
الهجرة النبوية والنزعة إلى الاستقلال
بقلم: د. جاسم الجزاع
| 7 يوليو, 2024

مقالات مشابهة
-
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة...
-
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً...
-
سوريا وثورة نصف قرن
سيسجل التاريخ أن يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م يوم مفصلي...
-
خطر الدوغمائية على مآل “الميثاق الغليظ” في المغرب!
يزداد انشغالي فكريًّا ووطنيًّا بما سيثيره مشروع...
-
ماذا عن القرار العباسي بإغلاق مكتب الجزيرة؟!.. يا لك من نتنياهو!
فعلها محمود عباس (أبو مازن)، وأكد عندما فعلها...
-
وقد استجاب القضاء لدعوة الرئيس.. ماذا ينتظر المستأجرون؟!
ذكّرني القول إن المحكمة الدستورية العليا في مصر...
مقالات منوعة
بقلم: د. جاسم الجزاع
| 7 يوليو, 2024
الهجرة النبوية والنزعة إلى الاستقلال
يحلُّ علينا الآن عام هجري جديد، ونحن نعلم يقيناً أن الهجرة النبوية ليست حدثاً عابراً مرت به الأمة وقائدها، إنما كان حدثاً يؤكد لنا ضرورة الاستقلالية قبل بداية أي مشروع فكري نهضوي حضاري، فقد كان لزاما على قائد المسيرة تغيير موطن بداية الانطلاقة لدولة الحضارة، حتى لا نكون أسرى لأفكار غيرنا وظروفهم، وهذا ديدن أعدائنا على مدى الزمان، فهم لا يهدأ لهم بال في استقلاليتنا.
وننظر الآن فنرى الخسائر التي تكبدها العالم الغربي في محاولته للسيطرة على البلاد العربية، من خلال الاستعمار العسكري التقليدي الذي يهدف إلى احتلال الأرض، وهو بعد إدراكه أن العنف والبطش والإرهاب وسائل أثبتت الأيام عدم فاعليتها، وأن الشعوب في كل مكان تستميت في الدفاع عن أوطانها ومقدراتها، التجأ إلى نوع آخر من الغزو. هذا الغزو يسعى لاحتلال العقول والهيمنة على الأفكار، وهو قليل التكلفة والكلفة، وتأثيره بعيد المدى على العقول والقلوب، ووسائله خادعة ومحفوفة بالشهوات.. إنه الغزو الثقافي.
وأما التبشير، فهو من الوسائل التي استعملها الغرب الأوربي لمحاربة الإسلام ومنظومته؛ ولقد اهتم الأوربيون بذلك الأمر منذ فشل الحروب الصليبية على بلاد الشرق الإسلامي، فبدؤوا بتعلُّم اللغة العربية واللغات الشرقية ليتمكنوا من إيقاع المسلمين بالشبهات الفكرية، وقاموا بإنشاء المدارس والمعاهد والجامعات والكنائس والمطابع والمكتبات، وعقدوا المؤتمرات والندوات من أجل هذا الأمر.
وفي مصر، لم يكن التوسع في بناء المعاهد الكاثوليكية إلا لتضييق الخناق على الجامع الأزهر، وقاموا بتحريك وسائل الإعلام للسخرية من الأزهريين، وما زال الإعلام يقوم بدوره حتى في عهد الاستقلال. وسعت هذه الجماعات التبشيرية إلى إخراج القرآن الكريم والتاريخ الإسلامي من المناهج التعليمية، كما سعت إلى إضعاف الجامعات الإسلامية، كالأزهر والزيتونة والقرويين، من أجل زعزعة يقين الشارع العربي والمسلم في منطلقاته الفكرية .
