًا للتهمة، بل كان رده أبلغ جواب إذ نفى أصل الفرية، ولم يتطرق للترهات التي يتفوّه بها هو وأمثاله إلى يوم الدين، حين قال عز وجل: {إنَّ عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتَّبعك من الغاوين}.
الحل:
– في حال وصل استفزازهم مداه، احرص على إزالة أي إشارة تؤدي إلى صفحاتهم حين تتحدث عن أكاذيبهم؛ كي لا تكون جسرًا يعبر الناس منه إلى مستنقع فكرهم.
– وفي كل مرة تدافع عن الحق الفلسطيني ابدأ بنسف الباطل من جذوره، ولا تتساوق مع أسئلة أبواقه، واضرب في أساسات الاحتلال وأعوانه، واتركه بعدها كمدًا يموت، فالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله.
– أو كن ممن قال عنهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “إن لله عبادًا يُميتون الباطل بهجرِه، ويُحيون الحق بذكرِه”.
شيفرة غزة
والحق في غزة، غزة التي حملت عامود الخيمة يوم السابع من أكتوبر على كاهلها، وانطلقت تجاهد محتلاً سلب أراضيها، أشعلت الفتيل وحدها وتركت الأصفار لبقية الأمم يجادلون في حقها، ويشككون في قدرتها على الصمود، وبدلاً من مد يد العون لها اتهموا مقاومتها بجرائمَ اقترفها عدوّها.. حاصروا المدن وقصفوا البيوت، ودمروا المشافي والمدارس، وجوّعوا الصغار، ومنعوا الماء والغذاء والدواء عمن وصفهم المجرم بحيوانات بشرية، ومازال الزعماء ما بين تخاذل وتواطؤ، وقمع لشعوبهم التي استكانت للإبادة واعتادت المشهد.
قد يكون بينكم من اعتاد المشهد وألِف المأساة وتأقلم مع المعاناة، لكن أهل غزة يصنعون من كل يوم جديد حياة تخطت الأحزان والدمار، ترنو قلوبهم ليوم نصر موعود، وتحفر أيديهم في الصخر كيما يباركوا صغارهم بذلك المجد، والعدو يسابق الزمن بحثًا عن أسراه، ليطبق عليهم بروتوكول هانبيال ويقلتهم أولاً ثم يبيد أهل غزة بعدهم.. أعجزه رجال الله وأذاقوه الهوان في جباليا وتل الهوا والشجاعية وخان يونس ورفح، وهم الحفاة على الرمال، المتهمين بالمارقين من بني جلدتهم، رغم جهادهم لشهور بلا كلل ولا تذمّر.
تسألني بحرقة: كيف مضت كل تلكم الأيام الثقال؟!. أخبرك أنها قُسّمت ما بين حزن على آلام عيال الله المكلومين، وفخر بإنجازات عباد الله المقاومين، وكذا كان حال منشورات الصادحين بصوت غزة على هذه المنصات ما بين مأساة وبطولة.
لماذا الآن؟
في الوقت الذي بدأت تخفت فيه أصوات الداعمين للحق، تعالت أصوات المثبطين على هذه المنصات، متناغمة مع استهداف الاحتلال للمدنيين في مجازره الإجرامية، وتكاثروا مثل القوارض، فتحوّلوا من ذباب إلى فئران إلكترونية، تختبئ في مراحيض متفرقة حول العالم لتبث فكرها المسموم، للانقضاض على المقاومة وإبادتها، واعتلاء كواهل المحاصَرين، والانفراد بالحكم والمناصب التي يعدهم بها شيطان الاستعمار الأكبر ويمنيّهم.
هم يعرفون أن هذه هي فرصتهم الأخيرة لتأليب الناس على المقاومة، وأن كل رصاصة يطلقها الاحتلال في المعركة بحاجة لكلمة تبررها على هذه المنصات، ثم يتبجحون بقولهم: يتوجب عليك احترام الرأي الآخر، والقبول باختلاف وجهات النظر.
يا هؤلاء.. لا يمكن أن يكون هذا رأي آخر، من يدعو للقتل ويحرض على الإبادة، ويُضعف الجبهة الداخلية وينال من المقاومة، ويشي بالمجاهدين ويمنع الدعم عن المحاصرين.. هذا مشارك في الجريمة، لا يرقى لأن يكون صاحب رأي آخر!
هؤلاء وأمثالهم على هذه المنصات وُجدوا لإشغالك عن معركة الوعي، فلا تناقشهم ولا تتفاعل معهم، ولا تردَّ على ترهاتهم ولا تستضِفهم، بل انبذهم واكتم أصواتهم واحظر حساباتهم، ولا تقع فريسة خديعة الرأي الآخر في العالم الرقمي.

استشاري إعلام وتسويق رقمي
1 تعليق
إرسال تعليق
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
فذا هو الصواب