لهذه الأسباب فاز ترامب

بقلم: شيرين عرفة

| 6 نوفمبر, 2024

بقلم: شيرين عرفة

| 6 نوفمبر, 2024

لهذه الأسباب فاز ترامب

استيقظنا صباح الأربعاء، 6 نوفمبر/ تشرين الثاني على أخبار فوز “دونالد ترامب” للمرة الثانية، برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، فاز الرجل الذي كانت أول وظيفة سياسية وصل إليها في حياته هي وظيفة الرئيس الأمريكي في عام 2016، حيث تزعم العالم لأول مرة، وهو لا يعرف شيئا عن السياسة.

فاز ترامب، وكانت كل مؤهلاته أنه ملياردير حقق ثروة ضخمة بوسائل مشبوهة، وتمت إدانته رسميا في العديد من قضايا التهرب الضريبي والاحتيال والتحرش بالنساء.

فاز الرجل الذي وُصف بأنه مُتقلب، وانفعالي، وقام بتغيير انتمائه السياسي 5 مرات منذ انضمامه إلى الحزب الجمهوري‏ عام 1987، بل ووصف السياسة أكثر من مرة بأنها (عالم وضيع).

 فاز الرجل الذي لم يُعرف عنه انتماؤه لأيديولوجيا، سوى إيمانه بقوة المال في تغيير الواقع، واحترامه للصهيونية ودعمها بشكل كبير.

فاز الرجل الذي قيل إنه “تاجر في كل شيء وأي شيء”، بدءًا من العقارات إلى المقاولات، إلى عالم السياحة والترفيه والإعلام والرياضة، ونوادي القمار، وصولا إلى المصارعة الحرة وتنظيم مسابقات ملكات الجمال.

فاز الرجل المهووس بالشهرة وحب الذات، ذو الاسم الذي يتردد صداه بين أوساط الطبقات الشعبية والفقيرة، والحاضر بقوة على صفحات المجلات والجرائد الأمريكية، رغم أنه أفشل ممثل في التاريخ.

ففي رصيده عدد كبير من الأدوار الصغيرة والهامشية التي أداها في مسلسلات وأفلام، ومن خلال تليفزيون الواقع، فنال عنها مرتين جائزة أسوأ ممثل، إحداهما جائزة أسوأ ممثل مساعد عن دوره في فيلم (الأشباح لا تستطيع فعلها) عام 1990، والأخرى جائزة أسوأ ممثل عن دوره في عدد من الأفلام الوثائقية، في عام 2019م.

فاز الرجل الذي دخل التاريخ كأول رئيس أمريكي يتم اتهامه جنائيا، وأول رئيس تتم مناقشة عزله مرتين في الكونجرس أثناء فترة رئاسته الأولى، وهو الأول بين رؤساء أمريكا في تاريخها بعدد ما تلقاه من لوائح الاتهام؛ حيث تم اتهامه بارتكاب العشرات من المخالفات والجنح والجنايات والاحتيالات، وتم التحقيق معه من قِبَل أكبر عدد من المؤسسات القضائية والمدعين العامين، وهو صاحب أكبر سجل من الفضائح الممتدة على مدار 7 عقود من حياته، سواء الشخصية أو العامة، حيث تبدأ فضائحه حتى من قبل دخوله عالم السياسة بزمن طويل.

فاز ترامب الذي عُرف عنه ضحالته الفكرية والثقافية والمعرفية، بل وأكد غالبية المحيطين به أنه كان يستمد معلوماته من التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي، وقد وصفه وزير دفاعه “جيمس ماتيس‏” بأن معرفته بالقضايا الخارجية -وهو رئيس- “تعادل معرفة طالب في الصف الخامس الابتدائي”، وقد أورد ذلك الصحفي الأمريكي الشهير “بوب وودورد‏”، في كتابه الذي صدر عام 2018م بعنوان “خوف”.

فاز الرجل الذي تنافس مرتين على الرئاسة في مواجهة امرأة، فكانتا في المرتين هما الأكثر عقلا وعلما وثقافة، وأبرع في مجال السياسة، فأثبت بفوزه عليهما أن الدولة الأعلى صوتا في العالم، المنادية بتمكين النساء، لا يستوعب سكانها أن تحكمهم امرأة، فيختارون كل مرة المنافس الأسوأ والأردأ والأقل كفاءة، فقط لأنه ذكر.

