
ثبات غزة.. حالة أسطورية
بقلم: د. عبد الله العمادي
| 15 أغسطس, 2024

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: د. عبد الله العمادي
| 15 أغسطس, 2024
ثبات غزة.. حالة أسطورية
في لقاء طويل رائع مع المفكر الجزائري عبد الرزاق مقري حول طوفان الأقصى- أنصح بالاستماع إليه لمن أراد صورة واضحة لما يجري الآن في غزة- قال عبارة، ربما هي سر التحول الهائل الحاصل في العالم تجاه القضية الفلسطينية، وهي عنوان هذا المقال.. ثبات غزة حالة أسطورية.
وهذه حالة نادرة تستوجب منا التوقف قليلاً وتأملها طويلا.
ثبات غزة، بمجاهديها ورجالها ونسائها وأطفالها، رغم الشدائد والأهوال والآلام، لابد وأنه يدفعك لاستحضار مشاهد مؤلمة ماضية من تاريخنا، مثل سقوط الحواضر الإسلامية أمام المغول الهمج، ثم الأندلس وقصص محاكم التفتيش والحروب الصليبية، وصولاً إلى بدايات القرن العشرين ومآسي المسلمين على يد الاستدمار الغربي، الذي وإن خرج من عالمنا العربي والمسلم، فإنه أبقى كلابه المسعورة المتوحشة من الصهاينة، يهوداً كانوا أم غيرهم من العرب والفرس والترك والهندوس وغيرهم من أهل الوثن والحجر والشجر.
لكن الأمر الملحوظ أن الأمة، رغم كل تلكم الأهوال والشدائد التي نزلت عليها عبر تاريخها الطويل، كانت تنهض بصورة أو بأخرى، ولم تهلك أو تفنى وتندثر كبقية الأمم والحضارات الغابرة؛ فما كنا نقرؤه في كتب التاريخ والسير عن أولئك المتوحشين ضد المسلمين، على اختلاف معتقداتهم وأهدافهم، صرنا اليوم نعايشه لحظة بلحظة في غزة الأبية.
صفقة القرن
ما كنا نستغربه إذن ونحن نقرأ في تضحيات الأولين صار يتكرر اليوم، بل أصبح واقعاً متجسداً أمام أعيننا وأمام الكاميرات والشاشات وكافة وسائل التواصل والإعلام حول العالم. ثباتُ غزة ثباتٌ أسطوري أفشل كل مخططات الغرب والصهاينة، ومعهم كل المطبعين العرب، بعد أن كانت القضية الفلسطينية تسير بشكل متسارع نحو تصفية نهائية، وكانت ستنتهي وتتحقق أحلام من خططوا طويلاً لما يسمى بـ”صفقة القرن” كي تقرّ أعين الصهاينة أولاً، وتتحقق نسبة كبيرة من أحلامهم ومشاريعهم التوسعية، ومن ثم تقرّ أعين المطبعين بعد ذلك، وتنتهي القصة المزعجة لهم منذ أكثر من سبعة عقود، وليحمل بعدها الأمريكان أمتعتهم مغادرين المنطقة- إلى غير رجعة- لاعتقادهم بأن وجودهم صار غير ذي جدوى، بعد أن تكون المنطقة قد هدأت بتصفية القضية، وتولّي بيادق صهيونية الصنع إدارتها، لتتفرغ هي للعملاق القادم، أو هكذا التصور الأمريكي الغربي، ويُقصَد به الصين، أو التحالف الصيني الروسي.
إذن، ثبات أهل غزة بشكل عام، واستمرارهم في التصدي لجحافل الجيش “الأكثر أخلاقية في العالم”، بل والمبادرة بالهجوم أحياناً كثيرة، أفشل مخططات ومشروعات كلفت خزائن بعض الدول مليارات الدولارات، وسنوات من العمل والتخطيط- أو التآمر إن صح التعبير.
حالة سُنَنِيَّة
لم يدر بخلد أي أحد من أولئك المتآمرين أن تكون للمقاومة بقية قدرة وطاقة للصمود والبقاء، بعد اعتداءات الصهاينة المتكررة منذ انسحابهم من غزة في 2005، وأهمها في العصف المأكول 2014، ثم حارس الأسوار في 2021، لتهدأ بعدها غزة لعامين تقريباً، حتى ظن المتآمرون أن الإنهاك قد أصاب المقاومة، وبالتالي هي فرصة لتسريع إجراءات التصفية.
لكن تتدخل الإرادة الإلهية دوماً، بعد أن يكون عباده المخلصين قد اتخذوا كافة ما لديهم من أسباب ممكنة لكنها لا تكفي لإحداث فرق أو نتيجة مؤثرة. فكان السابع من أكتوبر 2023 ليشكل هذا اليوم بداية حالة، هي “حالة سُننية”- كما أسماها الدكتور مقري في معرض تحليله للأحداث-، حيث إن الكثير الكثير من الأمور تبدأ بعد ذلك تتكشف، وهي التي نعيشها الآن منذ ذلك التاريخ المجيد.
