السياسة الأمريكية الفاشلة تجاه إيران
بقلم: مدونة العرب
| 25 أغسطس, 2024
مقالات مشابهة
لم يتم العثور على نتائج
لم يمكن العثور على الصفحة التي طلبتها. حاول صقل بحثك، أو استعمل شريط التصفح أعلاه للعثور على المقال.
مقالات منوعة
بقلم: مدونة العرب
| 25 أغسطس, 2024
السياسة الأمريكية الفاشلة تجاه إيران
إن الصراع المتصاعد بين إسرائيل وإيران في الأشهر الأخيرة يُنظر إليه باعتباره امتدادًا للحرب التي تشنها إسرائيل على حركة حماس في قطاع غزة، فحماس تتمتع بعلاقة وثيقة مع إيران، وكلاهما يشتركان في هدف القضاء على الدولة اليهودية.
لكوني باحثًا في الدراسات الأمنية وصراعات الشرق الأوسط لأكثر من عشرين عامًا، يمكنني القول إن عقدًا من السياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة فشل في احتواء طموحات إيران، بل ساهم بدلًا من ذلك بشكل كبير في التصعيد الحالي.
وكما يتضح من الأحداث الأخيرة على طول الحدود الشمالية لإسرائيل، فإن قدرة واشنطن على فرض القوة وإدارة المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط تآكلت بشكل كبير منذ عام 2010، لدرجة أن مخاوف إيران أصبحت محدودة بشأن عواقب قيام وكلائها بمهاجمة القوات الأمريكية، ومهاجمة حلفاء الولايات المتحدة- مثل إسرائيل- بشكل مباشر.
الانتصارات الإيرانية
تعمل حكومة إيران، وهي دولة مسلمة شيعية في منطقة مسلمة سنية، على توسيع نفوذها الإقليمي من خلال تمويل ودعم المنظمات الإرهابية بالوكالة في الدول المجاورة، وتقوم هذه المجموعات بدورها بمهاجمة هذه الدول وزعزعة استقرارها . وخلال العقد الماضي، نجحت هذه الاستراتيجية الذكية في تحويل إيران إلى القوة العظمى الأكثر نفوذًا في الشرق الأوسط.
لقد كان موطئ القدم الحقيقي الوحيد لإيران في المنطقة هو حزب الله، حتى بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أما حاليًا فتشمل تحالفات إيران المتمردين الحوثيين في اليمن، وشبكة موالية من الميليشيات الشيعية في العراق، وفي سوريا سمح الرئيس بشار الأسد للقوة القتالية النخبوية الإيرانية، الحرس الثوري الإسلامي، ببناء وجود عسكري ضخم .
منذ هجوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، الذي شنته حركة حماس في إسرائيل، هاجم وكلاء إيران إسرائيل والقواعد العسكرية الأمريكية، والأصول المدنية الأمريكية في المنطقة، أكثر من 170 مرة بشكل مباشر. لقد تآكلت السيادة السياسية والعسكرية لسوريا واليمن ولبنان والعراق لدرجة أن بعض المسؤولين الأمريكيين يعتبرونها أنظمة دمى لإيران .
وخلال الفترة نفسها، بلغ البرنامج النووي العسكري الإيراني أكثر مراحله تقدمًا، ففي يوليو/ تموز 2024، أي بعد ست سنوات من انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق النووي الدولي، الذي كان من المفترض أن يبطئ تطوير الأسلحة الإيرانية، حذّر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن من أن إيران على بُعد أسابيع من القدرة على تجهيز ترسانتها الضخمة من الصواريخ الباليستية برؤوس نووية.
الدبلوماسية المبالغ فيها
وعلى الرغم من التقدم العسكري والسياسي الذي أحرزته إيران على مدى العقد الماضي، فقد قلّلت الحكومة الأمريكية باستمرار من شأن طموحاتها في الهيمنة الإقليمية، وفي الوقت نفسه، بالغت في تقدير فعالية سياسات “القوة الناعمة”، التي تنتهجها الولايات المتحدة منذ فترة طويلة تجاه إيران (الاحتواء وخفض التصعيد).
تعطي واشنطن الأولوية للإجراءات التي من شأنها تجنّب أي مواجهة عسكرية مع إيران بأي ثمن تقريبًا، ولكي تحتوي النفوذ الإقليمي المتزايد لإيران، حظرت الولايات المتحدة مبيعات الأسلحة والتكنولوجيا لها، وفرضت عليها عقوبات اقتصادية صارمة، وجمّدت الأصول المالية الإيرانية، وعزلت حكومتها دبلوماسيًا.
لكن نفوذ إيران لا يزال يتوسع، وهذا يشير إلى أن الاحتواء وخفض التصعيد لا يمكن أن يردع نظامًا تتمحور سياساته الأساسية حول أيديولوجية أصولية. ويتذرع زعماء إيران بالقناعات الدينية لتبرير التزامهم بالنضال والتفوق الإقليمي وتدمير إسرائيل.
في عام 2015، قال المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي: “إن شاء الله لن يكون هناك نظام صهيوني خلال 25 عامًا”، واصفًا القتال من أجل إبادة إسرائيل بأنه مسألة “جهادية”.
أرى أن الدبلوماسية والتفاوض والعقوبات القانونية والاقتصادية تشكل حلولًا مرغوبًا بها لأغلب الصراعات العالمية، لكن التاريخ الحديث يثبت أن هذه التدابير لا تستطيع فرض تغيير في سياسات الأنظمة غير الديمقراطية الأصولية، التي تنتهك قواعد العلاقات الدولية العالمية، مثل ألمانيا النازية، وكوريا الشمالية، ونظام طالبان في أفغانستان.
