
ابتلاع الضفة الغربية.. هكذا يكون!
بقلم: هديل رشاد
| 1 يوليو, 2024

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: هديل رشاد
| 1 يوليو, 2024
ابتلاع الضفة الغربية.. هكذا يكون!
منذ أوسلو 1993، استطاعت دولة الاحتلال بخروجها على القانون أن تجعل المشروع الاستيطاني مشكلة تفاوضية محدودة بينها وبين الفلسطينيين، أصحاب الأرض والتاريخ.
ويُعدّ المشروع الاستيطاني المشروع الوحيد الذي تتفق فيه كافة الأطراف اليسارية واليمينية الإسرائيلية على مصادرة الأراضي الفلسطينية لبناء المستعمرات والمستوطنات اليهودية وبميزانيات عالية، إذ تعده إسرائيل الأمر الذي يحافظ على أمنها ووجودها، لدرجة أنها لا تقبل اليوم حتى التفاوض عليه، رغم الإدانة الدولية المتواصلة، فإن إسرائيل – وكعادتها- تمارس دورها في الخروج عن القانون بكلِّ تمرس.
والحديث عن المشروع الاستيطاني يأخذنا إلى التسجيل الصوتي لوزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، الذي حصلت عليه صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية بتاريخ 23 يونيو 2024، ويشير إلى خطة سرية لتعزيز السيطرة على الضفة الغربية المحتلة، وإجهاض أي محاولة لتكون جزءا من الدولة الفلسطينية.
في التسجيل الصوتي المسرب يتحدث سموتريتش مع مجموعة من المستوطنين، ويقول إن حكومة بنيامين نتنياهو منخرطة في خطة سرية لتغيير الطريقة التي تحكم بها الضفة الغربية، لتعزيز سيطرة إسرائيل عليها بشكل لا رجعة فيه، للتملص من اتهامها بضمها رسميا، وتتضمن الخطة انتزاع السيطرة من أيدي الجيش الإسرائيلي تدريجيا، وتسليمها لموظفين مدنيين يعملون تحت إمرته في وزارة الدفاع الإسرائيلي.
وبالفعل، نُقلت بعض السلطات إلى مدنيين، مع السماح لوزارة الدفاع بأن تظل موجودة بالصورة حتى يسهل ابتلاع الضفة الغربية، دون إدانة أحد لما يقومون به لتوسيع وتطوير مستوطنات الضفة الغربية بشكل كبير، ولتعزيز هدفه المعلن في ضم الضفة الغربية كاملة، وخلق وقائع تجعلها غير قابلة لتكون جزءا من الدولة الفلسطينية، كبناء بؤر استيطانية جديدة تسيطر على مساحات واسعة من الضفة الغربية، وتحويلها إلى مراعٍ للمستوطنين، وترخيص بؤر استيطانية قديمة وتحويلها إلى مستوطنات، ومنح المستوطنين موارد طبيعية من مصادر مياه وأراضٍ زراعية وصناعية ورعوية، وهدم بيوت الفلسطينيين في المناطق المصنفة (ج)، التي تشكل 60% من مساحة الضفة الغربية، وتقليص صلاحيات السلطة الفلسطينية على الأرض.
يُعدّ المشروع الاستيطاني من بواكير أعمال المشروع الصهيوني على الأرض منذ القرن الثامن عشر، حيث تستند فكرة الاستيطان الصهيوني إلى بُعد توراتي ديني، بهدف توظيفها سياسياً في إقامة هذا المشروع، الذي يعد من أهم الركائز التي بنيت عليها دولة الكيان الصهيوني، سيما وأن المشروع الصهيوني يختلف عن المشاريع الاحتلالية الاستعمارية الأخرى، لتبنيه الفكر الإحلالي الذي يعني إحلال شعب مكان شعب، ترجمة لمقولة “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”، في محاولة للإيهام أنها ملك للشعب اليهودي.!
فالمشروع الاستيطاني الصهيوني يؤكد أنَّ فكرة احتلال أرض فلسطين، وسرقة تاريخها ومقدراتها، لم تكن ردة فعل، بل إن هذا المشروع قد مرَّ بمراحل عدة، كان أهمها المرحلة التأسيسية في زمن الخلافة العثمانية، في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، حيث الفكرة قد نضجت وبدأ العمل على تحقيقها منذ عام 1827، بعد أن قام الثري موشيه مونتفيوري – وهو بريطاني يهودي- بزيارة فلسطين بهدف استطلاع أحوال اليهود، الذين رآهم على حال فقر وانحطاط.
