الكيان “المختلّ”.. سجلٌّ حافلٌ بالاغتيالات

بقلم: هديل رشاد

| 5 أغسطس, 2024

بقلم: هديل رشاد

| 5 أغسطس, 2024

الكيان “المختلّ”.. سجلٌّ حافلٌ بالاغتيالات

إنّ عملية الاغتيال الجبانة التي نفذها الكيان الإسرائيلي “المختل” في طهران بحق الشهيد إسماعيل هنية، أحد رموز حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ورئيس مكتبها السياسي، ووجهها الدبلوماسي، تضاف إلى سجل إسرائيل الحافل بالاغتيالات، كإحدى منهجياتها المتبعة في مواجهة عجزها وقلة حيلتها في كل حرب تخوضها.

 فمنذ بداية العدوان على غزة، كثّفت إسرائيل عمليات الاغتيال لقادة تنظيمات المقاومة الفلسطينية وكوادرها، في غزة والضفة الغربية وفي الخارج، والتي كانت قد استهدفت في مطلع العام الجاري صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، مع عدد من رفاقه في بيروت.

ويوم الأربعاء الماضي استهدفت الشهيد إسماعيل هنية خلال زيارة رسمية له في طهران، ظنًّا منها أنَّها بهذه الطريقة الجبانة سترهب المقاومة الفلسطينية، التي تعلم بأن دربها نحو تحرير الأرض وحماية العرض محفوف بالكثير من المخاطر لا بالورود؛ فهذه الأعمال الجبانة من قبل الكيان “المختل” لا تُضعفهم، بل تمنحهم المزيد من الإصرار والعزيمة، وتضاعف إيمانهم بأنَّ ما أُخذ بالقوة لم ولن يستردّ إلا بالقوة.

إنَّ اغتيال إسماعيل هنية، وهو وجه المقاومة السياسي لا العسكري، والمفاوض عن فصائل المقاومة في الحرب التي تدور رحاها منذ السابع من أكتوبر وحتى اللحظة، يكشف بكل تأكيد عجز الكيان الإسرائيلي “المختل” وقلة حيلته، بل وغوصه في وحل جرائمه الموثقة في غزة حتى أذنيه، لعدم قدرته على وضع أفق أو سقف لهذه الحرب الدائرة على سكان القطاع منذ قرابة عشرة أشهر، وإنما الهدف هو إرضاء حالة الاستعلاء التي يعيشها رئيس وزرائها الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الراغب في إطالة أمد الحرب لغاية في نفسه فقط، وتوريط الولايات المتحدة الأمريكية في حرب مفتوحة في الشرق الأوسط.

إذ إنَّه مع اغتيال إسماعيل هنية، وانتهاء نشوة الانتصار الزائف لبنيامين نتياهو وداعميه، أمثال بتسلئيل سموتريتش، يواجهه شبح مطالبات ذوي الأسرى، الذين يزيد عددهم عن الـ100 بقليل، والذين يواجهون خطر الموت في غزة بقذائف وصواريخ ومسيّرات كيانهم، الذي تخلَّى عنهم إشباعا لنرجسيته. كما أنَّه بفعلته غير المدروسة دفن آخر خيوط الأمل في التوصل إلى هدنة ووقفٍ لإطلاق نارٍ طويل الأمد، متناسيًا أنَّ منهج الاغتيالات مع المقاومة الفلسطينية وعلى مرَّ سنوات الاحتلال الصهيوني لم يجدِ نفعاً، وهذه الطريقة بالتالي لن تفلح في ليّ ذراع المقاومين.

فهناك 20 عاما بين اغتيال الشيخ الشهيد أحمد ياسين، مؤسس حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، والشهيد إسماعيل هنية، وخلال هذه السنوات اغتيل عدد من القادة على يد الكيان “المختل”، إلا أنَّ هذه الاغتيالات لم تنَل من الفكرة شيئا، بل كانت تشحذ الهمم وتصنع القادة من جيل يرث من أسلافه الإيمان بفكرة المقاومة، والجهاد والنضال لأجل الأرض، وحب الشهادة للذود عن فلسطين وعن قضيتها الأعدل في هذا العالم الظالم.

وقد يتساءل البعض: كيف توصف خطة الكيان “المختل” في تصفية الشهيد إسماعيل هنيه بالخطوة غير المدروسة؟ أو كيف لا يكون “الاختلال” قد حقق بالاغتيال انتصارا؟!. بكل تأكيد فإنَّ ما قامت به إسرائيل لا يُعدّ انتصارا بأي حال من الأحوال، لا بلغة المقاومين ولا بلغة المنطق، فاغتيال إسماعيل هنيه لا يعني أنَّ المقاومة قد انتهت، أو أنَّ الحرب ستضع أوزارها، بل أنَّ ما قام به “النتن ياهو” سيوسع دائرة الحرب، وسيُخرج كرة اللهب من غزة إلى عدد من دول الإقليم إلى جانب دول أخرى.

