
في استشهاد القائد إسماعيل هنية: عنه، وعنَّا، وعن أعدائه
بقلم: أدهم أبو سلمية
| 31 يوليو, 2024

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: أدهم أبو سلمية
| 31 يوليو, 2024
في استشهاد القائد إسماعيل هنية: عنه، وعنَّا، وعن أعدائه
صباح اليوم، استفاقت الأمة على فاجعة جديدة؛ استشهاد القائد البطل إسماعيل هنية (أبو العبد) في عملية غادرة شنتها إسرائيل على محل إقامته في طهران.
هذا القائد الذي مثل رمزًا للصمود والمقاومة، لم يعرف يومًا للاستسلام طريقًا، وظل ثابتًا على مبادئه حتى آخر لحظة في حياته.. رحل هنية بعد حياة حافلة بالعطاء والنضال، مسطرًا بدمه قصة رجل لم يهُن ولم يلِن.
عنه..
“بكرة حتشوفوا أبو العبد شهيد، امضوا ولا تترددوا”، لقد مضى هنية ونال ما أراد، بعد أن قدم قرابة 60 فردًا من عائلته شهداء خلال معركة طوفان الأقصى.
إسماعيل هنية، ابن مخيم الشاطئ للاجئين، الذي أَحبه فلم يتركه حتى بعد وصوله لرئاسة الوزراء، تنحدر عائلته من قرية الجورة (قضاء عسقلان)، وعاش طفولته في غزة فقيرًا لكنه كان طالبًا مجتهدًا ورياضيًّا ماهرًا، ثم سياسيًّا بارعًا استطاع أن يقود حركة حماس في أصعب مراحلها، ويُشهَد له أنه كان نقطة الاتزان داخل الحركة، وعنوانًا للوحدة الوطنية الفلسطينية.
إسماعيل هنية، الأب الحنون والزوج الوفي، كما تصفه زوجته دائمًا، في اللقاء الأخير الذي جمعني به زرتُه معزيًا باستشهاد أبنائه وأحفاده.. وجدته مبتسمًا مشرق الوجه كما عهدته دائمًا! سألته: “حتى وأنت في هذا الوضع تبتسم يا أبا العبد؟” فأجابني: “أبتسم لأن الصفقة مع الله رابحة، ولأن العقد بيننا وبينه سبحانه وتعالى هو الجنة، وقد رزقها لأولادي وأسأله أن يكرمني بها.”
إسماعيل هنية، السياسي العنيد والمفاوض الصلب- كما كان يصفه الإعلام الإسرائيلي- قاد عملية التفاوض مع الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة على مدار الأشهر العشرة الأخيرة، فلم يُعرف عنه إلا الثبات على المبادئ والمواقف، والسعي الدائم لوقف العدوان عن شعبنا.
هذا الشعب أحبه هنية، وهو بادل أبا العبد الحب، حتى باتت كلماته أهازيج يرددها الفلسطينيون في كل محافلهم: “لن ينالوا من عزيمتنا، لن يكسروا إرادتنا، لن تُخترق الحصون، ولن يسرقوا منا المواقف، وسنبقى ثابتين على طريق الجهاد حتى تحرير كل شبر من أرض فلسطين، ولن نعترف بإسرائيل”.. هذه الكلمات ستظل نبراسًا للسائرين على ذات النهج، يسترشدون بها في كل خطوة يخطونها على طريق تحرير القدس والأقصى، وكل فلسطين.
عنا..
هذه الأمة العظيمة، ولّادة للأبطال، تُقدّم الشهيد تلو الشهيد، ولا يزعزعها فقدان الرجال، بل يزيدها صلابةً وإصرارًا. استشهاده هو تذكرة لنا بأن من صدق اللهَ صدقه الله، وأن من عاش على شيء مات عليه، وأن الأمة لا تموت بموت رجالها، وقد شاهدنا أسماءهم وقد تحولت إلى أسلحة تضرب الاحتلال في كل مكان.
أما عن الأمة والمقاومة، فكما لم يزد استهداف الشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي والجعبري وغيرهم من الأبطال إلا قوة وعزيمة، فإن هذه الدماء الزكية لن تزيد الشعب إلا إصرارًا على مقاومة الاحتلال.. ها هي المقاومة اليوم أقوى وأشد صلابة مما كانت عليه بعد استشهاد الياسين والرنتيسي قبل عشرين عامًا، وهي ستزداد قوة وتوهجًا حتى يُطرد المحتل من أرض فلسطين، وحتى تحرير القدس والأقصى وكل شبر من فلسطين.
إن دماء الشهداء هي الوقود الذي يُشعل نار الثورة والتحرير.. في استشهاد القادة في يوم مؤتة لنا أعظم مثال، فبعد أن استشهد زيد وجعفر وعبد الله بن رواحة، رزق الله الأمة سيفًا من سيوفه، خالد بن الوليد، الذي فتح الله على يديه. ومع استشهاد كل قائد، يولد ألف قائد جديد، يحملون راية المقاومة ويواصلون الطريق نحو النصر والتحرير.
عن أعدائه..
أما أعداء هذه الأمة من الصهاينة والمنافقين، فإن لهم موعدًا لن يخلَفوه؛ لم يحقق العدو أي إنجاز عسكري أو استخباري باستهدافه لمحل إقامة إسماعيل هنية خلال زيارته في طهران، فقد كان المكان معروفًا.
هذا الفعل الجبان لم يكن سوى محاولة يائسة لكسر عزيمة المقاومة، بعد أن فشلوا على مدار عشرة أشهر في تحقيق إنجاز يُعيد لهم هيبة الردع التي كانوا يتغنون بها قبل السابع من أكتوبر، هذا الجنون اليميني المتطرف يأخذ المنطقة بأكملها نحو حافة الهاوية لحرب إقليمية شاملة. ولا شك أن الاحتلال في كل حالاته خاسر تمامًا في هذه المعركة؛ فقد اهتزت صورته بقوة أمام العالم، ولم تعد روايته مقنعة، والاحتلال يتآكل من داخله، بلا قوة ردع في المنطقة، وستلاحقه لعنة عدوانه وظلمه وقتله للأبرياء في غزة.
استشهاد إسماعيل هنية لن يكون نهاية لمسيرة النضال، بل هو بداية لمرحلة جديدة من الصمود والمقاومة، سنظل نذكره بكلماته ونضاله وتضحياته التي أضاءت لنا الطريق نحو الحرية.. لقد كان شعلة لا تنطفئ، وسيظل نبراسًا يهتدي به المقاومون في طريق التحرير.
نستودعك الله يا أبا العبد، سلامًا لروحك الطاهرة في الخالدين.. ستبقى ذكراك حيّة في قلوبنا، وستظل تضحياتك نورًا يضيء لشعبنا ومقاومتنا درب الحرية والكرامة، وسيبقى أبناؤك المقاومون على عهدك، ماضين في دربك، حتى يتحرر كل شبر من أرض فلسطين.
سلامٌ عليك يا أبا العبد، ورحمك الله وأسكنك فسيح جناته، والسلام لروحك في الخالدين.
2 التعليقات
إرسال تعليق
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
اللهم اسكنه فسيح جناته
رحم الله القائد الشهيد الذي لم بتحمل أمانة الحركة فقط بل وامانة فلسطين والقدس والمسجد الأقصى المبارك
آن له أن يسلم الراية ليرتاح .
روح وريحان وجنة نعيم إلى رب واضٍ غير غضبان