عودة الطائفيين
بقلم: د. جاسم الجزاع
| 29 سبتمبر, 2024
مقالات مشابهة
-
هيكل.. حكايات من سيرة الأستاذ الكاهن (1)
علاقتي مع كتابات الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل...
-
اِجعل لكَ خبيئة!
خرج المسلمون يوماً لقتال الروم، فلما التقى...
-
خرافة اسمها الحب!
من البديهيات أن المشاعر جزء أصيل لدى الإنسان.....
-
الشكر.. دوامٌ للنعم في الدنيا وفوزٌ في الآخرة
أنعم الله تعالى وتفضّل على عباده بالكثير من...
-
الترامبية المتجددة وأمْوَلَة نظام الحكم في الولايات المتحدة
منذ أن بلور حكماء الإغريق قديما فكرةَ...
-
السياسة الخارجية المتوقعة لإدارة ترامب.. تداعياتها على الشرق الأوسط
خلال حملته لاستعادة رئاسة الولايات المتحدة، قال...
مقالات منوعة
بقلم: د. جاسم الجزاع
| 29 سبتمبر, 2024
عودة الطائفيين
مما يروى من مقولات علي بن أبي طالب قوله: “الناس صنفان؛ إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق”.
إن الكراهية تقسم الجماعة الكبرى، وتفرّقها تفريقا عظيما، وتحطم كل الأسس التي تبني عليها المجتمعات البشرية وجودها، وتُضعف قوة الاتحاد والوحدة بينها. وما نراه من انقسام في تاريخنا السياسي العربي، وطائفية تنخر في الجسد العربي وتضعف قوته، هو أمر جلل يستدعي التوقف والنظر إلى الطائفية كمرض من الأمراض المؤدية إلى سقوط الدول والحضارات .
الطائفية هي مصطلح يشير إلى الانقسام الاجتماعي والسياسي في مجتمع ما، بناءً على الانتماءات الدينية أو الأيديولوجية، حيث تُحدَّد المواقف والقرارات وفقاً لهذه الانتماءات الخاصة. وفي عالمنا العربي، تستخدم الطائفية للتعبير عن التوترات بين الجماعات الدينية المختلفة داخل الدولة، مثل السنة والشيعة في العراق وسوريا، أو المسلمين والمسيحيين في لبنان. وتتمثل الطائفية في تعصب الأفراد لجماعة دينية أو طائفية معينة، ما يؤدي إلى الفصل بين الجماعات وتفاقم الصراعات، خاصةً عند استغلالها لأغراض سياسية أو اقتصادية.
ومن الأسباب الرئيسية للطائفية في الوطن العربي الإرثُ الاستعماري الذي خلفته القوى الاستعمارية الأوروبية خلال فترة الاستعمار؛ تم تقسيم المجتمعات على أسس دينية وعرقية لتعزيز سيطرة المستعمرين. وكذلك، لا نستبعد أن يكون للأنظمة السياسية في مراحل ما بعد الاستقلال دور في تعزيز الطائفية؛ حيث اعتمدت حكومات بعض الدول العربية على دعم طائفي لضمان استمرار سلطتها. كما أن التدخلات الخارجية ساهمت كذلك في تفاقم الصراعات الطائفية، حيث تدعم قوى إقليمية- مثلُ إيران- جماعاتٍ شيعيةً، منطلقة من الأيديولوجية التي تحملها الإدارة الإيرانية، فيما تدعم دول أخرى إقليمية قوى سنية، ما يزيد من تعقيد الأوضاع، ويؤجج الصراع بين الطوائف.
ولا ننسى دور النظام التعليمي في بعض الدول العربية، الذي يتسم بالضعف وعدم التركيز على “الهوية الوطنية التعايشية المشتركة”، وهما عاملان يساهمان في تعزيز الطائفية، فيكون الولاء للطائفة على حساب الولاء للدولة المركزية .
فالطائفية تؤدي إلى تفكيك النسيج الاجتماعي في الدول العربية ذات البعد الوجودي للطوائف الدينية المختلفة؛ حيث تزداد العداوات والشكوك بينها، ما يصعّب عملية التعايش السلمي. وفي بعض الحالات، تساهم الطائفية في اندلاع الحروب الأهلية الداخلية، كما حدث في لبنان والعراق وسوريا. وأحياناَ نجد أن من عدم الرشد السياسي قيام نظام معين بتوزيع المناصب والموارد وأموال العامة بناءً على الانتماءات الطائفية بدلاً من الكفاءة المعرفية وتعزيز المصلحة العامة، وهذا نذير بتزايد الفساد وعدم المساواة.
وأجد أن طريقة تعاطي مفكري الطوائف هي السبب الأعمق في توجه أفراد تلك الطوائف لاتخاذ قرار يلزمهم بشكل التعاطي مع الملفات الأخرى، كما حصل الآن في لبنان بخصوص موقف الثوار السنة في سوريا من حزب الله وصراعه مع الكيان الصهيوني نتيجة تدخل سابق من حزب الله لدعم السلطة في سوريا ضد الثوار السنة .
فالواجب على مفكري الجماعات إعادة النظر في بوصلة الأعمال التي ينتهجونها، والسعي للتركيز على المصلحة العامة للأمة والشعوب، فما زالت الطائفية في الوطن العربي تعد تحديًا كبيرًا لاستقرار الأنظمة والشعوب .
أكاديمي كويتي
1 تعليق
إرسال تعليق
تابعنا على حساباتنا
مقالات أخرى
من زمزم إلى الذّبيح عبدالله.. إرهاصات بين يدي الولادة
"إنّي لنائمٌ في الحِجر إذ أتاني آت فقال: احفر طَيبة؛ قال: قلت: وما طَيبة؟ قال: ثمّ ذهب عني، فلمّا كان الغد رجعتُ إلى مضجعي فنمتُ فيه، فجاءني فقال: احفر برّة؛ قال: وما برّة؟ قال: ثمّ ذهب عني، فلمّا كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه، فجاءني فقال: احفر المضنونة، قال:...
هيكل.. حكايات من سيرة الأستاذ الكاهن (1)
علاقتي مع كتابات الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل معقدة، قد تأخذ موقفًا مما يكتبه وتتهمه بكثير، ابتداءً من التحايل على المعلومة وتعديل تفسيرها، إلى عدم إيمانه بالديمقراطية.. لكني أعود إليه كمصدر وشاهد عيان في قضايا تاريخية كثيرة، والأهمّ كواحد من أجمل الأقلام الصحفية في...
البنتاغون يتوقع اضطرابات كبيرة مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض
تتزايد المخاوف في أوساط البنتاغون بشأن عودة الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، حيث يُخشى أن يسعى لتنفيذ وعود انتخابية قد تؤدي إلى تداعيات خطيرة على الجيش الأمريكي، الذي يُعرف بحياده السياسي. من بين هذه المخاوف، توجيه الجيش للعمل داخل الولايات المتحدة،...
جزاكم الله خيرا 🙏🙏🇪🇬