
من “غزة” إلى “باريس”: خائب الحرب.. خائب السلام.. خائب الرياضة!
بقلم: شريف عبدالغني
| 13 أغسطس, 2024

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: شريف عبدالغني
| 13 أغسطس, 2024
من “غزة” إلى “باريس”: خائب الحرب.. خائب السلام.. خائب الرياضة!
“خايب الصيف.. خايب الشتا.. خايب الحرب.. خايب السلام.. خايب الاقتصاد.. خايب الرياضة”.. هذا حال العرب من “غزة” إلى “باريس”.
في غزة دخلنا الشهر الحادي عشر، وكرامة “أنظمة” الأمة تتمرمط على ترابها، ونخوتها تُدفن تحت ركامها، وعضلاتها المنتفخة على شعوبها تتهاوى أسفل حذاء أصغر جندي صهيوني.
قد يقول قائل- ومعه بعض الحق-: وما عسى الحكام الأفاضل أن يفعلوا وقد فعلت “حماس” وفصائل المقاومة فعلتها في 7 أكتوبر 2023، دون أن تحسب الحسابات، وتدرك المآلات، وتمسك بيدها على الرهانات؟! وهنا أوضح حقيقة يعرفها الصغير قبل الكبير؛ أنه ليس مطلوباً من الأنظمة والقادة الدفاع عن هذا الفصيل المقاوم أو ذاك، بل المطلوب فقط وقف حرب الإبادة على أهالي غزة المدنيين الأبرياء.. المراد وضع حد للمجازر ضد أطفال ونساء وشيوخ لا ناقة لهم ولا جمل فيما يحدث، الأمل إنهاء حصار وتجويع مليونين من البشر يعيشون في أكبر سجن مفتوح في العالم.
لو ملكت هذه الأنظمة الإرادة والقرار، لاستطاعت إيقاف الحرب الدموية على الشعب الفلسطيني، وسخّرت إمكانات ومقومات وأوراق تملكها بالتأكيد أمة العرب، لجعل من يمسك بخيوط تل أبيب في يده يعطيها الإشارة لوقف الحرب، ومن ثم يعود الأسرى من غزة، ويبدأ مؤتمر دولي ينهي المأساة الفلسطينية بـ”حل الدولتين”، وهو أهون الحلول.
إن كرامة وقيمة وقدر أنظمة الأمة يضمحل يومياً، مع استمرار الحرب على غزة.. في كل مرة تخرج مبادرة أو تصريح عربي بالعمل على خفض التصعيد ووقف الحرب، فإن نتنياهو لا يرد فقط باستهانة، بل يُصرّ على إهانة هذه الأنظمة، بارتكاب مجزرة جديدة، ليس آخرها ما جرى في مدرسة “التابعين” فجراً !
غزة تثبت أن العرب مثلما هم خائبون في الحروب، فإنهم أكثر خيبة في تحقيق السلام، مع التنويه بأن الفارق كبير بين “السلام” و”الاستسلام” الذي نحصل فيه على جوائز نوبل!
ليس صحيحاً أن 22 دولة عربية لا تستطيع فعل شيء، وأنها دول “غلبانة” مكسورة الجناح في عالم دولي متوحش لا يرحم.. مقولة إن الدول العربية لا تملك أي أوراق ضغط، أو مساومة، هي كذبة يروّجون لها حتى يكون المواطن العربي مهزوماً نفسياً، ويرضى بما هو فيه من هوان، وبما عليه حكوماته من قلة حيلة.
ليس صحيحاً أن أمتنا ضعيفة، وهي تنفق عشرات المليارات من الدولارات الأمريكية الخضراء الطازجة على التسليح.
إذا أرادت الدول العربية- مُجتمعة- اتخاذ موقف ملموس لوقف الحرب من أول يوم لاستطاعت، لأكثر من سبب:
أولا: هي لن تكون وحدها في هذا الموقف، بل معها كثير من الدول الإسلامية، وغيرها من عواصم كبرى لا تريد للولايات المتحدة أن تسيطر على الشرق الأوسط بتقوية شوكتها وكلب حراستها الإسرائيلي في المنطقة.
ثانياً: هل يُعقل أن مساحة شاسعة تبلغ 14 مليون كم مربع، تقع في أهم موقع عالمي بين قارات الدنيا، وتملك قوة بشرية هائلة، وثروات لا حصر لها، وتضرب بجذورها في عمق التاريخ، وتملك حضارة تمثل إرثاً لأجيالها- لو صح استغلالها- كل هذا وليس بيدها أو في جيبها ورقة ضغط على من يقف وراء إسرائيل؟
إذا كان مسؤولو الأمة استسلموا لفكرة الضعف والخضوع، وإذا كان فلاسفة السياسة ومستشاروهم ومن يشيعون في النفوس روح الاستسلام والعجز، ويبررون للقادة خذلانهم لفلسطين التي هي عمق استراتيجي لكل العرب العاربة والمستعربة و”المتصهينة”، بدعوى أن من أشعل النيران (حماس) يطفئها.. فإن أحداً لا يقول لهم اذهبوا إلى غزة فقاتلوا أو تعلّموا معنى “الإرادة” و”المبادرة” و”الإيمان” بالقدرة على الفعل.
لا.. لا تذهبوا أيها القادة إلى غزة..
