جابر بن عبد الله “الحافظ الفقيه والصحابي الإمام”

بقلم: د. علي محمد الصلابي

| 9 أغسطس, 2024

مقالات مشابهة

مقالات منوعة

بقلم: د. علي محمد الصلابي

| 9 أغسطس, 2024

جابر بن عبد الله “الحافظ الفقيه والصحابي الإمام”

من النماذج العلمائية الملهمة

هو الإمام الكبير، والمجتهد الحافظ، صاحب رسول الله ﷺ، أبو عبد الله، وأبو عبد الرحمن، الأنصاري الخزرجي السلمي المدني الفقيه، من فضلاء الصحابة المتحفين بحب رسول الله ﷺ.

اسمه ونسبه ونشأته:

 هو الإمام الكبير، المجتهد الحافظ، صاحب رسول الله ﷺ، جابر بن عبد الله بن عمرو بن حِرام، الأنصاري السلمي، وأمه أنيسة، أو نسيبة بنت عقبة بن عدي، وتجتمع هي وأبوه في جدهما حِرام، وأبوه عبد الله بن عمرو بن حِرام، الصحابي الجليل الذي استشهد في غزوة أحد.

كان جابر من السابقين في الإسلام، شهد بيعة الرضوان، وشهد العقبة الثانية مع أبيه وهو صبي، وكان من المكثرين الحفاظ للسنن، وأحد المكثرين عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عن النبي ﷺ، وعن أبي بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم أجمعين، وروى عنه جماعة من الصحابة، وولداه محمد وعقيل، وله ألف وخمسمائة وأربعون حديثا، اتفقا على ثمانية وخمسين، وانفرد البخاري بستة وعشرين، ومسلم بمائة وستة وعشرين، وكانت له حلقة في المسجد النبوي يعلم فيها الناس ويفقههم في دينهم. 

علمه وروايته:

 كان جابر رضي الله عنه أحد السابقين إلى الإسلام من أهل المدينة المنورة، ومن الملازمين لرسول الله ﷺ، والآخذين  عنه وعن المكرَّمين من صحابته، وقد اجتهد جابر في جمع الحديث بشكل متفرد، ويكفي للدلالة على جهده في جمع السنة النبوية أن نذكر أنه ارتحل من المدينة إلى الشام من أجل تحصيل حديث واحد لرسول الله ﷺ!.

يقول جابر بن عبد الله رضي الله عنه: بلغني حديث عن رجل سمعه من رسول الله ﷺ فاشتريت بعيرا، ثم شددت عليه رحلي، فسرت إليه شهرا، حتى قدمت عليه الشام فإذا عبد الله بن أنيس رضي الله عنه، فقلت للبواب: قل له: جابر على الباب، فقال: ابن عبد الله؟ قلت: نعم. فخرج يطأ ثوبه فاعتنقني، واعتنقته، فقلت: حديثا بلغني عنك أنك سمعته من رسول الله ﷺ في القصاص، فخشيت أن تموت، أو أموت قبل أن أسمعه. قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «يحشر الناس يوم القيامة…» وذكر حديثا في القصاص يوم القيامة.

وقد عاش جابر رضي الله عنه جل حياته بالمدينة، وكان إلى جوار عائشة، وابن عمر، وكان رضي الله عنه من كبار المفتين بها؛ لذا قدم الذهبي ترجمته بقوله: «الإمام الكبير، المجتهد، الحافظ»، ونقل جابر رضي الله عنه السنَّة إلى كثير من التابعين، ورحل جابر رضي الله عنه في آخر عمره إلى مكة لبعض الأحاديث، وهناك نقل علمه لعطاء بن أبي رباح، وعمرو بن دينار، فساعد ذلك على اتساع دائرة فائدته.

ولقد كان طبيعيا أن يكون قد أخذ الكثير من حديث رسول الله ﷺ، إذ روى رضي الله عنه 1540 حديثا عن رسول الله ﷺ، وهي أحاديث في شتى قضايا الإسلام، كما روى عن أصحابه، ورُوي عنه أيضا، وكان يحرص رضي الله عنه على نشر العلم الذي تعلمه وإذاعته في الناس، وكان إذا سئل عن شيء أجاب وأسند جوابه، كما أنه كان مجتهدا ومن المتوسطين في الإفتاء. 

جهاده:

أقبل جابر بن عبد الله رضي الله عنه على الجهاد من أول فرصة واتته، فقد شهد كل غزوات الرسول ﷺ خلا غزوة أحد، ولم يقاتل في بدر إنما كان يعمل في سقاية الجيش، ولقد منعه أبوه من الخروج، ولما استشهد أبوه في غزوة أحد بادر إلى الخروج إلى الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فعن جابر قال: “فلما قُتل عبد الله يوم أُحد لم أتخلف عن رسول الله ﷺ فى غزوة قط”.

وقد كان لجابر رضي الله عنه باع طويل في الجهاد مع الرسول ﷺ؛ فقيل إنه غزا اثنتي عشرة غزوة، وقيل: ست عشرة غزوة، وقيل: غزا ثماني عشرة غزوة، ولكن الصحيح ما ذكره مسلم عن جابر أنه قال: “غزوت مع رسول الله ﷺ تسع عشرة غزوة”.. وذُكر أن جابر شهد صفين مع علي رضي الله عنه.

وفاته:

كُفَّ بصرُه (رضي الله عنه) في آخر عمره، ومات بالمدينة، وقيل بمكة وقيل بقباء سنة ثمان وسبعين، وقيل سنة تسع، وقيل سبع، وقيل أربع، وقيل ثلاث، وقيل اثنتين، وقيل: مات سنة ثمان وستين، وهو يومئذ ابن أربع وتسعين سنة، وقيل: صلى عليه أبان بن عثمان. 

د. علي محمد الصلابي

مفكر سياسي ليبي

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

رسالة إلى أمريكا

رسالة إلى أمريكا

وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...

قراءة المزيد
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!

أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!

أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...

قراءة المزيد
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة

غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة

على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...

قراءة المزيد
Loading...