التعامل مع الوكلاء
تشير دراساتي عن الجماعات الإرهابية إلى أن الولايات المتحدة أخطأت في التعامل مع وكلاء إيران أيضًا، فبدلًا من التعامل معهم كجزء من شبكة معادية، تقوم الولايات المتحدة بالتعامل مع كل وكيل بشكل منفصل باعتباره جهة فاعلة معزولة تعمل في مكان محدد، وتسعى إلى احتواء هذا التهديد أو تهدئة تصعيده.
على سبيل المثال، في اليمن لم تمنع الولايات المتحدة المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران من الاستيلاء على الأراضي وإزاحة الحكومة بشكل كامل، حتى إن إدارة بايدن ضغطت في عام 2021 على المملكة العربية السعودية، حليفة الولايات المتحدة، لوقف الدعم العسكري لقادة البلاد الشرعيين في قتالهم الدموي للاحتفاظ بالسلطة.
بعد بدء الحرب على غزة، بدأ الحوثيون- بناءً على أوامر إيران- بإطلاق عشرات الصواريخ على السفن الغربية المارّة في البحر الأحمر، ولم تواجه الولايات المتحدة الحوثيين إلّا في أوائل عام 2024، حيث وجهت ضربات عسكرية لقواعدهم في اليمن .
وفي العراق، كانت الولايات المتحدة على استعداد منذ فترة طويلة للتغاضي عن دعم إيران للميليشيات الشيعية العراقية التي تقاتل تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، طالما استمرت في المشاركة في الحرب ضدّ التنظيم، وقد جاءت عاقبة تجاهل قوتها المتنامية على حساب التكلفة، ففي العام الماضي هاجمت هذه الميليشيات العراقية العديد من القواعد الأمريكية في المنطقة .
انهيار الردع الأمريكي
لقد أدّت كل هذه السياسات الخارجية الفاشلة إلى انهيار الردع الأمريكي في الشرق الأوسط. وببساطة، لم تعد الولايات المتحدة تمارس ما يكفي من القوة لوقف الأعمال العدائية الإيرانية.
في أبريل/ نيسان 2024، وبعد أن قتلت إسرائيل مسؤولين رفيعي المستوى في مجمع السفارة الإيرانية في سوريا، شنّت إيران واحدة من أكبر الهجمات الصاروخية في التاريخ، حيث أطلقت أكثر من 300 صاروخ على إسرائيل، في أول هجوم مباشر لها على إسرائيل. ومع ذلك، لم تكن هناك سوى العقوبات الاقتصادية والاستنكار الدبلوماسي.
ومرة أخرى، فضّلت الولايات المتحدة، التي حشدت حلفاء إسرائيل في مختلف أنحاء الشرق الأوسط لإسقاط معظم الصواريخ الإيرانية، منع أي رد فعل حقيقي. وأعلنت إدارة بايدن الانتصار لأن عددًا قليلًا من الصواريخ أصاب إسرائيل، وأعلنت أن الولايات المتحدة لن تنضم إلى إسرائيل في أي ردّ انتقامي ضد إيران .
لقد اتضح الرفض العميق من قِبل أمريكا للتصعيد بعد عمليات تصفية كبار قادة حزب الله وحماس، ففي أواخر يوليو/ تموز 2024، قُتل القيادي في حزب الله فؤاد شكر في غارة جوية إسرائيلية على بيروت، وقُتل زعيم حماس إسماعيل هنية في تفجير دار ضيافة حكومية في إيران، حيث ألقت إيران باللوم على إسرائيل في مقتل هنية، وتعهدت فورا بالردّ.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن هذا التقييم “توصل إليه أيضًا العديد من المسؤولين الأمريكيين الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم”.
أخيرًا، إذا كانت الولايات المتحدة تسعى إلى تحقيق السلام الدائم في الشرق الأوسط، فيتعين عليها أولًا أن تعترف بإخفاقات العقد الماضي، وقد أثبتت الأدلة أن إيران عدو لا يمكن ردعه أو احتوائه أو تخفيف حدّة تصعيده ببساطة.
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
من زمزم إلى الذّبيح عبدالله.. إرهاصات بين يدي الولادة
"إنّي لنائمٌ في الحِجر إذ أتاني آت فقال: احفر طَيبة؛ قال: قلت: وما طَيبة؟ قال: ثمّ ذهب عني، فلمّا كان الغد رجعتُ إلى مضجعي فنمتُ فيه، فجاءني فقال: احفر برّة؛ قال: وما برّة؟ قال: ثمّ ذهب عني، فلمّا كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه، فجاءني فقال: احفر المضنونة، قال:...
هيكل.. حكايات من سيرة الأستاذ الكاهن (1)
علاقتي مع كتابات الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل معقدة، قد تأخذ موقفًا مما يكتبه وتتهمه بكثير، ابتداءً من التحايل على المعلومة وتعديل تفسيرها، إلى عدم إيمانه بالديمقراطية.. لكني أعود إليه كمصدر وشاهد عيان في قضايا تاريخية كثيرة، والأهمّ كواحد من أجمل الأقلام الصحفية في...
البنتاغون يتوقع اضطرابات كبيرة مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض
تتزايد المخاوف في أوساط البنتاغون بشأن عودة الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، حيث يُخشى أن يسعى لتنفيذ وعود انتخابية قد تؤدي إلى تداعيات خطيرة على الجيش الأمريكي، الذي يُعرف بحياده السياسي. من بين هذه المخاوف، توجيه الجيش للعمل داخل الولايات المتحدة،...
0 تعليق