لم يخترع محمد علي الذرة!
بقلم: سليم عزوز
| 8 سبتمبر, 2024
مقالات مشابهة
-
ما بعد الاستعمار.. وفتح الجراح القديمة
من الملاحظ أنه في عصرنا، عصر العولمة، نجد أن...
-
اقتصاد الحرب.. ماذا يعني اقتصاد الحرب؟!
لم يوضح د. مصطفى مدبولي رئيس وزراء مصر ماذا يقصد...
-
انصروا المرابطين أو تهيؤوا للموت!
في كتاب الكامل في التاريخ لابن الأثير: عندما...
-
يوميات بائع كتب عربي في إسطنبول (4)
نساء يقرأن الروايات وحكايات عن الكتب الأكثر...
-
لينينغراد وغزة: بين جنون العظمة وتطلعات الحرية
هتلر، المنتحر، المندحر والمهزوم، دخل التاريخ...
-
التواضع في القرآن الكريم .. قيمة أخلاقية تقود إلى الرفعة في الدنيا والآخرة
التواضع من القيم الأخلاقية العليا التي يحضّ...
مقالات منوعة
بقلم: سليم عزوز
| 8 سبتمبر, 2024
لم يخترع محمد علي الذرة!
أزمة الفنان، والمقاول، محمد علي، مرتبطة بمحنة السلب بعد العطاء، وانحسار الشهرة بعد توهجها!
في مجال الكتابة، فإن لي رأيًا قديمًا في دخول البعض عالم الكتابة الصحفية بعد تقدمهم في العمر، وقد يكون مؤلفاً للكتب والدراسات قبل ذلك، لكن الكتابة للصحف تحدث بريقاً، قد يُفقد الكاتب من هؤلاء اتزانه، فيخضع لما أسميته بغواية القرّاء، وذلك على العكس من الذي مر بالسلم الصحفي من أوله، وكانت شهرته بالتراكم، وليس بضربة حظ!
وأزمة محمد علي هي نفسها أزمة وائل غنيم، فإنه فجأة صار نجماً ومناضلاً ومفجر ثورة، وفي قلب الأضواء، فلما انحسرت، شاهدنا هذه الحالة، التي أمتنع عن وصفها، فالوصف وصل للجميع. والمقاول الفنان جاء من المجهول السياسي، ليكون حديث الدنيا، فأمسك الأضواء بيديه وأسنانه، وتحول إلى ناشط سياسي، يحلم بحكم مصر، ويشغل نفسه بطريقة بدائية لحكمها، ثم استيقظ من نومه ليجد هذا كله هشيماً تذروه الرياح، فكان البحث عن مجال آخر يعيده إلى الأضواء مرة أخرى، فلم يجد سوى أن “يحكي في المحكي”!
ولعله فتش في دفاتره القديمة، فوجد وصفاً لصحفية إسبانية له في تحقيق عنه نشرته إحدى الصحف هناك.. “فرعون مصر”، فاندفع باعتباره “فرعون” يتحدث عن الغزو العربي للمحروسة، فاته أن أزمة فرعون كانت مع سيدنا موسى، الذي تطاول على مقامه، وتحدى نفوذه، ثم ورطه في عبور البحر، فإذا هو ومن معه غرقى، وقد نجاه الله ببدنه، ليكون لمن بعده آية!
ليس اختراعاً:
لم يخترع المقاول الفنان الذرةَ بهذا القول، فقد سبقه إليه عدد من الكتاب، تحدثوا عن أن ما جرى كان غزوا لا فتحاً، وبعضهم تحاشى توصيف الأمر، وتحدث عن أصل مصر، وقد قام بعملية غطس في كتب التاريخ، ولعدم إجادته العوم أو فن الغطس، فقد جاء يما يعتقد أنه يدعم رؤيته، فإذا به يجمع الخطأ والخطل في قراءة المعلومات، بالقول إن مصر قبطية لا عربية، وإن الأقباط هم أصل مصر، فاته أن مصر القديمة وجدت قبل المسيحية، وأن قبط، وأقباط، لا تعود إلى المسيحيين ولكنها وصف للمصريين عامة، ومن قبل مولد السيد المسيح، وهو وأمه البتول ليسا من مواليد القاهرة، فالديانة المسيحية وفدت إلى مصر من خارجها، كما وفد إليها الإسلام أيضاً!