لكن، أمامكم كهوف تورا بورا، خذوا فيها دروساً خصوصية، وتحوّلوا إلى طلبة عند “طالبان”؛ اسألوهم: كيف ملكتم الإرادة وأنتم مجرد مجموعات من هنا وهناك، وصممتم على طرد أقوى جيش في العالم من بلدكم؟! اسألوهم: كيف ظللتم 20 عاماً بلا يأس أو استسلام، حتى كافأتكم السماء، فانتقلتم من كهوف قندهار إلى قصور كابول؟!
ومن غزة إلى باريس.. تتواصل الفضائح!. وباريس التي احتضنت دورة الألعاب الأولمبية 2024، كانت شاهدة كذلك على خيبات عربية من نوع آخر.
ساذج من يظن أن الهزائم في ميادين الرياضة، تقتصر على مسؤولين رياضيين فاشلين.. لا، إنه فشل حكومات بامتياز؛ إذ إن دورة الألعاب هي انعكاس لصورة التخطيط الحكومي في كيفية صناعة قوة ناعمة لدول تشكل الرياضة أحد أركانها.
إن تتويج بطل رياضي في أكبر محفل عالمي مع عزف النشيد الوطني لدولته، هو تتويج لجهد أجهزة عديدة في “صناعة بطل”.. كم من المكاسب تجنيها الدول التي نسمع نشيدها يُبث في باريس، وبطلها يرفع ميداليته أمام كل وسائل إعلام الكون، ليشاهدها أصغر صبي في أدنى قرية بالعالم!.
لقد ذهب العرب إلى عاصمة النور مجيّشين بلاعبين وإداريين يسدون عين الشمس؛ والنتيجة هزائم مخيبة باستثناءات قليلة تتقدمهم بطلة الملاكمة الجزائرية إيمان خليف، التي قهرت السخرية وأثبتت أنها أكثر “رجولة وأخلاقاً” من المُتنمرين عليها.
أما دون ذلك، فكانت الفضائح المدوية، ليس فقط في الميدان الرياضي التنافسي، باحتلال المراكز الأخيرة، وانتهاء مباريات عديدة بعدم التكافؤ، بل كذلك بمجموعة ظواهر تكشف عن عوار أخلاقي وإداري، ومسؤولين يصطحبون مصورين لا لالتقاط الصور للأبطال- الاستثناءات الذين استطاعوا حصد ميداليات- بل لتوثيق مشاويرهم وانفعالاتهم في باريس “كل ليلة وكل يوم”.. كما تقول الست أم كلثوم!
السقوط الأخلاقي تجلّى أحد ملامحه في ما تعرض له اللاعب المصري محمد السيد، الذي حصد برونزية سيف المبارزة.. ما حدث معه يستحق وقفة كاشفة وكاسفة لـ”نخبة الخيبة” العربية، إذ بدلاً من الاحتفاء بهذا الشاب الناجح، وتقديمه نموذجاً مُلهماً للأجيال الجديدة، فقد حدث العكس، وخرج أحد من يملؤون الشاشات “لتّاً” والصحف “عجناً” ليسخر من بطل المبارزة، ويشن عليه هجوماً ضارياً بعد تصريحه أن ما حققه هو توفيق من الله، وأن القرآن هو سر ثباته في المباريات، وأنه يأخذ بالأسباب ويتدرب بشكل جيد، ويصلي ويقوم الليل، ويقرأ القرآن، وبالأخص سورة البقرة، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم!
ستبقى غزة وباريس شاهدتين على أن أمة العرب “خائبة الصيف.. خائبة الشتا.. خائبة الحرب.. خائبة السلام”.. ستكون بالتأكيد خائبة الرياضة!.
1 تعليق
إرسال تعليق
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
سلسلة من الخيبات و الهزائم المتواليه و المتوازيه و المتقاطعه و لن تكفينيا كل تعبيرات اللغة و الرياضيات مجتمعه لتصنيف خيباتنا المتواليه .
في الأيام الماضية لفتني موضوع يقول ؛ لاتكن ضفدعا 🐸 ، فحوى هذا الموضوع بأن ضفدعنا المذكور قد تم وضعه في تجربة مصيريه ، فقد وضعوه في قدر مفتوح به ماء بدرجة حرارة عاديه ، ثم أوقدوا النار تحت هذا القدر ، بدأ ضفدعنا بتغيير درجة حرارته و التكيف مع البيئة المحيطه ، ازدادت درجة الحرارة ارتفاعاً و ارتأى الضفدع أن يستمر في التكيف و تغيير درجة حرارته ، إلى أن وصل إلى درجة لم يستطع فيها ضفدعنا المسكين من المزيد من التكيف و مات ، لقد أفنى الضفدع كل طاقته في التكيّف مع البيئة المحيطة في حين أنه و بسهولة كان من الأجدر به القفز من القدر و ترك كل هذه الظروف التي استنفذته و كلفته حياته حتى أنه في النهاية لم تبقى لديه طاقة للقفز و النأي بنفسه عن كل هذا . لا أعرف كيف كان يفكر الضفدع و لكن أعرف بأننا نشعر بالضعف لدرجة اننا نتقبل كل ما هو مفروض علينا خوفا من الموت و الموت مصيرنا لا محالة . او خوفا من الخسارة و أي خسارة تضاهي خسارتنا كرامتنا و نسينا أو تناسينا أن من لم يضع خشية الله بين عينيه قد خاب مسعاه .. و هذه هي الخيبة العظمى .
ألم أقل لك منذ البداية أنها سلسلة من الخيبات !!
فليعذرني أستاذنا الكاتب على الإطالة ، أشكرك جزيل الشكر على مقالاتك التي تتسم بالعمق و الثراء.