فاز ترامب، وهو الرئيس الأمريكي الوحيد في التاريخ، الذي تم التشكيك في قواه العقلية، ونشر الصحفي الأمريكي “مايكل وولف” في يناير/ كانون الثاني 2018 كتابا بعنوان “النار والغضب: داخل بيت ترامب الأبيض”، اعتمد فيه على آراء فريقه من السياسيين والمعاونين، الذين وصفوه بأنه رجل لا يقرأ ولا يستمع لغيره، وكثيرا ما يتكلم بلغة غير مفهومة، ويكرر ما يقول. كما أنه شخص ضيق الصدر، وغير قادر على فهم السياسة، ويتصرف بـ”صبيانية”، حيث يؤكدون أنه في حاجة دائمة لمن يمتدحه، ويريد أن يكون هو شخصيا مركز كل شيء.

فاز ترامب، ذو الشخصية النرجسية السادية، بصراحته الفجة، وتصريحاته العنجهية، وشعبويته، وصورته كرجل أبيض مُتسلط، يثير إعجاب الغوغاء والعنصريين والمتطرفين.

فاز ترامب صاحب أكبر سجل من التصريحات العنصرية، تجاه مختلف شعوب العالم وحكامه، حيث وصف المهاجرين بأنهم أشرار وأنهم ليسوا بشرا، وحيوانات ومغتصبين، واتهمهم بأنهم يأتون إلى أمريكا بالجريمة والمخدرات، بل وقال بوضوح خلال حفل خاص في البيت الأبيض في يناير/ كانون الثاني 2018، بأنه لا يُفضل المهاجرين من الدول القذرة، قاصدا بذلك الدول الأفريقية، وكان أول وعد أعطاه لناخبيه حين كان مرشحا هو بناء جدار عازل ضخم، يمنع المسلمين والمكسيكيين من دخول أمريكا، بينما أول قرار اتخذه عند وصوله للرئاسة في عام 2016 هو حظر دخول المسلمين من 4 دول عربية مسلمة.

وكان أول رئيس يتحدث صراحة عن تفوق العنصر الأبيض وأحقيته في الوجود، وعن كراهيته للدين الإسلامي والمسلمين، فأثار أحداث عنف وتطرف وعنصرية عمت أمريكا بشكل غير مسبوق، وكان أول رئيس أمريكي يُظهر عداءه للفن والإعلام، ويدخل في معارك كلامية مع الفنانين والممثلين الأمريكيين.

فاز رجل الأعمال الناجح والبارع في عقد الصفقات، وتحقيق الثروات، وابتزاز الآخرين.

فاز ترامب الذي لا يؤمن سوى بلغة القوة والتهديد، وحب الاستعراض، الذي امتلأت خطاباته بتصريحاته المهينة تجاه الدول الأخرى وكذلك الحكام، حتى إنه كان يتفنن في إهانة أقرب الحلفاء إليه، ومنهم حكام السعودية ودول الخليج، فكان يتحدث دائما عن أنه لا وجود لهم إلا من خلال حماية بلاده، وأن أمريكا لن تدافع عنهم بالمجان، فعليهم أن يدفعوا مقابل ذلك المزيد والمزيد من الأموال.

فاز ترامب، وهو أول رئيس أمريكي يتحدث صراحة عن تفضيله للمستبدين في حكم البلاد العربية والأفريقية، وعن رغبته في قيادة إسرائيل لمنطقة الشرق الأوسط، وعن كراهيته لحل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية، وعن رغبته في زيادة مساحة دولة الاحتلال جغرافيا بالتوسع على حساب الدول العربية المحيطة، وعن إيمانه بأحقية اليهود وحدهم في مدينة القدس، وقد ترجم ذلك على أرض الواقع بنقل السفارة الأمريكية إليها، في مايو/ أيار عام 2018م.