ومن الكتاب من دعا إلى ضرورة العودة إلى اللغة المصرية القديمة، تعليماً، ولغة للتعامل، ومن سخريات القدر أنهم لا يجيدون هذه اللغة، ولا يعبرون بها، ولا نعرف لماذا لم يجربوا تعلُّمها والحديث بها، ليعزلوا أنفسهم عزلاً كاملاً عن عامة المصريين وخاصتهم، مع الوضع في الاعتبار أن هناك خلافاً حول اللغة التي كان يتعامل بها المصريون القدماء!
فلم يكن ما قاله محمد علي اختراعاً إذن، وإن ذكره بسوقية، لا سيما وهو يتحدث عن سيدنا عمرو بن العاص، ويتهمه بالغازي الذي غير هوية مصر، نطقها مرتين (هاوية)، وإن اكتشفت أنا بالاهتمام بهذه الدعوة الجديدة عليه، أن مثل هذا الحديث انتقل من الخاصة إلى عدد من العوام، معظمهم يحملون أسماء عربية، فذكروني بهذا الذي قدم مولوده للرئيس جمال عبد الناصر، وقد سمى المولود باسم الرئيس “عبد الناصر” حباً فيه، فلما سأله الرئيس عن اسمه هو قال: “فؤاد”، فعلق عبد الناصر بأن العائلة كلها “مؤصلة”، فالجد سمى ابنه على اسم الملك الراحل في حياته، فلما اختلفت الأحوال سمى فؤاد ابنه عبد الناصر، يا لها من عائلة عريقة في النفاق!
قد يقبل المرء- مع التحفظ- من مسيحيين أن يتحدثوا عن أنهم أصل البلد، وأن “قبط” تعود إليهم، لكن أن يكون أصلها هم هؤلاء الذين يحملون أسماء إسلامية، فيدعون أنهم أهل البلد، وأن على العرب أن يعودوا من حيث جاؤوا فهذا هو المدهش حقاً، ولو تعقبنا السلالة لوجدنا أنهم عرب أقحاح، وإن لم يكن لهم حضور قبليّ يمثل لهم إشباعاً نفسياً، وليس كل العرب من قبائل عريقة، تضرب بجذورها في عمق التاريخ!
الأمر يدفع للطلب من هؤلاء، بمن فيهم محمد علي نفسه، أن يقدموا للناس- قبل أي كلام- شجرة العائلة، وهو أمر يمكن الحصول عليه بسهولة من دار الوثائق المصرية، فليس سراً من أسرار الكون!
وقد يكون من يتبنون الفكرة من هؤلاء العامة ليسوا عرباً، لكن سيمكن الوصول إلى أصل السلالة، مع تجاوزنا ما جرى عليها من تداخل، فلم تعد هناك سلالة نقية على ظهر الأرض، وسنعرف ما هو أصل هذه السلالة على وجه الدقة. فإذا لم تكن نسبة إلى العرب الوافدين مع الفتح الإسلامي (يسمونه غزواً)، فما أصلها؟ فارسي، أم بيزنطي، أم مقدوني، أم روماني؟ ولابد من وضع حد لهؤلاء على قلتهم، لكشف الأنساب!
لقد كان المثقفون الذين يؤمنون بعربية مصر يتحاشون مثل هذا الحديث، باعتبار أنه لا يليق بمثقفٍ الحديثُ في القبائل والأنساب، فلم يمكنهم وأد الفكرة في مهدها، فماذا لو تم البحث عن أصل وفصل الكاتب سلامة موسى مثلاً؟!
المصريون القدماء:
إن الواحد منهم يقول إنه في أصل سلالته ينتمي إلى المصريين القدماء، فكيف عرف؟ والسؤال الأهم: ومن أين جاء المصريون القدماء؟ وهذا هو بيت القصيد الذي يمثل بالنسبة لهم مفاجأة، مع أنه علم ملقى على الأرصفة، لكنها الخفة التي جعلتهم يهربون منه، لأنهم ليسوا أهل علم بالأساس!
قديماً كان من يرفضون عروبة مصر، يؤكدون أن مصر في الأساس دولة فرعونية، هذا الادعاء توقف الآن؛ فالثابت أنه لم يكن هناك فراعنة، ولكن كان هناك فرعون، هو الحاكم والإله، وكان وحده السيد، وعامة الناس هم عبيد إحسانه، يستحيي نساءهم ويقتل أطفالهم، وهو الذي حدث بينه وبين موسى عليه السلام الصدام، ثم انتهى به المطاف غريقاً، يتوسل إليه لإنقاذه بالقول: {آمنت بربّ موسى وهارون}.. فهل كانوا يهوداً من الفرقة الناجية؟!