حالهم لم يعجب مونتفيوري، فطلب الإذن من الخليفة العثماني آنذاك بتشييد عدد من الملاجئ لإيواء هؤلاء اليهود، وكان هذا عام 1838، واستغرق الأمر 18 عاما حتى بدأ بناء هذه الملاجئ عام 1856، فشُيِّد 27 كوخاً على قطعة أرض خارج أسوار البلدة القديمة بالقدس، وتبع ذلك إقرار السلطات العثمانية قانون تملك الأجانب عام 1869، ثم اعترافها بهذا التجمع اليهودي الذي أصبح نواة للحي اليهودي أو حارة اليهود في القدس، ما كان بمثابة البنية التحتية لفكرة الاستيطان المنظم والهادف.
فعند الحديث عن المشروع الإحلالي الاستيطاني الصهيوني غير الشرعي، من الضروري الإشارة إلى دور الوكالة اليهودية (عرَّابة حلم استيطان اليهود على أرض فلسطين) عام 1929، أثناء سيطرة الانتداب البريطاني على فلسطين، أي قبل إقامة دولة الكيان المحتل بعشرين عاما، وقد ظهرت فعلياً قبل ذلك بست سنوات بموجب المادة الرابعة من صك الانتداب البريطاني على فلسطين عام 1923، الذي منح الوكالة اليهودية اعترافا بأنها هيئة عامة لغرض تقديم المشورة والتعاون مع سلطات الانتداب البريطاني من أجل إنشاء الوطن القومي اليهودي.
وقد عملت الوكالة منذ ذلك الوقت على تيسير قنوات الاتصال بين اليهود في فلسطين والمجتمعات اليهودية حول العالم، وتسهيل إجراءات الهجرة إلى فلسطين لمن أراد الاستيطان فيها، ولم يقتصر دورها على ذلك، بل كان لها أنشطة سياسية واجتماعية واقتصادية، كجمع الأموال لصالح “إسرائيل” وتشجيع واستيعاب المهاجرين بالشراكة مع الحكومة الإسرائيلية.
وبناء على تقرير نشرته مجموعة داعمة للاستيطان في فبراير 2024، مستندا إلى إحصاء رسمي للسكان أصدرته حكومة الاحتلال، ارتفع عدد المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة نتيجة لتلك المراحل والتطورات بنسبة 3% عن العام 2023، وتوقع التقرير نموا متسارعا لأعداد المستوطنين في الضفة خلال السنوات المقبلة، فإن عدد المستوطنين قفز إلى 517,407 مستوطنين بحلول 31 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بعد أن كان 502,991 في العام 2022.
وأفاد التقرير بأن عدد المستوطنين في الضفة الغربية زاد بأكثر من 15% خلال السنوات الخمس الأخيرة، مشيراً إلى أن عدد المستوطنين تجاوز نصف مليون خلال العام الماضي، وزعم التقرير أن هجوم السابع من أكتوبر، الذي شنته حركة المقاومة الإسلامية “حماس” على مستوطنات في غلاف غزة، كان من بين العوامل التي أقنعت العديد من الإسرائيليين الذين كانوا يعارضون في السابق بناء المستوطنات على الأراضي المحتلة بتغيير مواقفهم.
وقد أوضح تقرير نشرته أسوشيتد برس أن عدد المستوطنات في الضفة الغربية بلغ مع بداية عام 2023 نحو 176 مستوطنة، و186 بؤرة استيطانية، فيما تم من قبل مستوطنين، منذ بدء الحرب على غزة في السابع من أكتوبر 2023، ترحيل 25 تجمعا فلسطينيا يسكنها قرابة 1200 نسمة، وفق مدير التوثيق في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية.
ختاما:
“الحياة في النفق ترسم لنا الطريق، وفي جوفه رائحة الأرض الممزوجة برائحة العزة والكرامة، وحين نسير فيه فإننا نطوي المسافة بين الأقصى وفلسطين”.. لم أجد خيرا من كلمات أحد المجاهدين البواسل لأختم بها مقالي الذي يتحدث عن المشروع الإحلالي الاستيطاني الصهيوني، الذي يريد أن يسلب الفلسطينيين أرضهم وتاريخهم بالبلطجة، أمام عالم لا يزال يقف مشدوها وسط همجية المحتل الإسرائيلي، الذي سَهُل عليه القتل والخراب والتدمير، وجرف الأراضي، وسلب السكان الأصليين أراضيهم وممتلكاتهم.. ولايزال العالم يتفرج!.
1 تعليق
إرسال تعليق
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
“الحياة في النفق ترسم لنا الطريق، وفي جوفه رائحة الأرض الممزوجة برائحة العزة والكرامة، وحين نسير فيه فإننا نطوي المسافة بين الأقصى وفلسطين”.. أبدعتي يا أستاذ بالاقتباس مقال يستحق قراءة كل كلمه فيه شرح ووافي وكافي كالعادة