نتنياهو البطل المغوار!
بقلم: سليم عزوز
| 21 يوليو, 2024
مقالات مشابهة
-
الشكر.. دوامٌ للنعم في الدنيا وفوزٌ في الآخرة
أنعم الله تعالى وتفضّل على عباده بالكثير من...
-
الترامبية المتجددة وأمْوَلَة نظام الحكم في الولايات المتحدة
منذ أن بلور حكماء الإغريق قديما فكرةَ...
-
السياسة الخارجية المتوقعة لإدارة ترامب.. تداعياتها على الشرق الأوسط
خلال حملته لاستعادة رئاسة الولايات المتحدة، قال...
-
ترامب وهاريس.. وجهان لعملة واحدة
نجح دونالد ترامب.. فاز مرشح الحزب الجمهوري...
-
السؤال الكوني وعجز الغرب الفلسفي
كمدخل فلسفي مبسط، يعود السؤال هنا على الفرد...
-
لهذه الأسباب فاز ترامب
استيقظنا صباح الأربعاء، 6 نوفمبر/ تشرين الثاني...
مقالات منوعة
بقلم: سليم عزوز
| 21 يوليو, 2024
نتنياهو البطل المغوار!
سيُستقبل بنيامين نتنياهو في الكونجرس الأمريكي استقبال الفاتحين، وسيقاطَع خطابه بالتصفيق الحاد أكثر من مرة، وسيعود من هناك متورم الذات، واثق الخطوة، وقد حصل على تفويض- بهذا- لمواصلة إجرامه!
ومن المؤكد أن من يستمعون إلى كثير من المحللين العرب، وصادفت مقولاتهم هوى عندهم، سيربكهم هذا، وبعض هؤلاء ينتقلون بخفة من الحديث باسم المقاومة وكأنهم من قيادات حركة حماس، إلى الحديث باسم المجتمع الإسرائيلي، فيتحدثون نيابة عنه، وكيف أنه- عن بكرة أبيه- ضد نتنياهو، وأنه مع انتهاء الحرب سيغادر المذكور الحكم إلى السجن، والإجماع الإسرائيلي منعقد على ضرورة رحيله، لكنه يمدّ للحرب مدّاً لأنه يعرف مصيره، وهم يبنون صدق مقولاتهم على مظاهرات أهالي الأسرى، وعلى تصريحات قادة المعارضة!
مشروع الأخلاق الحميدة:
يردد المحلل مقولاته نفسها كل يوم وبصياغات مختلفة، ومنذ بداية الحرب، وبكل تأكيد فإنها سردية كانت قائمة في بداية طوفان الأقصى، وكانت نهاية أولمرت بعد هزيمته في موقعة أخرى، اعترف بها الإسرائيليون ولم يسلم بها الزعماء العرب، هي الأقرب لنتنياهو، الذي بنى إنجازاته بحسبان نفسه الرجل القوي، الذي جعل من إسرائيل قبلة يطوف حولها القادة العرب محلّقين ومقصّرين، دون تقديم أي تنازل، فتبدت عورته للناظرين يوم السابع من أكتوبر!
بيد أن العدوان استمر، وتصرّف نتنياهو كمجرم حرب، فلم يمنعه من ذلك مانع أخلاقي، فقتل، واستباح الجميع؛ البشر، والشجر، والحجر، وأخذ في حملته الأطفال، والمواطنين العزل، والمستشفيات. لكن.. من قال إن المشروع الإسرائيلي بنى سمعته على الأخلاق الحميدة، ليتأذى لذلك المجتمع الدولي، أو الداخل الإسرائيلي؟ إنه يذكّر الغرب بسيرته الأولى، وحملاته التي لم تُقِم وزناً لكل هذه الموانع الإنسانية، فالغاية تبرر الوسيلة، وبينما صور الأطفال الجوعى والقتلى تصفع الأعين، فسوف يُستقبل نتنياهو في الكونجرس كبطل مغوار!