الحديث الآن ليس عن أن مصر أصلها فرعوني، فقد عرف الجدد مصطلح “المصريون القدماء”، لنعود إلى السؤال: ومن أين جاء المصريون القدماء؟!
إن شمس الكون لم تشرق لتجد أقواماً على أرض مصر هم المصريون القدماء، وهم من تنحدر منهم سلالة زيط، ومعيط، ونطاط الحيط، فقد وفدوا إلى هذه الأرض، شأن كل الأعراق التي وفدت إليها بعد ذلك، غزواً، أو فتحاً، أو صراعاً على السلطة، بالقوة أو باللين!
وقبل 500 سنة من ميلاد السيد المسيح، جاء الفرس غزاة وحكموا مصر، وجاء البطالمة، وجاء الهكسوس، والرومان، وليس كل الأسر التي يُطلق عليها جهلا “الفرعونية”، أو “المصريون القدماء”، هم من الذين وفدوا إلى هذه الأرض كأول فوج، فمن أين جاء الفوج الأول، أو المصريون القدماء؟!
لا يختلف المؤرخون في أنهم وافدون، ولكن الخلاف في “من أين جاؤوا؟”، فمنهم من قال إنهم جاؤوا من شعوب البحر المتوسط، ومنهم من أكد شكلا، ولغة، أنهم زنوج وفدوا إلى هذه الأرض من الجنوب حيث أرض إثيوبيا.. وقبل أن يطالب “أبي أحمد” بمصر باعتبار أن أهله شكلوا السلالة الأولى لسكانها، فنؤكد ما أكده هؤلاء المؤرخون من أن أرض إثيوبيا لم تكن بحسب حدودها الآن، فقد كانت أكثر اتساعاً من هذه البقعة على الخريطة!
الأصوات النشاز:
والحديث عن السكان الأصليين لمصر يشبه تماماً الحديث عن الهنود الحمر لأمريكا، فهم أيضاً يطلق عليهم السكان الأصليين، مع أنهم جاؤوا من خارج هذه الأرض أيضاً، وفي مرحلة متأخرة جاء الأوروبيون، والكلام الفارغ عن ضرورة مغادرة العرب، يشبه تماماً الطلب من الأمريكيين الآن أن يغادروا ليحكم الهنود الحمر أنفسهم بأنفسهم، ويبسطوا نفوذهم على الأرض الأمريكية، فلماذا لا يعود الهنود الحمر من حيث جاؤوا، لتترك الأرض فراغا؟!
الأوروبيون استعبدوا الهنود الحمر، وفعلوا فيهم الأفاعيل، والفتح الإسلامي لمصر، دخل في حرب مع محتلين أجانب، كانوا يستعبدون من يعيشون في مصر الآن، والذين شعروا بالأمان في هذا الوجود الإسلامي، فلم تكن هناك دولة مصرية أسقطها العرب، والقوة استخدمت مع النوبة وفشلت، فكان العرب في مصر قبل الفتح، ومنهم تجار مثلوا دعاة سلميين لدينهم، فدخل أهل النوبة في دين الله جميعا، ولم يبق منهم أحد على معتقداته القديمة!
وكان النوبة ممن شكلوا أسراً حاكمة في مصر القديمة، ويقال إنهم أصل مصر إن صحت التسمية، وإنهم أول من جاؤوا من الجنوب إلى هذه الأرض، وهم يسيرون مع مجرى النيل، حتى إذا بلغوا محله عاشوا، ووفد إليها كثيرون حكموها، من الفرس، والرومان، وأهل بيزنطة، وفي مرحلة متأخرة جاء المماليك والعثمانيون، وكانت كل أمة تقاتل الأمة الحاكمة الوافدة، كما حدث في قتال العثمانيين للمماليك، بينما المصريون هم خارج دائرة الانشغال بالأمر.
وفر المماليك بعد هزيمتهم إلى الصعيد، وسقطت الخلافة العثمانية، وبقي في مصر أتراك، ومقدونيون، وألبان، وتوجد قرى كاملة من أصول تركية، واختلطت الأنساب وتداخلت السلالات، وشكل هذا دولة عربية، غالبيتها عرب ومسلمون، ولا ينكر الأمر عقلاء الديانات الأخرى، فهم مسيحيون دينا وعرب ثقافة، تماماً كما كان اليهود المصريون قبل أن يغادروا مصر!