فاز ترامب برئاسة أمريكا، أو ما يطلق عليها بالعالم الجديد، الدولة مترامية الأطراف بثرواتها ومواردها الطبيعية، التي لا يتجاوز عمرها 250 عاما، وبنيت على تاريخ دموي من العنف والقتل، كان هو الأفظع في التاريخ، حيث أنشأ المهاجرون الأوروبيون دولتهم على وقع مذبحة إبادة جماعية، قُتل فيها عدة ملايين من سكانها الأصليين، ثم اندلعت حرب أهليه مرعبة بين هؤلاء المهاجرين، سقط فيها ما يقارب مليون قتيل، وأشعل فتيلها العبودية والتمييز الظالم بين البيض والسود، ثم استمرت أمريكا على مدار قرن من الزمان، تستمد قوتها كقطب سياسي عالمي عبر افتعال  الحروب، واستعراض القوة، وامتصاص ثروات الأمم والبلاد الآخرى. 

سيطرت أمريكا على العالم ثقافيا وإعلاميا، عبر ابتكارها أنواعا من الفن والموسيقا والرياضة، قائمة على استعراض القوة والعنف بشكل رئيسي، فاشتهرت موسيقا الميتال بكلماتها الحادة وآلاتها الصاخبة، وبرزت السينما الأمريكية باتجاهها نحو الاحتفاء بالقوة الأسطورية، والأبطال الخارقين. بينما الرياضة الأولى والأكثر شعبية بين الأمريكان هي لعبة كرة القدم الأمريكية، والتي لن تجد لها مثيلا في بقية البلدان، فهي لعبة عنيفة، تعتمد على القوة الجسدية، والقدرة على رمي الكرة وتحمل الصدمات، ولا تتشابه مع كرة القدم التقليدية إلا في اسمها وعدد اللاعبين.

فاز ترامب، لأنه ببساطة يُمثل الوجه الحقيقي لأمريكا، من دون تصنُّع أو تجميل.

9 التعليقات

  1. محمد الرحبي

    اجمل مثال قريته عن هدا القذر الخنزير والله يستر ع يلي جاي وشكرا مدام شرين عرفه انتي صحفية ممتازة وكل التوفيق لك والنصر للمقاومة الاسلامية ف كل مكان وعاشت فاسطين حرة

    الرد
  2. أيوب يونس

    كلهم شياطين في مملكة ابليس كما وصفهم د جمال عبدالستار
    لادين ولا أخلاق

    الرد
  3. مؤمن المصري )صحفي متقاعد(

    رائعة كالعادة يا شيرين.. أدام الله قلمك ووعيك وبارك فيك وفيمن علمك ورباك..

    الرد
  4. نهى سراس

    فاز ترامب لانه مدعوم من الصهيونية العالمية

    الرد
  5. خالد

    مقال أكثر من رائع عن حياة ترامب وناجز

    الرد
  6. Ali

    قمة الدقة في المقال

    الرد
  7. محمد

    احسنت يا أستاذه

    الرد
  8. كاميليا

    مقال رائع احسنتي

    الرد
  9. Mohamed Khamis

    أوجزتى وأصبتى وأحسنتى

    الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!

وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!

ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر استجابت لدعوة الرئيس في إصدار حكم، بما مضى. فدائما تذكّرنا القدرات المتواضعة الآن بعهد الرئيس مبارك، فلا يعرف قيمة أمه إلا من يتعامل مع زوجة أبيه، وكثيرون صار شعارهم "رُبّ يوم بكيت منه، فلما مضى بكيت عليه". ولست من هؤلاء...

قراءة المزيد
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط

السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط

لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب نيته تعيين حاكم أركنساس السابق "مايك هاكابي" ليكون سفيرًا للولايات المتحدة لدى إسرائيل وهو المعروف بدعمه منقطع النظير للاستيطان، خاصة في الضفة الغربية التي يعتبرها جزءاً من أرض الميعاد كما يقول،...

قراءة المزيد
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟

“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟

خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح في إسطنبول، البروفيسور المؤرخ زكريا كورشون، كنت أتحدث معه عن آخر إصداراته، فحدثني عن كتابه "العرب العثمانيون"، ومقصد الكتاب تبيان عمومية النظام السياسي في الإسلام لجميع الأعراق والأجناس في ظل الدولة الواحدة . فالإسلام...

قراءة المزيد
Loading...