لحظة الشعر السحرية.. حالة النقد الساحرة..
بقلم: علي المسعودي
| 29 سبتمبر, 2024
مقالات مشابهة
-
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي...
-
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح...
-
في موقعة أمستردام.. لم تسلم الجرّة هذه المرة !
تقول العرب في أمثالها: "ما كل مرة تسلم الجرة".....
-
عمر بن عبد العزيز والتجربة الفريدة
حين ظهرت له أطلال المدينة المنورة، أيقن الشاب...
-
هيكل: حكايات من سيرة الأستاذ الكاهن (2)
هيكل والسادات مضت السنوات وابتعد محمد حسنين هيكل...
-
أعرني قلبك يا فتى!
أعرني قلبك يا فتى، فإن الأحداث جسام، والأمور على...
مقالات منوعة
بقلم: علي المسعودي
| 29 سبتمبر, 2024
لحظة الشعر السحرية.. حالة النقد الساحرة..
انتقاد الشعر أشدّ من نظمه، واختيار الرجل لقطعة شعرية.. قطعة من عقله.
قيل: كن على معرفة الشعر أحرص منك على حوكه.
قرأت شطرا واحداً من قصيدة ثم أغلقت الكتاب.. أتوقّف عن قراءة ماقبل الشطر ولا مابعده.
هذه هي لحظة اقتناص الشاعر لفكرة عميقة وثرية في صورة خاطفة لاتتكرر إلا قليلا:
الشطر لبندر بن سرور:
(النفس طيرٍ والخطايا محابيل)
شهادة تفوق كافية، تعطي للشاعر هويّته.. وللناقد هوايته..
يلخص الشاعر الشعبي سعد بن جدلان الأكليي مهمة الشاعر تجاه عمله الابداعي، والشكل المفترض للكتابة التي يمكن اعتبارها شعرا جميلا:
أحلى بيوت الشعر سهله وعسره
عسره على الإبداع سهله ليا أوحيت
يضرب بها هوج الدواوين جسره
ماهوب لا من جاب بيتٍ سقط بيت
فجمال الشعر ضد الذهاب إلى وعورة الكلمات أو رعونة الوصف، أو تكلّف في الرصف.. وهو في الوقت ذاته ليس التساهل في الكتابة، ولا التهاون في المعنى، ولا اعادة تصنيع المصنوع!
الشعر الجميل هو (الصعب السهل) الذي تراه قريبا لكنك تتعب في الوصول إليه.. والذي تقف كلماته (على طرف لسانك) لكنها تتمنع في الخروج من بين شفتيك، ولاتدري ما السبب!
يشقى المبدع في كتابته وصياغته ودوزنته.. وعندما ينشد.. تسمع كلاما سهلاً بسيطاً غير متكلف..
كيف تسنى له أن يفعل ذلك؟
هل نجد الإجابة فيما قاله حسان رضي الله عنه:
وإنَّ أَحْسَن بيتٍ أنت قائلهُ
بَيْتٌ يقالُ إذا أنشدتَه صَدَقَا
وهل هذا هو السبب.. الذي مهما ابدع المبدعون، ومهما قالوا وأنشدوا.. لن نقول بعده: (اكتفينا شعرا) لأنّ هناك دائماً مساحة جديدة للإبداع، وأراض بكر يمكن الركض فيها، تماماً كما قال أبو تمام:
ولو كان يفنى الشعر أفنته ماقرت
حياضك منه في العصور الذواهب
ولكنه فيض العقول اذا انجلت
سحائبُ منه أعقبت بسحائبِ
هكذا يمكن السير باتجاه القصيدة، نقدها، صفيتها من شوائبها، واستخراج الأجمل من مناجم الكلم..
فالنقد -كما قيل- هو ماء الحياة لكل فكر يريد لنفسه أن يواصل البقاء على قيد الحياة.
المعرفة.. والذائقة، والمسؤولية والأمانة والحيادية، والحس العميق، والقدرة على التعبير.. هذه هي الخلطة التي أعرفها لتكون ناقداً جيداً.. يضاف إليها شيئا مهما ومحوريا هو “الحب” على الناقد ان يتعامل مع النص وكاتب النص بحب وحرص،ان يتخلي عن حالة التنمر او محاولة الاستعلاء على الكاتب التعامل بمحبة ومودة ورحمة، حريصا ان يسلك هذا النص وكاتبه الطريق الصحيح المؤدي الى الابداع.
سائل يسأل:
هذا ليس بشاعر، فكيف نقبل منه نقد الشعر؟
وهل المبرد يقص؟ إنه قادر على برد السكين وجعلها أكثر حدة وقدرة على القطع.. هكذا هو الناقد..
بل إن الشاعر المجيد لا يحتّم أن يكون ناقدا جيدا.. فهذا الشاعر غالباً يطبق في منهجه الشعري مايظن أنه الأجود.. يحكم وفق الضرب الذي ينتهجه ويظنّه، فيكون نقده محكوماً بهذا الاتجاه.. وتصبح نظرته أحادية التوجه، وربّما لايستسيغ أن يعلي من شأن شاعر آخر.. لأنه منافس له في فنه.. وأهل الفنون يغار بعضهم من بعض.
وهذا حكم ليس على إطلاقه.. وإنما يقيده العقل، وتفرزه المعرفة، ويصقله الإنصاف.. وإن كانت التجربة تؤكد هذا الرأي..
والشاعر لايحسن نقد شعره.. فهو يحتاج إلى طبيب عالج إبداعه الشعري.. معالجة الماهر العارف المحترف المحب الباحث عن مسوغات ومبررات وتحايل على كل تجريح في نصه، فالمتنبي كان يقول: (ابن جني اعرف بشعري مني).. ولم يعرف لابن خالويه شعر مجيد… لكنه اشتهر بالنقد العميق، وسئل الخليل بن احمد الفراهيدي أنه لايكتب الشعر، فأجاب: آبى رديئه، ويأباني جيده!
كاتب له مؤلفات في الشعر والنقد والقصة
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر استجابت لدعوة الرئيس في إصدار حكم، بما مضى. فدائما تذكّرنا القدرات المتواضعة الآن بعهد الرئيس مبارك، فلا يعرف قيمة أمه إلا من يتعامل مع زوجة أبيه، وكثيرون صار شعارهم "رُبّ يوم بكيت منه، فلما مضى بكيت عليه". ولست من هؤلاء...
السياسة الخارجية للرئيس ترامب تجاه الشرق الأوسط
لم تمرّ إلا ساعات فقط بعد إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب نيته تعيين حاكم أركنساس السابق "مايك هاكابي" ليكون سفيرًا للولايات المتحدة لدى إسرائيل وهو المعروف بدعمه منقطع النظير للاستيطان، خاصة في الضفة الغربية التي يعتبرها جزءاً من أرض الميعاد كما يقول،...
“العرب العثمانيون”.. كيف جسّد الإسلام عمومية النظام السياسي لجميع الأعراق؟
خلال زيارتي لنائب مدير جامعة السلطان محمد الفاتح في إسطنبول، البروفيسور المؤرخ زكريا كورشون، كنت أتحدث معه عن آخر إصداراته، فحدثني عن كتابه "العرب العثمانيون"، ومقصد الكتاب تبيان عمومية النظام السياسي في الإسلام لجميع الأعراق والأجناس في ظل الدولة الواحدة . فالإسلام...
0 تعليق