وعلى كل صوت نشاز، أن يرفع دعوى فرز وتجنيب لسلالته المباركة، ليتجاوز ما اختلط بها من أعراق أخرى لعله يصل إلى أصل السلالة، فقد يكون مقدونياً من سلالة كليوباترا، إن كان يشرفه الأمر!
إن مصر مجتمع هجرات في أصله وفصله، وكل من يعيش على هذه الأرض هم مصريون أقحاح، وعرب، ونذكر في هذا الصدد أنه عندما حدثت القطيعة العربية لمصر بعد توقيع السادات معاهدة السلام مع إسرائيل، اندفع بعض الكتاب ينفون عروبة مصر بالقول إنها فرعونية، فانتقد السادات هذا الكلام الفارغ، وقال إن مصر أصل العرب!
فمن يقول لهذا النشاز إن مصر أصل العرب؟!
4 التعليقات
إرسال تعليق
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
واشنطن تسعى لمزيد من الشفافية من إسرائيل بشأن خططها للرد على إيران
تتزايد حالة القلق في الإدارة الأمريكية إزاء عدم إطلاعها على تفاصيل العمليات العسكرية الإسرائيلية، خاصة فيما يتعلق بالرد المحتمل على إيران. وتأمل واشنطن في تجنب مفاجآت مماثلة لتلك التي واجهتها خلال العمليات الأخيرة في غزة ولبنان. كان من المقرر أن يجتمع وزير الدفاع...
الحالة العامّة للأسرة والمرأة في الجاهليّة قبيل ولادة النبيّ صلى الله عليه وسلم
عند الإطلالة على حالة عموم النساء في المجتمع الجاهليّ، وما اكتنف الأسرة آنذاك، فيمكننا وصف وتقييم الحالة بعبارة واحدة، وهي: انتكاس الفطرة، وتشوّه معنى الرجولة، وغيبوبة الأخلاق. كان الزواج يتمّ على أنواع عدة، كلّها إلا واحدًا يظهر مدى الانحدار القيمي والظلام الأخلاقي،...
ما بعد الاستعمار.. وفتح الجراح القديمة
من الملاحظ أنه في عصرنا، عصر العولمة، نجد أن الثقافات والهويات العربية أصبحت تتعرض لضغوط غير مسبوقة، لكي تكون مغمورة ومنسية ومجهولة، نتيجة الانفتاح الكبير على العالم، وتأثير الثقافة الغربية وغزوها للعقول العربية، لا سيما فئة الشباب؛ فتأثيرات العولمة عميقة ومعقدة...
من أفضل ما قيل في المسألة كلام الشيخ عبدالحميد كشك عليه رحمة الله ، فقد فند دعاوى من يقولون إن مصر ليست عربية بتحليل حسابي بسيط .. فليس معقولا – طبقا للشيخ – أن يكون بضع آلاف العرب المسلمين الذين جاءوا مع عمرو هم الذين وصل تعداد ذرياتهم إلى عشرات الملايين وأن يكون بضع ملايين القبط لم يزد عدد ذرياتهم بعد هذا الزمن عن بضع ملايين قليلة أيضا .. إنما المنطقي أن أغلبية ساحقة من القبط اعتنقوا الإسلام .. وقد ذكر الشيخ بعض الإحصاءات مما عضد رؤيته وزادها منطقية وإقناعا
احسنت وصفا وتوضيحا
هو ليس إلا بوقا لمنظومة الامم المتحدة الحاكمة والمتحكمة في مصر بشكل مباشر منذ ان زرعت السيسي ومكنته ( بخيابة الاخوان ودروشتهم وهطلهم وسذاجتهم ) من الكرسي وحمته وتحميه وتخلق له اشباها تعمل في نفس الفلك ولكن بلون آخر وذلك لاطالة عمره على الكرسي حتى ينهي المرحلة الاولى من الصدمة والتدمير الكلي ليأتي بعدها احد رجالهم برده من المجهول ليكمل باقي اجندتهم ولكن بلون تاني
مصر أقباط فعلا وليسوا أصل العرب وإنما تم تعريبهم عقب الفتوحات الاسلامية لأبناء الجزيرة العربية
أما أصل العرب فهم بلا شك أهل اليمن وهم العرب العاربة ومنهم تعلم المستعربون العربية كما في صحيح البخاري عن ابن عباس
و اللى بنى مصر فى الأصل لا هو حلواني و لا فكهانى ولا شيء تانى ،،،،،ده اللى بنى مصر فلاح معجبانى بنيلها ومعاه مراته خضره تزرع وتقلع……… وولادهم علموا التاريخ معنى كل فنون المعانى