
أطفال غزة يصافحون الموت
بقلم: هديل رشاد
| 16 سبتمبر, 2024

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: هديل رشاد
| 16 سبتمبر, 2024
أطفال غزة يصافحون الموت
إنَّ الحرب الجائرة على سكان قطاع غزة لم تخلق أزمة إنسانية فحسب، بل أطلقت العنان أيضا لدوامة من البؤس الإنساني، الذي يدفع فاتورته بصورة يومية أطفال غزة الأموات مع وقف التنفيذ.. فإسرائيل في عملياتها العسكرية- جوية كانت أم برية- في قطاع غزة والضفة الغربية لا تستثني أحداً، فجيشها “الأخلاقي” لا يفرق بين طفل وكهل، وبين رجل وامرأة، فجميعهم تحت طائلة الآلة العسكرية الإسرائيلية.
وقد يكون الفيديو المصور الذي بثته منصات فلسطينية عديدة أمس لجندي إسرائيلي مدجج بالسلاح، يحتجز ثلاث طفلات في مدينة الخليل، أكبرهن لا تتجاوز خمس سنوات، وأصغرهن لا تتجاوز العامين، خير شاهد على ما أقول! فهؤلاء الطفلات يشكِّلن تهديدا على أمن إسرائيل من وجهة نظر المحتل المؤمن بنظرية المؤامرة!
فمنذ السابع من أكتوبر، وللشهر الحادي عشر توالياً من الحرب، ارتفع عدد ضحايا الهجمات الإسرائيلية من الأطفال إلى 16 ألفا و456 شهيدا، فضلا عن آلاف المصابين والمفقودين، بالاستناد إلى بيانات المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة. وما زاد الطين بلة، وانعكس سلبا على آلاف الجرحى من الأطفال، هو سيطرة جيش الاحتلال على معبر رفح الحدودي مع مصر، وقد منع خروج الجرحى لتلقي العلاج في الخارج، ما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية ووفاة أكثر من ألف طفل. كما أدت سيطرة الجيش الإسرائيلي إلى انخفاض حجم المساعدات التي تدخل إلى غزة وتوزع فيها بشكل كبير، وهو ما أضاف معاناة جديدة لمأساتهم المستمرة وذويهم.
فالأطفال في غزة لا يكبرون، وكأنهم يتلبسون شخصية “حنظلة” الكاريكاتورية للفنان الفلسطيني الراحل ناجي العلي، “حنظلة” هذا.. الطفل ابن السنوات العشر، حافي القدمين الذي يدير ظهره للعالم اعتراضا على المأساة الإنسانية التي يعيشها الشعب الفلسطيني عامة وأطفالها خاصة، هو رغم براءته يريد أن يكشف للعالم الوجه الاستعماري القبيح لنازية إسرائيل وكل من يتواطأ معها لمحو فلسطين من على خريطة العالم.
كما يريد أن يوصل رسالة إلى العالم بأن أطفال فلسطين، حتى وإن لم يكبروا بسبب إزهاق أرواحهم مع سبق الإصرار والترصد من قبل جيش الاحتلال وسلبهم أحلامهم، فإنَّ موتهم هو الذي سيخلِّد مأساتهم وسيؤرخ لاضطهادهم؛ فأطفال فلسطين مختلفون في حياتهم وفي موتهم، فهم الذين احتضنوا قضيتهم كما احتضنوا أول لعبة لهم، وهم الذين دافعوا عن فلسطين رغم خذلان الكثيرين، وهم الذين أبقوها راية ترفرف منتصبة، لا تسقط ولا تميل مهما أراد لها المحتل ذلك.
إنَّ التهديد الذي يواجه أطفال غزة ليس له حدود، فلم يعد مقتصراً على الاستهداف من قبل جيش الاحتلال، أو على التهجير القسري من منازل أسرهم، أو حتى من منعهم من العلاج في الخارج بسبب إغلاق معبر رفح الحدودي.. بل إن التهديد طال سلامتهم النفسية، فالخوف الذي يتملكهم سيرافقهم كما الهواء الذي يستنشقونه، وكذلك الرعب بسبب الغارات الإسرائيلية المكثفة والنزوح المستمر، فضلا عن عدم الشعور بالأمان، الذي يعد من أدنى الحقوق التي كفلتها منظمات حقوق الطفل، إلى جانب انعدام حقهم في الصحة بسبب التكدس في مدارس ومآوي النزوح التي تفتقر لأدنى مقومات الحياة، والتي باتت بيئة خصبة لتفشي الأمراض، لا سيما التهابات الجهاز التنفسي والطفح الجلدي.
