الاستشهاد والإرادة
بقلم: إبراهيم عبد المجيد
| 15 أكتوبر, 2024
مقالات مشابهة
-
الشكر.. دوامٌ للنعم في الدنيا وفوزٌ في الآخرة
أنعم الله تعالى وتفضّل على عباده بالكثير من...
-
الترامبية المتجددة وأمْوَلَة نظام الحكم في الولايات المتحدة
منذ أن بلور حكماء الإغريق قديما فكرةَ...
-
السياسة الخارجية المتوقعة لإدارة ترامب.. تداعياتها على الشرق الأوسط
خلال حملته لاستعادة رئاسة الولايات المتحدة، قال...
-
ترامب وهاريس.. وجهان لعملة واحدة
نجح دونالد ترامب.. فاز مرشح الحزب الجمهوري...
-
السؤال الكوني وعجز الغرب الفلسفي
كمدخل فلسفي مبسط، يعود السؤال هنا على الفرد...
-
لهذه الأسباب فاز ترامب
استيقظنا صباح الأربعاء، 6 نوفمبر/ تشرين الثاني...
مقالات منوعة
بقلم: إبراهيم عبد المجيد
| 15 أكتوبر, 2024
الاستشهاد والإرادة
عام مضى على السابع من أكتوبر، أو طوفان الأقصى الذي قامت به حماس في مواجهة المستعمرين الصهاينة.. كل حروب الدنيا انتهت مهما طال الوقت، تطول الحروب حين يكون المتحاربان متكافئين في قوتيهما أو قريبين من ذلك، وأيضا هذه تنتهي.
الحرب التي يشنها الكيان الصهيوني يراها كل عاقل غيرَ متكافئة؛ فكتائب القسام- ومثلها غيرها- لا تملك دبابات أو طائرات أو مدافع.. فقط فدائيين يملكون أسلحة يحملونها، وروحاً تملأ الفضاء بالقوة والأمل. ما فعله الصهاينة حتى الآن هو أنهم دمروا آلاف المنازل في غزة، وقتلوا عشرات الآلاف من المدنيين، غير أضعافهم من الجرحى، ولم تنتهِ الحرب.. حرب من طرف واحد هو الصهاينة ومن والاهم.
بل يخرج نتنياهو، القاتل المريض نفسيا، إلى ميدان آخر هو لبنان، متصورا أنه سيخرج من لبنان كما دخل، وهو حتى الآن لم يحرز التقدم الذي يريده، فراح يشن الغارات على بيروت وضواحيها! لم يكفِه العام ليدرك أنه فشل في مسعاه، فلا الفلسطينيون تركوا أرضهم، ولا كتائب القسام اختفت من الوجود.. راح يتوسع في الحرب ليبدو أمام الصهاينة أنه يحقق الوعد الكاذب، الذي يسمونه وعد الله لهم بأرض الميعاد في فلسطين، ودولة صهيونية تمتد من النيل إلى الفرات.. لا شك أن ذلك يخفف من حدة الآراء المضادة له داخل الكيان الصهيوني، فالدين هو أسرع فرس يركبه أي سياسي ليقنع الناس بأهمية ما يفعله.
لكن ما جرى على الناحية الأخرى هو أن الصواريخ صارت تسقط على إسرائيل من لبنان ومن إيران، بل ومن غزة نفسها، وتصل إلى حيفا وتل أبيب. لا يتخيلنّ أحد أن الصورايخ، مهما كان تأثيرها محدودا، ستمر على الإسرائيليين دون تأثير روحي عليهم، وهم الذين عاشوا كذبة الدولة التي لا تقهر.
تفشل القبة الحديدة التي جعلوها فوق إسرائيل في تحقيق كل الأمان، وهي ستفشل أكثر، فالشرخ سيتسع. هرولتهم إلى الخنادق ستجعلهم يفكرون فيما يمكن أن يحدث في الزمن القادم، وكيف أن ما امتلكوه من علم جعلهم يقيمون هذه القبة الحديدة يتعرض إلى هذا الشرخ الذي لابد سيتسع! مشاهدهم في مطار تل أبيب وهم يرحلون تؤكد أن بدايات يأس كبير قد تحققت.
مواقع كثيرة نشرت، بمناسبة مرور عام على هذه الحرب، ما أحدثته إسرائيل من تدمير وإبادة في غزة، شملا المدارس والمنازل، ومعسكرات الأونروا والمستشفيات، وغيرها من مظاهرالحياة وأدواتها. وتطالعك الأرقام المهولة لما تم تدميره من هذا كله، فضلا عن الضحايا من القتلى والجرحى، ولا بد أن الصهاينة يعرفون ويتابعون هذه المواقع، ويتساءلون: كيف جرى هذا كله ولم يستسلم الفلسطينيون؟! سؤال لا يخطر على بال قادة هذه الحرب من الصهاينة، لكن لاشك أنه يقفز إلى عقول كثيرين من الناس العاديين أو المثقفين، وكان أحد أسباب اليأس الذي جعل أعداد المهاجرين من إسرائيل تزداد.
وهكذا، في الوقت الذي يرفع فيه نتنياهو، المريض السادي في النفس والسلوك، شعارات زائفة، لا يدري أن أرواح الناس مختلفة، وأن كثيرا جدا من العائلات الإسرائيلة وحتى أولادهم، يتذكرون بلادهم الأولى التي وفدوا منها، وأن العودة إليها قد تكون نجاة. نتنياهو وقادة الحرب معه لايدركون ما هو غائب من أن الهزيمة حتى لو وقعت بالخصم، فإنها لا تكتمل إلا إذا شملت إرادته، والإرادة الفلسطينية لم تنهزم، ولن تنهزم.