ثلة من الأجيال الجديدة، وقليل من الأجيال السابقة، هي فقط التي استيقظت من نومها على هذه الصورة الهمجية لإسرائيل، فكانت هذه المظاهرات العارمة في الشوارع والجامعات، لكن الأنظمة تخلت عن تقاليدها الديمقراطية وتصرفت في مواجهة المتظاهرين السلميين كأي قوات أمن في دول العالم الثالث، دون إدانة من الصفوة السياسية التي تحركت لتردع همجية ترامب، عندما اعتقد أنه يستطيع أن يكون مثلاً كديكتاتوره المفضل!
لا يتواضع المحلل العربي ليقف على أن سرديته تحتاج إلى “أبديت”، أو تحديث، وهو يتحدث بثقة عن الداخل الإسرائيلي، دون أن يجد نفسه بحاجة إلى تقديم الأدلة على أن نهاية نتنياهو مع انتهاء الحرب، وإن فعل فهي مظاهرات أهالي الأسرى، ومقولات ينتزعها من مناخها لقادة معارضين، فما نسبة تمثيل هؤلاء للمجتمع الإسرائيلي؟!
إن أهالي الأسرى أصحاب مصلحة في وقف الحرب والدخول في صفقة، لكن لم نفكر لنعرف موقفهم إذا استلموا “متعلقاتهم” الشخصية، كما لا نعرف أعداد من يؤوب معهم في المجتمع الإسرائيلي، وفي النهاية فإن من يخرجون في مظاهراتهم لا يمثلون أغلبية الشعب الإسرائيلي؛ إنهم بالمئات أو الآلاف.. كما لا نعرف بالتحديد من الأكثر تعبيرا عن المزاج الإسرائيلي، نتنياهو وحكومته، أم هؤلاء القادة الذين قد يكون الهدف من موقفهم أنهم يمنون أنفسهم بخلافته، ووجدوا في إخفاقاته في أي من أهداف الحرب التي أعلنها، مبتغاهم لإبعاده من المشهد!
اعرف عدوك:
هل يعقل أن يتم تصوير نتنياهو على أنه مع فرقة نشاز تتشكل منها حكومته المتطرفة يقفون ضد الإجماع الإسرائيلي، وأن صوتاً داخل الجيش هنا أو هناك يتم رصده لتأكيد أن نتنياهو وفرقته فقط هم النازيون، وأن الجيش مجبر لا بطل؟!
فهل هذا الأداء الإجرامي، والتلذذ بالقتل، يقوم به جيش مغلوب على أمره؟ لماذا فقدنا أي وسيلة للتعرف إلى الداخل الإسرائيلي، وقياسات الرأي العام؟ ولماذا لا تصلنا من هناك سوى مقولات لصحف اليسار الإسرائيلي؟ ما نسبة هؤلاء في المجتمع؟ وما مدى تعبيرهم عن الإجماع الوطني الإسرائيلي؟ لماذا لا تُنقل لنا الصورة كاملة؟!
في العهود التي خلت، تم تدشين صفحات في الصحف باسم “اعرف عدوك”، وقبل الحرب كنا نطالع ترجمات للصحافة الإسرائيلية، فنستطيع من خلالها تكوين صورة مكتملة.. إنما الآن، نحن أمام محللين يعيدون صياغة مقولاتهم كل يوم بدون تحديث، إلا من حيث الصياغة، إنهم تلاميذ نجباء في مدرسة إذاعة “صوت العرب”!.
طوفان الأقصى ملحمة عظيمة، أكد على قدرة المقاومة على أن توقع هزيمة بإسرائيل وتنال من كبريائها وقوتها، وتكشف أنها كهشيم تذروه الرياح، فلا تملك قوة للرد.. فقد فتحت واشنطن في اليوم الأول مخازن السلاح الأمريكي، ليصلها المدد، لتسقط دعاية الجيش الذي لا يقهر، والذي ضمنت له الولايات المتحدة التفوق، فماذا لو كانت المواجهة من أقطار عدة؟ هل يستطيع المتوفر من السلاح أن يصمد طويلا حتى يصل المدد؟!