كما أن أسلوب الاستشراق يشكل واحداً من بين تلك الأسلحة المستعملة في الغزو الثقافي للبلاد العربية، وهو أداة استخدمها الاستعمار في إعادة تشكيل الهوية والأفكار.. ثم يأتي مع ذلك إلصاق التهم بالإسلام والتشريع، فقد وصفوه بالإرهاب والتطرف والرجعية، وإثارة الخلاف بين المذاهب الإسلامية، وغرس روح الإلحاد، وتأتي إثارة الشبهات حول التاريخ الإسلامي السياسي والتشريعي والاجتماعي. وقد تمكنوا من ذلك بسبب سيطرة الإعلام الغربي على وسائل الإعلام والجامعات والمناهج التربوية في البلاد العربية، وذلك بحكم التبعية الاقتصادية والثقافية والتقنية والفكرية واللغوية.
ونرى سعي العالم الغربي إلى زرع النعرات القومية والطائفية الدينية، ففي العراق ظهر الصراع السني الشيعي، وكذلك الصراع على الصعد، الوطني والكردي والآشوري، وفي سوريا ظهر الصراع بين السنة والنصارى والعلويين والدروز والأكراد، وفي مصر بين الأقباط والمسلمين، وفي الجزائر بين العرب والبربر، وفي السودان بين عرب مسلمين وزنوج أفارقة نصارى.. وهذه الانقسامات بالطبع تؤدي إلى نزع الهوية المشتركة داخل البلد الواحد وتزعزع الوحدة بينهم.
ولقد استطاع الاستعمار الثقافي البصري بوسائله الحديثة والمتنوعة، مثل شبكات الإنترنت، والهواتف الذكية، والأقمار الصناعية والفضائيات، والكتب والصحف والمجلات، ووسائل الإعلام المختلفة، وجميع الوسائل التكنولوجية الحديثة، أن ينشر ثقافة مشوهة بعيدة عن الأخلاق والقيم والثوابت الوطنية، وأن يزرع الخواء والتفاهة الفكرية لدى الشباب، ويوقعهم في اللهو الممنهج لصدهم عن كل ما هو مفيد ونافع، وترغيبهم في تقليد السلوكيات المنحرفة، وهو ما أدى إلى قطع الإنسان عن ثقافة مجتمعه وتراثه الحضاري .
فعلى البلاد العربية والإسلامية أن تتمسك بهويتها وعاداتها وتقاليدها، وأن تحافظ على مؤسساتها من تأثير الثقافة الغربية، وأن تجعل من الهجرة النبوية وذكراها منارة للاستقلالية الفكرية .

أكاديمي كويتي
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
رسالة إلى أمريكا
وقف مراسل شبكة CNN الإخبارية بمنطقة "أيتون" شرقي مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، مرتدياً قناعاً واقياً من الغاز، قام بإزاحته عن وجهه، بعد أن طلبت منه المذيعة في داخل الاستوديو أن يصف لها ما يحدث على الأرض. بعيون دامعة، ووجه شاحب مكفهر، تحدث بأسى عن جحيم مروع، تشهده ولاية...
أما آن للوزيرة الألمانية أن تهمد؟!
أخيراً تحقق لها المراد! فقد صافحت الوزيرة الألمانية أنالينا بيربوك الوزيرَ السوري أسعد الشيباني في الرياض، بعد الضجة الكبرى لعدم مصافحة أحمد الشرع لها، والاكتفاء بالترحيب بها بوضع يده مبسوطة إلى صدره! وكما كان عدم المصافحة في دمشق خبرَ الموسم في الإعلام الغربي، فقد...
غزة وجدليَّتا النصر والهزيمة
على مدى ما يقارب ٤٧١ يوماً، وقفت غزة وحيدةً صامدةً تواجه مصيرها، كآخر بقعة تتموضع عليها القضية الفلسطينية، بعد أن تم تدجين العالم العربي كله وصولاً إلى تدجين فلسطين نفسها بقيادة أكثر صهيونية من الصهيونية نفسها، لا هدف لها سوى أن تُنسي الفلسطينيين والعالم كله شيئاً...
0 تعليق