ويتأكد ذلك لكون عملية اغتيال إسماعيل هنية حدثت، وهو ينزل ضيفا على الرئيس الإيراني مسعود بزكشيان، في انتهاك لسيادة جمهورية إيران الإسلامية، ما يجعل الدولة أمام خيار الرد لاسترداد كرامتها ومكانتها على المستوى المحلي في المقام الأول، ومن ثم على المستويين الإقليمي والدولي، لردع يد إسرائيل التي تطاولت على سيادة إيران في انتهاك فاضح للاتفاقيات الدولية.

فالرد المرتقب من إيران ومحور المقاومة دفع بالولايات المتحدة الأمريكية لنشر 12 سفينة حربية في الشرق الأوسط، كانت متمركزة في البحر الأحمر، وتشمل حاملة طائرات “يو إس إس ثيودور روزفلت” والسفن الحربية المرافقة لها، ومجموعة “واسب” البرمائية الجاهزة، وهي قوة مهام برمائية مكونة من 3 سفن، ويتبع لها أكثر من 4000 عنصر من مشاة البحرية والبحارة، وتنتشر الآن في مناطق متفرقة في الشرق الأوسط.. فأي انتصار للكيان “المختل”، والمنطقة جرَّاء عنجهة بنيامين نتياهو تعيش على صفيح ساخن؟!.

ومن المهم هنا تأكيد أنَّ عملية اغتيال إسماعيل هنيه تبرهن للإسرائيليين فشل حكومتهم في إحراز أي من أهداف الحرب، سواء على صعيد ملف الأسرى، أو حتى زعمهم وقدرتهم في تفكيك حماس، أو حتى الوصول إلى محمد الضيف، القائد العام لكتائب عز الدين القسام، أو يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة.

ختاما..

يقول المجاهد المغربي محمد عبد الكريم الخطابي: “إنَّ الكفاح الحقيقي هو الذي ينبثق من وجدان الشعب، لأنه لا يتوقف حتى النصر”.. أي إن الشرط الأبرز في الكفاح الحقيقي هو العنصر الشعبي، فالنضال الذي ينطلق من وجدان الشعوب، وتدعمه الشعوب، هو النضال الذي لا يتوقف حتى النصر.

1 تعليق

  1. HUSSAIN MOHD

    الله عليكي يا أستاذه بورك قلمك

    الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا على حساباتنا

مقالات أخرى

مع الهمجية ضد التمدن

مع الهمجية ضد التمدن

يراوح روسو نظرته النقدية الصارمة للتمدن مقابل التبسط، والفلاحة والريف مقابل التجارة والصناعة، وهكذا يُثني على قصة شعوب أوروبا البسيطة القديمة، بناء على مخالفتها للمدنية التي تحدث عنها في إميل، ولا بد من ربط رؤاه هنا، لوضع نموذج الشعب البسيط غير المثقف، في السياق...

قراءة المزيد
الطّفلُ المرعوب.. الجَمِيع يُشاهِدون

الطّفلُ المرعوب.. الجَمِيع يُشاهِدون

بجسدٍ نحيل، لطفلٍ لم يتعرّف إليه أحد، وببنطالٍ لا يُعرَف له لون لأنّ الطّين غَطّاه كُلَّه، وبجسدٍ عارٍ حال لونُه الطّبيعيّ إلى اللّون المُعفّر، وفي شارعٍ مُجَرّف جرى فيه صوتُ الرّصاص والقذائف فحوّله إلى خطٍّ ترابيّ تتوزّع عليها بقايا أبنيةٍ أو محلاّتٍ مُهدّمة، رفع...

قراءة المزيد
أطفال غزة يصافحون الموت

أطفال غزة يصافحون الموت

إنَّ الحرب الجائرة على سكان قطاع غزة لم تخلق أزمة إنسانية فحسب، بل أطلقت العنان أيضا لدوامة من البؤس الإنساني، الذي يدفع فاتورته بصورة يومية أطفال غزة الأموات مع وقف التنفيذ.. فإسرائيل في عملياتها العسكرية- جوية كانت أم برية- في قطاع غزة والضفة الغربية لا تستثني...

قراءة المزيد
Loading...