فقد أكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) أنَّ كثيرا من الأطفال في قطاع غزة باتوا غير قادرين على النوم وعيش طفولتهم بهدوء، لهول ما رأوه جراء الحرب الإسرائيلية. ومثل هذه التقارير الصادرة من منظمات حقوقية لا تجد أذناً صاغية لدى إسرائيل وداعميها، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، رغم تحذيرات هذه المنظمات من ضبابية مستقبل أطفال غزة، الذين لا يتمتعون بأي حق من الحقوق التي يتمتع بها أطفال العالم.
وإذا ما ذكر أطفال غزة، فلا بد من الإشارة إلى عدد الأطفال الغزيين المحرومين من التعليم للعام الثاني على التوالي. فبحسب وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، فإنَّ أكثر من 600 ألف طفل في قطاع غزة خارج أسوار المدرسة، جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.. أي إنَّ التعليم الرسمي لم يعد متاحا في أي من مدارس الأونروا، البالغ عددها 200 مدرسة، لاستخدامها كملاجئ.
ورغم هذا الواقع المرير فإنَّ العقلية الاستعمارية للمحتل لم تقف عند هذا الحد، بل استهدفت 70% من مدارس الأونروا في غزة، لتودي بحياة قرابة 539 شخصا ممن يحتمون بهذه المدارس، من بينهم أطفال كان من المفترض أن يكونوا في هذه المدارس على مقاعد الدراسة- وليس تحت أنقاضها- لتلقي العلم، وليصنعوا مستقبلهم، إلا أنَّ أحلامهم وآمالهم التي خبؤوها تحت وسائدهم رحلت معهم، رافضة البقاء في عالم أبى إلا أن يكشف عن وجهه القبيح قبل رحيلهم. وتشير التقارير أن 17 ألف طفل في قطاع غزة فقدوا الوالدين أو أحدهما، ومنهم من لا يزال أبواه أو أحدهما مفقودين تحت الأنقاض.
ختاماً
لا تكترث إسرائيل بقتل الأطفال، بل إنها كلما أدينت من دولة أو منظمة ما أمعنت بمواصلة هجماتها، متجاهلة جميع القوانين والأعراف الدولية. لذا فإنَّ أطفال غزة يصافحون الموت في كل لحظة، ويعقدون معه هُدنًا ليمهل أرواحهم البريئة وأجسادهم الصغيرة بعضا من الوقت، لا ليمنحهم مزيدا فرصة لكي يلهو بألعابهم أو يمضوا وقتا مع أقرانهم، بل ليكملوا مسيرة أجدادهم وآبائهم في مقاومة المحتل، لا سيما وأنهم كانوا شهودا على العالم الذي كان ينظر إلى غزة نظرة المتفرج وهي تباد، وسكانها يسحقون تحت ركام منازلهم، التي سُويت بالأرض بفعل القصف الإسرائيلي المبرر سلفا بذريعة الدفاع عن النفس.
3 التعليقات
إرسال تعليق
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
حسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولاقوة الا بالله..لعنة الله على اليهود والنصارى المتآمرين على هذه الإبادة وعليهم من الله ما يستحقون .. اللهم إحفظ أهلنا بفلسطين وغزة من بين أيديهم ومن خلفهم وعن يمينهم وعن شمالهم ومن فوقهم ومن تحتهم يارب العالمين.. بارك الله فيكي أستاذه هديل تسليط قلمك على هذه المأساه
مقال متميز فيه عرض شيق وصادق لمأساة اهل غزة نصرهم الله نصرا مبينا
اللهم اغنهم بفضلك عن من سواك
مأساة الأطفال في غزة تُعد من بين أكثر الأزمات الإنسانية إيلامًا في العصر الحديث. يعيش أطفال غزة في ظروف قاسية نتيجة للصراع الدموي المستمر والحصار المفروض على القطاع منذ سنوات طويلة، مما يؤثر بشكل كبير على حياتهم الجسدية والنفسية
.
مأساة أطفال غزة هي شهادة حية على تأثير النزاعات على الفئات الأكثر ضعفًا في المجتمع. إنهم بحاجة إلى استعادة طفولتهم قبل أي دعم دولي عاجل.
أطفال فلسطين أحالتهم الظروف المعيشية القاسية إلى كهول في أجساد أطفال ، فلم يتبقى من طفولتهم شيء سوى أجسادهم الضعيفة الممزقة حتى تلك الأجساد شوهتها يد المغتصب اللعين إما بالحرق أو البتر أو التعطيل .وكل هذا وسط صمت قاتل من المجتمع الدولي، أين المنظمات الإنسانيه و حقوق الطفل و أين منظمة الصحة العالمية ، أين العالم من كل هذا ؟؟
لكم الله يا أطفال غزة ، و النصر حتما قادم على أيديكم .