المجاهد راشد الغنوشي في ذكرى ميلاده الـ83 في سجون الثورة المضادة
بقلم: إبراهيم الدويري
| 23 يونيو, 2024
مقالات مشابهة
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
-
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي...
-
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح...
-
في موقعة أمستردام.. لم تسلم الجرّة هذه المرة !
تقول العرب في أمثالها: "ما كل مرة تسلم الجرة".....
مقالات منوعة
بقلم: إبراهيم الدويري
| 23 يونيو, 2024
المجاهد راشد الغنوشي في ذكرى ميلاده الـ83 في سجون الثورة المضادة
ليس غريبا أن تحل الذكرى الثالثة والثمانون لميلاد الأستاذ المجاهد الشيخ راشد الغنوشي، في 22 يونيو 2024، وهو في سجون الثورة المضادة ببلاده، وأن يخوض بجسده النحيل وعزيمته الصلبة معركة الأمعاء الخاوية قبل ذلك بعام.
فالغنوشي منذ اغتسل ليلة السادس من يونيو 1966م، و”وحَّد الله” راجعا إلى رحابة الإسلام، وتائبا من ضيق القومية وشطط الاشتراكية، لم يذق طعم الراحة، ولم تحدثه نفسه بالتخلي لحظة عن مقاومة الاستبداد والاستكبار، ولا هَمَّ ثانية بالتراجع عن الفكر الإصلاحي الوسطي، الذي هو إحدى خلاصاته السياسية الناصعة في تونس.
ترى الثورة المضادة في شخص الشيخ راشد الغنوشي مَعْلما من معالم الوعي الإسلامي المعاصر، التي يجب أن تُهدم، وترى في سيرته النضالية الحافلة رمزا للسعي الدؤوب إلى الحرية والكرامة، يجب أن يعاقب صاحبهما بالسجن والتغييب ولو كان في سن الثمانين؛ ففي أدبيات الثورة المضادة وعرَّابيها لا يوجد احترام لشيبة إسلام، ولا تقدير لتضحية عمْر، ولا إكبار لإيمان عميق بالشراكة والإيثار، بل الانتقام والانتقام فقط.
يوقن الأحرار أن نباح الثورة المضادة وسعار جلاديها لن يضرا الشيخ راشد الغنوشي، ولن يدنسا سيرته الملحمية العظيمة، فهو شيخ ثمانيني تصدى منذ نعومة أظفاره لأعتى أنواع التوحش العلماني المعاصر، وكافح بين السجون والمنافي حتى تهاوت عروش أشرس الأنظمة في بلاده، وهو قائد مصلح آثر المصالح العامة على المكاسب الحزبية الآنية، فحين فاز حزبه في انتخابات متكررة عقب ثورة شعبية لم تُبطره السلطة، ولم تُسكره حُميَّا الحكم، ولا فَتَّ في عضده حجم المؤامرات.
كان الشيخ راشد الغنوشي بحكمته وصبره وحلمه صمام أمان لتونس ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وحين استحكمت المؤامرة وحاق السوء بأرض الزيتونة وبلاد القيروان، لم يرجع إلى بيته أو يتقاعد في مزرعة ذويه في الحامة ليقضي بقية حياته بهدوء، بعيدا عن قلاقل السياسة وتحديات التصدي للمؤامرات، بل وقف شامخا من جديد “بعزم فتي وقلب ذكي”.
من المؤسف في ظل حملات تزييف الوعي، أن تكون سيرة قائد بحجم راشد الغنوشي مستقاة من إعلام الثورة المضادة، ومن تقارير خصوم الإيديولوجيا السوداء، ومن مقالات المتحاملين عليه من قليلي الفقه وضعفاء الديانة، وهي حملات مدبرة، لم تزل وزارات الداخلية سيئة الصيت وأنظمة الاستبداد ترعاها بعناية، والمغفلون يتلقونها باندفاع، متحاملين جميعا على رجل أفنى عمره دفاعا عن الإسلام، وتمسيكا بكتابه في بلاد كادت شدة الهجمات التغريبية تلحقها بالأندلس.