إن ما يحدث اليوم في العالم بأسره من فضح وكشف للرواية الصهيونية، التي جعلت العالم يصدقها طويلاً، هو أمر لو أنفقنا نحن- المسلمين- ملايين الدولارات في الدعايات والإعلام المضاد لإيقاعه وإقناع الآخرين برواياتنا الحقيقية، ما نجحنا ولا استطعنا تحقيق بعض الذي تحقق بعد طوفان الأقصى.. لماذا؟ لأن الثمن لم يكن مليارات الدولارات أو اليوروهات، أو غيرها من العملات الصعبة، بل كان هو الدم والروح والثبات، وهي كلها عوامل أعطت مصداقية للرواية الفلسطينية الإسلامية، وكشفت زيف الرواية الصهيونية الخبيثة.
انكشاف الصهيونية والنفاق الغربي
ما يحدث منذ السابع من أكتوبر الفائت، أزاح الستار عن ظلم الصهيونية وزيف ادعاءات المظلومية، وانكشف وجه الغرب الحقيقي القبيح، الذي كان مغطى بوابل من قيم ومبادئ خادعة عبر مؤسسات ووسائل إعلام وغيرها، وهذا ما دفع بمئات الألوف من غير المسلمين إلى الشوارع، وفي عقر دار العالم الغربي، احتجاجاً أولاً على رضوخ حكوماتهم ومؤسساتهم الطويل للفكر الصهيوني، الذي أدى إلى الأحداث البشعة بحق مدنيين من أطفال ونساء في غزة، كإحدى نتائج ذلك الرضوخ، ثم انتشار واسع ممتد مستمر للظلم حول العالم كنتيجة أخرى، إلى غير ذلك من نتائج ستنكشف مع الأيام.
النقطة المهمة المطلوب التركيز عليها الآن، بعد أحداث عشرة أشهر أسطورية، هي أهمية استيعاب المسلمين جميعاً لما يحدث في غزة، وضرورة استثمار الحدث للانطلاق بهمة وعزيمة وإيمان في أي مساهمة أو مشروع حول العالم، يعمل على تفكيك النظام العالمي الحالي، الذي هو نظام غربي استعماري تم وضعه لخدمة مصالح الغرب أولاً وأخيراً عبر مؤسسات غير فاعلة، إلا إن أراد هذا الغرب تفعيلها خدمة لمصالحه فقط !
النقطة الأخرى المهمة، هي المساهمة في تعزيز ثبات غزة، ودعم المقاومة بكل ما يستطيع الفرد منا القيام به. كل فرد منا، من بعد نية خالصة، وإيمان راسخ، ويقين لا يتزعزع بقرب نصر الله، يمكنه المساهمة بحسب قدراته وإمكانياته وظروفه المحيطة به في عملية التعزيز هذه، سواء بالمال أو بالكلمة، أو بالصورة أو غير ذلك، عبر مؤسسات إعلامية أو تشريعية أو خيرية، أو غيرها من مؤسسات ومكونات مجتمعية عديدة.
غزة.. إيمان أو نفاق
أقول كخلاصة لهذ ا الحديث: لا يجب أن يتزعزع ثبات أهل غزة، مجاهدين أو حواضن شعبية، ولا يتم ذلك إلا عبر استمرار الدعم بكل الطرق والوسائل، لأن الاستمرارية تلك هي عامل حاسم في المرحلة الأخيرة من حرب التحرير التي انتظرناها طويلا.
كما لا يجب أن ندع المجال للمشككين والمرجفين لنشر الأراجيف والأكاذيب، هؤلاء الذين {كره الله انبعاثهم} لا بد أن نكره نحن انبعاثهم أيضاً، لأن دخولهم في الأحداث، عامل مساهمة إضافي في دعم الظلم الصهيوني المدعوم غربياً قبل كل شيء، باعتبار أنه مشروع غربي أولاً وأخيراً، يتطلب دعماً مستمراً لا يتوقف. وبالتالي، والحال كذلك، لابد من كشفهم وفضحهم أمام الملأ دون أدنى مجاملة، فالوقت لا يتسع للمجاملات والمهادنات.
إنه وقت دعم الحق وإزهاق الباطل، والطرق باتت واضحة جليّة، من أراد الحق فليلحق بأهله، ومن أراد الباطل فله ما أراد.. إن الوقوف مع غزة أو ضدها، صار اليوم معياراً للتفريق بين الإيمان والنفاق، فلينظر كل منا- تبعاً لذلك المعيار- إلى أي معسكر تقوده قدماه..
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
0 تعليق