ما جرى في زمن مضى من هجرة لكثير من الفلسطينيين لن يتكرر، لأن الإرادة الآن ترفع شعار الشهادة، وهو شعار لم تعرفه اليهودية كديانة ولا الصهيونية. نحن المسلمون والمسيحيون نعرف أن موتانا في حرب مع السفاحين، شهداء يذهبون إلى مكان أفضل، لذلك جاء آن ألا نترك مكاننا إلا إلى الله سبحانه وتعالى.. الشهداء رغم الموت ينتصرون، ومن يرحل منهم يملأ الأرض بعده آلاف من البشر من أجيال جديدة، ويصبح الشهداء ذكرى لا تضيع.
وتزداد الهوة بيننا وبين الصهاينة، حتى يأتي يوم لا نرضى فيه نحن الحل بدولتين.. حل الدولتين الذي ترفضه إسرائيل سيصبح حلما للصهاينة مهما طال الزمن، حلما لن يوافق عليه أبناء الشهداء وأحفادهم. الدول التي تساند إسرائيل بالسلاح لها أسبابها الغبية التي تخصها، هي تكفّر من ناحية عما فعلته باليهود، ولو على حساب العرب، وهذا لا يعكس خطأ سياسيا، بل مرضا نفسيا.
والدول التي ترضى بالتطبيع معها من العالم العربي تعيش في وهم كسب رضا أميركا قبل إسرائيل؛ هذه الدول التي تقوم بالتطبيع لا تفكر: ماذا فعل التطبيع مع مصر؟ وهو الذي بدأ مبكرا قبل الجميع.. أربعون سنة وأكثر مضت على كامب ديفيد، ولم ينل الإسرائيليون أيّ مكان طيب في قلوب المصريين. لم نعرفهم أو نرهم في شوارع المدن المصرية، وأقصى مكان يأتون إليه هو سيناء، ولا يتقدمون لأكثر من مدينة شرم الشيخ، في تجمعات سياحية منعزلة عن غيرها. ومن يريد أن يعرف حقيقة ما أقول، فليتابع ما كتبه المصريون على صفحاتهم بمناسبة ذكرى السادس من أكتوبر، يتحدثون فيها عن بطولات المصريين التي لا تُنسى.
لهذا معناه السياسي الغائب أيضا، وهو أن المصريين لم يتقبلوا، ولن يتقبلوا، أحدا من إسرائيل. هذا أسهل درس يمكن أن تتعلمه الدول المطبعة، وتتعلمه إسرائيل أكثر من غيرها. إسرائيل تعرفه جيدا وتتجاهله، وتبدو مرحبة بالتطبيع على أمل زائف، وهو أن هذا سيشمل الشعوب العربية، هي لا تفكر كيف لم يتقبله مائة مليون مصري، رغم مرور كل هذه السنوات على اتفاقية كامب ديفيد.. هكذا صرنا في عالم ترتفع فيه راية العمى عن الحقيقة.
وإذا كانت الدول المطبعة أرادت بذلك حماية أمريكية في معركة لم تحدث- أو قد تحدث- بين السنة والشيعة، باعتبار إيران شيعية ومصدر تهديد، فإيران الآن تطلق الصواريخ على اسرائيل، تطلقها بحساب، أو حتى لو أنها تمثيلية كما تصور البعض فإنها تطلقها، ومثلها من والاها في اليمن والعراق ولبنان، أيضاً يطلقونها، ونرى أثرها على الأرض رغم ما تحاوله إسرائيل لإخفاء الحقائق، حرصا على الحالة النفسية لسكانها.
هكذا وقعت إسرائيل في فخ العجز عن إنهاء أهل غزة وكتائب حماس والقسام، فوسَّعت من مساحة الحرب التي لن تكسبها أبدا، وستبقى ذكرياتها في قلوب الأجيال القادمة من العرب والمسلمين بكل أطيافهم، كما بقيت كل المذابح التي أقامتها إسرائيل من قبل، وتظل الإرادة العربية قائمة لا تنهزم فيها الشعوب مهما غابت، وتظل راية الشهادة والاستشهاد أكبر وأعظم رافد لهذه الإرادة.
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
خرافة اسمها الحب!
من البديهيات أن المشاعر جزء أصيل لدى الإنسان.. البعض قسمها إلى مشاعر إيجابية: كالحب، والسعادة، والرضا؛ وأخرى سلبية: مثل الغضب، والاشمئزاز، والخوف. غير أن علم النفس ذهب ليؤكد أن كل المشاعر لها جانبان، واحد سلبي وآخر إيجابي؛ فالغضب -مثلاً- يعد أحد أسوأ المشاعر الإنسانية...
الشكر.. دوامٌ للنعم في الدنيا وفوزٌ في الآخرة
أنعم الله تعالى وتفضّل على عباده بالكثير من النعم والأفضال؛ فمنها ما هو متعلق بالدين، ومنها ما هو متعلق بالدنيا.. وقال العلماء إن أعظم نعم الله -عز وجل- على الإنسان هي نعمة الهداية إلى الإسلام، وهو دين الله الذي اختاره وارتضاه للخلق في رسالة الرسول محمد ﷺ. ومن نعم...
الترامبية المتجددة وأمْوَلَة نظام الحكم في الولايات المتحدة
منذ أن بلور حكماء الإغريق قديما فكرةَ الديمقراطية قبل ستة وعشرين قرنا، وعزّزها فلاسفة التنوير بضوابط الحداثة السياسية في القرن الثامن عشر، ظلّت الحِكامة السياسية تتحرك داخل مثلث محتدم، يجمع بين الفضيلة السياسية وبقية أخواتها من الأخلاقيات والأهلية المعرفية من ناحية،...
0 تعليق