في محبسه الظالم منذ أكثر من عام يختلي راشد الغنوشي بربه، متدبرا كتابه العزيز، حافظا جوارحه، تتداعى إلى ذهنه مواقف كثيرة من مشوار جهاده الطويل، فيتراءى له رفاق الدرب قد حطوا رحالهم عند رب كريم لا يُظلم عنده أحد، فيزداد عزيمة وصلابة في سبيل مبادئه، يستذكر الإمام القرضاوي والغزالي والمودودي والندوي وعصام العطار وحسن الترابي والزنداني ممن قضى نحبه، ويستذكر آلاف المصلحين الذين تغص بهم سجون الظلمة والمستكبرين في مصر وشقيقاتها، فيوقن أن الفجر قريب، وأن الخلاص قاب قوسين أو أدنى، وأن المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله.
ستدرك الثورة المضادة وأذيالها أن اقتلاع الغنوشي من تونس مستحيل، فقد مات بورقيبه ورحل بن علي، وعاد راشد الغنوشي إلى الحاضرة التونسية تحمله الجماهير على الأكتاف إكبارا وإجلالا، فمن يستطيع اقتلاع جامع الزيتونة من تونس العتيقة؟ ومن يقدر على حذف جامع عقبة بن نافع والقيروان من تاريخ الإسلام في المغرب الإسلامي؟!
يتكئ الغنوشي على إرث إصلاحي عميق الجذور في تونس، يسير فيه على خطى عقبة بن نافع وسحنون وابنه، وابن أبي زيد ومدرسته، ويتقفى أثر ابن عرفة وابن خلدون، ويشيم بروق خير الدين التونسي، ومحمود قابادو وسالم بوحاجب وآل عاشور وجعيط والنيفر وبيرم والخوجة وغيرهم من أعلام الزيتونة.
مهما اشتد ظلام الاستبداد، وأعاد الكرة بعد الكرة، فإن الغنوشي سيبقى رمزا إسلاميا وقائدا سياسيا حكيما، ومجاهدا صلبا لا تهد الأيام عزيمته، ولا تنال الليالي والمؤامرات من إرادته، كما ستبقى تونس مركزا نشطا من مراكز الإصلاح والثورة بفضل “ما أنجزه رجال الحركة الإصلاحية فيها، من فتح باب الاجتهاد، وإعمال آلياته في إعادة اكتشاف الإسلام عودا إلى مصادره الأولى، وإجراء الحوار بينها وبين ما استجد في العصر من علوم ومعارف ومشاكل، إلى جانب ما همشه الانحطاط من مواريث رجالات الإسلام العظام، فأحيوا تراث العمران الخلدوني، والسياسة الشرعية عند ابن تيمية، والمصلحة عند الشاطبي”.. كما يقول الغنوشي نفسه، فك الله أسره بالعزة والتمكين.
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي وخالد في تاريخ سوريا والمنطقة كلها؛ فالحدث فيه كبير جداً، وأشبه بزلزال شديد لن تتوقف تداعياته عند حدود القطر السوري، لعمق الحدث وضخامته ودلالته، وهو الذي يمثل خلاصة نضال وكفاح الأخوة السوريين على مدى ما يقرب من نصف قرن ضد...
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع "إصلاح" مدونة الأسرة في المغرب من تداعيات مرتقبة على منظومة الأسرة ومؤسّسة الزواج؛ بسبب اختزال التغيير في أربعة محاور قانونية ضيقة: منع تعدّد الزوجات، والحضانة، والطلاق، والإرث. ويكبر في رأسي سؤال فلسفي حيوي تفادَيْنا...
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها أهليته لأن يكون حاكماً عربياً مكتمل الموهبة، فلم يعد ينقصه شيء لاستقلال دولته، بل وأن يكون الحاكم على غزة عندما تلقي الحرب أوزارها، وهو ما كانت ترفضه إسرائيل قبل أن يفعلها! فعلها أبو مازن، فقد أغلق مكتب الجزيرة في رام...
0 تعليق