لقد اندفعت إسرائيل في جنون لترد الاعتبار لنفسها، فلم تحقق أياً من أهداف الحرب، والحروب بأهدافها، فاندفعت تقتل الحرث والنسل، لتتعرى أمام العالم بذلك، لاسيما الأجيال الجديدة التي تتسم بالبراءة، مقطوعة الصلة بالبربرية الغربية التي قتلت السكان الأصليين، ليس في أمريكا فقط ولكن في أقطار عدة.. اقرأ عن الحضور الأوروبي إلى أستراليا مثلاً!
وفي هذا العدوان سقطت أساطير كثيرة لم يكن أهمها أسطورة الجيش الذي لا يقهر، ولكن سقطت معها أسطورة الصراع الحضاري، والتفوق الإسرائيلي، ودعايات مثل أخلاق هذا الجيش، والعالم كله يراه بالصوت والصورة في أبشع ما تكون الهمجية.
إن نتنياهو يتصرف كمجنون، وقد نالت المقاومة من هيبته، فكانت حرب الاستباحة.. لكن من قال إن إجرامه لا يجد صدى في الداخل، وقد يحتشد خلفه المجتمع الإسرائيلي في أول انتخابات بعد الحرب، ليحصل على الأغلبية المريحة، ما يمكنه من البقاء في السلطة؟!
ليس لديّ معلومات في هذه الصدد، إنما استبعاد هذه الفرضية تماماً فلا تناقش، ليس بالعمل الجيد، وليس من أصول التحليل السياسي!
الرهان:
ستنهار إسرائيل، لكن ليس اليوم، على عكس ما توحي بعض التحليلات، والكيان غاية غربية، وأمريكية بالأساس، ولهذا فإن الرئيس الأمريكي يرسل السلاح للقتل والتدمير في ذات الوقت الذي يتحدث فيه عن ضرورة وقف إطلاق النار، لكن طوفان الأقصى- ولا شيء قبله- مثل نقطة البداية، وقد أثبت أننا أمام كيان هش على غير ما نتوقع، وأن هزيمته بالنقاط وليس بالضربة القاضية أمر وارد، وأن هذه الحرب لها ما بعدها، ولا يوجد يقين أن المجتمع الإسرائيلي بعدها سيُعرض عن المتشددين، ويختار الأكثر اعتدالاً.
الرهان على المقاومة، وهو رهان صحيح بالتجربة، لكن لا ينبغي أن نراهن على المجتمع الإسرائيلي الذي لم نطالعه إلا من خلال إفتاء المحلل العربي، الذي لا يعرف عنه أكثر مما تعرف أنت!
لا يفزعك استقبال نتنياهو في الكونجرس على أنه بطل اللحظة، فرهاننا ليس على الكونجرس!
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
خرافة اسمها الحب!
من البديهيات أن المشاعر جزء أصيل لدى الإنسان.. البعض قسمها إلى مشاعر إيجابية: كالحب، والسعادة، والرضا؛ وأخرى سلبية: مثل الغضب، والاشمئزاز، والخوف. غير أن علم النفس ذهب ليؤكد أن كل المشاعر لها جانبان، واحد سلبي وآخر إيجابي؛ فالغضب -مثلاً- يعد أحد أسوأ المشاعر الإنسانية...
الشكر.. دوامٌ للنعم في الدنيا وفوزٌ في الآخرة
أنعم الله تعالى وتفضّل على عباده بالكثير من النعم والأفضال؛ فمنها ما هو متعلق بالدين، ومنها ما هو متعلق بالدنيا.. وقال العلماء إن أعظم نعم الله -عز وجل- على الإنسان هي نعمة الهداية إلى الإسلام، وهو دين الله الذي اختاره وارتضاه للخلق في رسالة الرسول محمد ﷺ. ومن نعم...
الترامبية المتجددة وأمْوَلَة نظام الحكم في الولايات المتحدة
منذ أن بلور حكماء الإغريق قديما فكرةَ الديمقراطية قبل ستة وعشرين قرنا، وعزّزها فلاسفة التنوير بضوابط الحداثة السياسية في القرن الثامن عشر، ظلّت الحِكامة السياسية تتحرك داخل مثلث محتدم، يجمع بين الفضيلة السياسية وبقية أخواتها من الأخلاقيات والأهلية المعرفية من ناحية،...
0 تعليق